البارت الثاني عشَّر:

2.5K 54 7
                                    

مُتجهة لزاوية بعيدة كُل البُعد عن الجميع بعد ما طلبت العشاء وخذت المبلغ من ابوها،ماهي قادرة تتقدم خطوة واحدة على الاقل،تفكيرها محصور بالاحداث التي تتراوح بين الامس واليوم،تشعُر بأن داخِلها ضعف كبير جدًا،وكأنها إنتهت فالوقت الذي اختُطِفت بهِ،من تلك الدقيقة التي لامس عُنقها المُخدر وتلك الثانيه التي فقدت الوعي فيها وهي مُنتهيه،البعض سيّرى الموضوع سهلاً،ولكنها لاتراه هكذا ابدًا،لقد انجرحت انُوثتِها،بدأت شهقاتها تعتّلي شيئًا فشيء،لم تستطع كبّت إنهارها هذه المرة،تشعُر بالضعف،لم تَعُد ستسطع التحمل،لمّت رجلينها لأعلى صدرها وهي تحتضنها بيدينها،اطلقت شهقات مُتتالية من اعماق قلبها،اطلقت تنهيدة وتمتمت بصوت مهزوز وهي ترفّع راسها للسماء:يارببببببي!!
اغمضت عيونها بهدوء وهي لازالت على نفس وضعيتها،مُغلقة اجفانها بهدوء تاركها ادمُعها تنساب بأريحية عكس المعارك الداخليّه التي تسكن بين أضلعها.

بالمكان المُقابل،تحديدًا خلف هيّام.

كان يكلم بجواله،سمّع صوت شهقاتها،والواضح انها مو بخير ابدًا،تصنّم محله ولأول مره من بعد طفولتهم يشوفها ضعيفة كذا،ولأول مره يسمع صوت مكسور ومهزوز يخرج منها عكس صوتها الرزين المُهيب بالرغم من رقته وأنوثته الا انه مُهيب،حسّ وكأن الدنيا بدأت تظلم فيه،لأول مره يشوف الضعف عليها،وكأنه يشوف رئيس قلعته يُصارع الهزائم نطق بخوف وبهمس بحيث ما احد يسمعه غير نفسه:مالي الا عزوز،ايه دحوم عزوز الشخص المُناسب.
اخذ بعضلاته الحركيّة يتراجع للخلف وهو لازال يناظرها،بعد ما قرب من الباب الرئيسي للبيت التفت ومشى بشكل مُستقيم الى ان دخل الصالة الموجودين فيها،ومن بينهم عبدالعزيز،كانت انفاسه غير منتظمه اخذ شهيق عميق وبعدها بثواني زفر ثاني أُكسيد الكربون اللي كان داخل رئتيه نطق بصوت اشبه بالعادي:عزوز؟
بينما عبدالعزيز اللي كان يسولف لجدته وهو منزل راسه بحضنها،رفع راسه وناظر عبدالرحمن،دبّ الرعب بقلبه،عارف انّ فيه شيء صار او باقي بيصير،يعرف عبدالرحمن زيّن،ولد عمتّه معه من وهو صغيّر واقرب له من هدّب عينه وكيف مايعرف؟،نطق وهو مرعوب:لبيه؟
ابتسم عبدالرحمن بمحاولة عدم ارباك الموجودين وقال:تعال ياحمار يعني اجيك اشيلك؟
ضحك عبدالعزيز يكمّل على تمثيل عبدالرحمن:ههههههه،ايه تعال تكفى مافيني حيّل.
فهد:لو منك يادحوم صفقته مدري كيف متحمله!
عبدالعزيز وهو يناظر فهد بطرف عين:الحمدلله والشكر،شدخلك بفهم؟
فهد بتكشيره:انت اللي شدخلك؟جالس اكلم دحوم!
عبدالرحمن بأستعجال:عزوز بتجي ولا اجيك اصفقك صدق؟
عبدالعزيز وهو يوقف:جيّتك.
مشى لين ما وصل لعبدالرحمن ونطق بهمس:علامك؟
مسّكه عبدالرحمن من معصمه وسحبه وهو يمشي فيه حيث هيّام جالسه:عزيز لأول مره في حياتي اشوفها ضعيفة ومنهارة،ما قدرت اتصرف ابدًا،كانت تبكي بشكل مُرعب يا عزيز ماني قادر اصدق انها مكسوره،متعوّد عليها مثل الورد الناصع لكن شفتها هالمره مثل الورد الذابل،قلبي اوجعني عليها ياعزيز،خفـ...
قطع عليه عبدالعزيز بخوف وعجله وهو يسحب معصمه من بين انامل عبدالرحمن:من ذي؟
عبدالرحمن كان يحاول يلقط انفاسه وماردّ،عبدالعزيز بنفاذ صبر:دحححوممم من هذي؟اخلص علّي!!!
عبدالرحمن صرخ بعجله:هيّييييام.
عبدالعزيز صرخ بخوف:ويننننهاا؟؟؟
عبدالرحمن وهو يأشر عليها:هناك،شف طيفها جالسه بالظلام!
عبدالعزيز وهو يجرّي لها:شفتها شفتها.
عبدالرحمن:لا تتأخر،وانا بحاول محد يشوفك.
أومأ براسه وهو لازال متجه لها،وقفت خطواته وهو يسمعها تتكلم بصوت غريب عليه،وغريب عليها كهيّام الجبروت،المعروفه بشخصيتها التنفيذيه،كانت تتكلم من بين شهقاتها:يارببب طلبتك،طلبتك يسّر لي امري،واجهت كل ذا وانا ببداية حياتي وش بقى لعُمري الجاي ووش بقى مني؟،يارببب إن كان ذنبًا فغفره لي.
اعتلّى صوتها وازداد بُكائها،قرب بخطواته وحطّ يدة على كتفها،فزّت بخوف وهي تصرخ بصوت شبه عالي:لا تلمسنّي لا تلمسنّننني!!!
عقد حواجبه وهو يهدّي فيها:هييّامم اشش اشش هذا انا عزيز.
كانت تكرر كلمتها الوحيدة بخوف'لا تلمسنّي'،ناظر محاجرها كيف محمرّة،وشعرها يكسّي وجهها الذابل،قرّب وهو يحضنها بقوة،ويهمس بإذنها:اشش خلاص اشش اهدّي،هذا انا عزيز اهدّي اهدّي.
كان يكرر كلمة وحدة'أهدّي'ليّن ماحسّ فيها ترتخّي بين يديه استسلمت نطق بهدوء:هيّام شفيك يابوي انتِ؟
ناظرته بضيّاع،اما هو كان يتأمل عيّونها،يحب عيونها،نطق وهو يناظر عيونها:هيّامي؟
هيّام ببحة:هممم؟
عبدالعزيز نطق من كل قلبه وهو لازال يتأمل عيونها،يتأمل بُني عيناها كيف يلفته:كُنت أتجاهل عيناكِ،مهما دعانّي الحنيّنُ إليها،وحيّن رأيتهُما تُمطران نجومًا،شهقّتُ من اعمقُ نقطةً بقلبي!!!
ناظرته بتمعّن،تشوف الحُب يلمّع بعيونه،بس مارح ترضخ له ابدًا،داخلها شيء مُتعلق بهذا الشاب الاسمر الذي تتوسط احضانه،ولكنها تُكابر،لا تُريد الاعتراف بإنه اصبح يحتّل مساحةً من قلبها حتى لو كانت صغيرة،مصيّرها تتسع،فكُل صغيرٌ ينمّو ويكبُر،تنحنت من حسّت على نفسها وإنها بأحضانه،وقفت وهي تعدل حجابها وتنفض عباتها نطقت وهي صاده عنه:ماعمّري بينّت ضعفي لأحد،لكن ما ادري ليّه القدر بينّه لك انت بالذات؟!،ياليت تحترم كبريائي وتحتفظ بإنكساري وانهياري وضعفي داخل قلبك.
ناظرها ونطق بنفس نبرتها:ناظريني!
التفتت عليه تناظره،نطق:انتِ بكبرك محتفظ فيك داخل قلبي تتوقعين ما احتفظ بشيء يخصك؟
نطقت بشكل جدّي تحاول ما تهتم لكلامه اللي هز ثباتها:ماعليه،شكرًا لأنك كنت لي صديق وولد عم باللحظات الصح ياعزيز!
عبدالعزيز:انا صديقك وولد عمك وأخوك وابوك والاهم حبيبك يالهيّام.
ناظرته وصدّت وهي تمشي وتعدل نقابها،تاركته خلفها وفي باله اسأله كثير مالها اجوبه الا عندها،مشى وهو ينفض لبسه يعدّل شعره وهو يمشي مُتجه لعبدالرحمن،عبدالرحمن:بشّر؟
عبدالعزيز بتنهيدة:مدري شفيها،كانت تقول لا تلمسنّي مدري شفيها وكأني بسوي فيها شيء!؟
عبدالرحمن بتفكير:تقول احد من اللي خطفوها حاول يلمسها؟
عبدالعزيز فتح عيونه بكامل وسعّها واتحدت نظرته،واشتدت كل عضلة داخل جسمه بمجرد ما فكر بأن غيره لمسها،نطق بغضب وغيرة:والله لأشرب من دمّه اللي فكر فيها اصلاً!!
عبدالرحمن بخوف من منظر عبدالعزيز:اهدا لين نتأكد،بعدين لا احد يشوفك كذا!
ومدّ على تيشيرت عبدالعزيز اللي كان غرقان من دموعها ونطق بضحكة وهو يأشر عليه:لا واضح ماخذها بالاحضان يالخفيف!
عبدالعزيز وهو ينزل انظاره على تيشيرته تنهد وهو يرفع تيشيرته يستنشق ريحتها نطق بذوبان:اههخخ يادحوم اهخخخ!!
ضحك عبدالرحمن بصدمه وهو يقول:لحظظة لححظة ستتوببب بليييز،انت عزيز ولد خالي سُلطان؟
عبدالعزيز هزّ راسه بالموافقه وهو مستغرب:ايه بشحمه ولحمه،ليه شفيك؟
عبدالرحمن بضحكة:اجل معوّض خير يا ابو سُلطان سحبتك على وجهك بنت السيّف!
تنهد عبدالعزيز وهو يضحك ويلّم عبدالرحمن بذراعه:تدري؟
عبدالرحمن وهو لازال تحت ذراع عبدالعزيز:وش؟
عبدالعزيز وهو ينكش شعر عبدالرحمن:فداها.
عبدالرحمن غمز وقال بضحكة:العب يالحُب!
عبدالعزيز بهيّمان:تخطينا الحُب.
عبدالرحمن:اقول امش بس.
عبدالعزيز:مشينا.
مشّوا يدخلون وهم لازالوا يطقطقون على بعض،التقوا بهيّام بأحد الاسيّاب نطقت بشكل عادي وما كأنها اللي شافوها قبل دقايق منهاره:شباب عادي تروحون تستلمون عشانا من الموصل؟
عبدالرحمن بمزح ونيتّه ما يحسسها بأنه عارف بانهيارها:بشرط اتعشى معكم!
ضحكت وقالت:فداك ياشيخ،بس جيبوه لاني ميته جوعععع!
عبدالعزيز:يخسى الجوع.
ناظره عبدالرحمن بضحكة،وهي نطقت تحاول تبيّن بأنها ما تحس بشيء وانها لازالت هيّام اللي تناشبه وتجاكره:اقول استلم ولا تموّن الله يصلحك.
خرجت ضحكة رنانة من عبدالرحمن،كشّر عبدالعزيز وقال:اجل نامي جوعانه!
نطقت بسُخرية:لا تحسب بذل نفسي عندك،اذا محد فيكم راضي يطلع،اطلع انا واستلمه،قال ايش؟قال نامي جوعانه.
مشت بإتجاه الباب ولكن استوقفها صوتّه:اجلسي بروح لا تخرجين!!!
هيّام:يلا اجل استعجل ترا متنا جوع،وثاني مره احتفظ بهياطك للرخوم مو لي ياولد سُلطان!
كشر ونطق تحت ضحك عبدالرحمن:كلي تبّن،وانت امش ضحكت من سرّك بلا.
مشى عبدالرحمن معه وهو يضحك،وهي انتظرتهم يجيبون الطلب،جاوها بالاكياس وهي تأشر على الغرفة:عادي تحطونها عند الباب ؟
عبدالرحمن أومأ براسه،اما عبدالعزيز نطق بقهر:شيّلي معنا طيب؟!!
هيّام بدلع وغنّج:سسسوري.
وصدت مُتجهه للغرفة،اما هو ضرب رجلّه بالارض من زود القهر واتجه الغُرفة،طلعوا البنات يشيلون من عبدالرحمن وعبدالعزيز وهي كانت تناظره بسُخرية،كانوا البنات يشيلون وهي واقفه بميلان ونيتّها تقهره،وهو اللي فعلاً انقهر نزل الاغراض ومشى تاركهم،اما رِيماس اللي كانت هي وعبدالرحمن يتبادلون النظرات بِحُب وغرقان،هيّام وهي تعطيه اكل:دحوم امسك ترا حاسبه حسابكم يالعيال.
أومأ وهو يستلم منها الاكياس نطقت قبل يروح:خل احد يجي ياخذ حق عماتي والكبار وحن بنحطه بالمطبخ لان بنشيل النُقابات عشان ناكل براحه فاللي بيجي ياخده بلغه انه بالمطبخ.
نطق وهو متجه للعيال:ابشري.
وهيّام قالت لِغرام:غرامي بليز خذيه المطبخ!
غرام أومأت وهي تأشر على عيونها،ابتسمت هيّام بحُب وهي تبوس خد غرام ،اما عبدالرحمن دخّل وهو يناظر عبدالعزيز بضحكة:روح جيب اكل خوالي من الطبخ وودّه لهم!
عبدالعزيز بتكشيره:لا والله؟تخسي!
ضحك وهو يهزّ راسه بأسى،التفت على العيال وقال :واحد منكم ينقز يوديه من المطبخ لهم!
اختلفت ردودهم(مو انا،لا،وإلخ...)،تأفف فهد ووقف:بروح انا ياوجيه الفلس.
راح وهو يتحلطم تاركهم خلفه يضحكون،دخل المطبخ شافها تنزل الاكياس نطق ببتسامه:يازين الحامل والمحمول.
فزّت بخوف وناظرته نطقت بدموع:فففهدد!!!
فهد بضحكة:شراييّن قلب فهد؟
غرام بنفس النبرة:كل زق خرعععتني!!
فهد بضحكة:وييي وييي لا ابكي يالدلوعه!!شرايك تبكييين؟
انصدم لما سمّع صوتها تبكي بنبره خفيفة،نطق وهو لايزال مصدوم:غغغرامم؟!لا مو منجججدكك!!!
غرام وهي تسحبه من قدامها:انقلععع الله يقلعععك.
راحت تاركته مُستغرب من دموعها،نطق بإستغراب:شفيها ذي صايره دلوعه؟!
حرّك اكتافه واخذ الاغراض ومشى للصالة ونزل الاكل عند كبار العائله ورجع للعيال.

‏" عطّوه فرحتي لا تخلّونه حزين ".حيث تعيش القصص. اكتشف الآن