1 آب

3 0 0
                                    

إقترب الأول من آب يا قديستي العزيزة, إقترب يوم المجد, عيد الجيش اللبناني المجيد. في هذا اليوم سترفع الرايات و البيارق و تعزف الموسيقى العسكرية المليئة بالعنفوان و سنحتفل قريبا بتسليم السيوف لحمات الوطن الجدد الذين سيحملون الرسالة و يلتزمون بعهد الأبطال. ستخرج إلى الحياة دفعة من الفرسان النبلاء, الملوك الذين سيكونون مثلا أعلى للجيل الصاعد.

إقترب يوم الفرح و الإحتفالات, سترفع البيارق قريبا وأحزاني لم رفع عني بعد. سنعزف الموسيقى ولم أعزف لحن حبي و سيموفونية اللذة على مذبح الشهوات بعد. ستخرج دفعة إلى الحياة و أنا لازلت متقوقعا في الموت الأبدي. ستخرج إلى مستوى جديد من النور و أنا لازلت غارقا في الظلمات. سنتنفس هواء الحرية بينما أنا لازلت أختنق بنار الكآبة. سنحلق عاليا بينما أنا لازلت مكبلا بسلاسل الحزن و الغضب. سنسموا بأخلاقنا و أفكارنا أما أنا فمازلت أتحطم و أذوب في شهواتي و أفكاري المشينة و نزواتي المنحرفة.

سنخرج إلى المجتمع و نقابل الناس و أنا قد فقدت القدرة على إرتداء الأقنعة و إدّعاء كوني إجتماعيا. سنأخذ عطلة قريبا كي نرتاح و ننام في أسرتنا إلا أنا سأنام في حفرة طولها متر و تسعون سنتم و عمقها ثلاث أمتار ما يكفي لطمر جسدي الهزيل. سنرفع السيوف و نخرحها من غمدها أما أنا فسأشق شراييني. سنقوم بإستعمال المفرقعات الملونة في الأجواء بينما أن أنوي إرداء بعض الناس قبل أن أنهي حياتي برصاصتي الأخيرة, رصاصة الخلاص التي أطلقتها مرة في وسط الجبين حيث يقع كل الألم و الأفكار المزدحمة. على القصة أن تنتهي كما أراد لها كاتبها وأنا الكاتب يا تيريزا.

أنا الكاتب و الشخصية الرئيسية و محور كل شيء, أساس أبجدية و كلمات هذه القصة الكئيبة. كل شيء بدء معي و كل شيء سينتهي معي. لقد ولدت وحيدا وسأموت وحيدا وأدفن وحيدا. هذا ما عودت نفسي عليه ففي أصعب أوقاتي كنت وحيدا وواجهت كل الصعاب والمشاكل و الأزمات وحدي. سأنهي كل شيء وحدي دون أصدقاء ودون حبيبة ودون أي شيء. سترفع الكؤوس إحتفالا وأنا سأشرب كأسي وأكسره و سأغسل نفسي بالفودكا. سأستمع لموسيقى بيتهوفن الحزينة و أسمح لقلمي بأن يرمي بحبره على ورقي الأبيض علّه يكوّن صورة لما أنا فيه الأن, علّه يستطيع أن يحل عقدة لساني و عقدة يديّ العاجزتين عن التعبير. فقلمي أصبح عاقرا ولساني فقد كل أحرف الأبجدية وعقلي خسر كل طاقاته وأفكاره وأحلامه ولم يتبقى لي ذرة أمل في جعبتي. لا شيء معي سوى خيباتي وفشلي. فشلي في أن أكون إنسانا ماديا, عجزي في أن أحصل على حياة طبيعية وضعفي بكوني غير إجتماعي, لا أستطيع التبسم و لا يمكنني مخاطبة أحد.

رسائل لم تقرءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن