زهرة اللوتس

2 0 0
                                    

مساء الخير يا تيريزا ، مساء الحنين و الذكريات يا قديستي . لم تمسك يدي بالقلم منذ فترة . لم. يمتزج الحبر بالورق منذ مدة . هناك شيء شدني إلى الكتابة الليلة. ليست وحدتي فقط و لا كآبتي و لا حتى جراحي بل شيء أعمق يا تيريزا ، قد تكون الذكريات أو تراكم كل ما سبق .  أرغب الليلة في الحديث معك يا تيريزا ، لعلي أسترد أملي في الحياة . لعل شعلة فلبي تشتعل من جديد . فقلبي بارد يا صديقتي و يحتاج إلى دفئ قلبك . فأعيديني إلى الحياة يا تيريزا !

هل سمعت يوما يا قديستي بزهرة اللوتس ؟ إنها زهرة مقدسة لدى بعض الشعوب .  تشتهر هذه الزهرة بألوانها و رائحتها العطرة ! إزهرة اللوتس زهرة ملكية يا تيريزا فهي لا تنبت إلا حيث تتوافر المياه العذباء . إنها زهرة تمثل الحياة و تعتبر رمزا للخلق و الإنبعاث لدى المصريين القدامى . فهل تذكرك هذه الزهرة بشخص ما ؟ ما يؤلم يا تيريزا رؤية أهم زهرة ، أهم وردتا في حديقة حياتك تذبل و تموت . و الذي يولم أكثر هو عجزنا عن فعل شيء يخفف من عزابها . هنا ينكشف ضعفنا المخبأ وراء الأقنعة التي نرتديها كل يوم . هنا نعرف مقدارصلابتنا يا تيريزا .

إن مشهد الموت البطيء و المعاناة أراهما مجددا . لم يفارقاني قط ولكن هذه المرة إنضم إلى المشهد شخصية ثانية ، هي معلمتنا ريشارد عبود . مدرسة مادة التربية  في ثانوية رشعين . لقد بدأت المعاناة معها منذ الصيفية الماضية . لقد بدأت مرحلة الموت البطيء. لا يهم إن كان جسدها حي يا تيريزا !! روحها ما زالت تقاتل بعنف ! سيفها الإيمان بالمسيح و الله و عدتها الصلاة . ولكن يا تيريزاإلى متى ستظل صامدة !؟ فالنأمل بأن سقوطها لن يتحقق لأننا سنخسرها . لا أحد يلاحظ قتالها و تعبها أكثر مني يا تيريزا ! لقد نظرت ذاك اليوم إلى عينيها و لمحت الحزن و لكن طيف الصمود يطوف كل مرة تلمح بها أولادها . فلقد قالت لي مرة :" لا يهمني إن مت اليوم  أو حييت ولكن ما يهمني أولادي و كيف سيكبرون من دون وجودي " . غريزة الام يا تيريزا ، هي لا تفكر بنفسها بل بأولادها .

قديستي ! أشعر بالوحدة هذه الفترة . أحس بفراغ عميق يتملكني من الداخل . عندما يمر أمامي مشهد عاشقين أتذكر مدى وحدتي . أنت تيقنين جيدا أنه لدي الكثير منهم في جعبتي و لكن القليل جدا مؤهل ليفهم جنوني . القليل منهم من هو مؤهل ليعبش معي و يفني عمره معي .
الشتاء يا تيريزا جاء متأخرا هذه السنة لكنه قد جاء . يتجمد كل شي في الشتاء يا تيريزا ما عدا الذكريات و الحنين ....
هل سيكون شتاءنا عاصف هذه السنة ؟ هل ستجتاح قلوبنا موجات صقيع و ويلات هذه السنة يا تيريزا !؟ كيف سنحتفل هذا العام يا صديقتي ؟ أبوضع الأكاليل على أضرحة أحبائنا أم بالإحتفال معهم ؟ أسئلة كثيرة تجول في خاطري يا قديستي ، فهل من جواب يطمئنني ؟ 

قديستي العزيزة ، بينما تبحثين عن جواب لأسئلتي دعيني أخبرك بأنني وجدت فتاة تشاركني جنوني و أشاركها جنونها .  لكل منا عالمه الخاص و لكن نتشارك البعد ذاته . كلينا نعشق الكتابة ، الموسيقى الحزينة ، حب المعرفة ، الرغبات ... تقريبا كل شيء يا صديقتي . و لكن ما زلنا في المرحلة الأولى من علاقتنا . لا أعلم يا صديقتي إن كانت علاقتنا ستتطور لتصبح رواية حب نرويها للاجيال القادمة أم مجرد فصل من فصول حياتنا نطويه في كتابنا و نتحشاه . ما يهم الأن هو قرارنا الذي سنتخذه و الطريقة التي سنكتب بها .

رسائل لم تقرءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن