رسائل لم تقرء

شتائي

صديقتي العزيزة تيريزا ،
كالعادة لت اعرف كيف ابدا و من اين ابدا . لكن ما يمكنني ان اخبرك به يا جميلة العينين ، بانه قد جاء خريفي مبكرا هذا العام و قضى و قتل كل ما في داخلي . ثم تلاه الشتاء ليأتي بعاصفته الهيجاء و يبعثر كل ما خلفه الخريف ورائه . فهل أروي لك عن مدى الخراب الذي احدثه توأمي الرحي ، الشتاء .

انا مشتت يا قديستي ، يسألونني ما بك صامت . يسألونني ما بك حزين و لا جواب يا صديقتي ، لا جواب . عندما يأتي الوقت للإفصاح تصبح ابجديتي عاقرة ، غير قادرة على انجاب حرف اتفوه به . بل يكتفي لساني بانجاب كلمة واحدة بعد عملية قيصيرية صعبة . تولد مغ غصة في القلب اسميتها "بخير" .

انا كاذب يا صديقتي ، اقول للناس انني بخير ، و اظهر البسمة و ضحكتي العالية التي تعرفينها جيدا . و لكن كل الذي ذكرته تمثيل و كذب . لا تتعجبي من حقيقة انني ممثل جيد ، فليست الحقيقة الصادمة الوحيدة بل انني مخرج و كاتب سيئ ايضا . فنحن يا قديستي الذين نكتب اقدارنا ، نحن الذين نصنع مستقبلنا و حاضرنا . و انني صانع فاشل .

في لحظات الحزن يا صديقتي ، كما عرفتيني صامت لا اذرف دمعة . كما عاهدتيني ، بساما في اقسى المواقف و اشدها حزنا . و لكن للصمت الف كلمة لم تخرج . فصمتي عاصف يا صديقتي ، عاصف بالكلمات التي لم تقل ، اشبه بهيجاء تعصف بمشاعري و تلقي بها في المهاوي .

لقد اصبح اليأس على شفير النيل مني ، لقد اصبحت على شفير الهاوية يا صديقتي . لا ، انني في الهاوية و لا زلت اسقط لكن لم ارتطم بالارض بعد . سئمت الانتظار و سئم مني . تعبت من هذا العالم ، انني اشكي اليك ما فعله هذا المنحط . كتبت امنياتي على الشجر فتخلت عنها اوراقها . رسمت احلامي على السماء فجاء. الغيم ليغطيها و ليمطر دمعا من شدة برائتها . جاء الشتاء بدموعه و تعاسته . جاء توأم روحي ببرده و قساوته ليهلكني و ليجعل من قلبي ساحة تتقاتل فيه عواطفي .

انني مليئ بالكلام الذي لم يقل ، ممتلئ بالمشاعر المكبوتة في داخلي . انني مرتعب ايضا يا صديقتي ، خائف من ان تتفجر المشاعر و ينكشف الغطاء و تزاح الستارة و اصبح عاريا امام الجميع لا اخفي شيئا و لا يخفى شيئ في .

لا اعرف ماذا اقول با قديستي ، ماذا افصح لتلك الفتاة الشرقية ، لتلك الفتاة الوردية ، لتلك المراة السماوية . يا قديستي لو اردت ان اصف عينيك لكذبتني اجيال الشعراء و الكتاب التي ستاتي من بعدي . لن يصدق احد اني اقول الحقيقة . ان وصفت فقط عينيك سيقولون انني اتوهم. و ليردوا علي بان مثل هاتين العينين السماويتين لم يوجد مثلهما على الارض و لم يخلق مثلهما قط . لكن عذرا منكم يا عظماء الفكر و الادب . عذرا من شعركم و نثركم فإنكم لم تروا عينيها و لم تعرفوها كما عرفتها انا .@ ماذا اخبرك يا صديقتي ، هل اخبرك ان نار الحب في قلبي قد انطفأ و لم يعد بإمكان أحد ايقاده . هل اخبرك بإني حزين ، مكسور الفؤاد .

ياتونني يا صديقتي لانصحهم ، تبا يا صديقتي !! كيف يمكنني ان انصحهم او اجبر القلب المجروح و انا عاجز عن مداواة نفسي . كيف اتجرأ باعطائهم النصيحة و انا اكثر ما يحتاجها . كيف !؟ اخبريني بحق قديستي اخبريني .
لا ، لا تخبريني بشيئ و لا تقول لي احبك ، و لا تهديني المحبة بل دعيني اتخبط في المهاوي و دع قلبي و شأنه فلقد مات قبل ان يحيا .

اقول للجراح يا صديقتي ، اقول لها اوجعيني !! اوجعيني يا جراحي ، اوجعيني . اوجعيني فانني رغم مصابي صامد ما زلت لم يعرق جبيني . اوجعيني انني ازداد بأسا كلما امعنت في تحديني .
يتبع...

كلّ شيء يتجمد في الشتاء , إلاّ :العطر , وَالحنين , والذكريات .. وبعض الأمنيات !

يا حياة لا تكونى بخيلة كالفرح,
كونى سخيه كالحزن, كالأنتظار, كالشتاء,
وتعالى ولو مرة ملئ الحقيقة,
فقد سئمت أشباه الأشياء فيكي !

فلا زلت أؤمن أن القدر
يصر على جمع أجزائنا
ويرفض كل اتهاماتنا
برغم خريف علاقاتنا
برغم النزيف بأعماقنا
وإصرارنا
على وضع حد لمأساتنا
بأي ثمن
برغم جميع ادعاءاتنا
بأنيَ لن
وأنكِ لن
فإني أشك بإمكاننا
فنحن برغم خلافاتنا
ضعيفان في وجه أقدارنا
شبيهان في كل أطوارنا
دفاترنا .. لون أوراقنا
وشكل يدينا .. وأفكارنا
فحتى نقوش ستاراتنا
وحتى اختيار اسطواناتنا
دليل عميق
على أننا
رفيقا مصير .. رفيقا طريق
برغم جميع حماقاتن

ا تعالت آهات الزمان
و الصمت ساد المكان
القلب مهموم حزين
خاب الظن بالحنين
صرخات الم تجرح القلب
و لون اسود زين الدرب
تحول ضوء النهار لسواد
و بات جمال الليل كالرماد
حب بلا مقام
ساده الغدر و الكذب و الانتقام
حب الجسد بات الاول
و حب الأخلاق تجسد في الأسفل
حب بلا مصلحة !!
لا يوجد
فهو كذبة مصنعة
حب بلا نفاق !!؟
أسميته خيال في الآفاق