فـ١: شهرٌ و ثمانيةٌ و عشرون يوماً

62.5K 2.4K 2K
                                    

"أنتَ تحتاج ثانيةً لتقع في الحب و سنواتٍ لتدركَ ذلك"

أسند إحدى يديه إلى الحائط و انحنى يلتقط أنفاسه. سرعان ما انتصب واقفاً من جديد و مد يده ناحيةَ مقبض الباب ليفتحه، ملئ جوفه بالهواء حتى إعتلى صدره ثم فتح الباب و همّ بدخول الصف.

توجهتْ الأنظار إليه و تسلطتْ الأضواء عليه، حيث أن أحداً لم يدخل هذا الصف بالذات بهذه الفجائيةِ من قبل.

أول ما رأته عيناه كان، هي، الفتاةُ ذاتُ الشعر الأسود القصير المنسدل فوق كتفيها دون أن يلمسهما، عينان صغيرتان واسعةَ الحدقة تنظران إليه مباشرةً و ملامح يغشاها ذهولٌ تحاول جاهدةً طمسه. ازدردتْ ريقها مرةً أو مرتين حين أبعد عينيه عنها ناحيةَ المعلم الذي سأل: "الرقم أحد عشر؟".

عقد جيمين حاجبيه و تمتم باستعجاب: "عذراً؟".

نزع المعلم عنه نظارته الطبية و أخرج منديلاً من جيبه و راح ينظف النظارة قائلاً: "أعني بارك جيمين؟ المنتقل الجديد؟".

أرجع جيمين رأسه إلى الوراء بزاويةٍ طفيفة ثم أومأ مراتٍ عدة و من جديد نقل بصره نحو تلك الفتاةِ التي كانتْ تقابل سبورةً لم يعد أي شبرٍ منها ظاهراً إزاء المعادلةِ الطويلةِ التي كانتْ تحلها، إلا أن الفتاة كانتْ قد ولته ظهرها مسبقاً.

لبس المعلم العجوز نظارته و سأل بشيءٍ من الحنق الزائف: " ولماذا تأخرتْ؟ مضى من الحصةِ ما يقرب الخمسةَ دقائق!".

تجهم جيمين و أجابه: "آه، بهذا الشأن، آسفٌ جداً، كان علي إنهاء توقيع بعض الأوراق مع إدارةِ المدرسة، لهذا تأخرتْ، أكرر أسفي".

هزّ المعلم رأسه متفهماً ثم التفتْ ناحيةَ السبورةِ يتفقد حل الفتاةِ قائلاً لجيمين: " إذهب و أحضر طاولةً و كرسياً لكَ إذاً".

أدبر جيمين و خرج من الصف متجهماً و كل ما سمعه قبل أن يغلق الباب كان: "إذا تأخرتَ فأنصحكَ بألا تدخل الصف، رقم أحد عشر".

تمنى لو أنه صفق الباب، لكنه حتماً لم يفعل. كانتْ رقبته تدور في كل صوب بحثاً عمن يساعده، كان يركض كذلك، إذ لم يرد التأخر كي لا ينتهي به الأمر يتجول في ممرات المدرسةِ لآخر اليوم. توقف لوهلةٍ و أسّر لنفسه بأنه يعرف تلك الفتاةَ الواقفةَ قبالةَ السبورةِ و كأنه قد صادف و رأها من قبل، تحدث معها أيضاً ربما.

قُطّع شروده حين اصطدم شيءٌ ما برأسه بغتةً، نظر حوله مرياً. كانتْ كرةً، ركلها أحد الأولاد من الملعب دون قصد.

أحد عشر | the wattys 2016حيث تعيش القصص. اكتشف الآن