(15)

34 1 0
                                    

"ركز معايا كده أنا مش سامعك اصلا... أنت مش حقيقي.. أنت مجرد صوت مش حقيق و أنا بتخيله اصلا فمن الآخر كده أطلع من دماغي بقى!!"..

رن هاتفه مما جعله يتشتت من الطريق و كاد يصدم سيارة أمامه و رد عليه دون أن يرى من المتصل و قال تلقائيا: "أيوة يا ماما أنت في الطريق" ليرد عليه صوتاً مألوفاً قائلاً: "ماما؟؟ أنا مش ماما بس اتطمن عليك أنت فين اختفيت فجأة؟" ليستنتج محسن قائلا: "اه ازيك يا منى أنا أمي اتصلت بيا و رايح لها بسرعة بس" لترد منى: "طب كلمني لما تفضى بقى عشان عايزاك في موضوع.. يالا سلام" رد محسن: "حاضر.. سلام" و أغلق الخط و نظر إلى الطريق و رأى 'الاسماعيلية ٥ كيلو' ليقول لنفسه "قربت" و زاد بالسرعة مما جعل العداد يقفز من ٦٠ إلى ١٠٠ في أقل من ثانية و انطلق.

وصل أمام العمارة و صعد للدور السادس بكل سرعة و رن جرس الباب لتفتح له سيدة كبيرة في السن ربما في منتصف الستّينات من العمر طولها يصل إلى بداية صدر محسن و شعرها فيه بعض من الأبيض لكن ليس كله، احتضنت محسن فور ما رأته قائلة: "وحشتني يا راجل فينك؟" مما جعلت محسن يبتسم و ينسى كل همومه و قال: " و أنت كمان وحشتيني يا أمي.. معلش بقى المذاكرة و الدح و مقطع نفسي" و غمز لها بأبتسامة واسعة مما جعلتها تضحك ضحكة عالية و تقول: "و حياة ال٨٩٪ يا ولا؟" حك رأسه و دخل معها كأنه لم يسمعها و قال لها: "أمال فين مريم؟" لتنقلب ابتسامتها قائلة: "جوا يا اخويا في السرير تعالى تعالى" و أرشدته إلى  الغرفة التي بها أخته المريضة مرض شديد مما جعلها لا تستطيع الحركة من سريرها، نظر لها بحب و أهتمام و أقترب منها قائلا: "ايه الجمال ده يا عيال؟ حتى و أنت عيانة زي القمر" كانت مغلقة عيناها لكن ابتسمت رغماً عنها و قالت: "أنا عارفة المعاكسات ديه كويس أوي" و قامت بفتح عينيها و أكملت كلامها: "طب ينفع تعاكس البت اللي بتحبها من غير نا تحضنها يا راجل أنت؟" ابتسم و قام باحتضانها و قال: "وحشتيني يا أختي الحلوة، ماتشكيش في إني أقدر أضحكك ابداً بقى بعد النهارده" ضحكت بصوت عالي و ضمته إليها بقوة شديدة من كتر اشتياقها له و قال بصوت غريب: "قفصي الصدري يا بت هايتكسر في صدرك ارحميني" و ضحكت مرة أخرى بصوت عالي و خفت حضنها حتى لا تقتله بذراعيها الرفيعتان اللتان كرهت رفعهما لكن محسن كان دائما يشعرها أنها قوية بهما و أنهما ليستا سيئتان، قام بتحريك شعرها البني الغامق، الذي يشبه لون شعره، من على عينها خضراء اللون و يقول لها: "مش لايقة عليكي استني اظبط لك شعرك، حطي رأسك على رجلي تعالي" و قام باحضار المشط و ربطة الشعر و قام بتظبيط شعرها على حسب ما يرى.

-----------------------------------------------------------------

وضعت الهاتف بجانبها عندما أغلق محسن الخط و نظرت إلى حاسوبها الذي كان يعرض فيلم "Twilight" و تذكرت كلام محسن عن هذا الفيلم و كم يكرهه و يثول أنه فيلم للذين ينقسهم حبيب لكن إذا لديك حبيب ستعرفين أن هذا الفيلم كاذب و سيء و أخبرها ألا تسأله كيف يعرف ذلك فهو لم يحب من قبل لكنه له خبرة من غباء اصدقائه. أغلقت الفيلم و الحاسوب كله و احضرت كتاب "13reasons why"، و هو أول كتاب تقرأه في حياتها و أحبته جداً فقط لأن محسن جعلها تحب القراءة و هذا الكتاب كان أولهم، و أكملت قرائته و هناك ابتسامة على شفتيها رغم كئآبة الكتاب و كم الأفكار التي تجري في عقلها.

-----------------------------------------------------------------

"كام يا عين أمك؟؟!!!" صاحت أم محسن بتلك الكلمات عندما أخبرها بالسعر الذي احتاج أن يجمعه قبل يوم الثلاثاء و أكملت بعد أن نهضت و اتجهت إلى غرفتها: "تعالى تعالى" و أخرجت نقود بالتحديد ٢٠٠٠ جنيه و أكملت: "٢٠٠٠ أهم الألف التانية ممكن تجيبهم من البنك أو من ع..." ليقاطعها محسن و هو يدفع يدها ببطء ليرفض المال و يقول: "استني استني استني يا حجة أنتِ ٢٠٠٠ ايه و ١٠٠٠ ايه احنا نسينا نفسنا أنا ماليش دعوة بفلوسكم أنا هجمعهم لوحدي و أوعي..و أكرر كلامي..أوعي تعرضي عليا فلوس تاني ابداً" أرادت أن تتكلم لكنها كانت تعرف أنها ستخسر هذا الجدال مهما فعلت و ظهرت على وجهها أثر الحزن فقام باحتضانها و قَبَّل رأسها و قال: "ماتزعليش مني، بس أنا من ساعتها حلفت و ماينفعش واحد يكسر حلفانه و مش مستعد اصوم معلش" و ابتسم ابتسامة جانبية صغيرة ليشعرها بالراحة أنه ليس حزيناً، و نجح، ابتسمت أمه له و حاولت أن تخبئ ابتسامتها حتى لا يشعر أنها وافقت لكنها رغم ذلك قالت: "احم..ماشي يا محسن..ربنا معاك بقى و لو عايز حاجة احنا معانا فلوس وال.." قاطعها محسن قائلا: "من غير حلفان يا ست الكل..أنا عارف و مش هعوز منكم حاجة أنا هحلها ماتقلقيش عليا، الحجز لسه ماعرفش يعني ايه محسن يدخله" لتخرج من الغرفة صيحة كبيرة تقول: "محسن و ماماااا!!!... انتوا جايين تقعدوني لوحدي؟؟!!!!" ابتسم محسن و قال: "يالا نخشلها شكلها صحيت" و نهض و جعل أمه تنهض معه و دخلا الغرفة و يصيح محسن: "حبيبة قلبي رجعتلك يا جولييت!!".

-----------------------------------------------------------------

ماتاخد الفلوس...خايف ليه؟؟ ما هي فلوسك...أو بالمعنى الأصح، أنت سببهم...يالا مكسوف من ايه ديه أمك قول لها 'هاتي الفلوس يا ماما زي ماوقلتي و هصوم عادي' بدل ما تسرق يا شيخ و تبقى حرام... يالا روح
روح..
روووح..
روح!!

شعر بالماء ينزلق من على وجهه و نظر إلى المرآه أمامه التي عكست وجهه المرعوب و المجهد، بات ينهج لوقت طويل حتى أخذ نَفَساً عميقا و قال: "أسكت" و خرج من باب الحمام و قام بلكم الحائط و هو على الباب.

أدرينالينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن