١٦/انسِيابيَة

7.4K 508 161
                                    


________________

"اُمـي ، اين هو أبـي ؟".

" عزيزي ان والدك مشغول ".
ردتها تلك السيدة ذات الاعين العسلية والخصل البنية علي طفلها الصغير الذي يلعب في حديقة القصر .

" لكنِ اريده ان يأتي للعب ".
عبس الفتى الصغير وكتف يديه بغضبٍ لطيف في اعين والدته لتضحك بخفة وتقترب منه لتحاوط ذراعها اسفل فخذيه وتحمله بخفة .

" سيأتي لاحقاً ، والان هيا لنتناول الطعام .. معدة صغيري اليست جائعة ، هيا لنُطعمها ".

تذمر الفتى الصغير عن كون معدته جائعة ، واخذ يردد .

" اُريـد أبـي ".

" چـونغ إن ،، دعنا نأكل اولاً !".

" كلا ! ".
اخذ الفتى يدفع والدته ويحاول النزول من بين يديها مما يزيد تمسكها به لكن لا يزال يقاوم حتى انتهى به الامر علي قدميه ارضاً ليركض الي داخل القصر حيث غرفة والده .

فزعت الام لتركض وراء صغيرها ذا الحجم الصغير والحركة السريعة ، لم تستطع امساكه ، اخذت تصعد وراءه السلم وهي تنادي وتصرخ ..
" چـونغ إن ، ان لم تعد ستُعاقب !! ".

لكن لا حياة لمن تنادي لان الطفل تجاهل كلام والدته واستمر ركضاً لاعلى وهو يضحك ، اخيراً وصل للطابق الرابع حيث غرفة والده ، اقترب من الباب بخطواتٍ بطيئة وهو يستعد لمفاجئة والده وهو يعمل كي يترك عمله ويأتي للعب مع صغيره وتناول الطعام ،، او هذا ما كان يظنه !

وقف علي اطراف اقدامه الصغيرة ليصل لقبضة الباب الذهبية ويدفعه بخفة سامحاً لنفسه بالدخولِ دون اذن ،، وما هي الا ثوانٍ حتى اتسعت فتحة الباب ليخطو خطوةً للداخل ويقف .

انعقدت حاجبيه بغرابة وهو ينظر بارتباكٍ لما امامه .. عقله الصغير لا يعي ما امامه الان ، لكن بداخل قلبه شعر بالمرار والانزعاج .. زفر بغضبٍ طفيف وعبس بشفتيه لتعود اقدامه تلقائياً للخلف قبل ان يلحظه احد وكاد علي وشك اغلاق الباب حتى شعر بيد احدهم علي كتفه ولم تكن سوى والدته التي تلهث بتعب لركضها خلف ابنها فما هي الا في النهاية سيدةُ كبيرة لا تستطيع مجاراة طفلٍ صغير في الركض للطابق الرابع علي هذه السلالم العملاقة ..ابتسمت السيدة براحة لتعبث بوجنة ابنها وهي تتحدث
" چونغ إن سأعاقبك لهذا ".

رفع رأسه لينظر لها لكنها لاحظت اهتزاز عدستي الصغير بملامح غير مقروءة ومرتبكة ، نظرت له الوالدة بغرابة لتردف بابتسامة مُهتزة .
" چونغ ان ..  ما بك ! "

" يبدو ان أبي مشغولٌ جداً ".
تمتم بها بخفوت ليبعد عيناه عن والدته التي تحدق به بغرابة .. اعادت نظرها للباب مجدداً بعد ان سمعت صوتاً بالداخل هى نظرت له بأعينٍ متساءلة واعادت نظرها مجدداً لصغيرها الذي تمسك برداءها الاحمر وهو يخفي وجهه ،، ربتت علي شعره بخفة لتبعد يداه عنها وتقترب بخفة من الباب ، اهتزت عيناها بضعفٍ لتشعر بتكون غصةٍ في حلقها حاولت ابتلاعها لكنها عالقة كالصخور ، امتدت يدها لتدفع الباب بهدوء وتخطو للداخل بأعينٍ ضبابية وقلبٍ يرتجف حزناً ليبكي هو قبل عيناها ،، لم تبكي لنفسها بل لاجل طفلها الذي شاهدت عيناه البريئة هذا المنظر الذي لوث طهره واعمى قلبها لتدخل الي هناك بخطواتٍ باردة تعكس ما بداخلها من ضجة وصوت تحطم قلبها ، استمرت في السير بخطوةٍ تأخذ دهراً وللحظ لم يلاحظها السيد زوجها الذي يجلس علي مكتبه وهناك امرأة اخرى في حضنه يتبادلان القبل العميقة بانسجامٍ دون ان يشعروا بما حولهم ، شعرت تلك السيدة المسكينة فجأة برعشة باردة مرت في جسدها لترتعش وتمرر يديها علي ذراعيها هى نظرت لطفلها الذي يستند علي الباب بأعينٍ ذابلة وحزينة تحدق بها ، لم تستطع التحمل لتشعر بالدوار المصاحب لهذه الفاجعة شعرت بالالم حقاً في حلقها كانها تختنق وروحها تُسحب بعيداً عنها لذا هى اغلقت عينيها كردة فعلٍ لهذا الالم ، قدميها لم يحملاها للوقوف اكثر .

GROWLING || زمجرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن