"11" «زنزانة الغرام»

424 30 19
                                    

تفاجأت نادين حين رأت أمير، كان المشهد أمامها أشبه برجل محطم، وجهه شاحب كمن لم ينم منذ أيام، عيناه متورمتان من البكاء، خصلات شعره مبعثرة وكأنها تعكس الفوضى في داخله، وملابسه غير مرتبة، بجانب إصابة واضحة في كتفه الأيمن. لم تستطع أن تخفي قلقها، فصاحت بارتباك وذعر:
- "إيه ده! مالك إيه اللي حصلك؟!"

رفع أمير عينيه إليها ببطء، وكأن التعب والألم يثقلان كل حركة منه، وغمغم بصوت مبحوح، تغلفه الحزن:
- "خدت طلقة في كتفي... بس مش دي المشكلة."

جحظت عينا نادين قلقًا، وهي تتقدم نحوه بسرعة، محاولة فهم ما يجري، وقالت بنبرة متوترة:
- "ليه؟ فيه إيه؟! هي نور حصلها حاجة؟!"

تنهد أمير بعمق، وكأن الإجابة كانت ثقيلة جدًا على صدره، ثم رفع رأسه ببطء لينظر في عينيها، وكلماته تحمل في طياتها مزيجًا من الحزن والعجز:
- "نور اتسجنت... متهمة بقتل حازم. وأنا مش عارف أعمل إيه!"

اتسعت عينا نادين بصدمة، وشعرت أن العالم من حولها يتوقف للحظة. كيف يمكن أن تكون نور، التي تعرفها جيدًا، متورطة في شيء كهذا؟ صاحت بذهول:
- "قتل حازم؟! إزاي الكلام ده؟ استحالة نور تعمل كده!"

أومأ أمير برأسه تأييدًا، وكأن كل جزء من روحه يصرخ بما تعرفه نادين جيدًا، ثم قال بنبرة تحمل في طياتها خيبة الأمل والحنق:
- "مانا عارف... ومتأكد. المشكلة إن الكلب محمود قال إنه مشافش حد دخل الفيلا بعد نور."

تجهم وجه نادين، وعقدت حاجبيها بغضب مستعر، وصرخت بحدة:
- "يا ابن الكدابة! ده أكيد حد ضغط عليه عشان يقول كده!"

كان تأييد أمير لها صامتًا، أومأ برأسه بتعبير يائس. ثم فجأة، تحولت نظرته وراءها، ليلاحظ شخصًا يقف بعيدًا ينتظر، فسألها بلهجة مليئة بالدهشة:
- "صحيح يا نادين، أنتِ إيه اللي جابك هنا؟!"

كأن نادين كانت تنتظر هذا السؤال، ردت وهي تحاول إخفاء ارتباكها بابتسامة خفيفة:
- "مفيش... كنت قاعدة مع ناس صحابي، وكان فيه اتنين منهم شاربين، فالبوليس قبض علينا كلنا."

انتفض أمير، مزيج من الغضب والقلق سيطر عليه، ونظر إليها بحدة مصطنعة، محاولاً ضبط أعصابه، وقال بصوت متحكم بالكاد:
- "يا نادين، أنتِ مفيش فايدة فيكِ خالص! إيه اللي بيقعدك مع الأشكال الزبالة دي؟!"

أخذت نادين تتصنع البراءة، ورفعت يديها في حركة دفاعية، وقالت بلهجة دفاعية متلعثمة:
- "والله أنا معرفهمش! أنا كنت رايحة مع واحدة صاحبتي، هي اللي تعرفهم!"

أطلق أمير زفرة طويلة، ووضع يده على جبينه وكأنه يحاول تهدئة نفسه من الغضب الذي يشتعل داخله، ثم قال بلهجة مليئة بالإحباط:
- "طول ما أنتِ مصاحبة الأشكال دي وبتسهري معاهم، عمرك ماهتنفعي أبدًا."

في تلك اللحظة، كان نادر قد اقترب منهما، واستمع لبعض من حديثهما. وضع يديه في جيبيه، وقال بنبرة عملية قاطعة:
- "أنتِ واقفة بتعملي إيه هنا يا آنسة؟ مش قولتلك روحي؟!"

|ليلة ممطرة| (قيد التعديل) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن