مساء الخير يا صديقتي ،
مساء الخير يا تيريزا ، مساء الخير يا قديستي ، اتساءل في هذه الليلة الباردة كيف حالك فلقد انقطع التواصل بيننا في الآونة الأخيرة بالرغم من أني أفتقدك .فان كنت تقرأين يا جميلة العينين فلقد اشتقت اليك . اخبريني عن نفسك كيف هي الحياة من دوني !؟ اراهنك انها اجمل !! لا يهم يا صديقتي فوجودي او عدمه لا يقدم و لا يؤخر . اعرف جيدا انك ستعترضي على هذا الكلام و لكن انها الحقيقة يا قديستي !!
في الآونة الأخيرة يا تيريزا ادمنت الوحدة ، لا أسأل عن احد و لا أحد يسأل عني . انها نعمة ، اني اعزل نفسي عن البشرية ، لم اعد اجتماعيا كما في السابق . لست مهتما بالتعرف على أناس جدد ، كل ما أريده الرجوع إلى غرفتي و النوم . لا أريد الإختلاط بالناس ، ليس هناك من يفهمني ، فلم يصل أحد لدرجة الجنون التي وصلت اليها .
اشعر بارتياح بعض الشيء بمفردي ، لا اهتم بشيء و لا أنتظر شيئا . لم يعد يغريني هذا العالم القذر ، المتهاوي يوما بعد يوم ، للعيش معه . تبا لهذا العالم يا قديستي ، تبا لهذه النعمة التي اهداها الينا الخالق ، لقد كانت بؤسا علي ، فمنذ لحظة ولادتي بدأت معاناتي .
اتسكع في الطرقات ليلا بدون سبب ، اتأمل الشوارع الخالية ، اتعلمين الليل يظهر في بعض الاحيان المآسي التي لم يظهرها النهار. منذ يومين استوقفني مظهر عجوزة يا قديستي ، نعم امرأة قد بلغ العظم وهنا و اشتعل رأسها شيبا في أخر الليل تجر عربة صغيرة . اتجهت صوبها يا صديقتي و رميت عليها السلام ، سألتها يا حجة ، ما الذي تفعله امرأة بسنك في هذا الوقت المتأخر !؟ جاوبتني قائلة :" يا ولدي لدي ابنة مريضة في احد المسشتفيات و اريد زيارتها " . تبا لك ايها الزمان لم ترحم شيخا و لا طفلا !! لم ترحم عجوزا قد مل من هذه الحياة !!
تبا لك أيها العالم ، فانت كعاهرة ملاه لا يتملكك إلا من بيده المال ، فلا مكان للفقراء فيك !! انت كبائعة هوا ، ختمت على فرجها للأغنياء فقط !!اعذري غضبي يا صديقتي ، اعذري كلماتي القاسية ، اغفري لي حزني ، فالبعض سيقول بذيئة و لكن أريني موقفا اكثر بذائة من الذي نحن فيه الان . البارحة كنت ذاهبا الى عملي ، لارى رجلا كبيرا ، جالس على الارض و امامه قطعة كعك عليها بعض السماء يأكل منها . نظرت اليه ، الى حالته و اذ بغصة في القلب ، مؤلمة ، محرقة . قديستي تبا لزمان اصبح فيه الانسان يستلحف الارض !! لا أريد أن أبكيك و لكن هذا ما أراه كل يوم يا صديقتي !
اليوم كنت أشتري بعض المعجنات عندما دنى فتا صغير ممزق الثياب ، يملأه الشحم و الزيت ليشتري منقوشة ، صوته لم يعد طفلا رغم صغر سنه . نظرت الى عينيه ، تأملته ، طريقة كلامه ، طريقة تصرفه و حركاته ، لا أخفي عليك يا قديستي ، الحزن و الغصة في قلبه . فبدلا من ان يعيش طفولته و يتعلم ، قد ترك العلم للعمل . لقد دخل حياة الراشدين و لم يبلغ الثانية عشرة من عمره بعد !!
اتعلمين يا حبيبتي ، لا ذنب لهم سوى انهم ولدوا في زمن لا صوت يعلو على صوت المال و القوة !!من روحي يا رفيقة روحي ، تخرج الاهات و تعلو و لكن ليس هناك من يسمع فقط انا و نفسي . ممتلئ بالكلام الذي لا يكتب او يقال ، ممتلئ حد الغرق ، ويبدو أن الصمت جديراً بأن اتحلى به . لقد أختنقت كلمآتي في صدري وآبّت أبجديآتي آن تطاوعنّي ، وآصبّح قلمي يتجاهلني ، حتى قلمي و اوراقي تخلت عني . لقد جف الحبر و انتحرت الكلمات امام اوجاع هذا العالم .
صديقتي لما نحن موجودون !؟ لمن خلق هذا العالم ؟ هل خلق للحيوانات !؟ هل خلق للانسان !؟ ان كان قد خلق للانسان فلما تحكمه الوحوش !؟ لما يتحكم به الاشرار و الدجالون و دعاة الحروب !!؟
صديقتي لا يمكنني ان اجزم انه لا يوجد خير في هذا العالم و لكن الاشرار اقوى !! فالاخيار اصبحوا قلة و للاسف !! و لكن لا يهم !! قديستي ان رفعنا الصوت و الكلمة في وجه الحرب ، الكراهية ، الطائفية ، ... علينا فقط ان نعلو و نسمو بفكرنا و نعلم الاجيال المحبة و السلام و التسامح ... علينا ان نعرفهم على ذاتهم !! فنحن يا صديقتي كبشر ، كانسانيين ، مجبولون من المحبة !!! و الحب و العطف هي فطرة فينا !!
صديقتي ، نحن نحب و لكنهم لا يشعرون . نحن ننادي و لكنهم لا يسمعون . نحن نريد و لكنهم لا يعطون . نحن نموت و لكنهم لا يعلمون . نحن باختصار يا صديقتي زحمة بشر و لكننا وحيدين .
أنت تقرأ
رسائل لم تقرء
Poesíaرسائل لم تقرء هو كتاب وليدة الكبت الذي فجره الحبر على الورق و من ثم جمع في كتاب ليعطي صورة أولية عن معاناة كاتبه و أحداث حياته .