نزلت السلالم ثم اتجهت إلى موظف الاستقبال والذي تفاجأ حين رآها، كان رجلًا كهلًا في عقده الرابع، شعره النحاسي تتخلله خصلات شيب بيضاء، قمحي البشرة تملأ وجهه تجاعيد خفيفة خصوصًا تحت عينيه، بدا لها شخصًا يقلق كثيرًا لكنها سألته
«أبحث عن شاب أسود الشعر كنتُ معه حين وصلت... هل رأيته يا سيدي؟»
أطرق برهة يفكر ثم قال
«نعم...خرج ليستنشق بعض الهواء، أخبرته أن الطقس سيء لكنه لم يستمع...الشباب هذه الأيام متعِبون»‹أعتقد أني أتفق معه في كونهم متعِبين...أعني...آرام ونديم أكبر دليل على الأمر، إنهما مجانين حرفيا...لا عجب أنهما مُتَّفقان مع بعضهما›
هكذا فكرت أو لنقل تذكرت مشاكل جدتها مع نديم، فهي لم تتوقف يومًا عن توبيخه حين يتصرف بطيش
«أرجوك... هل تعرف أين سيكون؟»
تفاجأ من طلبها وحذرها«الجو سيء بالخارج...لا تتهوري»
اقتربت من حافة الطاولة ثم وقفت على أطراف أصابعها لِتستطيع النظر إليه، ثم قالت بنبرة ذات لُطف وبراءة مُصطنعة«من فضلك...أريد الاطمئنان عليه، لم يكن بخير منذ فترة»
صارت عيناها زجاجيتين واكتسا وجهها حمرة خفيفة كأنها ستبكي، ضربت نبرة صوتها المتوسل الوتر الحساس في قلبه، ذلك الشعر البني الفوضوي وعيناها اللتان امتلأتا بالدموع وأرنبة أنفها الحمراء من البرد من المستحيل تجاهُلها
«حسنا تعالي معي»
تهلل وجهها فرحًا حين وافق وصاحت أبواق النصر داخلها، لم يفشل ذلك الوجه أبدًا في إقناع أحدهم بما تريده وهو ما تعتبره سحرها الخاص رغم أنها لا تكثر استخدامه
فتح خزانة بجانب المكتب وأخرج منها غطاءً ومظلة، أعطاهما لها وأردف
«طالما لن تستمعي لي فعلى الأقل خذي هذا كي لا تُصابي بالبرد... تبدو ملابسكِ خفيفة»
تورَّدَ خدها قليلا من لطفه، فلفَّت الغطاء حولها ونبست
«شكرا!»وقف معها عند الباب ثم أشار نحو طريق على يمينه
«إذا مشيتِ قليلًا إلى الأمام ستجدين حديقة في النهاية...هو يذهب هناك عادة حين يُقيم هنا، الطريق ليس معقدًا لذا لن تتوهي»
أنت تقرأ
من قلب الظلال: ذكريات يمحوها القمر «مستمرة»
Fantasy_فانتازيا مظلمة إلى حيث النقطة التي توقف عندها، يلهث بلا توقف، قلبه يضخ الدم بصعوبة كأن دماءه ترفض السير في شرايينه، لكن ما زال عليه الهرب. إلى أين بالضبط؟ ذكرياته لا يثق في كونها تخُصُّه حتى، والأشياء الجديدة يشعر دائمًا أنه رآها من قبل، وهؤلاء ال...