وصيتي

108 0 0
                                    

مساء الخير يا قديشة الشرق ، مساء الخير يا حبيبة قلبي ، يا ريحانتي و يا ياسمينتي !! أردت في آخر لقاء بيننا أن أخبرك كم أحبك يا صديقتي العزيزة ، و كم أعشق صداقتنا !! أردت أن أخبرك أنك بوجودك تجعلين هذا العالم أفضل و تملئينه ببسمتك بهجة و فرحا !!

صديقتي أخذت عدة قررات مهمة بالنسبة لي ، و لا أريد من أحد مجادلتي بهم يا تيريزا . أولا فالنبدء بالموت الذي هو النهاية و خاتمتنا جميعا !! لقد خسرنا عدة أحباب غيبهم عنا الموت في الاونة الأخيرة !! لذلك ما جعلني أفكر بما بعد الموت . كلا ليس الحياة الثانية فأنا لا أؤمن بها و لكن بمراسيم جنازتي التي كنت غافلا لها !! و قد كان قراري أن أكتب وصية و ها أنا أكتبها !!
سيدتي عندما تأتي الساعة و يعلن الموت عن قدومه !! عندما أغادر هذا العالم الحقير ، لا تحزنوا فلم أطلب الحياة يوما !! بل أريدكم أن تضحكوا و تتذكرونني بدون أن تبكوا !! أريدكم أن تتبسموا كلما تذكرتم بسام !!
في دفني يا سيدتي ، لا تسمحوا لرجل دين أن يقف و يأم صلاة عن روحي !! لا تسمحوا للمنافقين و تجار الأديان بأن يقفوا و يصلوا جماعة في جنازتي !! لا تسمحوا لجماعة العمائم و اللحى و لكهنة المعابد بأن يستغلوا لحظة ضعفي ، لحظة التي لا أستطيع الدفاع عن نفسي فيها !! لم أثق بأحد يا تيريزا في حياتي و خصوصا كهنة الأديان و لن يتغير شيء بعد موتي.

قديستي ، يوم مماتي ، غسلوا جسدي و طهروه بالماء الساخن ، و كفنوا جثتي بعلم لبنان !! علم وطني الحبيب الذي حييت و مت من أجله !!! و عندما تنتهون من تحضير الجسد للجنازة ، إنقلوا جسدي إلى مكان حيث يمكن للحشود التجمع فيه ، و أضيئوا الشموع ، حول تابوتي الملفوف أيضا بعلم وطن الأرز الشامخ !! أيضا صعوا البخور لأنني أحب رائحته !! و من ثم إعزفوا موسيقى البيانو و الكمان الحزينة التي أحبها !! و خذوا وقتكم في توديعي و لكن لا تطيلوا كثيرا . فأنا لم أحب يوما أن أحضر جنازة !! لذلك إبتعدوا عن خطابات الرثاء و التوديعية فإنني كنت أكرهها !!
أيضا أريد إخبارك أنه من أراد الصلاة عن راحة نفسي ، لن أمنعه و لكن وحده ، بينه و بين نفسه .

صديقتي ، سأترك لكم خيار دفني أو حرق جسدي و لكن هناك شرطين للإثنتين !! حتى تدفنونني عليكم بإيجاد أرزة في أعالي الجبال لتدفنونني في ظلها !! فهنيئا لمن مات على أرضه يا تيريزا !! لذلك إدفنوا جسدي في ضل سنديانة عتيقة أو شجرة أرز معمرة و إكتبوا فوق قبري : " إصنع جنتك و لا تنتظر وعود المنافقين " !!
الخيار الثاني و هو الحرق يا تيريزا !! و أراه خيار لا بأس به !! و لكن إن أردتم إعتماده عليكم بمعرفة أن رمادي سوف يجمع في جرة و ينثر فوق جبال الصوان !! عليكم أن تصعدوا إلى جبل صنين و في أعلى قمته إنثروا رمادي ليختلط مع الهواء فأنتقل فوق التلال و بين وديان أرضي و موطني لبنان !!

بعد الإنتهاء من مراسيم الجنازة و التخلص من جسدي يا تيريزا ، أحضروا أغراضي ، كتبي و مجلاتي و أدواتي و كل ما يتعلق بي و إحتفظوا به !! فمن شاء فاليأخذ شيئا من أغراضي كذكرى يتذكرني بها !! و لأشيائي الخاصة جدا كالهدايا التي تعنيني فالتدفونها معي إن لزم الأمر أو أرجوعوها الى أصحابها . و كل ما أملكه إن لم أمت صغيرا في العمر فالتذهب لأخوتي الثلاثة أو لزوجتي و أولادي .

و أخيرا يا قديستي ، إخوتي يعلمون أنني عندما أموت ستدفع لهم شركة التأمين مبلغا جيدا يكفي لجنازة لائقة و أكثر . و أوصيهم بالتبرع أو القيام بشيء خيري من دون أن يذكروا إسمي ، فكما تعلمنا أن نفعل الخير دون معرفة من أحد !! علينا الإلتزام بهذه القاعدة بعد مماتنا حتى !! بعد كل هذا يا صديقتي أنا جاهز للموت الأن و لا يهمني شيء .
أخيرا كل ما أريده منكم ، تذكروا بساما و ضحكته العالية !! تذكرونني بالخير دائما و إبتسموا و إجعلوا من ذكراي سبب للإحتفال و البهجة !! و لمن أخطأت بحقه يوما فاليسامحني و ليغفر لي كما كنت أسامح و أغفر لمن أخطأ لي !! و أحبوا بعضكم بعضا ، فنحن نحيا مرة واحدة و نموت مرة واحدة فلا يوجد داع للكراهية و الخلافات !! فالنمضي هذه الحياة معا بمحبة و نمضي سائرين إلى قبورنا بمحبة !!

رسائل لم تقرءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن