| 15 |

12.7K 377 82
                                    


.
.

كانت الثامنة مساءاً حينما قرر ريڤرشيرد إنحاء أوراقه جانباً و سكب إهتمامه على رونغ الواقف في الزاوية بحالة يرثى لها. وجه أحمر كحبة الطماطم الناضجة، شهقات مكتومة، و أنينٌ مُتعب، و شفتين مجروحتين من عضه عليهما بإستمرار.

رونغ لا يشعر بساقيه على الإطلاق، العقاب أقسى من تحمله، رأسه يؤلمه من البكاء المتواصل، الصداع يفتك به، هو يشعر أنه فقد القدرة على الجلوس حتى ويكأنه أصبح تمثالاً من الشمع. لا يعلم كيف إستطاع تحمل كل هذا طوال تلك الساعات، لكنه يعلم أنه إنتصر على نفسه بتحمله.

نهض ريڤرشيرد بهدوء و توجه بخطواتٍ هادئة لرونغ الذي لم يبدِ ردة فعل، مال ناحيته ليبدأ بفك قيوده، ساقيه أولاً ثم ذراعيه، و لم يلبث إلا و سقط رونغ بين ذراعيه.

أسقط ريڤرشيرد نفسه أرضاً و إستند على الحائط و جذب رونغ المُنهار بالبكاء في حجره، و الذي ينتحب بهيستيرية و هو يشد على ثيابه والده مُتحدثاً عن كل المشاعر السيئة التي شعر بها في هذا العقاب القاسي.

" لقد كان هذا قاسياً جداً، لا أشعر بساقاي، أنا..آسف كثيراً. "

بقي ريڤرشيرد يمسد على رأس رونغ الأصلع وصولاً لنهاية ظهره و هو يلصق شفتيه بأذنه و يهمس له بكلماتٍ مُهدئة.

" أنت بخير، كل شيء على ما يرام صغيري، إهدأ.
أنتَ مطيع، أنت جيد، فتاً صالح لسيده. "

رونغ لم يهدأ إلا بعد دقائق طويلة جداً و هو يلصق نفسه بجسد سيده أكثر شاعراً بالبرد ينخر عظامه و جسده النحيف، و من جهة أخرى ريڤرشيرد لم يشعر بالملل من خاضعه أو الإنزعاج لكونه أطال جداً في البكاء و الشكوى، و إفتعل الكثير من الدراما.

ببساطة هذا مبدأ علاقتهما، التحمل و التفاني في الآخر حد اللاحد، أياً ما كان الذي سيحدث بينهما فهما سيتحملانه بلا شك، و لن يشكيا أبداً مهما كان الأمر مُتعباً و مُرهقاً.

سأل ريڤرشيرد ببطء و هو يداعب ظهر رونغ بأصابعه في خفة.
" أمازلت تشعر بالألم فيه..؟ "

و قد كان ريڤرشيرد يقصد عضو رونغ المنتصب، و الذي لا يعلم إن كان مازال عضوه منتصباً أم لا. رونع إحمر وجهه هذه المرة ليس من فرط البكاء، بل من فرط الخجل.

غرس وجهه بعنق سيده و هو يتشبث في قميصه أكثر، و تحدث بصوتهِ المبحوح في خجل مُتلعثماً.
" ق..قليلاً فقط "

لم ترق هذه الإجابة كثيراً لريڤرشيرد، فهو رجل يحب الوضوح، و يكره الحلول الوسطى لأنها برأيه لا فائدة لها.

نقص حيث تعيش القصص. اكتشف الآن