🟥 *تـابـع حديث ابن القيم الحلقة الماضية*
✍🏻وقد تقدّم أنّ العبد لا يترك ما يحبّه ويهواه إلا لما يحبه ويهواه، لكن يترك أضعفَهما محبةً لأقواهما محبةً؛ كما أنه يفعل ما يكرهه لحصول ما محبتُه أقوى عنده من كراهة ما يفعله، أو لخلاصه من مكروهٍ كراهتُه عنده أقوى من كراهة ما يفعله وتقدّم أنّ خاصية العقل إيثار أعلى المحبوبين على أدناهما، وأيسر المكروهين على أقواهما.
📍ويعنى الإمام بذلك أنه إذا اكتمل حب العبد لله فيغلب هذا الحب الشهوة وإنما يؤتى الإنسان من نقص حبه لله عزوجل فكيف يحب العبد شىء مع الله عزوجل ؟! فمن يعرف الله حق المعرفة لا يليق به أن يحب أحد أكثر من الله
✍🏻 يكمل ابن القيم كلامه فيقول «ولا يتمّ له هذا إلا بأمرين: قوة الإدراك، وشجاعة القلب فإنّ التخلّف عن ذلك والعمل بخلافه يكون إما لضعف الإدراك يدرك مراتب المحبوب والمكروه على ما هي عليه، وإمّا لضعفٍ في النفس وعجزٍ في القلب لا يطاوعه لإيثار الأصلح له، مع علمه بأنّه الأصلح فإذا صحّ إدراكه، وقويت نفسه، وتشجّع القلب على إيثار المحبوب الأعلى والمكروه الأدنى، فقد وُفّق لأسباب السعادة»
📍ويعنى الإمام بذلك أن الدواء تقوية العلم والإرادة وتكرار هذه الفكرة فى كلامه يدل على أهمية هذا الكلام
✍🏻 يقول الإمام «فمن الناس من يكون سلطان شهوته أقوى من سلطان عقله وإيمانه، فيقهر الغالبُ الضعيفَ ومنهم من يكون سلطان إيمانه وعقله أقوى من سلطان شهوته»
✍🏻يتحدث بعد ذلك عن ضرورة النظر فى العواقب فيقول «فأعقَلُ الناسِ من آثر لذته وراحته الآجلة الدائمة على العاجلة المنقضية الزائلة، وأسفهُ الخلقِ من باع نعيم الأبد وطيب الحياة الدائمة واللذة العظمى التي لا تنغيص فيها ولا نقص بوجهٍ ما، بلذّة منغَّصة مشوبة بالآلام والمخاوف، وهي سريعة الزوال وشيكة الانقضاء»
📍وهذه أحد وسائل العلاج المقارنة الزمنية بين الدنيا الآخرة فالدنيا ساعة وتنقضى والآخرة خلود بلا موت فلا ينبغى بعاقل أن يؤثر ساعة فانية على الآخرة الباقية كما أن الدنيا لايوجد فيها شىء إلا وهو فيه تنغيص حتى ألذ لذات الإنسان تعقبها تعب والله جبل كل لذات الدنيا على ذلك حتى يكون التمام والكمال فى الجنة
✍🏻ثم يواصل الإمام حديثه فيقول «قال بعض العلماء فكّرتُ فيما يسعى فيه العقلاء، فرأيتُ سعيهم كلّه في مطلوب واحد، وإن اختلفت طرقهم في تحصيله، رأيتهم جميعهم إنّما يسعون في دفع الهمّ والغمّ عن نفوسهم. فهذا بالأكل والشرب ، وهذا بالتجارة والكسب...............»
📍ومعنى هذا الكلام أن الإنسان مهما بلغ فى تحقيق الأحلام لا تزول عنده الرغبة فى تحقيق ما بعده ولا ينتهى من شىء إلا ويسعى فى تحقيق ما بعده ولا تنتهى النفس ولا تسكن عند أى مطلوب سوى الله لأن أى مطلوب سوى الله لا يراد لذاته والله وحده يراد لذاته فليس للعبد أنفع من هذه الطريق ولا أوصل منها إلى لذته وبهجته وسعادته.
➖🌸➖🌸➖🌸➖🌸➖
🟥 *أنواع المحبوبات*
✍🏻 محبوب لنفسه
✍🏻ومحبوب لغيره وهذا النوع ينقسم لقسمان :
📍 ما يلتذّ المحِبّ بإدراكه وحصوله.
📍ما يتألّم به ولكن يحتمله لإفضائه إلى محبوبه
🟥 *الأمور على أربعة أحوال:*
1️⃣مكروه يُوصِل إلى مكروه
✍🏻مثل شرب الدماء حرام وفى نفس الحين هو شئ غير محبب للنفس فلا تجد أحد يجاهد نفسه فى هذا النوع
2️⃣ومكروه يوصل إلى محبوب
✍🏻الإنفاق /الجهاد / قيام الليل وهذا النوع اختبار للبشر ويجد العبد فيه مشقة ومجاهدة
3️⃣ومحبوب يوصل إلى محبوب
✍🏻 مثل الجماع محبب للنفس وفى نفس الوقت طاعة لله
4️⃣ومحبوب يوصل إلى مكروه
✍🏻مثل النظر للنساء محبوب للنفس ولكن يوصل لغضب الله عزوجل وهذا النوع يجد فيه العبد مشقة ومجاهدة لتركه وهو اختبار من الله للبشر
وهنا تظهر محبة الله عزوجل فإذا صدق العبد فى حب الله فسوف يؤثر الله فى اختياراته
➖🌸➖🌸➖🌸➖🌸➖
🟥 *فصل فى محبة الله عزوجل*
✍🏻يقول الإمام ابن القيم «أصل الأعمال الدينية حب الله ورسوله وأصل الأقوال الدينية تصديق الله ورسوله وإذا كان الحبّ أصل كل عمل من حق وباطل، فأصل الأعمال الدينية حب الله ورسوله، كما أنّ أصل الأقوال الدينية تصديق الله ورسوله وكلّ إرادة تمنع كمال الحبّ لله ورسوله وتزاحم هذه المحبة، أو شبهةِ تمنع كمال التصديق؛ فهي معارِضة لأصل الإيمان أو مُضْعِفة له.
📍ويعنى الإمام بذلك أن حب الله هو أصل كل عمل صالح والإنسان يزاحمه إما شبهة وإما شهوة والشبهة علاجها العلم والشهوة علاجها (الخوف+ الرجاء+ الحب)
🟥 *فصل فى كلمة لا إله إلا الله*✍🏻 يقول الإمام «وهي الكلمة التي قامت بها الأرض والسماوات، وفطر الله عليها جميع المخلوقات. وعليها أُسِّست الملّة، ونُصِبت القبلة، وجُرّدت سيوف الجهاد، وهي محض حقّ الله على جميع العباد وهي الكلمةالعاصمة للدم والمال والذريّة في هذه الدار، والمنجيةُ من عذاب القبر وعذاب النار. وهي المنشور الذي لا يدخل أحد الجنةَ إلا به، والحبل الذي لا يصل إلى الله من لم يتعلق بسببه وهي كلمة الإسلام، ومفتاح دار السلام. وبها انقسم الناس إلى شقي وسعيد، ومقبول وطريد. وبها انفصلت دار الكفر من دار الإيمان، وتميّزت دار النعيم من دار الشقاء والهوان. وهي العمود الحامل للفرض والسنّة، "ومن كان آخر كلامه: لا إله إلا الله، دخل الجنّة"
📍وهذه الكلمة هى روح الإنسان وكلما قام الإنسان بالقيام بحقها كلما سمت روحه ولو لم يقم بها ماتت روحه
🟥 *أنواع الحركات:*
✍🏻وذلك لأنّ الحركات ثلاثة أنواع:
📍حركة اختيارية إرادية، وحركة طبيعية، وحركة قسرية
✍🏻إذا ثبت هذا، فما في السموات والأرض وما بينهما من حركات الأفلاك والشمس والقمر والنجوم والرياح والسحاب والمطر والنبات وحركات الأجِنّة في بطون أمهاتها، وإنّما هي بواسطة الملائكة المدبّرات أمرًا والمقسمات أمرًا، كما دلّ على ذلك نصوص القرآن والسنة في غير موضع.
✍🏻وإذا عُرف ذلك فجميع تلك المحبّات والحركات والإرادات والأفعال هي عبادةٌ منهم لربّ الأرض والسماوات، وجميع الحركات الطبيعية والقسرية تابعةٌ لها. فلولا الحبّ ما دارت الأفلاك، ولا تحركت الكواكب النيّرات ولا هبّت الرياح المسخَرات، ولا مرّت السُّحُب الحاملات، ولا تحرّكت الأجنّة في بطون الأمهات، ولا انصاع عن الحَبّ أنواع النبات، ولا اضطرَبت أمواج البحار الزاخرات، ولا تحركت المدبّرات والمقسّمات، ولا سبّحت بحمد فاطرها الأرضون والسماوات، وما فيها من أنواع المخلوقات.
➖🌸➖🌸➖🌸➖🌸➖