"12" «رحلة اكتشاف القاتل»

296 33 24
                                    

شعرت ندى وكأن العالم يتلاشى من حولها، الأرض تهتز تحت قدميها، وكأن كل شيء ينزلق من قبضتها. ارتجف صوتها وهي تحاول استيعاب ما سمعته، وكأن الكلمات تهرب منها، ثم أردفت بصوت متقطع ونبرة شبه باكية، تتوسل الحقيقة:
- "مي مين اللي اتقتل! أنت بتهزر صح، قول إنك بتهزر"

أمير كان يقف أمامها بجمود، وجهه يملأه الصمت الموحش وهو يحاول أن يبقي ملامحه تحت السيطرة، أشار لها بلطف لتهدأ:
- "أنا عارف..."

لم يكد يتم جملته حتى صرخت ندى بصوت اخترق السكون، صوت ملؤه الألم واليأس، وكأن كل جدار من حولهم تحطم مع صرختها:
- "لاااا! حازم مماتش صح! قولي إنه لسه عايش!"

تقدّم أمير نحوها بسرعة، واضعًا يده على فمها في محاولة لوقف صراخها المتفجر:
- "اهدي يا ندى، مش هينفع كده، إحنا في القسم!"

أبعدت ندى يده عن فمها بحدة دفعت بها كل غضبها وألمها نحوه، صاحت بعنف لم تعتد عليه:
- "أبعد عني، أنت كداب! أيوه كداب! مش ممكن... مش ممكن حازم يموت!"

كاد أمير ينطق محاولًا تهدئتها، ولكن قبل أن يخرج أي كلمة، رأى جسدها ينهار أمامه، رأسها بين يديها، ثم فقدت وعيها فجأة، وكأن عقلها لم يحتمل المزيد من الصدمة. لاحظ الضابط مهدي من بعيد هذه الفوضى التي حلت بالمكان، فهرول باتجاههما مستغربًا:
- "فيه إيه يا أمير باشا؟"

حمل أمير ندى بين ذراعيه برفق، وقال سريعًا بصوت ممتلئ بالقلق:
- "لا لا مفيش، أنا هوديها لأقرب مستشفى."

نظر مهدي نحوه بشك لكنه أومأ برأسه:
- "طب محتاج مساعدة؟"

هزّ أمير رأسه نافيًا بقوة:
- "لا، خليك هنا، ولو حد سأل عليا قوله إني في المستشفى وراجع كمان شوية."

أومأ له مهدي بطاعة، قبل أن يلمح نادر يتقدّم نحوهما بعلامات دهشة مرسومة بوضوح على وجهه، أردف نادر متسائلًا:
- "إيه يا مهدي، مين اللي كان بيصرخ؟ وأمير بيجري كده ليه؟"

شرح مهدي ما حدث بصوت خافت وعينيه لا تزالان تلاحقان أمير:
- "والله أنا زيك كده سمعت صوت، روحت أشوف لقيت واحدة أغمى عليها وأمير بيحاول يفوقها، بعدين شالها وخدها المستشفى."

هزّ نادر رأسه بأسف، وكأن كل شيء حوله يتحول إلى ضباب مليء بالآلام:
- "يا ساتر! أمير يعيني كل شوية مصيبة تحل عليه، شكله بقى تعبان أوي... أول مرة أشوفه بالشكل ده."

أومأ مهدي بحزن، وردد:
- "الله يكون في عونه."

ثم عاد نادر بلهجته الجادة، واضعًا يده على كتف مهدي:
- "طيب يا بطل، جهّز نفسك، هنروح شركة حازم المصري بعد شوية."

رد مهدي بجدية:
- "جاهز يا باشا."

«في المستشفى»

دخل أمير إلى المستشفى وعقله يغلي بالأسئلة والمشاعر المتناقضة. نظر إلى ندى، تلك الفتاة التي سلب منها العالم حبيبها فجأة، ووقف أمام باب الغرفة التي ترقد فيها، منتظرًا بفارغ الصبر خروج الطبيب. خرج أخيرًا من الغرفة، فاندفع أمير نحوه وكأن كل ثانية تمر تحفر في قلبه:
- "طمني يا دكتور!"

|ليلة ممطرة| (قيد التعديل) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن