فـ٢:أن تشعر بالضياع

26.9K 1.6K 950
                                    


مسح جيمين بيده المبتلةِ زجاج مرآةِ الحمام التي غطاها بخار الماء. أسند يديه إلى طرفي المغسلةِ و قرب وجهه من المرآة، نظر إلى انعكاس صورته بتمعن ثم تذكر أمراً ما، تذكر كم كانتْ جيمين قريبةً منه حين نهرته اليوم في المدرسة. أطلق تنهيدةً طويلةً ثم تساءل: "أتراها ارتبكتْ أيضاً كما حدث معي؟".

هز رأسه بقوةٍ ليخرج هذه الأفكار من رأسه قسراً، ثم ارتدى ملابسه و خرج. إذذاك، كانتْ والدته تترقبه على مائدةِ العشاء.

جلس بهدوء على كرسيه مقابلاً والدته و تناول الملعقةَ ثم شرع بتناول طعامه. خيم الصمتُ بينهما حتى سألته والدته: "أعجبتكَ المدرسة؟ قطعاً لن تكون كمدرستكَ في إسبانيا، لكن عليكَ التأقلم".

همهم بشيءٍ ما ثم ارتسمتْ على وجهه نصف ابتسامةٍ و قال: " آممم.. لا بأس بها.. وجدتُ شيئاً مثيراً للاهتمام لم يكن موجوداً في إسبانيا على الأقل".

عبستْ والدته و قالتْ مؤنبةً: "فتاة؟ لستَ هنا في إسبانيا..".

بتر حديثها بسرعةٍ و الضجر يغشى ملامحه: "أعرف، أعرف. أنتِ تعلمين بشأن الصف الذي وضعتني فيه صحيح؟".

زفرتْ براحةٍ و عادتْ لتناول طعامها بعد أن أردفتْ: "بالطبع أعرف و أريدكَ أن تركز على دراستكَ، إنها فرصتكَ الأخيرة لدخول جامعةٍ مرموقة".

أومأ برأسه أن نعم دون أن يرفع عينيه عن أطباقه. استرسلتْ و الدته قائلةً: "كيف حال رأسكَ؟ ألازلتَ تشعر بالصداع من وقتٍ لآخر؟".

رفع رأسه و قال مبتسماً:" أحياناً. لكن الأمر يقل تدريجياً، لا تقلقي أمي".

*****

كان صدره يرتفع و ينخفض مراتٍ عديدةً متلاحقة، رغم أنه كان نائماً، هبّ جالساً بعد ثوانٍ معدودة و نظر حوله بتمعن لكن أحداً لم يكن في الغرفةِ غيره. لم يكن قادراً على تحريك يديه لذلكَ أسندهمت إلى الخلف و أرجع رأسه للخلف لكي يعود معه شعره البني الذي امتزج بحبيبات عرقه. حدّق في السقف لفترةٍ بينما كان يستذكر ذاك الحلم الذي يعده كابوساً و الذي لن ينساه أبداً بحكمِ ذاكرته القوية.

لقد كانا في ذاك الممر المعهود، لكن جيمين لم تكن غاضبةً أبداً بل كانتْ تبتسم، و لكم كان من المفاجئ رؤيتها تبتسم، حتى في الحلم. وقفتْ على أمشاط قدميها و أمسكتْ ياقةَ قميصه ثم سحبته لأسفل تماماً كما فعلتْ في الواقع، إلا أنها في حلمه، بدلاً من الصراخ في وجهه قبّلته.

شهق بقوةٍ فقط لتذكر الأمر، ثم دفن رأسه في الوسادةِ لبضع دقائق حتى عاد وجهه للونه الطبيعي و عادتْ درجة حرارته طبيعيةً كذلك.استلقى من جديد و ابتسامةٌ واهنةٌ ضعيفة تعتلي شفتيه.

أحد عشر | the wattys 2016حيث تعيش القصص. اكتشف الآن