(3)

82 6 0
                                    

استيقظ بكل برود، لا ينظر إلى الساعة، لا يبالي أن لديه ميعاد هذا اليوم و لا يلفت نظره أن هناك خمسة 'missed calls' من عصام حين نظر إلى هاتفه و لم يهتم حتى أن عنده محاضرة بعد ساعة إلا عشر دقائق، فنهض من سريره بكل برود و اتجه إلى الحمام لكي يستحم و أحضر معه هاتفه لأنه طالما كان يُشَغِّلْ الموسيقى و الأغاني و هو يستحم. خلع قميص نومه ليظهر جسده الذي ليس نحيلاً ولا مفتول العضلات..جسد عاديٌ لا غريب فيه إلا أن له ندبة في صدره على اليسار تحت القلب مباشرةً نتيجة هجوم عليه من أحد الذين يحملون سكاكين الجيب و يسرقون الناس الذين يسمونهم 'البلطجية' لكنه لم يبالِ فهي هناك منذ سنتين و أعتاد على وجودها و نظر الناس إليها بأستغراب. شغَّل أغنيته المفضلة لفنان أمريكي يغني نوع من الأغاني الذين يسمونه ال'rap' و هو أخذ جائزة أسرع مغني في العالم و هو يحاول أن يلحقه في تلك الأغنية و يفشل لكنه لا يستسلم و يحاول كل مرة، بدأت الأغنية حين ما دخل إلى المغطس و فتح الماء الساخن و بعض من البارد لكي يصل إلى السخونة المظبوطة التي دائماً يستحم بها ففجأة سمع صوت رنة هاتفه التي قاطعت الأغنية التي كان يغنيها مع الهاتف فعَلِمَ أنه عصام لرنته الخاصة فقال بصوت عالي كأنه يسمعه: "اذا قطعت أغنيتي لن ارد عليك، انتظر حتى انتهي".
عندما انتهى خرج و نَشَّفَ نفسه ثم امسك هاتفه و اغلق الأغاني و اتصل بعصام و تركه على المكبر الصوتي على أن يرتدي ملابسه فرد مع ثاني رنة قائلاً: "هل يجب أن ترد على سابع مرة ؟ لماذا..هل تظن نفسك رئيس الجمهورية يا..." فقاطعه محسن مسرعاً: "سب و لو كانت صغيرة و انتظر ان ترى وجهك تحت عَجَل السيارة." فرَدّ عصام قائلاً: "حسنا لن اقول شيء لكن ماذا أخبار الجامعة مش الا تنوي أن تذهب؟...أنا انتظر تحت بيتك." فنظر محسن إلى ساعته وجدها الثامنة و نصف و خمس دقائق فقال: "مازال لدينا نصف ساعة إلا خمس دقائق و أنا انتهيت من ارتداء ملابسي و سأرتدي الحذاء و أصفف شعري و انزل." أف أف عصام ثم قال: " اذا سمحت لا تتأخر و أسرع لا اريد أن اتأخر في أول يوم و أول محاضرة" ثم أضاف: "لا أعرف كيف استحملك خمس سناوات و نحن عاقلين ." أبتسم محسن و رَدّ و هو يقول: "ولا أنا واللّه يا صديقي." أغلق المكالمة بعد ذلك و ذهب لتسريح شعره...كان شعره من النوع الذي ينمو إلى الأعلى ليس إلى الأسفل كممثلين و مغنيين هذا الزمن لكنه دائماً أحَب أن يبقيه بين الطول و القِصَرْ.
أنتهى من تسريح شعره و ارتداء حذائه و نزل إلى عصام و كانت الساعة التاسعة إلا عشرون دقيقة فنظر له عصام و هو يرفع حاجبه فقال محسن بأستهزاء: "ماذا؟ اليس من الضرورة أن يبقى شكلي حسنا؟ هيا نذهب." و أشار إلى عربته ال'Audi rs7' ذات اللون الأحمر الغامق، فدخل فيها هو و عصام و انطلقا.
كان الطريق كله بلا كلام بينهما فقط غناء أغنية كانت على المذياع الذي في السيارة و كان يقود محسن على سرعة هائلة، كان المؤَشِر يرتجف ما بين رقمي ١٤٠ و ١٥٠ على العداد لكنه لم يهتم بأي شيء حوله.
حين ما وصلا خرج عصام من السيارة مسرعاً يسجد و يُقَبِل الأرض و يحمد الله أنه بأمان و لم يَمُت فقال دون أن ينظر إلى محسن: "لن اعتاد على قيادتك ابداً، إرحمني يا رجل." ضحك محسن و قال له: "عشر دقايق...أحمد ربك أني أوصلتك مبكرا...انهض هيا قبل أن تفوتنا المحاضرة." نهض عصام و اتجها إلى مكان أول محاضرة بلا تسرع.
"٣٠١ وجدتها" قال عصام و هو يفتح الباب و يدخل الغرفة هو و محسن و ما زال هناك خمس دقائق تفرق بين الأن و بين المحاضرة. وَجدا مكان في منتصف المدرجات و جلسا في هذا المكان دون تحرك و باتا يمزحان و يضحكان في وسط الضوضاء حولهم التي يسببها باقي الناس الذين في الغرفة، لم يلاحظهم محسن حين دخل..كم عددهم كبير و صوتهم عالٍ، لكنهم اختفوا ثانيةً حين سمع صوت الباب يُفتَح و يغلق و رأى نوراً براقاً يتحرك ناحيته و يجلس في المرج الذي خلفه في المقعد الذي خلفه مباشرةً...كانت فتاه ليست سمينة ولا نحيلة و كان شعرها قصير و أسود اللون. نظر إليها و هي تدخل و تجلس خلفه و راقب الناس يظهرون حوله مرة أخرى بعد ما أختفوا. فضربه عصام ضربة صغيرة على كتفه و أخبره بكلمتين.

أدرينالينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن