انتقامي 34
الظلم يجعل من المظلوم بطلاً، وأما الجريمة فلابد من أن يرتجف قلب صاحبها مهما حاول التظاهر بالكبرياء.
"مقتبسة"داعبت نسائم الرهبة قلبها حين وطأت قدماها أرض فيلاته، صوت يوسوس لها "هو بالقرب" يبث شيئًا من الرعب بأوصالها، "حتمًا سيقتلك يا متسرعة" " لازلتِ ضعيف، لستِ أهلًا لمواجهته"، ودت قدمها التمرد و التراجع، أحست فجأة بضعفها، لكن لا مجال للتراجع، شدت قبضتها علي مسدسها تستمد منه بعض القوة و الإطمئنان، تبدُل حالها في الآونة الأخيرة أنساها الماضي بحق، عززت قوتها بالذكري، أعادت بعض الذي مات للحياة، قتل أخاها ثم أباها، دمر حياتها ثم عذبها، سلب روحها و تركها تعاني، أرهق زوجها و بقائه يهدد مستقبل صغيرتها، حتي إن كلفك الأمر روحك فلذة الإنتقام لا تضاهيها لذة، لا تدري من أين إنبثقت كلمات مروان فجأة بأذنيها
مروان : "الانتقام دايرة هتلف و يبقي الدور عليهم عشان ينتقموا منك.. قتل شريف عمره ما كان حل.. اصبري و المنظمة هتاخدلك حقك بس بالقانون"
تذكرت ردها الساخر عليه يومها
سلسبيل : "قانون! المنظمة عبال ما توصل لشريف بالقانون هكون انا ادفنت"
كانت تؤكد علي حروف كلمة "بالقانون" باستهتار واضح لكنه أجابها بإيمان
مروان : "بس هتاخدلك حقك و تفضحه و تعدمه كمان"
سلسبيل : "و مين قال اني عايزاه يتعدم.. انا عايزة اعذبه زي ما عذبني"
حينها كانت تقولها بوحشية حقيقية نابعة من أعماقها فأين تبددت تلك السادية؟ لا تنكر أن دوي الذكري بعقلها ألهبها و أشعل شرارة غضب ظنت بأحد الأيام أنها قد إنطفئت، لكنها يومًا لم تنسى آخر وصايا أخيها، درست الخريطة جيدًا و تعرف أين ستتجه، لن تخضع لحدود المنظمة و قتله وحده لن يشفي غليلها. أفاقت علي صوته الآمر عبر اللاسلكي
مروان : متسرحيش فيه
و قراءة أفكارها عادة مألوفة له، أتبع بإصرار
مروان : ركزي في مهمتك.. انا مستحيل اسيبك تروحي للموت برجليكي
اجابت مضطرة باقتضاب
سلسبيل : حاضر
ثم غمغمت
سلسبيل : بس موعدكش بحاجة
تظاهر بعدم سماعه كلماتها و صمت، ليتها تدرك انه يريد الإنتقام لها أكثر منها لكن لكل شيء أوانه، لا يريد أن يقف بطريقها بل حمايتها، ان كانت هي رأت أحد وجوهه فهو رأى جميعها، فقط لو اخفضت جناحها.
أطلت داخل خزنة صغيرة بعدما نجح في فتحها أحد أمهر رجال المنظمة بهذا المجال، أصرت كثيرًا حتي حصلت علي هذا الدور و ستنتهز الفرصة، مهمتها استطلاع الاوراق و تحديد الذي يحتاجونه منه و نسخه، لكن بالنسبة لها كل الأوراق مهمة، كل الأوراق سيحتاجونها عاجلًا أم آجلًا، و إن لم يحتاجوها ستحتاجها هي، و بهذا المبدأ كانت تنسخ كل الورق بالورق باستخدام آلة طباعة صغيرة بعد قراءة عناوينها.
- في مجموعة حراس مكونة من حوالي 5 لـ 7 افراد متجهة نحيتكوا
قالها أحد المراقبين لتكون هي الشرارة الأولي لإنفجارات متتالية لم يدركها أحد الا بعد فوات الأوان
- نص فرقة الدفاع الأولى تتحرك
قالها عمر تلاه صوت مراقب اخر
- و في مجموعة تانية بنفس العدد تقريبًا في الدور اللي فوق
عمر : شكلهم مجموعات حراسة دورية.. محدش يواجههم الا للضرورة...
- الفرقة الاولي اشتبكت
و تلك لم تكن سوا جملة تقريرية قاطعته
- المجموعة التانية نزلت تنضم للأولي ضدنا.. عددهم حوالي 15 دلوقتي
عمر : باقي الفرقة تدخـ...
- اول الضحايا في صفنا
هذه مرة لم تكن مجرد مقاطعة، ان يسقط أحدهم بهذه السهولة في البداية هكذا شيء اسري نوع من الكهرباء ببدنه، اعاد جملته بحزم مؤكدًا
عمر : باقي الفرقة الأولى تدخل
و بدء الاشتباك، لحظات و سمع صوت احد اعضاء الفرقة مستنجدًا
- دول اكتر من عشرين.. محتاجين مساعدة
ليقول احد المراقبين مؤكدًا ما قيل
- انضملهم مجموعة تانية حوالي 20
كز علي اسنانه بغضب
عمر : تلات افراد من كل فرقة يروحوا يساعدوهم
- بس كان في ضرب نار الناحية التانية و الفرقة الرابعة كلها اتحركت للحماية لأن الهجوم كان قريب اوي
عمر : مش كنت تقول من ساعتها
زعق بها لتأتيه إجابة موضحة
- الكلام دة من كام ثانية مش اكتر و انا قولت لحضرتك في لحظتها تقريبًا
عمر : مش عايز خساير بقدر الإمكان.. كفاية ان من أولها و واحد مات
قالها بمزيج من الندم و التوتر و الخوف، يخاف علي ارواح رجاله ليس إلا، هو ليس بأحمق ليهاب متعجرف يطلق علي نفسه رئيس دولتهم.
مروان : سلسبيل انجزي.. مش وقت اللي في دماغك دة دلوقتي
تدفق صوته إليها بتلك الكلمات ليشوش تركيزها، هتفت بحنق
سلسبيل : في ايه عايزة اركز
مروان : في 2 ماتوا في صفوفنا لغاية دلوقتي دة غير اصابات غير محددة بس بيقولوا كتير.. انجزي و خلينا نطلع من هنا سالمين
قابلت لكنته المنفعلة باخري مجبرة
سلسبيل : حاضر
اما من جانبه فكان يجلس ممددًا ساقيه علي مكتبه يشاهد الصورة بالخارج من شاشة العرض الخاصة بكميرات المراقبة، كلا الفرقتين الاولي و الثانية يقاتلان علي جانب و الرابعة و الثالثة علي الآخر، كلٌ يقاتل مجموعة من قرابة أربعون شخص من جنوده، حسنًا الجميع منشغل تمامًا كما خططت، فلتبدأ المتعة. و بكبسة زر واحدة انهال عليهم الرصاص كالمطر من حيث لا يعلمون، و قبل أن تنتظم الفوضي التي أحدثها الرصاص كانت مجموعتا العدو قد تضاعفتا بالإضافة لمجموعك ثالثة نجحت في اختراق صفوفهم و هم الآن يواجهون فرقة الطوارئ
- متوقعتش أقل من كدة لحماية بيت الرئيس
كان عمر يتمتم بهما بجدية انقلبت سخرية مع اخر كلماته، و لم تغب تلك الأحرف من علي لسان سلسبيل حين خرجت بعدما كسر أحد الرجال النافذة وه ددهم، لكن أحد مرافقيها استطاع التسلل خلفه و ضربه بسلاحه علي مؤخرة رأسه مما أفقده الوعي، اما هي فوضعت الاوراق التي نسختها بالاضافة بعض ما قررت عدم تركه في حقيبة و زادت عليهم بعض الاوراق التي لم يتسن لها نسخها، سلمت الحقيبة لمرافها الاخر و اخفاها خلف رداءه ثم أعلن ثلاثتهم عن استعدادهم للخروج، و بالفعل تمت تغطية خروجهم باحترافية لم تمنعهم بالطبع من لمح بعض ملامح المعركة، بدت كالحرب صغيرة وسط الرصاص المتناثر من كلا الطرفين، العدد و الاستعداد ايضًا شاركرا في رسم تلك الصورة. بحثت بعينها عنه اثناء تخفيها بين الصفوف، رغم ان رداء المنظمة يجعل الكل متشابه إلا أنها تميزه بسهولة، لمحته بموقعه في فرقة الطوارئ فاطمان قلبها، و رغم انها تسللت مع شخصين لا غير استطاعت الهروب راكضة من بينهما أثناء إحدى الإلتفاتات. انزلت قلنسوتها ليبرق وجهها وسط الظلام، أخرجت مسدسها و تأكدت من ذخيرته ثم تقدمت تتلفت حولها، و لم يعترض أحد طريقها بل بدي أن الجميع منشغل بالأحداث حول المكتب، و لأنها حفظت خريطة هذه الفيلا عن ظهر قلب في الليالي الماضية فاستطاعت ان تصل للغرف بسهولة، قصدت غرفة علمت سابقًا انها المكتب الرئيسي و أن السابق ليس سوا مكتب صغير وسط غرفة يُفترض أنها مكتبة. خطت بثبات محكمة قبضتها علي مسدسها، لعبت ريشة الحدة مع ملامح وجهها تبرز حقدها أكثر، تلاشي رهبتها وازي تفشي الغضب و الوحشية بقلبها مع اول خطوة بدرب الإنتقام، صورته مذلولًا يتوسل رحمتها ثم هي تقتله بدم بارد عزز ابتسامة مستفزة شقت نضارة محياها، ضحت بالكثير لأجل تلك اللحظة، ضحت برقتها و رهفة مشاعرها و ربما انوثتها كلها كي تتمكن من مواجهته و قتله و الثأر لما فعله بها، لن ترويها دمائه و لو سالت شلالات او حتي ملأت السهل و البحر، لن تشبع و لو ارتشفت كؤوس دمه خمرًا، تبًا، ظهر ذاك الجانب الشيطاني المتعطش لدمائه بعدما ظنت لوهلة انها وأدته للابد. واجهت الباب بإنفراج شفتيها عن إبتسامة وحشية بأسنان بارزة، إنطفاء الإضاءة الخافتة التي تسللت من اسفل الباب ظهر جليًا في الظلام كانه يؤكد وجوده هنا، تأكدت من امتلاء مسدسها بالرصاص مجددًا، شدت قبضتها عليه و اقتحمت الغرفة المظلة، تواري خلف ستار العتمة فلم تدر أين هو بتلك الغرفة الشاسعة، تقدمت بحذر تبحث عنه لتصدم بإنغلاق الباب بعد عبورها بخطوات و كان مصدر إنارة تلك الغرفة، التفتت خلفها بسرعة يتقدمها مسدسها بعدما سحبت مطرقته في حركة استعداد دفاعية، سمع صوت المطرقة ليبتسم بخبث متمتمًا
شريف : كنت مستنيكي
دارت لناحية الصوت بتشتت، لا تأمنه بكل حال، أضاء الشاشة أمامه فانبعث ضوء خافت من خلفه يوضح مكانه، جلس علي الكرسي خلف مكتبه موليًا إياها ظهره، حفرت الظلال أجزاء من ملامحه لتشدد من توهج هالة الرهبة حوله، ابتسمت ساخرة و هي تخفض مسدسها و تتقدم بضع خطوات
شريف : تفتكري نهاية الصراع دة لصالح مين.. انا ولا انتو؟
قالها مشيرًا بعينيه للشاشة أمامه، رفعت ناظريها تري ما يشير إليه، و رغم عرض الشاشة لأكثر من مشهد لم يستوقفها سوا اندماجه في القتال، لمس شيء من الخوف قلبها، هو لن يكون بالجوار لحمايتها إن حدث لها مكروه، لكن كلماته قذفتها لأرض الواقع بقسوة
شريف : بصراحة قوة المنظمة فاجأتني.. كنت عامل حسابي علي قتلي و جرحي اكتر من كدة لكن اكتشفت ان نص اللي كنت عامل حسابي عليه فشل.. بس عمر ما دة يمنع اني المنتصر الوحيد في كل الاحوال
سلسبيل : انت كنت مخطط للعملية دي
و النبرة حادة متهمة مقررة، قابلها هو ببرود إستفزها
شريف : و انتو مشيتوا علي خطة بالظبط
عاجلها قبل أن تمضي بهذا الموضوع بإضاءة الغرفة بالكامل، إلتفت يواجهها ببسمة طياتها تصرخه بمكره و لؤمه
شريف : اتفضلي اعدي
قالها مشيرًا للكرسي قبالة مكتبه، جلست بحذر بينما تحرك هو خارجًا
شريف : تشربي ايه
قالها بود لا يناسبه و لم تتقبله هي
سلسبيل : لا شكرًا لحسن ضيافتك
قالتها بإمتعاض واضح ليعود أدراجه محملًا بنفس البسمة التي تفجر براكينها، مال بجزعه نحوها في طريقه هامسًا
شريف : وحشتيني
ثم دار حول المكتب و كأن شيئًا لم يكن، و ببراءة مجرم ردد
شريف : طب بزمتك موحشتكيش
إن كان الزمن أنساها لوهلات كيف كان قربه يحرقها فمجاورته لدقائق كفيلة بأن تعيد الذكري
سلسبيل : و من امتي و اللي زيك بيوحش حد
نفست عن بعض غضبها في تلك الحروف ثم اردفت بإستخفاف
سلسبيل : لغاية دلوقتي نفسي اعرف مين اللي ممكن يصلي عليك و مين هيمشي في جنازتك
لم يعيرها أي اهتمام بل أكمل الحديث علي هواه متسائلًا
شريف : ايه اللي جابك
و لحماقتها أجابت
سلسبيل : نفس اللي جابك
رجت قهقهته العالية المكان للحظات قبل ان يعقد اصابعه تحت ذقنه مثبتًا ناظريه عليها
شريف : انا جيت عشان وحشتيني
قالها بخبث مقصود لتكز علي اسنانها غاضبة، هبت واقفة عكس كفها التي هوت تصفع المكتب
سلسبيل : و انا جيت عشان اقتلك
ولبروده اثر النار عليها
شريف : و انا مش في خطتي اني أموت
سلسبيل : انت مستفز
خرجت منها سهوًا لشدة غيظها، منذ عرفته و هو يخطط و القدر يبدع في التنفيذ، هو خطط لوجودها لكنها ستفسد مخططاته. تفاجأت به يقف و يحثها علي الجلوس متمتمًا
شريف : اهدي بس و خلينا نتفاهم
رمقته بتعجب، ليس كما عهدته بكل الأحوال، به شيء مختلف هذه المرة، استجابت بحذر، جلست محاولة الهدوء
شريف : نتكلم جد بقي
قالها بجدية شديدة غريبة عليه، أمن مثله يتغير؟
شريف : انتي جيتي بجد ليه
لم تجبه، لا تعرف كيف تجيبه من الأساس، التف حول المكتب ليقابلها، حدق بعينيها لدقيقة كاملة ثم قال
شريف : احنا الاتنين عايزين ننهي الموضوع دة و نعيش حياتنا بسلام
سلسبيل : انا اعيش حياتي بسلام
أكدت علي حروفها مصححة كلامه
سلسبيل : سلامي من موتك
اقترب يمسك ذقنها
شريف : قاسية اوي
اقترب اكتر يهمس بأذنها
شريف : انتي عايزة اجابات و انا عايز استريح
ابتعد عنها ليلمح ابسامة سمجة ارتسمت في وجهها برعونة، تجاهل ردة فعلها يؤكد أنها ستغير هذا الوجه بعد لحظات، عاد لمرقده خلف المكتب و قال بعملية
شريف : انا هديكي الاجابات اللي بدوري عليها طول عمرك و انسي انك موجودة علي الارض اصلًا انتي و بنتك و المقابل بسيط.. تلغي المنظمة و تسلميني مروان.. دي صفقتنا
سلسبيل : مستحيل
هتفت بها بحدة، هدأت قليلًا موضحة
سلسبيل : الاولي انا مليش سلطة عليها.. و مروان مستحيل اسيبك تلمسه
شريف : يعني بترفضي
قالها بدون اكتراث لترد مؤكدة بحزم
سلسبيل : ايوة برفض
و إن كانت هي لم تحسب حركته الفجائية و مديته التي غدت في غمضة عين علي رقبتها، فهو لم يلحظ انها جهزت مسدسها بالفعل اثناء حديثه. انتظرت حتي اصبح خلفها تمامًا ثم اطلقت طلقة في الهواء لتشتته و القت بثقل جسدها للخلف ليسقط و الكرسي الذي كانت تجلس عليه فوقه، خطفت مديته من بين يديه و اغلقتها قبل ان تقذفها بعيدًا بعشوائية لتتثني لها بضع لحظات لتوجه مسدسها نحوه، ضحك ببلاهة لم تناسب الموقف حتي تتسلل للغرفة رجلين من خلفها و لم تلاحظهما
سلسبيل : ايه اللي يضحك اوي كدة
قالتها بحنق لتلاحظ إمائة في غير موقعها لم تبدو كأنها لها، شعرت بأحدهم خلفها، إلتفتت بحذر ليعاجلها بوضع قطعة قماشية مشبعة بمنوم يكتم بها أنفاسها، حاولت المقاومة لكنه ضغط اكثر ليتدفق المنوم لرئتيها و تسقط رغمًا عنها مغشي عليها. أبعد الكرسي عنه و استقام ينظر لجثتها تحت قدميه، انتابته نوبة من الضحك حين راودته فكرة انها اخيرًا جثة هامدة بين يديه يفعل بها ما يشاء، لكن ليس اليوم، هو هنا لسبب واحد، سيقتلها امام زوجها ثم ينظف يديه من دمائها و كأنها شيئاً لم يكن، لم تتلوث يديه بدماء أحدهم مباشرة لكن لا مانع إن كانت الأولي. جردها من أسلحتها؛ مسدسها، ذخيرة، مديتين و بضع شفرات. أحسنت التسليح! و كأن الحمقاء صدقت قدرتها علي قتله بالفعل!! أمر رجاله بحراسة الأبواب ثم كبلها بأحد الكراسي، هكذا كل أحجار لعبته بمكانها، لتبدأ اللعبة!
شعرت برائحة عطره قوية توقظ حواسها، أطلقت أنين إفاقة، فتحت عينيها بصعوبة لتتجمد أمام عينيه التي تبعد عنها بضع سنتمترات، يسبح بسواد عينيها، يتأمل دواخلها، و تلمس نظراته وطر حسبته لم يخلق بداخلها. لم تظن يومًا انها بموقف كهذا كل ما ستفعله ان تبادله النظرات، أو تحاول فك شفراته ليس إلا، شعرت انها دخلت بمتاهة كالفضاء؛ حالكة بلا نهاية او بداية، مخيفة معقدة لا يمكن العيش بها، لكن روحها علقت داخلها قبل ناظريها. تلك العيون البنية الداكنة لا يمكن ان تكون عينيه بلمسة الحزن و الندم التي خالت انها لمحتها لثانية، شعرت أنها تغرق بعيون شخص لم تعرفه قبلًا.
شريف : عيونك مميزة
قالها مبتعدًا بعدما توهمت انها وصلت لعمقه، قطع الطريق بين عينيهما بإلتفاته، تنبهت لكلماته حين خرجت عينيه من نطاق بصرها، بل تنبهت للواقع بأسره، كانت بالفعل ستغرق وسط احجياته، لكن ما صدمها هو اداكها فقط الان انها مقيدة.
شريف : بغض النظر ان لونهم حلو اوي، فيهم ميكس غريب بين اليأس و الأمل.. الدموع و القوة.. الغضب و العفو.. الرقة و الوحشية
ثم اردف بنبرة خاصة
شريف : فيهم جرح عميق بيحاول يداوي
سلسبيل : ما انت اللي سببته
صرخت بها بوجهه دون تفكير، التفت إليها بحدة سرعان ما لانت و هو يسحب الكرسي الاخر و يواجهها، بدأ حوار آخر متجاهلًا الأول
شريف : كان ممكن أكممك لو عايز بس انا عايزك انتي اللي تسألي
رمقته بإرتياب
سلسبيل : انت عايز ايه
و تجاهل سؤالها كعادته الجديدة حتي لو بدي رده كإجابة
شريف : عايزك تعرفي ان بعض الحقائق تمنها حياة
سلسبيل : حياتك انت
قالتها بنبرة مهاجمة أثارت ضحكه، قام من مجلسه و أخذ يتحرك جيئة و ذهابًا
شريف : عايزك تعرفي انك في أوضة مقفولة ملهاش غير مخرج من اتنين
اشارة للباب قائلًا
شريف : يا الباب دة
ثم التفت بالإتجاه الآخر يسير بضع خطوات قبل أن يشير للنافذة خلفها
شريف : يا الشباك دة
عاد إلي سيره مكملًا
شريف : و لحسن حظك الاتنين عليهم حراسة مشددة. الباب وراه أقوي و أشد حارسين عندي و شوية و يحصلهم الباقي و الشباك مستنيكي تحتيه 10-15 واحد غيرهم
ابتسمت بسخرية مستهزئة ليردف
شريف : دي نقطة.. الحاجة التانية بقي و اللي عايزك تاخدي بالك منها كويس انك مش بس متكتفة بالاحبال.. لأ اديكي و رجليكي كمان متكلبشين في الكرسي
تحولت نبرته الإستهتار حين اكمل
شريف : يعني مستحيل تعرفي تتحركي اصلًا
تأملت حالها تحاول تكذيبه لكن برودة الأصفاد حول معصميها ردعتها، هو محق. اتجه نحو مكتبه و التقط بعض الاغراض ليريها إياهم
شريف : و لو دول كانوا كل اسلحتك اللي جاية تقتليني بيهم فأحب اقولك انهم كانوا قليلين
ثم اتجه للنافذة و فتحها، سمعت صوت خطوات الحراس بالخارج تعلوا بعد همهمته لهم، عاد برأسه للداخل يحدثها مستأنفًا
شريف : و معدوش موجودين
قالها و هو يلقي بهم بالخارج ثم اتجه نحو مكتبه، ازاح مسدسها الذي تركه عمدًا كأنما يخبرها انها أضعف من قتله حتي لو امتلكت السلاح، تناول جهاز تحكم و قرب الصورة لمروان الذي انهمك في القتال مع باقي الفرقة، بسط يده مقدمًا
شريف : و أخيرًا و ليس آخرًا، انا مشوش علي اتصالات المنطمة و مروان مشغول و حتي لو اديت أمر بالإنسحاب مش هيعرف انك غايبة الا لما يوصل و مش يلاقيكي. عارفة كمان بقي.. حتي لو وصل لحد الباب دهه مش هيعرف يعمل حاجة لأنه عبال ما يعدي الحراس يكون فات الآوان
سلسبيل : مدخلش مروان في الموضوع.. فاهم
قالتها بخوف لم تستطع مواراته ليقول بشماتة
شريف : مدخلوش ازاي اذا كان هو محور الحكاية اصلًا
رمقه باستفهام كأنما لم تفهم ما يرمي إليه، اتخذ مكانه خلف مكتبه و بدأ بنبرة مغلفة بالغموض
شريف : انتي كنتي جزء من اللعبة؛ اتلعب بيكي زي ما لعبتي تمام. بس انتي اللي كان اللعب عليكي.. تقريبًا انتي كنتي عايشة طول عمرك مخدوعة و لسة مكملة في الدور لحد دلوقتي.. كل اللي حواليكي بيكذبوا عليكي و انتي يا عيني تايهة في النص. بس بما ان نهايتك قربت فمفيش مانع انك تعرفي الحقيقة
بطريقة ما استحوذ علي انتباهها استطاع جذبها لحديثه، حتي ان كانت نهايتها كما يدعي، فهي تريد ان تعرف
سلسبيل : لعبة ايه و حقيقة ايه.. انا عايزة افهم ايه اللي بيحصل و حصل
ابتسم لتحقيقها مراده
شريف : هتفهمي كل حاجة بس في وقتها.. و انا هبدأ الحكاية من الاول خالص
سلسبيل : استني
قاطعته
سلسبيل : مروان كمان منهم؟
قال بخيبة امل
شريف : لغاية وقت معين كان أكبر كذبة في حياتك بس للأسف صلح غلطه زي ما بيقول.. علي العموم انا هحكيلك كل الكواليس النهاردة.. هوريكي الجانب الموازي لكل فعل حواليكي.. هعري الحقيقة بعد ما استخبت كتير
تابعته باهتمام بالغ يتقدم و يستند علي النافذة التي اهمل غلقها، تأمل البدر بعيون عابسة و همس
شريف : قابلت ماهر في المدرسة الثانوية.. كانت ايام جميلة ايام ما الواحد كان يقدر يحب و يتحب و يعيش و يستمتع بحياته.. ايامها كنت بني ادم
إن كان للحزن طرقه لقلوب أمثاله فتلك الجملة خرجت بشجن لم يقدر علي مواراته، أيجرح من مثله؟
شريف : أيامها مكنتش كدة.. ايامها كنت شاب حالم بمعني الكلمة و دة اللي دمرني بعدين.. رغم اني اتفرقت عن احلي صحبة ليا في الجامعة بس اتعرفت علي حب حياتي.. او اللي افتكرتها كدة.. ايامها كنت بريئ معرفش غدر الدنيا ولا مكر البشر.. كنت في عالم وردي زي ما بيقولوا.. العالم اللي خرجت منه كلي شروخ لحد الروح
رغم ان فقط صوته ما يصل لها الا انه بدي كآخر يحزن و يشعر و ليس شريف القاسي الذي أماتها بدل المرة ملايين
شريف : عارفة لما مروان قالك حقيقة قتل باباكي.. كان نفس احساسي لما وعيت فجأة علي ان كل الناس غدارة مفيش حد يستاهل انه يتصدق ولا يتحب.. فجأة ادركت ان كل الناس يهمها مصلحتها و بس.. ممكن يستغلوا اللي قدامهم بأبشع الطرق و يجبروه انه يساعده و خلاص.. فهمت ان الناس مش بس مش ملايكة لا الناس شياطين.. و وقتها قررت اني مستحيل اقدر اعيش الا لو كنت واحد منهم.. مستحيل اثبت وجودي الا لو الكل خافني.. مستحيل اوصل لمكانتي اللي انا فيها دلوقتي غير بالخداع و التهديد
رغم عودة نبرته لخشونتها باخر جمله لكنها قالت كأنما تحادث صديق ودود
سلسبيل : بس انت بصيت للحياة من جنب واحد.. مظنش اني محتاجة اقول ان الحياة فيها الحلو و الوحش و ربنا مبيظلمش حد
سرت رعشة بجسده حين ذكرها الله مع فعل الظلم، لا ينكر انه تناسي حسابه و ان أجله قادم لا محالة.
شريف : فاكرة ايام ما كنتي في السجن اول مرة.. كنتي شايفة الحياة سودة ازاي.. قعدتي سنة كاملة في عذاب لدرجة انك نسيتي ان الحياة ممكن يكون فيها جنب حلو.. عايزاني افكرك كنتي بتترجيني ازاي عشان اقتلك و ارحمك.. ولا تحبي افكرك ازاي تقبلتي خبر الاعدام بعد الحكم بساعات.. وقتها انا كنت زيك كدة.. الألم لما بيطول غصب عنك بتيأسي و دة كان حالي ساعتها.. اعدت تلات سنين الحياة قافلة في وشي.. باخد صدمة ورا التانية من اعز الناس عليا و مفيش حد يواسيني بكلمة و لو مجاملة.. ساعتها قررت الطريق اللي همشي فيه.. و الصدامات اللي كانت عمالة تنزل عليا حولتني.. بقيت البارد القاسي اللي تعرفيه دلوقتي
كانت تستمع بصمت مشدوهة.. تريد ان تتحقق انه هو فعلا من يحاورها لكن قيدها إضافةً إلى التفاته حالا دون ذلك
شريف : في يوم قررت اخد حقي و بدأت في الطريق و دة اللي خلاني عمري ما عرفت اتراجع بعدين.. انا كنت بهدد و ببتز و ممكن اعذب كمان لكن عمري ما قتلت حد بأيديا الإتنين.. كونت فريقي.. فريق للقتل و فريق للشغل و دة اللي ضم ماهر.. كنت عارف ان اخلاق ماهر مش هتساندني للنهاية بس كنت فاكره صاحبي بجد و هيقف معايا دايمًا مهما دة كلفه.. بس اكتشفت ان مفيش بني ادم بالشكل دة.. اول ما عرف ان الفلوس اللي بيكسبها دي اصلها جاي من تجارة السلاح و المخدرات و الأعضاء احيانًا انسحب و معدتش شفته تاني مدة طويلة.. و كل اللي عرفته عنه انه اتجوز و خلف و عاش حياة مستقرة بعيد عن الخطر اللي انا كنت عايش فيه.. قررت من ساعتها ان مصلحتي فوق كل حاجة.. انا المالك و انا اللي كل حاجة هتمشي زي ما انا عايزها و مخطط ليها.. انا فوق كل حاجة و اي حاجة و اي حد.. محدش له الحق انه يمنعني ولا يعاتبني ولا ينصحني.. انا بعمل اللي عايزه و الناس تنفذ.. و رغم اني خريج طب بشري اتعمقت في دراسة سلوكيات البشر عشان اعرف ازاي اخليهم يمشوا علي خطتي من غير ما يحسوا.. اتعلمت اخلي القدر في صفي و العب دور الاله
سلسبيل : مش معني ان في نظرك كل البشر شياطين تبقي انت ابليس
قالتها مقاطعة لكنه لم يبالي مردفًا
شريف : عارفة ايه اللي خلاني استمر و مفكرش اتراجع ابدًا.. لقيت نفسي و اللي كنت عايزه في الطريق دة.. كنت عارف ان مهما حصل و مهما كنت مثالي الناس مش هتقف في صفي الا لو لمصلحة شخصية، و انا لعبت علي النقطة دي عشان اخلي اي حد عايزه معايا.. و بالطريقة دي رتبت اني اشوف ماهر تاني عشان انتقم منه و من العفريت الصغير اللي كان معاه
مع ملاحظتها لنبرته تزداد وحشية و تستعيد طبيعتها مع كل كلمة صرخت
سلسبيل : و ايه اللي دخل سمير في انتقامك
شريف : صبرًا.. هتعرفي كل حاجة بس اصبري.. عرضت عليه الشغل معايا تاني بس في النضيف.. او يعني انا فهمته كدة.. و حاولت استنزف فلوسه بس شوية العبال الاغبياء اللي بتعامل معاهم عملوا غلطة متخلفة و حولوا له اغلب الأرباح و عشان كدة عملت خناقة كبيرة انهت علاقتنا للأبد
توجه للكرسي الذي امامها و جلس واضعًا ساق فوق اخري
شريف : علي فكرة انا مكرهتش ماهر اد ما كرهت فكرة ان الناس همها مصالحها و بس ..الطيب ضعيف و اللي بيساعد ملوش مكان.. انا مكرهتش ماهر.. انا كرهت انه مجرد واحد منهم
اخذ نفسًا عميقًا ثم استطرد
شريف : قررت اني هنتقم منه في ابنه.. العفريت الصغير اللي مصيره يكبر ويلاقي نفسه في ايدي.. بس صراحة هو فاجئني انه هو اللي كان بيرمي نفسه في المستنقع دة مش انا اللي بحركه.. في كل الاحوال كنت هقتل ابن علوان بس هو ورط نفسه في اللي اكبر منه و حشر مناخيره في اللي ملوش فيه زيه زيك.. و لما زاد خطره قولت لمروان يتجسس عليه بس الغبي حذره.. و اللي عملته فيكي طول عمرك ميجيش حاجة جنب اللي عملته فيه يومها.. يوم ما اكتشفت ان حتي الكلاب ممكن تتحول لذئاب تاكل لحم صاحبها و هو حي
سلسبيل : متتكلمش عن مروان بالشكل دة
قاطعته بحدة، ابتسم بسماجة ممسكًا ذقنها
شريف : اوه نسيت ان القطة بتحبه
ثم عاد يكمل
شريف : علي العموم اظن ان مروان بنفسه قالك كل حاجة فمش محتاجة أعيد في نفس الكلام.. بس احب انك تعرفي ان مروان من يوم ما جه و بقي تحت سلطتي و كان زي الكلب بينفذ اللي بقوله عليه بالحرف.. و كنت فاكره احسن واحد اشتغل عندي لغاية حكاية سمير دي.. و من يومها و مروان معدش مروان اللي اعرفه.. عايزك تعرفي ان زي ما مروان دلوقتي الطيب اللطيف زمان مروان دة كان نسخة مني.. و شخصية مروان العصبي المتهور هتفضل مدفونة فيه لغاية اخر يوم في عمره
و لم تقوي إلا ان تحرقه بنظراتها، كزت علي اسنانها تحاول كبت غضبها مع استئنافه
شريف : مش عارف قالولك وقتها ولا انتي عرفتي بعدين بس صمير مات برصاصة في الجمجمة و مروان مقدرش يمنع دة.. و رغم ان مروة اتوسطت له عندي بس دة مشفعلوش لا ساعتها ولا دلوقتي.. انتي و ماهر كنتوا اكتر اتنين بتعانوا لما سمير مات.. بس لأ.. مروان كان بيعاني اكتر.. بس مش عشانه مات.. لا عشان مش هو اللي قتله.. اما موت سمير بالنسبة لي فكان فايدة من تلات جوانب.. خلصت منه.. و عذبت ماهر بموت ابنه.. و كشفت حقيقة مروان.. و لو ماهر كان استسلم للواقع و مدورش على حقيقة قتل ابنه كان عاش لغاية ما يحضر موتك انتي كمان.. مندمتش اني قتلته غير عشانه مشفش عذابك و موتك.. ماهر كان عارف الكواليس بس كان بيعمل نفسه مش واخد باله بس بعد موت سمير ماهر جمع الأدلة و كان فعلا هيروح يسلمها و عشان كدة قتلته.. لو كان فضل حي يوم كمان كنت انا مكنتش هفضل.. و انا متعودتش علي كدة.. قتلناه ببساطة في حادث عادي و لغيت كل الاشاعات اللي قالت ان الحادث مدبر.. كل حاجة كانت تمام الا اخر نفر في عيلة علوان.. انتي.. و مش عارف ليه من يوم ما شفتك و قولت انك لازم تعاني.. يمكن بهجتك و برائتك استفزوني.. كونك بنته كرهني فيكي.. بس مكذبش عليكي تعذيبك كان له لذة عمري ما حستها غير معاكي.. يمكن عشان كنتي دايمًا بتثبتي انك غير.. عندك استعداد تواجهي حتي لو اتكسرت رجليكي بس عمرك ما هتحني راسك.. كنتي زي سمير بس علي أحلي.. بس عارفة انا ليه عملت فيكي كل دة
قام لمكتبه و تمتم بأمر خمنت أنه أمر إنسحاب لما لاحظت من تقهقر لصفوفه علي الشاشة، لكنها لم تدري ما مناسبة الأمر الآن، أيجهز لقتلها بهذا أم يحمي نفسه إن حاولت قتله
سلسبيل : و انا ذنبي ايه عشان تعمل فيا كل دة
قالتها بنفاذ صبر حين طال صمته، ابتسم برضا و اجاب
شريف : ذنبك انك زيه.. حياتك مفرقتش معاكي و اهتميتي انك تفضحينا و بس.. دة كان ذنبك الاول.. و في حالة كان الوحيد كنتي اترحمتي كتير.. بس للأسف هو غلط و انتي كملتي في غلطه و ساعدتوا بعض و كان لازم تدفعوا انتو الاتنين التمن
هتفت بحدة
سلسبيل : قصدك ايه
شريف : جوازك من مروان كان غلطة هتدفعي تمنها حياتك.. انا بعت مروان عشان يقتلك مش يحبك.. و مروان للمرة التانية مشي علي هواه و خالف أوامري.. و قتلك النهاردة هيكون بس عشان يفضل يتعذب ببعدك طول حياته.. انتقامي من مروان فيكي.. و ابقي ضربت عصفورين بحجر.. و هنشوف مين فينا اللي،هينتقم من التاني
ختمها بالتوجه للباب و دخل مع احد الحراس بعدما لاحظت تضاعف اعدادهم، دغدغ نصل مديته رقبتها، ليس بالنصل الحاد ولا الثلم، بل بينهما و يميل للحدة أكثر. بدأ الحارث بفك قيودها بينما استمر شريف بالحديث
شريف : فاكرة السائل الأسود
أومأت إمائة صغيرة بسبب المدية بينما أكمل هو
شريف : كنت عايز مروان يفضل مربوط بيا لو عشتي و كنت عارف انه مستحيل يستسلم لحكم الإعدام.. طبيعة مروان انه بيستني لغاية اخر لحظة و اشد لحظة بعد كدة بيعمل المستحيل و لو انه كان ممكن يعمل الممكن من قبلها.. و دة اللي حصل فعلا.. و مروان مستلمكيش انسانة مروان استلمك جثة حاول هو انه يبث فيها الحياة.. عذابك عذب مروان و دة اللي كنت عايزه.. متتخيليش فرحتي يوم ما جالي و طلب السائل.. حسيت ان كل مجهودي و الفلوس اللي دفعتها جت بفايدة.. و متتخيليش مدي خيبة أملي لما الموضوع دة متكررش تاني.. و مدي سخطي علي الزفت اللي عمل البتاع دة لما عرفت انه سلم مروان العلاج.. و الاسوء انه كان حاسس بالذنب.. لقيت ان الوضع كدة مش نافع.. بدأت احط جواسيسي وسط المنظمة.. قدرت اعرف كل حاجة بتحصل في المنظمة.. و عارفة مين السبب.. انتو.. كان ممكن ناس كتير تنجو لولا المنظمة دي.. كان ممكن مآسي كتير تتجنب لو مكنتش المنظمة اتعملت بس انتوا كنتوا سبب في كل اللي حصل و هيحصل دة.. نصبت فج النهاردة.. جهزت الورق و كنت عارف انك اكيد هتيجي عشان اخيرًا بقيتي فاكرة نفسك تقدري تقتليني.. بس بأيام خلوة و قاتل في الفخ و مش هتخرجي منه غير جثة
كان الحارس قد انتهي من فك قيودها عدا الأصفاد حول معصميها و قدميها، ساعدها علي الوقوف التقدم بضع خطوات، لعنت نفسها أنها صبت كل تركيزها علي حديثه و لم تنتهز فرصة الهرب، كان بإمكانها لو تنبهت أن تقتله لكنه يعرف علي أي وتر يلعب و ركز ذهنها علي كلامه و صدماته، خالت المنظمة خالية من الجواسيس لكن خاب ظنها و هذا ما تؤكده الأحداث قبل كلماته. شد النصل علي رقبتها لتشعر بالدم يشق طريقه علي صدرها، و لمحته وحيدًا وسط أشداء يقاتل، لوهلة سرحت بالمشهد كأنها تقينت أنها ميت لا محالة
سلسبيل : لو دي كانت اخر كلماتي فانا احب اقولك ان سمير كان نفسه يسمع الكلام اللي قلته النهاردة منك و يمكن هو كان عذرك.. بس انت خليتني زيك معنديش قلب لو الموضوع اتعلق بيك.. مجرد بكرهك مش هتعبر عن الحقد الجوايا.. بس احب اقولك ان مهما حصل مش هتكسب.. مش هتكسب
التقط نظراتهما لتنظر إليه ببسمة مودعة، إن كانت هنا تنتهي حياتها فهي فخورة انها ستنتهي علي فضيحته، هكذا نفذت وصيته و انتقامها. مرر السكين ببطء لكن بقوة علي رقبتها، ألم يجد وسيلة لقتلها أرأف من الذبح، حاولت الصمود لكن آهه متمردة أفلتت منها، لامست سمعه، و صورتها تذبح علي يد هذا الشيطان حررت قوة غضب لم يظن يومًا أنه امتلكها، أخرج مديته التي لم ينو استعمالها ابدًا لكن اليوم إستثناء، إخترق الصفوف يجرح كل من يقف أمام غضبه، صرختها المدوية أعمته فجعل يطيح بكل ما أمامه بغية إنقاذها إن استطاع. وقف لثانية يلهث خلف الباب و هو يري شريف يتراجع بضع خطوات و يترك جثتها تنسدل من بين يديه علي،الأرض مدرجة بدمائها، القي بظرة فاحصة سريعة علي الغرفة عساه يجد ما يتسلح به بعدمل فقد مسدسه بالبداية، ركض نحو مسدسها فوق المكتب، لكن تحركه وازي ركض شريف خارجًا بعدما افسح له هو المجال، و رغم عشوائية طلقاته الدالة علي شدة غضبه فقد استطاع إصابة كاحله و كتفه و أخطأ الست طلقات الاخريات، اختفي وسط حراسه ليطلق سبة نادمة ثم يتوجه إليها بقلب نازف، جثي علي ركبتيه جوارها بيأس، جائه صوتها الواهن
سلسبيل : كميرات الأوضة و الـ "recorder" بتاعي سجلوا كل حاجة.. افضحه
رمشت بعينيها ببطء لتزداد نبضاته قسوة
سلسبيل : خلي بالك من لارين و متزعلهاش.. و مش هاوصيك علي بنتك انا عارفة انك هتحطها في عنيك.. و حتي لو مت عشان ينتقم منك فانا سعيدة اني مت عشانك.. متخليهوش يكسب و كمل حياتك.. بحبك
تمتم بالشهادة فرددتها معه ثم اقترب يبادلها قبلة طويلة أخيرة، ابتعد ليجد عينيها مغلقة، اعتصر حاجبيه بحزن و عض علي شفته بحسرة ثم صرخ بأعلي صوته يخرج القليل من معاناته.
_________________________
أنت تقرأ
انتقامي
Actionبالنسبة للبعض الانتقام ليس سوا هدف صعب المنال فلمَ يتعبون أنفسهم في محاولات فاشلة منهم في الانتقام و البعض فالانقتام هو هدفهم الوحيد.. لا يهتمون أن ماتوا و هم يحاولون الانتقام.. المهم انهم بذلوا كل شئ حتى نفسهم لأجل انتقامهم أما البعض الآخر يعيش لي...