الفصل الخامس : بداية الحساب.

443 25 6
                                    


الذعر، الذعر، الذعر ... هو كل ما تشعر به الآن ، اِستوطن الخوف جسدها واِرتجفت شفتاها بشدة بل هي بأكملها ترتجف، ليس بردا بل خوفا ...
لم تكد تستوعب وقوفه أمامها حتى وجدت نفسها قاب قوسين أو أدنى من الموت وظنت بأنها تتخيله لكن هذا صوته وهذه لمسة يده ما يعني أنه حي حقا ...

حاولت نيجار تحريك رأسها غير أن يد آدم المطبقة على عنقها ضغطت عليها أكثر  فتوقفت فورا خوفا من أن تنزلق من بين ذراعه وتسقط...
صوته البارد بعث فيها رهبة اِرتعشت بسببها وتأكدت من جديته التي لا تحتمل المزاح لتغمض عيناها مجددا منتظرة الموت ...
وعندما أيقنت بأنها ستحلق في الهواء بعد بضع ثوانٍ فقط شعرت بجسدها يندفع إلى الأمام على حين غرة فتقع على الأرضية الصلبة !

أطلقت نيجار صرخة ألم صاحبها تحسسها لنفسها غير مصدقة بأنها لم تطر في الهواء، ثم نظرت له مهمهمة كمن ترى وحشا أمامها :
- ازاي ... انت ازاي ...

لم تقدر على تكملة سؤالها فإبتسم الآخر وإنحنى عليها هامسا :
- ازاي انا لسه عايش ؟ عمر الشقي بقى ياحبيبتي ده انا رجعت عشانك حتى.

رفع يده يملِّس على وجنتها مردفا :
- هو انا موحشتكيش ولا ايه.

نفضت يده عنها سريعا وتراجعت زاحفة إلى الوراء بوجه شاحب وأنفاس مسحوبة تطالعه كمن رأت شبحا أمامها وكان هذا يبدو  عليها جيدا فتبسم آدم متأملا إياها باِستمتاع ورضا حتى تمالكت نيجار نفسها ورددت بتحشرج :
- ازاي ده ... انا ...
- انتي ايه ؟
- صفوان ... فين صفوان انت عملتله ايه.

قضب آدم حاجباه بعتاب مزيف :
- طب احنا قاعدين نتسلى مع بعضينا ايه اللي جاب سيرة صفوان دلوقتي ... ده حتى الجواب مش هيعجبك.

اشتعلت النيران في عيني نيجار واِحتدت ملامحها بغضب مرددة :
- بقولك صفوان فين انت عملت ايه في اخويا ؟!

هنا اِختفت تعبيرات الهزل من وجهه وعادت تقاسيمه ترسم حقدا أهوجا اِمتلأ قلبه به حتى ذعرت نيجار وتوقعت أن يقوم بقتلها، غير أن آدم عاد في ثانية لبروده مغمغما :
- قلقانة على شريكك طبعا، ماشي مادام ملكيش نفس تقعدي معايا يبقى هقوم اوديكي بنفسي لعنده.

إلتقط معصمها بعنف وأوقفها ساحبا إياها خلفه حتى دخلا لإحدى الغرف وصعقت نيجار عندما وجدت صفوان يجثم على الأرض بتقاسيم دامية وقوى خائرة لكنه حين لمحها من بين جفونه الشبه مغلقة تقف أمامه عاد وفتح عيناه المتورمتان  هامسا :
- نيجار.

صاحت نيجار بلوعة منادية بإسمه وإنتفضت متجهة إليه لكن آدم شدد قبضته عليها وأعادها لجواره مرددا :
- ايه رايك بالمفاجأة ديه حلوة مش كده.

حاول صفوان النهوض إلا أنه لم يستطع فإكتفى بالإستناد على مرفقه موجها نظراته نحوهما ليغمغم بصوت يكاد يسمع :
- سيبها ... متأذيهاش.

لـعـنـة الـخـطـيـئـة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن