الفصل الثامن عشر : غدر آخر.

325 30 8
                                    


بعد انطلاق السيارات من المنزل بساعة واحدة توقفت سيارة آدم عند وصوله للجهة الغربية من القرية وترجل بوقار وخلفه نيجار التي دارت بعينيها في المكان تتأمله كان عبارة عن تلالٍ ممتدة على طول الأراضي الزراعية الواسعة وتعرج طريق طويل عبر الحقول والغابات، وانعقد على نفسه مع دغل من شجر الصنوبر ثم عبر حقول القمح حيث تشرف عليه شجيرات صغيرات لم يشتد عودها بعد ، لينزل إثر ذلك نحو وادٍ صغير ينهمر ماؤه سريعا في غدير فينبع من الغابة ويعود إليها من جديد.
وتردد صوت الهواء البارد مع ضحكات الأطفال الراكضين خلف مُهر بني مكتنز، وركض خروف صغير على الطريق يتبع القطيع الذي حاد عنه أما الرجال فكانوا يعملون بجد و ضراوة تارة يتوقف أحدهم لأخذ أنفاسه ثم يتابع وتارة يتلكأ الآخر ليمسح عرقه ويعود من جديد ...

لمعت عينا نيجار باِنبهار وهمست :
- المكان ده بيجنن سحر بجد.

سمعها آدم ولم يعلق عليها بل أشار لفاروق ومساعديه بإتباعه ودخلوا فاِنتبه لهم الأهالي وانشرحت وجوههم فجأة عند رؤية آدم وهرعوا نحوه في البداية توجست نيجار من التجمع واعتقدت لوهلة بأنهم سيتهجمون عليهم لكنها أخذت نصيبها من الدهشة حين رأتهم يهللون ويرحبون به بحرارة !

ابتسم آدم وبدأ يصافحهم باِحترام مجيبا على عبارات ترحيبهم :
- السلام عليكم ... اهلا بيكو ... ده نوركم شكرا.

هتف أحد العمال ببهجة :
- يا نهار ابيض حلت علينا البركة يا آدم بيه نورتنا والله يا سيد الرجالة.

هرع لتقبيل يده لكن الآخر سحب كفه سريعا وقال :
- استغفر الله ايه ده يا عم اسماعيل مينفعش كده.

- قليل يا بيه مهما عملت مش هوفيك حقك  نسيت انك ساعدتني عشان اقدر اعمل العملية لإبني ده انا لولاك بعد ربنا كنت دفنته من زمان.
رد عليه بعينين ممتلئتين بدموع الاِمتنان فربت آدم على كتفه بمؤازرة وسار معهم وهو يسأل عن أحوالهم وسير العمل ومن خلفه تسير نيجار مراقبة ما يحدث بتعجب وحيرة هذه أول مرة ترى فيها الناس يتجمعون حول أحدهم ووجوههم مشرقة إحتراما وليس خوفا ولكن ماذا فعل لهم آدم حتى يكسب محبتهم فهي لم ترَ من قبل شخصا استقبل صفوان بهذه الطريقة وفي الحقيقة حتى ابن عمها لم يعاملهم بلين أو يبتسم في وجوههم لطالما أخبرها بأن السيد لا ينزل إلى مستوى من هو أقل منه وأنها لن تحظى بالإحترام ان تساهلت مع العامة.
لكن هذه المرة هي ترى شيئا مختلفا تماما عما سمعته وتربت عليه ...

وصلوا للمنازل وبدأ المساعدون بتوزيع الأكياس والحاجيات على كل واحد منهم وحرص آدم على تقديم المساعدات الإضافية للعائلات التي ليس لها معيل وعندما فرغ من هذا القسم تكلم أحد الرجال وهو كبير في السن ويكن له آدم معزة خاصة :
- كتر خيرك يابني ربنا يجزيك على حسب نيتك ويفرحك زي ما فرحت اليتامى دول ... بما انك خلصت تعالو تتغدو.

لـعـنـة الـخـطـيـئـة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن