رسائل لم تقرء

صرخة ألم

مساء دموي يملؤه سوى صوت أنين الناي المثقوب يا سيدتي و قديستي العزيزة تيريزا . فاليوم يا قرة عيني قد إنطفأت شمسي . فاليوم يا تيريزا لم تشرق الشمس . حل الظلام و نجمتي أخمدت , فقدت لمعانها . لم تسطع نجمتي و لم تنر طريقي .بل سقطت من السماء و خسرت خلودها و قدسيتها . أما قمري فلقد مات , أمست السماء بلا قمر,بلا نجمتي , بلا شمس . عم الظلام و البرد القارس يا تيريزا . لم تهدني الحياة في ذكرى ميلادي سوى نوبات من الألم و خيبات جديدة . لقد حل الخريف باكرا هذا العام فأسقط آخر أوراق الأمل و الحب . لقد يبست حديقتي , خلت من كل حياة . لا يملؤها اليوم إلا رائحة الموت.

كل ما أرغب به الأن يا قديستي بأن أصرخ صرخة ملاك الموت التي يحكى عنها . صرخة الألم التي تنهي حياة سيد الموت و قابض الأرواح . أرغب بأن أتقيأ ذلك الألم الكامن داخلي . بأن أوقف تلك الآلة المعطلة . أريد أن أسكر الأن , أن أسكر بالخمرة و الشعر . لدي رغبة قوية في أنطفأ في حلقة لامتناهية من الشعر و الموسيقى و الخمرة . أن أدور و أدور كصوفي إعتزل الدنيا و البشر ووهب روحه إلى الله . أن يا قديستي ذلك الصوفي الذي وهب نفسه و روحه لفانية .أريد أن أغرق بأفكاري و زوبعتي , أريد أن أخوض بعاصفتي , أرغب بأن تنتزع روحي من بين عالم الأموات و ترد إلي . روحي التي أغتيلت مئات المرات في معبد عشتروت . روحي التي قدمتها فدية ظنا مني أنني أقدمها فدية للآلهة , لنجمة الشمال . اليوم أيقنت بأنني قد بعتها للشيطان و أن نجمتي لم تكن سوى وهم و سراب و بأني كنت أسير على طريق مليء بالشوك و الجمر . أيقنت الأن حق الإيقان بأن ذلك الضوء الذي كان يرشدني , لم يكن سوى قطار يسير بإتجاهي , و بأنني كنت أحمقا لأنني لم ألحظ حقيقة ماهيته من الأول . الليلة أعلن وفاتي بصرخة ألم جراء نوبات حزن و كآبة حادة أدت إلى إنهيار حالتي النفسية و الجسدية .

لم أعد أقوى على الضحك و لا التبسم في وجه أحد. لقد خسرت كل ما يربطني بالعالم الخارجي , لا أملك أحد يهتم لأمري أو يعنيه مصيري . لا أملك أصدقاء فلقد خسرتهم كلهم . أما حبيبتي , فماذا أخبرك بأنها ماتت و هجرتني . تركتني وحيدا مثقوبا , فارغا من كل شيء . لقد أهديتها كل ما أملك و أمست جعبتي الأن فارغة . لا أملك مالا و لا شيء قد يرغب أحد بالخروج معي , أو حتى بأن أستعين ببائعة هوى لألبي رغباتي الجنسية . لقد خسرت بريقي , بدأت أتفادى النظر في المرآة , لا أحتمل رؤية وجهي الشاحب الشنيع المليء بالثقوب و الشحوب و المتجهم . فكيف لبشر أن يتقبلوه . و كيف لهم بأن يتأملوا جسدي الهزيل كشجرة ذابلة يابسة ممتلئة بالسواد . و فوق كل ذلك كيف لبشر أن يتحملوا غبائي المتعمد و أسئلتي السخيفة و غضبي و غيظي . كيف لهم أن يتحملوا حزني و كآبتي و نظرتي السوداوية لهذا العالم المتهاوي . كيف لهم بأن يتحملوا غيظي و إنفصامي و عقليتي الصلبة . هكذا يا صديقتي أصبحت وحيدا . هكذا إنتهت حياتي بصرخة ألم و بنوبة وجع . سأغادركم قريبا علنا نتقابل في بعد آخر . علّى أقدارنا تتغير و علّي أجد المأوى و الراحة الذين آمنت بأنهما كانا في قلب نجمتي و لكن ذلك كان وهما و سرابا .

سلام عليك و إليك يا قديسة الشرق .