"19" «كشف الحقيقة»

269 22 21
                                    

شعر أمير بصدمة عارمة وكأن الأرض انهارت تحت قدميه، عيناه متسعتان بدهشة، وقلبه ينبض بجنون، كيف استطاع أن يكتشف القاتل بهذه السرعة؟! الأفكار تضاربت في رأسه كأمواج عاتية، كل التفاصيل التي كانت تبدو مبهمة بدأت الآن تتكشف أمامه، ولكن الحقيقة التي بدأت تلوح له كانت أكثر رعبًا مما توقع.

بينما يواصل أمير البحث بحذر، يفتح الكومود بأصابع مرتجفة، فيجد أمامه دبوس البذلة الآخر، اللمعان البارد للذهب جعله يشعر بوخزة في قلبه، نفس الدبوس الذي وجده في فيلا حازم! كيف يمكن أن يكون هنا؟! ارتجف جسده حين أدرك أن هذا لم يكن مجرد صدفة، وأن ما يراه الآن هو دليل لا يمكن إنكاره على تورط الشخص الذي يقف وراء كل هذا.

لم يتوقف الذهول هنا. عيناه تحولت ببطء إلى الصورة الكبيرة المعلقة على الحائط المقابل للفراش. كانت صورة تلك الفتاة، نفس الفتاة التي رآها من قبل على السلسلة، لكن الآن في برواز ضخم وكأنها تشرف على الغرفة كلها، كأنها شبح يراقب كل شيء بصمت. شعر أمير بجفاف في حلقه، وكأن الهواء في الغرفة بات ثقيلاً، وكأن الصورة نفسها كانت تحمل سرًا أعمق مما يظهر.

الرهبة التي اجتاحته كانت أقوى من أي شيء شعر به من قبل. كل تفصيلة صغيرة أصبحت الآن حادة وواضحة، والأمر تجاوز مجرد اكتشاف عادي. قلبه كان يطرق صدره بقوة وكأنه يحاول الهروب من هذا الواقع المخيف، بينما كانت الأفكار تتصارع في ذهنه، بين الرغبة في مواجهة الحقيقة وبين الهروب من هولها.

أمير كان يعلم أن ما اكتشفه الآن لم يكن مجرد لغز تم حله، بل كان بداية لعالم مظلم، مليء بالأسرار والخبايا التي لم يكن مستعدًا لمواجهتها بعد.

أطال أمير النظر في الصورة، حيث كانت الفتاة شديدة الجمال، فاتنة بشعرها الداكن وابتسامتها التي تحمل غموضًا يدعو للاهتمام. أثارت الصورة في نفسه مشاعر مختلطة من الإعجاب والريبة. بعد لحظات من التأمل، استعاد تركيزه، والتقط هاتفه بسرعة، وأجرى اتصالًا.

وبعد دقيقة، قال أمير بنبرة جادة:
- "نادر، هات مهدي وعربية البوكس، وتعالى المكان اللي هبعتلك اللوكيشن بتاعه في ماسچ. بس خلي بالك، أول ما تدخل من البوابة، أقفلها تاني، وأركن عربية البوكس بعيد عن الڤيلا في حتة مش باينة كده. هبقى أفهمك أما تيجي، واوعوا تقولوا حاجة لأدهم. يالا سلام."

تملكه شعور بالترقب والإثارة بينما ينتظر قدومهم. وبعد قليل، جاء نادر ومهدي، ودلفا الڤيلا بحذر. وجدا رجلًا ساقطًا على الأرض، مُخفى في مكان قريب من البوابة، ويبدو من مظهره أنه فاقد الوعي. نظراتهما تبادلت الدهشة، لكنهما تمالكا نفسيهما وأغلقا البوابة كما أمرهما أمير، ثم توجها إلى الداخل.

وجدا أمير جالسًا على أريكة، وواضع قدمًا فوق الأخرى، ومُبتسمًا ابتسامة النصر التي جعلته يبدو كمن حقق انتصارًا كبيرًا. أفسدت تلك الابتسامة مشاعر القلق التي كانت تحوم في الأجواء.

|ليلة ممطرة| (قيد التعديل) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن