"14" «احتفال»

311 24 23
                                    

«هزت كياني تلك اللحظة التي علمت بها براءتك من التهمة المنسوبة إليكِ».

التقط عم محمود أنفاسه بصعوبة، وكأن الهواء يثقُل في صدره، ثم تنهد بعمق وقال بصوت متهدج:
- "اللي قتل حازم بيه مش نور هانم."

أمير، الذي كان يجلس على طرف الكرسي بحالة من التوتر، حك ذقنه بتفكير عميق. فبعد كل تلك الشكوك، كان يتلهف لسماع الإجابة. رمق عم محمود بنظرة ملؤها الترقب وقال بنبرة ثابتة:
- "أمال مين؟"

فرك عم محمود يديه بقوة كأنه يحاول طرد الذكريات التي تؤرقه، ثم نطق بصوت مهتز وعيناه تتجنبان النظر إلى أمير:
- "والله ما أعرف يا بيه... وهو داخل الڤيلا كان مخبي وشه بقناع... معرفتش أشوف ملامحه، لكن كان طويل... طويل أوي، وجسمه ضخم."

أحس أمير بالارتياح يتسلل إلى أعماقه شيئًا فشيئًا بعد أن تأكد أن نور لم تكن القاتلة، إلا أنه لم يدع هذه اللحظة تمر دون الضغط أكثر. باغت عم محمود بسؤال حاد:
- "وإيه اللي خلاك تكدب وتقول إنك ما شوفتش حد غير نور هانم دخل الڤيلا؟"

اهتزت يد عم محمود فجأة عند استرجاعه لتلك اللحظة المشؤومة، وتلعثم وهو يرد بصوت خافت:
- "هددني يا بيه... قالي هيخلص عليا وعلى عيالي لو نطقت بحرف."

ابتسم أمير بمرارة وأخرج من جيبه مفتاحًا وورقة. كتب على الورقة بحركة سريعة وحاسمة، ثم قدمها لعم محمود قائلاً بصوت مليء بالحزم:
- "خد المفتاح ده، وخد عيالك وامشوا من هنا حالًا. ده عنوان البيت اللي هتروحوا ليه."

اغرورقت عينا عم محمود بالدموع وهو يلتقط الورقة بيد مرتجفة، وقال بصوت مختنق بالامتنان:
- "ربنا يباركلك يا أمير بيه... والله ما عارف أقولك إيه."

ربت أمير على كتفه، ثم قال بصرامة:
- "لازم تمشي دلوقتِ، بسرعة. فاهم؟"

هز عم محمود رأسه بقوة، وكأنه يخشى أن يعصى هذا الأمر. غادر أمير المكان وهو يشعر بأن ثقلاً كبيرًا قد أزيح عن قلبه. نور بريئة، أخيرًا وجد الدليل الذي يبرئها. استقل سيارته بسرعة وانطلق نحو القسم، عينيه تلتمعان بالأمل. وعندما وصل، كان يصعد الدَرَج بسرعة وكأن الرياح تدفعه للأمام، متوجهًا نحو مكتب أدهم بخطوات سريعة لا تعرف التردد.

وفي المكتب...

اقتحم أمير المكان دون أن يطرق الباب، أنفاسه لاهثة، وكأنه كان يهرب من شيء مخيف يطارده. صاح بصوت مفعم بالإلحاح:
- "أدهم، اسمع الريكورد ده."

رفع أدهم رأسه ببطء، عينيه مليئة بالفضول، ورفع حاجبه في دهشة خفيفة قبل أن يقول:
- "ريكورد إيه؟ ومالك جاي بسرعة كده، كأن في حد بيجري وراك؟"

أجاب أمير بجملة مختصرة لكنها كانت كافية:
- "اسمعه بس، وهتفهم."

وضع أدهم السماعات في أذنه، واستمع إلى التسجيل بتركيز، وعيناه تراقبان أمير دون أن تنم عن أي انفعال. عندما انتهى، ابتسم ابتسامة عريضة وصفق ببطء، قائلاً بنبرة إعجاب:
- "أنت كنت مخطط لكل حاجة، واخدت إذن من النيابة للتسجيل. لا ومش كده وبس، ساعدت الراجل اللي كاد هيتسبب في حبس مراتك طول عمرها."

|ليلة ممطرة| (قيد التعديل) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن