البارت الثامن عشَّر:

2.2K 79 19
                                    

مُستلقي غارق بدِمائه،بِلا حِراك وبِلا تفاعل،وكأنه جسد فقط،جسد لا تسكنّه روح،تحت خوف وصراخ المُتواجدين تقدم الوليد بهدوء غريب وبرعشة وعيون تملأها الدموع جثى على ركبتّيه وهو يهزّ فهد مُردف:فهد؟فهد شوفني رجعت يلا قوم يلا!
ورجع يكمّل بنبرة اعلّى:فهد قوم وعد ما اكترث مصايب والله وعد ما اهاوش احد ولا اسوي شيء غلط ولا اروح بس انت قوم يلا!
نزل راسه وقت تسللّت دمعه هاربه من عيونه بحراره ورفع راسه وصرخ:فههههد!!!الله يخليك قوم،قووووممم!!
تقدم عبدالله وحضنه وهو يمسح على راسه:اششش وليد اشش استهدي بالله،ماهو وقت مُناسب لازم الان نتصرف ندق على الاسعاف اشش اهدأ عشان فهد لازم تكون معه.
الوليد كان يبكي بصمّت وهو يرتجف بين احضان عبدالله ويتمتم بكلام غير مفهوم ،ولكن التفتوا على صوت حسين اللي نطق بنبرة صارمه وهو حاط يدّه على شريان فهد السُباتي:فيه نبض اتصلوا بالاسعاف بسسسرعه بسسسرعه.
تكلم تُركي بتلعثُم:يلا يلا.
اتصل تُركي،ومرّت دقايق شبه طويله وثقيله على قلوبهم،اعتلّى صوت انذارات الاسعاف تحت خروج عبدالعزيز وسعود وعبدالرحمن،تقدموا يركضون بشكل مُرعب،اول الواصلين كان عبدالرحمن واللي عرف ان فيه شيء صاير لفهد من جمّل الطلاب المُتداولة واللي ما كانت إلا:
"لا لا اسمه فهد"
"اعتقد قالوا كان يجري ورا اخوه الصغير"
"ايه كان يلاحق اخوه الصغير اللي اسمه الوليد"
"ايه اسمه فهد ال تُركي يدرس معي بالثانويه"
"يجري ورا اخوه وصدمته سيارة"
التفت لعبدالعزيز ومسكه من كتوفه مُغطي المنظر بعرض منكبيه واردف بعجله:اذكر الله ياعزيز.
عبدالعزيز حسّ وكأن الوقت وقف بعد هالكلمة،لا توجد كلمة ولا حرف من الحروف الابجدية يستطيع وصف شعوره،بدأ قلبه يدق كدّق الطبول من شدة خوّفه،مسك يدين عبدالرحمن وسحبها بقوة ونطق بصرامة:انطق يادحوم!؟
تنهد ورجع يتكلم بنفس النبرة:دحوم وش العلم؟
سعود تقدم وهم يمسك عبدالعزيز:اولاً اذكر الله وهدّ ومافيه الا كل خير!
عبدالرحمن بنبرة مهزوزة:ما ادري وش اللي حصل بالضبط بس فهد اخوك صـ...
ناظره عبدالعزيز بأمل انه يكمل،ولكن عبدالرحمن حنّى راسه،ماهو قادر يتحمل يشوف صديقه واخوه واعز الاوادم على قلبه بهذي الحاله،يحس بعجز،حرفين على بعضهم ماهو قادر يخرجها من فمه،نطق عبدالعزيز بغضب وهو ماسك عبدالرحمن من كتوفه ويهزّه:تكلمم!!،فهد وش فيه يا دحوم؟؟!
لكن نطق سعود من حسّ بإختلال توازن عبدالعزيز بعجله وبعلّو:فهد صدمته سياره!!
ناظرهم بنظرات غير مفهومه لثواني معدودة،رُبما محاول استيعاب ما يُقال؟رمى كُتبه أرضًا واخذ بخطواته يركض مما ادى لسقوط شماغه،كان شكله يوحي لصدمته لقد كان ممسك بثوبه بيده اليُسرى و واضع يده اليُمنى على صدره تحديدًا مكان ذلك القلب الصغير ويركض بعجله بانفاس مُتسارعه وصل على تقفيل ابواب سيارة الاسعاف وانحنى يعتمد على رُكبتيه يتنفس بشكل مُخيف وغير مُنتظم،وبعد ثواني معدودة جثى بإرتخاء على رُكبتيه ونزل راسه مُخفي محاجره الدامعه،ثُم رفع راسه للسماء صارخ بعلّو صوته وبِكامل حِباله الصوتية:يَـا الله.
تقدموا سعود وعبدالرحمن بخوف عليه من ردة فعله ورفع انظاره للوليد المُنطوي بزاوية بعيدة عنهم نوعًا ما وحوله عبدالله وحسين يواسونه ويزرعون الطمأنينه بقلبه المُهشم،نطق بنبرة هادئه:من راح معه؟
عقدوا حواجبهم بإستغراب،ونطق سعود بتساؤل:فهد؟
أومأ،عبدالرحمن:تُركي واعتقد معه استاذ او اثنين على الاقل!
عبدالعزيز وقف وهو يمسح على وجهه وينطق بهمس:لا حول ولا قوة الا بالله.
تقدم من الوليد ونزل لمستواه ونطق بهدوء وعاديّة:الوليد اذكر الله وقوم معي نروح له،ما لازم نخليه.
ناظره الوليد بمحاجر ممتلئة بدموع واردف وهو يميل راسه:بيصحّى وبيعاقبني صح؟
استغرب عبدالعزيز ونطق بتساؤل:عشان؟
الوليد رفع وجهه كامل لعبدالعزيز ونطق وهو يمد على خشمه النازف:تهاوشت مع واحد من الطلاب!
عبدالعزيز زاد قلقه ونطق:يألمك؟ليه تتهاوش؟
الوليد نزل راسه ونطق بحزن:لا ما يألم اصلاً،عشان فيه ولد تكلم علي وما حسيت بنفسي الا داخل شِجار معه.
عبدالعزيز ابتسم:خلاص لا تخاف انا ما بحاسبك لان فهد بيقوم وبيحاسبك ومهما كان عقابه تسويه!
ومد يده يقومه وهو ينطق:وعد؟
أومأ الوليّد ببتسامة مليئه بالدموع:وعد!
عبدالعزيز باس راس الوليد ونطق:يلا على السيارة اشوف وانا بتصل بجدي اقول له!
عبدالله:بس جدي بيهاوش عشان جوالك!
عبدالعزيز حرّك راسه باللامُبالاة ناطق:مايهم.
تحركوا للسيارة ماعدا عبدالعزيز اللي اتصل بالجد سيّاف ينتظره يرد،وبعد عدّة رنّات رد الجد بنبرة يسكنها الخوف:هلا عزيز؟
عبدالعزيز طبق جفونه بشويش وتنهد،الجد برعب:عزوز؟
عبدالعزيز بهدوء:جدي؟
الجد سيّاف بقلق:لبيه؟
عبدالعزيز وهو لازال محافظ على هدوءه:لباك،مدري وش اقول بالضبط ولكن صلّ على النبي اول شيء؟!
الجد بدا القلق والخوف يبان على ملامحه:عليه افضل الصلاة والسلام،اهرج ؟
عبدالعزيز وهو يضغط على عيونه بأصابعه السبابه والابهام:فهد اخوي دعمته سيارة وراح بالاسعاف وبنـ...
انبتر كلامه من نطق الجد بإنفعال:وشششو؟وش تقول؟
عبدالعزيز كمل ببرود:و بنروح من هنا دايركت وراه وانتوا اذا حابين تجون اللي يريحكم بس ياليت تجون ونكون حوله فهد ما ندري وش حالته بالضبط،والاهم كلم وَجد بهدوء وبلغها وخلي الشباب يجيبوها لازم نكون متواجدين كلنا عشان اذا صحي نكون حوله.
الجد اردف بعجله:زين زين مع السلامه.
قفل الاتصال،تنهد عبدالعزيز وهو يتجه للسيارة وركب جنب السايق وعبدالرحمن صار السواق ومشوا للمستشفى.

‏" عطّوه فرحتي لا تخلّونه حزين ".حيث تعيش القصص. اكتشف الآن