"20" «مِــســك الخـــتـــام»

433 25 24
                                    

حُكم على ماجد المصري بالإعدام، وتلقى سيد الدالي حُكمًا بالسجن المؤبد، بينما الضابط أدهم لم يكن بمأمن من العقاب؛ تم فصله من منصبه وسُلِّطت عليه غرامة قاسية بلغت مليون جنيه. مرّت الشهور ثقيلة، مثقلة بالذكريات والألم، ورغم كل ذلك الألم، وُلدت بارقة أمل جديدة في حياة نور. أنجبت طفلًا، كان يشبه أمير إلى حد مدهش، حتى أن عينيه تحملان ذات اللمعان المفعم بالحياة، وكأنه عودةٌ لأمير من جديد. قررا، معًا، أن يطلقا على هذا الملاك اسم فارس، وكأنه فارس المستقبل الذي سيعيد البسمة والبهجة إلى حياتهما.

أما نادين، فقد خرجت أخيرًا من المصحة بعد معركة طويلة مع نفسها، حيث قاتلت شياطين ماضيها. كانت أكثر وعيًا الآن وأكثر قوة، لكن ظلَّت تائهة بين رغبتها في البدء من جديد وإغراء العودة إلى حياتها القديمة. حذرها نادر مرارًا وتكرارًا من أصدقائها الذين ما زالوا أسرى عالمهم السام، إلا أن إصرارهم على الاحتفال بها بمناسبة خروجها كان قويًا للغاية. كانت تعرف في أعماقها أنهم لا يريدونها بخير، لكن قررت أن تراهم للمرة الأخيرة، كأنها تريد أن تواجه أشباح الماضي وجهًا لوجه، لتضع حدًّا نهائيًا لكل شيء، ولتتأكد أن الطريق الذي ستسلكه لن يُقاطع ماضيها أبدًا.

«في المساء في أحد المقاهي»

كان أصدقاؤها يجلسون حول طاولة مكتظة بالمشروبات الغازية وأكواب القهوة، وكأنهم يحاولون أن يغرقوا قلقهم تحت ركام الأصوات المرتفعة التي تعلو بين الحين والآخر. كان الجو مليئًا بالضحك المتوتر، ضحكات متقطعة تخفي خلفها رغبة في نسيان الحقيقة المرة. كان كل منهم يحاول أن يُظهر أنه بخير، لكن نادين شعرت بالزيف يحيط بهم جميعًا.

شهاب، الذي بدا أكثرهم حماسًا، جلس وهو يرتشف قهوته بنشوة مفتعلة، ثم قال بفرحة مفرطة تكاد تكون خالية من المعنى:
"مبروك رجوعك لينا يا نادووو."

لكن تلك الكلمات التي خرجت منه مثل طلقة سريعة، لم تُحدث أثرًا في قلب نادين، كانت تسمعها كما لو كانت صدى بعيدًا، بلا إحساس. شعرت بالثقل في صدرها، كأن كل ما حولها مجرد سراب، وكأنهم جميعًا يمثلون مشهدًا بائسًا في مسرحية حياتها التي لم تعد تود المشاركة فيها.
ولكن ابتسمت قائلة بمجاملة:
- " الله يبارك فيك يا شهاب، حقيقي
وحشتوني جدًا"

قالت هدير وقد ظهرت ابتسامة على ثغرها:
- " وأنتِ كمان والله"

ثم قال عمر بنبرة حادة نوعًا ما:
- "بس إيه خلاكِ تتقلي في الشرب كده!، مش إحنا متفقين اننا منشربش، نبيع بس"

أردفت نادين بنبرة كاذبة وهي تفرك يديها المُخبأة تحت الطاولة بتوتر:
- "أدمنتها غصب عني"

أومأ عمر برأسه، ثم قال : يالا حصل خير.

تدخل مازن وهو يحك ذقنه قائلاً:
- " أخبار الظابط إيه"

|ليلة ممطرة| (قيد التعديل) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن