يؤسفني جدا

61 0 0
                                    

يؤسفني ان اقول لك يا صديقتي انني افقد شهيتي بالحياة يوما عن يوم . يؤسفني ان اقول لك انني لم اعد انا . انني اتحول الى شخص آخر . شخص لا يرضيني لا يمثلني و لكن مع ذلك هذا الاخير يطغى علي اخر فترة . يحزنني ان الغضب يحركني و يملؤني من دون سبب . هل اصبحت مشاعر العداء تتملكني الى هذا الحد !؟ هل انا في حالة من الغيبوبة الفكرية و الثقافية !؟

صديقتي كالعادة لم يتغير شيء كل الأخبار حزينة !! هذا العالم لن يتغير ابدا !! سيظل حقيرا و سافلا كما عرفناه !! و هذه الحياة البائسة لن تنتهي الا عندما تقتل كل ما ينبض فينا ، حتى يأتي الموت الأكبر و يلملم بقايانا ليسير بنا الى مرقدنا الاخير .

قديستي ، وعدت نفسي يوما بالا ابكي و بالا اذرف دمعة حتى اصبحت لعنة !! لا يمكنني البكاء اليوم و لا حتى دمعة يا تيريزا !! دمعة واحدة علها تأخذ عن هذا القلب بعض الحمل !! و لكن الى متى ستظل هذه اللعنة قائمة !؟
تيريزا ، اكتب لك ما لا يمكنني قوله ، اكتب عن بعض المشاعر التي لا توصف ، عن الكلام الذي لا يكتب و لا يقال !! تمر على قلبي عاصفة هوجاء . تختلط المشاعر ببعضها البعض و تفيض الاحاسيس . متقلب المزاج هذه الفترة .

صديقتي لقد حدثتك مرة عن تلك الفانية ، عميقة العينين ، هل تذكرت تلك الفتاة ذات الوجه الملائكي و العيون الزمردتين ، ذات الحاجبين المخططين بريشة فنان مبدع !! صاحبة الابتسامة البريئة و الشفاه الطيبة . هل تذكرتها ؟ اعتقد انني واقع في حبها ! يا تيريزا و للأسف ، كم اكره الاعتراف و لكن اعتقد ان نار الحب قد مسني . عندما انظر في عينيها يا تيريزا اعود طفلا صغيرا ، لا اعرف كيف اتصرف او ماذا اتكلم !! اعود طفلا يريد من يعتني به . في حضرة تلك الفانية تتشتت افكاري . عندما المح عينيها يا صديقتي اصبح في مكان اخر . فردوس حتى الله لم يخلق على مثالها

اوتعلمين يا تيريزا ، في اخر مرة وعدت نفسي بالا اقع في الحب مجددا و بالا ارتبط بفتاة مهما عنت لي . و لكن كالعادة عند اول مرة اخالف وعدي . لا لم اخالفه بعد ، انها فتاة كالبقيات لا تعنيني بشيء سوى انها نالت اعجابي . لا اريد ان افسد علاقتي بها من اجل مضخة دم شبه معطلة . حتى هي لن تتفق معي يا تيريزا ، فلن تستطيع البقاء الى جانبي مدة يومين !! انا صامت طول الوقت ، إنطوائي ، كئيب ، سوداوي ، هل ستتحمل حياة النساك كما اعيشها ؟؟ اقضي معظم وقتي بعيدا عن كل ما يربطن بالبشرية ، في غرفتي ، ملجأي حيث كتيبي و دفاتري و اقلامي هناك تكمل حياتي . فإيفان تورغينيف يقول : " هل تريد ان تكون مطمئنا ؟ صادق الناس و لكن عش وحيدا ، و لا تأسف على شيء! " .

يسألونني ان كنت حزينا او سعيدا بهذه الدنيا ، قديستي ما رأيك انت ؟ اوتعلمين ليس هناك شيء نحزن عليه او نسعد من اجله . هذه الدنيا مرآة بطبيعتها . فان اردت ان تر الفرح ارتك اياه و ان اردت الحزن و الموت فلك ما طلبتيه . و لكن هل العالم اجمع يطلب الموت !؟ يا لك من محبوب يا صديقي !! و الموت يا تيريزا من سوء ما نحن فيه ، يرفض لقائنا ، يخاق ان نتهافت عليه فلا يجد مقابرا تتسع لكل البؤساء امثالنا !! لا يهمني ان مت ام لا ! فلقد وصلت لتلك المرحلة قبلا و اعرف الجواب و انت ايضا تعرفينه يا تيريزا . لا اريد الموت دون ان اصنع تغييرا ما !! فان انهيت حياتي الان كالذي اعلن استسلامه و المعركة لم تبدء . كذلك كالذي رفع الراية البيضاء امام فرقة صغيرة من الجنود . كلا انت تعرفينني اكثر من غيرك يا تيريزا و انت تعلمين انني لست ذلك الضعيف !! انت توقنين جيدا انني اقاتل حتى اخر رمق !!

صديقتي كل ما حولي ينذرني بان الموت قريب !! انه اقرب من حبل الوريد !! يتجول حولنا كل يوم ينتظر اللحظة التي سنسلم بها اجسادنا لهذه الارض . يتلاسق بنا كل يوم ، تبا لغدره . لا زلت متشائما من هذه السنة ، ارى اننا سنضع اكاليل الازهار على قبور احبائنا بدلا من ان نزين بها حفلاتنا . اعتقد باننا سنضع اناشيد حزينة او بعض التلاوات الدينية عن روح اقربائنا .
عاودتني فكرة الموت هاذين اليومين ، لقد عادت تلعب في مخيلتي يا تيريزا ، اوتعلمين بماذا يجول في رأسي عنها . كيف سأموت و لما ؟ كيف سأدفن و متى !؟ أسئلة فقط الزمان سيجيبني عنها و لكن ما هي توقعاتي او امالي ، انت وحدك يا قديستي تعرفينها .

رسائل لم تقرءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن