- أمّي؟ -

129 7 10
                                    

– كَارسون:

الخاتَم الّذِي قدّمته لها كان خاتَم خطوبة، خاتَم الزّواج مخبّأ إلى الآن، عمومًا أبي هذا الصّباح أعطَاني عنوانًا غريبًا وقال "اِذهب لرؤية أمّك، سنلحَقك في المسَاء"

كِدت أسقط على الأرضِ من الصّدمة، فورًا شغلت سيّارتي واِنطلقت نحو تولُون، مدِينة جانب مارسيليَا، التّوتر يأكلنِي وفي نفس الوقتِ أنا متحمِس

"اِشتقت إليها"
رائِحتها وحنَانها، اِشتقت لكلّ هذا، لم يتبقَ الكثير وأصِل إلى مبتغاي، من المُفترَض أنّها في هذا الحَي

نزَلت من سيّارتي وأوقفت شخصًا لأسألَه عن
"مارّيسا مونطَاند" أمّي، أشار لي على منزِل كان مفتوحًا ويدخل ويخرج منه الكثِير محمّلين بالورُود، هل هي مريضَة مثلًا؟

تقدّمت من المنزِل بحمَاس وسعَادة الكون لا تسعنِي، دَخلت من البيت لكنّي رأيت وجوهًا غريبة وحزِينة، عندمَا تخطّيتهم وجَدت أمَامي...

تابوتًا مفتوحًا وأمّي داخلَه، رمَشت بعدَم تصدِيق ونظَرت حولي، أمسَكت بكتِف اِمرأة وسألتُها
"هل هيّ ميّتة؟، اِنكري هذا رجاءً"

"مارّيسا مونطَاند، ماتَت بالأَمس واليوم جنازَتها، من أنتَ يا سيّدي؟ لا تبدُو مألوفًا"

"أنا اِبنها، اِبنها الصّغير، لم أرَها منذُ سنوات لمَ هي ميّتة الآن؟، لم... لم... لم أستطِع حتَّى اِحتضانها ثانيَة، لمَ فعلت هذا بي أنا لا أفهَم!"

كِدت أخرُج عن طورِي، ركَضت خارجًا من المنزِل لأنّي لم أتحمَل دقيقَة إضافيّة، من الصّدمة حتَّى الدموع لم تخرج، كيف مَاتت؟، لتوِي علمت بعنوَانها!

دخلت السيّارة وأرحت رأسي على المِقود، بلعت ريقِي واِسترجعت ما رأيتُه، هي مَاتت، رَحلت...

______

– أناثيَا:

اِتصل كَارسون بي وأخبرني أنّه سيأتِي، أمي ليست في المنزِل لست أعلم إذا كان من اللّائق أن أدخِله...

دقّ الجرَس، نزلت بسرعَة أفتَح البَاب وعلى غيرِ العادة، لقد كَان وجهه غريبًا، حاول تزيِيف اِبتسامته ودَخل المكَان

"إجلِس على الأريكَة، هل حدَث شيء كَارسون؟"
"لقَد ماتت"

لم أفهَم معنَى كلامِه، قعَدت قربه وأمسَكت يده
"أمّي... ماتت، رَحلت قبل أن أشمّ رائِحتها حتّى"

أستطِيع أن ألتَمس الغصّة في حلقِه، لم أحبِب أن يكتُم ما بدَاخله فقلت "لا تحبِس مشاعرَك، ابكِ"

سرعَان ما ذرف الدّموع وقد كَان منظرا غريبًا علي، لم يسبق وأن رأيتُه يبكِي، عليّ أن أرِيحه
اِقتربت أكثر منه لأحتضِنه، تشبَث بي وأطلَق العنان لمشاعرِه، لم أتوَقع خبرًا هكذا

"لا أعلَم، لا أعلَم إن كان أبِي قد تعمّد فعلها أم أنّه لم يكن يعلم، أنا... أشعرُ بالألَم داخلِي، بعد عشرِ سنوات، لم أرَها سوَى في تابُوت، هل أنا شخصٌ سيّئ لأستحِق هذا؟"

نبرَته المكسُورة جعلتني أبكِي معه أنا أيضًا، غطّيت فمي لأمنَع صوتي من الخرُوج، الجمِيع يعلم لأيّ درجَة كان يحبّها
"الآن لم يتبقَ لي غير الذكريَات... أنا لستُ بخير"

بين ذِراعيه | Between his arms حيث تعيش القصص. اكتشف الآن