الفصل 3: دخان ولهب

74 25 96
                                    

في طريق عودتها للقرية كانت شاردة، تتثاقل خطواتها مع كل متر تتقدمه للأمام، ذاكرتها تجعل كل شيء يبدو غامضا أمامها

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

في طريق عودتها للقرية كانت شاردة، تتثاقل خطواتها مع كل متر تتقدمه للأمام، ذاكرتها تجعل كل شيء يبدو غامضا أمامها... حتى أنها أحيانا تشك أن كل ما تعيشه هو محض سراب قام عقلها بصنعه لتشعر بالأمان

وقفت قليلا تنظر ناحية القمر فوقها، لم يكن قد اكتمل بعد لكنه جعلها تتساءل، متى آخر مرة كان والداها في المنزل

اعتادت أن تودع الجميع في المنزل أثناء خروجها كي توهم نفسها أن الأسرة بأكملها موجودة، لكن الأمر زاد عن حده حقا

«واحد... اثنان... ثلاثة...»
عدت على أصابعها الشهور كما تذكر، مضى على آخر مرة لهم معا حوالي ثلاث سنوات
وقد سبب الأمر القلق لها، لم يعتد والداها السفر كل تلك المدة، كيف غفلت أصلا عن هذا الأمر

قطع حبل أفكارها فجأة دخان يتصاعد في أعالي السماء، وقبل أن تستوعب الأمر وجدت نفسها تركض تجاه القرية حيث يصدر الدخان

أصيبت بالهلع من المنظر المروع أمامها، القرية الغارقة في اللسنة اللهب اختلطت في مرآها بين الواقع والخيال، حيث أصوات تصرخ في ذكرياتها

«احرقوا منازلهم، لا تدعوا أحدا منهم يلوذ بالفرار، كل شخص مطلوب حتى نجدهم»

أفاقت من تلك الأصوات حين أصبحت داخل القرية، لم يكن هناك سوى صرخات الناس والنيران البرتقالية، لكنها لم تهتم إن كانت ستحترق، كل ما أرادته أن ترى ماذا حلَّ لمنزلها، بينما دق قلبها بخوف متوقعا الأسوأ

جرت بكل ما أوتيت قدماها من قوة حتى وصلت هناك، كان المنزل قد انهار وصار والأرض شيئا واحدا، وحينها رأت من بعيد وسط الركام شخصًا يقف محاطًا بألسنة النيران كما لو أنها لا تؤثر فيه

نظرت حوله فإذا بجثة بدت ملابسها من بعيد غير غريبة، كانت جدتها مُفترشة الأرض غارقة بدمائها، شهقت بفزع بينما التفت نحوها الشاب فجأة فتسمرت في مكانها من الرعب، عيناه الحمراوان اقشعر منها جسدها بأكمله بينما الدماء كانت تملأ وجهه وملابسه، وذلك السيف الذي تتقطر الدماء منه جعل قدميها تتيبسان في مكانهما

عيناه كانتا جاحظتين كما لو أن صاحبها يتوق لسفك الدماء، اقترب ببطء منها كدمية مسرح يحركها أحدهم وعلى وجهه ابتسامة مختلة، ظلت تتراجع للوراء بينما فقدت قدرتها على سماع ما حولها، لكنها فجأة تعثرت وسقطت أرضًا عاجزة بعدها عن النهوض، نظرت نحوه بعيون شاخصة وأنفاس مُتلاحقة في سباق مع الزمن، ظلت تكافح للنهوض وظل ذلك الشيء يقترب منها، إلا أن أحدهم رمى عليه حفنة من التراب كي يعطله ثم قام بسحبها فجأة وأسرع ليلحق بباقي من نجوا من أهل القرية وفروا هاربين إلى الغابة

من قلب الظلال: ذكريات يمحوها القمر «مستمرة»حيث تعيش القصص. اكتشف الآن