𐙚
الأماكِن بَريئة، الغُربة بداخِلنا.تَلكَ الشَوارع الضَيقة لا تَعرف أنِين الأقدامِ المُتعَبة، ولا تَستَوعب زَفير القُلوب المُثقَلة.
الأرصفة تَشهَد ضَحِكات الأطفَال، تَحمِلُ بَراءة النُجوم في لَيلةٍ ساكنة، وتَنسَجُ قصَصَ الحُب في كُل زاوِية لا تدري انه هنالك من اهلكه المسير.
الغُربة تَسكنُنا كَظلٍ يَتَبعنا.
تَتشَكل كَشَجرةٍ بِلَا جُذور، وأزهارٍ تَبحثُ عن طَريقٍ في صَحراءِ النَفس.
قُلوبُنا تَخافُ مِن مَرايا الأماكِن، لِأنَّها تُعيدُ إلينا وجُوهنا المَخفية وَراء أقنِعة الأيام.
الغُربة لَيست بِعدَ المسافات، بَل هِيَ تَشَققات في جُدرانِ الروح، نَسماتٌ تُحرِكُ أوتار الذكرى، وَعُصفُور يُغَني لَحنًا مُتَكرِرًا في لَيلٍ طَويل.
الأماكِن تُربِتُ على أكتافِنا برِقة، تُحاوِل أن تَمسح دموعَنا بِصمتٍ، لكن الغُربة تُحفَر فينا مِثل نَهرٍ يَجرفُ أحلامَنا.
في الأزِقة العَتيقة، تَنعكِس أرواحُنا كَأشباحٍ تَبحثُ عن مأوى، وكَأنَّ جدرانها تُنصِتُ إلى أنينِنا.
العَصافير تُغَني، والأشجار تُرقِص أوراقَها على ألحانِ الريح، لكن داخلَنا يَسكنُ الصمتُ العَميق، نَبحثُ عن وِجوهٍ أليفَة في زِحامِ الوجوهِ الغَريبة.
وليست الغُرية إلا في وجوهِنا المشوهَة.
الأماكِن بِريئة، تَحتفظُ بأسرارِنا وتَهمِسُ بها للرياح.
هي شواهدُ على لحظاتِنا، وآثارُ خطواتِنا في رمالِ الزمان.
بينما نحنُ نَبحثُ عن مَلامحِنا بينَ ظِلالِ الأيام الباهتة.
نَقفُ أمامَ نَوافذ الذكريات، نَنظُر إلى ما تَركناهُ وَراءنا، ونَسألُ الأماكِن إن كانت تَذكرُنا كما نَذكرُها.
تُزهرُ فينا كالزَهرة الوَحيدة في صَحراء واسعة، تَتحدَّثُ بلغَة لا يَفهمها أحد، تَبحثُ عن قَطرات ماء تَروي بها عَطشها.
نَسيرُ في الأماكِن بَينَ الحُشود، ونَشعرُ بالوحدةِ تَتسللُ إلى أعماقِنا، نَحاول أن نَجدَ أنفسنا في المَرآة، لكننا نَرى ظِلالًا تَتلاشى.
الأماكِن تَظلُ بِريئة، لا تُلام على ما نَشعرُ به.
أَن نأنسَ، وَ يُؤنَسُ بِنا.
ولكن حينما ينطفئ نور الأنسة في أعيننا، وتُصبح الأيام أشباحاً تتجول في ممرات رمادية، نتساءل كيف كانت قلوبنا تضيء لغيرنا وكيف كنا ملاذاً للأرواح.
حينما تُغلق الأبواب، وتصبح الوحدة رفيقة الدرب، نتذكر تلك الأوقات التي كنا فيها نحن العزاء، ونتحسر على النور الذي كنا نملكه وأُطفئ في لحظة غفلة.
وفي زوايا العتمة، نتلمس بقايا الأنس، لعلها تعود يوماً ما.
و أنك الهادئ، والعواصفُ شتى.
كأنك مرساة في بحر هائج، تستقبل الضربات بصمت وتبتلع الألم بصبر.
وسط ضجيج الحياة وصخب الأيام، تقف هادئًا، تخفي خلف عينيك عواصف من المشاعر المتلاطمة.
لا أحد يرى الحرب التي تدور داخلك، الصراعات التي تخوضها مع كل موجة تضربك.
تبدو للعالم كقلعة صامدة، ولكن في داخلك، تنهار مع جدران الثبات قطعة تلو الأخرى.
كل عاصفة تمر تترك أثرًا، وكل ريح تعصف تأخذ معها جزءًا من روحك.
ومع كل هدوء تظهره، تعيش حربًا صامتة، تحارب فيها لتبقى، بينما يتساءل الجميع كيف تظل هادئًا وسط كل هذا الدمار.
ممتلئ بالبكاء فارغ من الدموع..
تتوقف الكلمات عن الجريان، وتبدأ المشاعر بالتفجر كأمواجٍ هادرة.
يُطفأ الضوء ويزداد الظلام، حيث تغرق في بحر الأفكار.
لا تدري كيف تصف ما يحدث، انت الغريب في بحر المألوف.
الكلمات ضئيلة والصوت مكتوم.
أين الملاذ؟
تبحث عن تلك اللحظات التي يمكنك الجلوس مع نفسك.
حين يغدو صوت انفاسك مزعجًا.
⸼ ُ꣑୧ ׅ 𝆬⸼ ُ꣑୧ ׅ 𝆬⸼ ُ꣑୧ ׅ 𝆬⸼ ُ꣑୧ ׅ 𝆬⸼ ُ꣑୧ ׅ 𝆬⸼
أنت تقرأ
ظِلٌ عابِر
Rastgeleربما لسنا من زَرع ذاك الخَوف بَل هُم مَن قاموا بِوضع الغِشاء حتى جَثم الظلام قُلوبنا . رُبما هُم من زَرعوا تِلك البِذرة وَكانو يَحرصون على إمدادِها بالماء لِتنمو فَكم سَيكون صعباً إقتلاعها بعدما أصبحت تفوق أحجامنا بأضعاف.....