24

1.9K 43 8
                                    

انتقامي 24

سلسبيل : مروان
مروان : نعم يا قلبي
سلسبيل : عايزة ارجع الشغل في التلفزيون.. القاعدة في البيت مملة اوي
فاجأها بهدوئه الذي بدأت تعتاد عليه في النقاشات الحادة مثل هذا في الآونة الأخيرة
مروان : انتي جاية و انتي متوقعة مني أوافق مثلا
نظر إلى عينيها الصامتة الحائرة.. كانت تعلم مسبقاً انه من المستحيل أن يوافق ولكن أرادت أن تفاتحه في الأمر علها تستطيع رده عن قراره
مروان : طب أفرضي اني مثلا يعني مثلا وافقت (تهللت اساريرها ليكمل) هتغيري الشهادة الجديدة ازاي.. ولا انتي نسيتي انك مكتوبة مدرسة عربي مش صحفية.. انا اخترتلك مجال متقدريش تأذي نفسك بسببه
اختفى السرور من وجهها و حل اليأس الحزين محله
سلسبيل : ما انت كان قدامك تختار من الأول مخترتش حاجة تانية ليه.. ما انا قبل ما اختار كلية سألتك و كنت كل اهلي مرضفتش رفض قاطع ليه.. و انت عارف انك لو كنت رفضت كنت هدور علي شغلانة تانية افضحهم بيها
مروان (بحدة خفيفة) : ماكنتش عارف الغيب يا سلسبيل.. مكنتش متخيل أن كل دة ممكن يحصل.. مكنتش متخيل اني ممكن اتجوزك اصلا.. و فوق دة كله انا كمان زيي زيك عايز انتقم منهم خاصة بعد اللي عملوه فيكي
سلسبيل : يبقى تسيبني اشتغل
مروان (و قد بدأ يفقد سيطرته على أعصابه) : و فكرك يعني دة اللي هيجيبلك حقك.. سلسبيل انتي لو طلعتي على التلفزيون الكل هيعرفك بسهولة لو مش من شكلك يبقى من الحاجات اللي بتقديمها.. سلسبيل انتي اتميزتي في مجالك و لو حد عرفك دلوقتي يبقى كل حاجة باظت.. انا حلمي اعيش معاكي حياة عادية زي كل الناس من غير كمية المشاكل الرهيبة اللي مالية حياتنا.. الجوازة دي كانت غلطة.. مش عشان حاجة.. انا حبيتك و اتعلقت بيكي جدا و مقدرش على فراقك بس جوزنا سببلنا مشاكل احنا الاتنين حتى لو كنا سعداء بكونا سوا فاحنا في خطر دايماً
سلسبيل : مش معني اننا في خطر انك تمنعني أني اعمل كل حاجة بالشكل دة.. يا مروان انا مخرجتش من البيت إلا عشان نتفسح فسحة سريعة أو نروح المستشفى.. و انت بقيت تقضي معظم وقتك برة و انا مبحبش البيت لوحدي
مروان : على أساس أن البيت دة انتى فيه وحدك.. عندك حنين و لارين و ندى و بتقولي وحدك
سلسبيل : مكذبش عليك هما اه بيمتعوا وقتي بس غير لما اشتغل الشغل له احساس تاني.. و انت عارف ان شغلي مش بيأثر ع البيت
مروان : بس بيأثر عليكي.. شغل هيتعبك جامد يا سلسبيل.. دة غير أن فكرة التلفزيون مرفوضة تماماً و متحاوليش تقنعيني انك تظهري على شاشة تاني حتى لو كانت مجرد فيديوهات ع النت
سلسبيل : طب انا موافقة اشتغل مدرسة عربي في المدرسة اللي حنين بتشتغل فيها ولا اشمعني هي تشتغل و انا لأ
مروان : اولا انتي مش زي حنين.. في قاموس شريف انتي أخطر و أظن أنه مهتم بيكي اكتر من حنين و قالب الدنيا عليكي قبل حنين.. يعني فكرة انك تشتغلي في حد ذاتها خطر سواء باسمك أو باسم سلوى
سلسبيل : يا مروان دي مدرسة ابتدائية هعمل فيها ايه مثلا
مروان : كلمة واحدة تقوليها بالغلط وسط المدرسات تبقى اتفضحتي.. انتي مش حاسة بحاجة عشان مخرجتيش من البيت كتير
سلسبيل : طب سيبيني أخرج من البيت طيب
مروان : طول ما انا معاكي مفيش مشاكل
سلسبيل : لا مش قصدي كدة.. قصدي انك تبدأ بالتدريج.. يعني نخرج كتير سوا الأول لغاية ما احفظ الأماكن و بعدين تسيبني أخرج وحدي و بعدين اشتغل في المدرسة كدة كدة السنة الدراسية الجديدة لسة عليها كذا شهر
مروان : عايز ضمانة انك مش هتعملي حاجة تأذي بيها نفسك أو تخلي حد يشك فيكي
سلسبيل : اعمل اللي انت عايزه انا مش همانع طالما هخرج و هشتغل
مروان : لو عرفت انك قولتي كلمة كدة ولا كدة هقعدك في البيت 3 سنين و قبل ما تشتغلي هنروح المستشفى عشان اطمن عليكي.. آخر مرة الدكتور قال انك لسة لازم متتعرضيش لضغط نفسي أو إنفعالات قوية
سلسبيل : أمري لله بس عندي طلب صغنن
مروان : طالما صغنن من اولها يبقى طلب بلاوي كتير
سلسبيل (بثقة) : عايزة ادرب على المسدسات و اتعلم انشن كويس و اتعلم فك الكلابشات و...
مروان (مقاطعاً) : نعم نعم.. فكراني هسيبك كدة بمنتهى البساطة تعملي كل دة.. لا ابدا.. انا ما صدقت هربتك من السجن.. مسدسات و كلابشات مين يا ماما عايزة تروحي سجن لاينار كمان.. في لاينار اللي معاه مسدس و مش شرطي أو تبع الجيش دي في حد ذاتها جريمة.. عيزاني انا أوافق على اللي انتي هتعمليه دة.. انا وافقت على الشغل ماشي لكم دي بقى عمرها ما تحصل
سلسبيل : طب افرض...
مروان : مش هفرض حاجة.. انا عايزك تعيشي حياة عادية.. انسى كل اللي فات مفهوم
لم تجبه فقط اولته ظهرها و كانت ستغادر لولا أن استوقفها و امسك معصمها
مروان : انا مش قصدي اضايقك بس كل حاجة ليها حدودها
سلسبيل : ماشي
قالتها و هي لم تكلف نفسها عناء النظر إليه
مروان : لا لا كدة يبقى لسة مضايقة
سلسبيل : الموضوع و ما فيه انك كل شوية بتطلب منـ...
أدرك ما ترمي ايه فكمم فمها براحته و ضمها إليه و هو يمسح على شهرها بيده الأخرى و يردد كلمات اعتذاره المعتادة
مروان : اسف مكنش قصدي والله.. سامحيني
أبعدت يده عن فمها و هي تقول معاتبة
سلسبيل : يا مروان انت كل مرة بتضحك عليا بالكلمتين دول
مروان : انا بس نفسي تنسى كل حاجة و تبدأي حياة جديدة كأن النهاردة اول يوم في عمرك
سلسبيل (بانفعال) : و انسى ازاي و كلي جراح بتشدني للماضي اكتر و اكتر لغاية ما حبستني في سجنه.. انسى ازاي و انا كل ما ابص لنفسي اتوجع.. انسي ازاي و انا ببص لنفسي اشوف سلوى مش سلسبيل... بذمتك لو كنت مكاني كنت هتقدر تنسى
ألجمت كلماتها لسانه.. لم يدر بما يجب أن يجيب.. يقدر صعوبة موقفها و طلبه شبه المستحيل بنسيان سنة كاملة من الألم و الذي نحت أثرا يصعب على الزمن محيه في شخصيتها و حتى بجسدها.. يعلم أنه يضغط عليها لطلبه منها نسيان كل هذا ولكن هو أيضا يتمنى لو يعيشان حياة سعيدة بدون كل هذا الكم من المشاكل التي تلاحقهما أينما ذهبا...
مروان : اعذريني.. لسة شايف سلسبيل اللي كنت اعرفها.. لغاية اللحظة دي مش شايف سلوى شايف سلسبيل و بس
فاجأها بها بعد لحظات من الصمت لتجيبه بعد تنهيدة تبدي مدى الألم الذي تشعر به
سلسبيل : بس دة مش شرط اني...
وضع اصبعه على فمها لتصمت و يكمل هو
مروان : انتي سلسبيل و انتي سلوى.. الاتنين شخص واحد الفرق الوحيد...
كانت سيصمت ليفكر ثانية فالاختلاف بينهما كبير ولكن هي كانت أسرع منه و قاطعته و أكملت جملته بإنفعال و حسرة
سلسبيل : كل حاجة.. مفيش وجه شبه بيني و بيني.. مفيش حاجة مشتركة بين سلسبيل و سلوي
مروان : انتي بس بتنكري انكم واحد.. يمكن اه اتغيرتي كتير بس قلبك لسة قلب سلسبيل اللي اعرفها.. شكلك اه اتغير و شكل كل الناس بردو بيتغير.. مش فارق معايا شكلك.. مش فارق معايا لون شعرك.. مش فارق معايا آثار جروحك.. المهم أن قلبك لسة صافي و لسة زي ما اتعودت عليه.. و بالعكس دة انتى رغم أن حقدك علي شريف و عصابته زاد إلا أن قلبك زاد طيبة نحية العامة حتى لو بقيتي تخافي من كل و اي و أبسط حاجة.. طريقة تفكيرك اتغيرت.. و انا كمان طريقة تفكيري اتغيرت.. و الناس كلها طرق تفكيرها بيتغير خاصةً بعد تجربة صعبة زي دي.. حتى لو حسة أنك بقيتي تفكري بشكل أسوء.. لا انتي بقيتي تفكري بطريقة مختلفة و عاقلة عن الاول.. صدقيني متغيرتيش كتير.. و حتى لو التغير كان كبير في عين الناس هتفضلي نفس سلسبيل في عيني.. مهما اتغيرتي و حتى لو الكل اقتنع انك مش انتي.. هتفضلي سلسبيل حبيبتي و مراتي.. و هفضل احبك مهما اتغيرتي.. انا مش هقولك هفضل احبك لآخر لحظة في عمري.. لا بقت قديمة و الكل بيسمعها اكتر من مية مرة يوميًا.. لا انا هقولك اني هفضل احبك لغاية ما نتجمع سوا في الجنة
كانت تستمع إليه بعينين دامعتين.. ليس لأن الحديث في هذا الشأن يؤلمها.. ولكن هذا المرة كانت نوعًا من دموع الفرح مُزج بدموع الندم.. أصبحت تسئ الظن بالجميع حتى اقرب الناس إليها.. كيف لها أن تظن أن حبه لها قد قل خلال تلك الفترة.. كيف لها أن تظن أن التغييرات التي طرأت عليها ستجعله يبتعد عنها أو ربما اعجبته أخرى أثناء غيابها.. كيف لها أن تظن سوءً بمن ضحى بمكانته و قرر أن يكون هاربًا من القانون لأجلها.. بل كيف تطرأ فكرة كهذه على بالها و هو من ضحي بكل ما يملك لكي ينفذها من ثعابين المشنقة.. هو من حررها من ذل السجن و انقذها بعد أن رأت الموت أمامها.. أهكذا تجازيه.. بأن تشك به لهذه الدرجة.. مسكينة لا تعلم أنه كان لا ينام الليل و هو يشعر بألمها رغم فرق الأميال بينهما.. نسيت ان بعض الحب يولد الشعور بالطرف الآخر رغم المسافات فقلوبهما متصلة فيما يعرف بالتواصل الروحاني بين الحبيبين...
ألقت جثتها في صدره و هي تستشعر حنانه و عطفه و حبه لها فحوطها و كأنه يريد أن يحبسها بين ذراعيه فلا تستطيع الابتعاد عنه لحظة
سلسبيل : تعرف انت احلى حاجة حصلت لي في حياتي
التفت إليها و وجهه تعلوه ملامح السعادة الغامرة
مروان : بجد
سلسبيل : اها بجد طبعا.. بحس ان انت الحاجة الوحيدة اللي بتعوضني عن كل الآلام اللي عشتها.. بحس انك الوحيد اللي لسة شايفني زي ما انا.. حتى لارين بتقول اني معدتش انا.. انت احلى هدية رينا رزقني بيها
لم يكن منه سوا ان ضمها إليه بحنان و قبلها و قلبه ينبض فرحا.. يعشق كلماتها تلك.. بل يعشقها كلها.. فاز بها و ربحته.. ولكن ربما ينسى الجميع ان لكل رابح يوم خسارة
_________________________

انتقاميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن