يوم آخر حزين و كئيب يحل علينا يا قديستي الحبيبة. هذه المرة لن أتكلم عن أحزاني ومشاكلي, بل سأطرح أمامك بعض الأوراق التي تغضبني و تثير إشمئزازي.
ماذا تعني لك كلمة الخوف يا تيريزا, ما الذي تمثله هذه الكلمة لك؟ إنه عبء على الإنسان و عرقلة له. هو حائط عال مسيّج و مدجج بالأفخاخ. إنه وهم يبنيه أمامه و يمنعه من الوصول إلى مراده. الحقيقة يا تيريزا أن المجتمع بأكمله اليوم يعيش في خوف. نحن نعيش في خوف من الأخر لإختلاف أفكاره و معتقداته أو حتى فقط لكونه مختلفا. نحن نخاف من المجهول و نضيع معظم الحاضر في التفكير بالمستقبل بدلا من أن نعيش اللحظة. أيضا إننا نرتكب جريمة بحق أنفسنا عندما نمتنع عن القيام بما نحب بسبب الضوابط الاجتماعية و نظرة المجتمع لنا.
فاليسمونني بالذي يريدونه, أنا ذلك الإنسان الذي يضع القوانين لنفسه و يمارس ما يرغب من الأعمال التي قد تكون ممنوعة. يا سيدتي العزيزة سنعيش مرة واحدة لذلك فالنعشها كما أردنا و ليس كما أراد لنا زماننا و مجتمعنا. فالنتطهر من شوائب و عيوب المجتمعات و لنكن أحرار.
إنني حرّ وحرّ لكن نجمتي هي أسيرة هذا الخوف. علاقتنا مليئة بالمشاكل بسبب خوفها من المجتمع. خوفها من أهلها و أقاربها و أصدقائها ما يمنعنا من ممارسة أمور العشق و التلاقي. هي تخاف الناس و من يخاف الناس يعش ذليلا متقوقعا يا تيريزا.
أريد منها أن تثور على الأعراف و المعتقدات السخيفة التي تفرقنا و تمنعنا من الإنصهار فهي شرقية تعتز بيسوعها و أنا إنسان ملحد وُلد بين البشرية لا ينتمي إلى الحياة و لا إلى هذا العالم البائس. أنا المدني و الهمجي, والروحي الجنسي, الوثني الصوفي, الآثم الفاضل والمتناقض لأبد الآبدين. أنا الحر من كل شوائب المجتمعات و المعتقدات البالية. أريد من نجمتي أن تخرج من دهاليز الخوف والقلق. أريدها حرة, أن ترفع صوتها عاليا وأن تخرج من صمتها وسكونها.
أنت تقرأ
رسائل لم تقرء
Poetryرسائل لم تقرء هو كتاب وليدة الكبت الذي فجره الحبر على الورق و من ثم جمع في كتاب ليعطي صورة أولية عن معاناة كاتبه و أحداث حياته .