انتقامي 14
تقف على بعد سنتيمترات من باب المكتب و هي لا ترتدي سوا ملابسها التي اُخذت من منزلها بها و التي تبرز أدق تفاصيل و مفاتن جسدها و قد قُيدت كل من يديها و قدميها، يتجه إليها ليقف أمامها مباشرة و يمسك بذقنها بين أصابعه ليرفع رأسها و يجعل نظرها موجها إليه
مدحت : معالي الوزير عايزنا نعذبك لغاية الموت.. (يكمل ببعض الخبث) ها أنت ايه رأيك
سلسبيل : تولع انت و معالي الوزير بتاعك
مدحت : توء محبش كدة.. قولي رأيك و خدي بالك ان دي اخر فرصة ليكي
سلسبيل : غذبني زي ما انت عايز.. أنا مش هتراجع عن قراري ابدا
أخذ يمرر يده اليمنى على إنحناءات جسدها و قد بدأت تظهر ابتسامة خبيثة على ثغره... أما هي فوقفت مكتوفة الأيدي لا يسعها سوا ان تزرف الدموع.. دموع القهر.. و كيف لها لن تفعل شئ و كلتا يديها مقيدة
مدحت : مش شايفة ان جسمك أجمل من انك تتعذبي
سلسبيل (بغضب و نبرة حادة) : اعمل اللي اطلب منك من غير جدال.. انا مش هيضفني تعذيب ولا غيره.. و يكون في علمك بقى هيجي يوم و أخرج من هنا و أقف قدام وزيرك دة وجها لوجه و وقتها انا اللي مش هرحمه.. هقطعه حتت بأديا المقيدة دلوقتي دي.. و يومها هنشوف مين الأقوى يا شوية جبناء
مدحت (بخبث و هو لا يزال يحرك يده على جسدها) : اهدي يا قطة.. متتعمليش مع الأمور كدة
سلسبيل (و قد زادت كلماته غضبها) : امال ازاي يا فالح انت
توقف عن تحريك يده كي تستقر على خصرها ليضمها إليه بقوة و عنف و قد اتسعت ابتسامة خبيثة جانبية على ثغره
مدحت : كدة
سلسبيل (بغضب ممزوج ببعض الخوف) : سيبني يا حمار يا متخلف يا سافل يا منحط
مدحا : و اسيبك ازاي و انا مصدقت لقيتك
سلسبيل (و قد نجح الخوف في التسلل إلى نفسها) : سيبني يا متخلف.. الحقوني
مدخت (بخبث) : أبدا و حياتك ما انا سايبك.. قولتي عذبني زي ما انت عايز.. و دي الطريقة اللي عجباني.. ولا انت مش بتسمي دة تعذيب بردو
سلسبيل : عشان خاطري سيبني.. بلييز.. يا مروااااااااان
مدحت : جوزك مش هنا يا قطة.. دة بيبعد مئات الكيلومترات عن هنا.. دلوقتي انت ليا وحدي يا حلوة
سلسبيل (و قد بدأت العبرات تتسلل من بين جفونها لا إراديًا) : سيبني أرجوك.. الحقونيييييي.. أي حد هنا
مدحت : هههههههه مفيش حد هنا.. الكل روح بيوته
سلسبيل (ببكاء) : أرجوك
لم يأبه بصراخها و استغاثتها و طلبها للنجدة.. بل ألقاها على مقعد كان موجود بأحد الزوايا ليسمع فجأة صوت صراخ انوثي ليس بصوتها يتبعه صوت ارتطام الباب بالحائط بقوة.. يلتفت ليرى فتاة ترتدي زي السجن و تضع كلتا يديها على فمها و ما أن رآها حتى تراجعت بضع خطوات للخلف في خوف..
اتجه نحوها و زفر بغضب شديد
مدحت : ضيعتي عليا الليلة.. هوريكي كويس يعني ايه اظبط كل حاجة و تيجي انت تبوظيها في لحظة
امسك بعنقها بقوة و رفعها عن الأرض.. بدأ وجه الفتاة يميل للزرقة..
مدحت : لولا أن مينفعش اقتلك دلوقتي كان زمانك داخلة قبرك دلوقتي
تركها لتسقط أرضا و قد جرت على ركبتيها و يديها و تنظر للأرض
الفتاة : آسفة والله بس متقتلنيش
مدحت : متقلقيش كدة كدة هتموتي.. يلا قدامي على زنزانتك لغاية ما أبقى اتصرف معاكي
ذهبت و ذهب خلفها ليتأكد من أنها لن تفعل.. أما سلسبيل فلم تستطع فعل شئ سوا حمد الله الذي نجاها في آخر لحظة.. كانت تتمنى لو كانت تستطيع السجود شكرا ولكن هذه لم تكن سوا أمنية بسبب قيودها.. يدخل شرطي و يقول لها
الشرطي : زنزانة 407 مش كدة
أمات له فاكمل
الشرطي : انا محمود حارس الدورية الليلية للزنزانة 407 استاذ مدحت قالي اخدك للزنزانة بس لازم تتفتشي اول
سلسبيل : ماشي جاية اهو
سارت خلفه بخطوات بطئة كعادتها بسبب قيودها..
سلسبيل : هما ليه حطين كل القيود دي رغم أن المفروض ان دة سجن و الحراسة مشددة و المفروض مقدرش اعمل حاجة يعني
محمود : متسأليش عن أي حاجة هنا.. نفذي في سكات.. إلا لو انتي عايزة مشاكل اكتر من مشاكلك.. و يفضل تنسى ازاي بتتكلمي اصلا
صمتت تماماً بعد سماعها هذا الكلام و أكملت السير بين الردهات معه.. وصلت لغرفة بها امرأة و كتب عليها "تفتيش النساء" دخلت و فتشتها المرأة بدون أن تنطق اي منهما ببنت شفة.. اعطتها ملابس السجن البرتقالية و وجهتها للغرفة التي ستبدل ملابسها فيها ثم فكت قيودها و تركتها و ذهبت.. ارتدت ملابس السجن و تركت ملابسها في المكان المخصص لذلك ثم خرجت لتجد محمود يقف في انتظارها.. أشار لها بالتحرك فسارت خلفه..
سلسبيل : مش هتحطولي الكلابشات
محمود : انتي هتبقى في زنزانة.. ملهاش لازمة الكلابشات هناك
أمات بتفهم ثم أكملت الطريق.. وصلت إلى زنزانة صغيرة بها 3 أشخاص نائمين ضمنهم الفتاة التي انقذتها منذ قليل ولكنها الوحيدة المستيقظة.. فتح محمود الباب و قال لها
محمود : دي زنزانة 407.. و دة هيكون سريرك (و أشار إلى سرير في اقصي الزاوية اليسرى من الزنزانة) و انا واقف طول الليل بحرس الزنزانة لو احتاجتي حاجة قولي
سلسبيل : ماشي
دخلت ليغلق هو الباب و تتجه هي الي سريرها بدون النظر إلى رفيقاتها الأخريات بالزنزانة.. حتى أنها لم تتحدث مع تلك التي انقذتها.. ارتمت على فراشها و كانت ستغط في نوم عميق لولا صوت تلك الفتاة
الفتاة : مش هتسأليني عملت كدة ليه حتى
اعتدلت في جلستها و قالت
سلسبيل : كنت عايزة انام اول و بكرة نبقى تتكلم بس مفيش مشاكل.. نتعرف اول عادي
الفتاة : لو متكلمناش النهاردة مش هنتكلم قبل اسبوع
سلسبيل (بدهشة) : ها.. اشمعني يعني
الفتاة : عشان اللي عملته عقابه مش هيكون سهل انا عارفة.. هو طالما سابني النهاردة يبقى هيبهدلني بكرة.. دة نظامه
سلسبيل : طب انتي عملتي كدة ليه طيب.. دة انتى حتى متعرفيش انا مين اصلا
الفتاة : يمكن اه معرفش انت مين بس اعرف انك بنت في الأول و الآخر.. مكنتيش قادرة تدافعي عن نفسك بس انا كنت اقدر ادافع عنك.. مقدرش اشوف حد بيتأذي و انا اقدر ادافع عنه و مدافعش.. عندي الناس أهم مني ادافع عنهم و لو هموت
سلسبيل : بس دة سجن.. المفروض يعني أن اللي هنا مجرمين تدافعي عنهم ليه
الفتاة : عشان في كتير منهم مظلومين زيي كدة
سلسبيل : و انتي ايه اللي عرفك انا مذنبة فعلا ولا مظلومة
الفتاة : المجرم بيبان عليه.. و لو قعدتي هنا مدة هتقدري تفرقي
سلسبيل : مكنتش اتخيل اني ممكن الاقي حد بيفكر بالشكل دة في سجن ابدا
الفتاة : دي بلد ظلم و انا مظلومة.. طبيعي تلاقيني بفكر كدة
سلسبيل : فعلا
الفتاة : على فكرة احنا لسة متعرفناش
سلسبيل : انا سلسبيل ماهر علوان.. 24 سنة.. متجوزة.. خريجة صحافة و كنت بشتغل مذيعة في قناة **** قبل ما اجي هنا
الفتاة : ياااه.. مش مصدقة.. كتير اسمع الشرطة و الحراس بيتكلموا عن سلسبيل علوان و شخصيتها و برامجها و حياتها و اد ايه البرامج بتاعتها خطرة عليهم و على شغلهم لكن عمري ما شفتها ولا شفت حلقة ليها كنت بسمع كلام بس متخيلتش انها في يوم هتقفش قدامي
سلسبيل (بإبتسامة) : كل الناس بيقولوا كدة رغم اني انسانة عادية والله و بمشي في الشوارع عادي و ساكنة في منطقة شعبية كمان.. دة حتى في ناس معايا في الشارع ميعرفوش اني ساكنة في نفس الشارع اللي هما سكنية فيه
الفتاة : اصل الصراحة محدش يتخيل حاجة زي كدة.. انا نفسي عمري ما تخيلت أن ممكن حد أكل عقول كل اللي شغالين في السجن دة يبقى ساكن في منطقة شعبية.. تخيلتك شخصية اغني ن كدة بكتير.. دة كفاية أرباح البرامج
سلسبيل : واو للدرجة دي برامجي أكله عقول الناس.. دة انا كنت بقول محتاجة ازود حدة الموضوع.. بس على فكرة أرباح البرامج مش كتير اوي كدة زي ما انتي متخيلة زة غير أن جزء كبير من الأرباح بيروح للقناة
الفتاة : اااااه
سلسبيل : و على فكرة بقى انا لسة معرفتش اسمك حتى
الفتاة : ااه سوري الكلام اخدني.. انا حنين 23 سنة
سلسبيل : بس مش صغيرة ع السجن
حنين : في بلدنا مفيش صغير و كبير.. أي حد يدخل دماغ المسؤولين يبقى انسى العمر
سلسبيل : و انا اللي كنت فاكرة انا وحدي
حنين : لا ناس كتير كدة و غالبا دول اللي بيبقوا مظلومين
سلسبيل (محدثة نفسها) : دة انا محتاجة اعمل برنامج يشوف حكاية السجون دي كمان
حنين : سلسبيل انت هنا
سلسبيل (و قد فاقت من شرودها) : ااه سوري معلش
حنين : شكلك عايزة تنامي
سلسبيل : نوعا ما
حنين : طيب خلاص.. تصبحي على خير
سلسبيل : و انتي من اهله
تركتها و استلقت على سريرها محاولة النوم ولكن النوم لم يعرف طريقًا إلى عينيها.. ظنت انها ستغط في نوم عميق فور ملامسة رأسها للوسادة بسبب إرهقها ولكن حدث العكس.. تتذكر أحداث يومها و تتمتم أين منقذي.. تتذكر كيف كان يحذرها منهم و كيف كان يغار عليها و يتضايق من نظرة أحدهم لها.. فأين انت الآن.. تتذكر كيف كان يضمها كلما شعرت بالحزن.. تتذكر كيف كانت تعيش معززة مكرمة في بيته.. تتذكر أيامًا أصبحت ذكريات و ربما لا تعود.. تفر الدموع من عينها بلا إذن.. دفنت رأسها في وسادتها و أخذت تبكي بشراهة.. تلف يديها حولها و تحاول احتضان نفسها علها تقلل من اشتياقها و ألمها ولكن لا فائدة فالأمر لا يزيدها سوا بكاءً.. وضعت يدها على فمها لتخفض صوت شهقاتها.. ظلت تدعو الله أن يفرج كربها و تعود إلى أحضانه سالمة.. إلى أن غلبها النعاس..
_________________________
أنت تقرأ
انتقامي
Actionبالنسبة للبعض الانتقام ليس سوا هدف صعب المنال فلمَ يتعبون أنفسهم في محاولات فاشلة منهم في الانتقام و البعض فالانقتام هو هدفهم الوحيد.. لا يهتمون أن ماتوا و هم يحاولون الانتقام.. المهم انهم بذلوا كل شئ حتى نفسهم لأجل انتقامهم أما البعض الآخر يعيش لي...