| 19 |

9.9K 340 167
                                    


.
.

ثلاثة أشهر كاملة ظل فيها رونغ حبيس غرفته، في ظلامٍ تام، حتى أشعة الشمس لا يعطيها فرصة للولوج للداخل؛ فهو يُسدل الستآئر و لا يفتحها إلا ليلاً يراقب النجوم و القمر.

لا يعبأ لكلمات والده، أو ثور، أو حتى عمه و ابن عمه، ظل حبيساً يأكل اليسير مما يدفعه له والده من أسفل الباب، حارماً إياهم من صوته -البشع-.

بكل الأحوال، هو سيموت عاجلاً أم آجلاً، فلماذا عليه أن يكون حزيناً كل هذا الحد..؟ عليهم ألا يقتربوا منه، و إلا أصابتهم العدوى هم أيضاً.

يكتفي بالنحيب و العويل طوال النهار، و ينام من منتصفه حتى الصباح، متمنياً في كل مرة..أن ينام بلا إستيقاظ أبداً.

إعتدل جالساً على فراشه، يحدق في اللاشيء بلا تعابير. إستقام واقفاً، إقترب من المرآة ليحدق بملامحه الجديدة.

آخر جزء يملك من الشعر قد سقط، حاجباه! وضع كفه على فمه بعدم إستيعاب، قبل أن يصرخ برعب و صوت مكتوم، ركل المرآة بعنف لتتحول لشظايا غير آبه بأذى قدمه.

لهذا والدته تركته، لأنها تعلم أنه سيكون بكل هذه البشاعة. لو خرج لهم الآن..سيفزعون منه، سيركضون عنه، و يتركونه وحيداً! سيهربون منه حتى لا يكونوا مثله يوماً.

سمع نبرة والده الضعيفة.
" حبيبي، رونغ..إفتح لأجلي يا عزيز والدك، أنا هنا..لن أتركك.
إفتح لأجلي أرجوك. "

صرخ بهيستيرية و هو يصفع الباب بعنف.
" إبتعد عني، إرحلوا من أمام الباب حالاً، سأقتل نفسي! "

إستمع لصوت إيروس الباكي.
" أنا آسف رونغ، أقسم أني آسف، سأبقى معك..لن أتركك.
سأضمك و ننام معاً، لقد إشتقت إليك، حتى أبناء طبيبي يرغبون برؤيتك..إنهم معي، هيا تحدث ساتا. "

أرخى رونغ جسده ضد الباب يستمع إليهم بشهقات متقطعة، إرتعشت شفتيه عن إبتسامة متألمة إثر سماعه لصوت الصغير ساتان.
" رون..لا..تبكِ. "

إنتحب بصوت مرتفع.
" ليتني أستطيع، ليتني أفعل.
أرجوكم إرحلوا من هنا، لا فائدة مما تفعلونه، أرغب بالبقاء وحيداً. "

تابع كأنه يحدث نفسه.
" لقد فقدت كل رغبة تدفعني للحياة، لا يوجد لدي ما أعيش لأجله، جميعكم سترحلون و تتركوني ما إن تروا ما أصبحتُ عليه.
لقد تركتني أمي و كنت جزءاً منها، هنت عليها..سأهون عليكم بالمقابل.
لا يمكنني الخروج، لا أرغب بهذه الحياة، لو فكرتم بدخول الغرفة سألقي نفسي من النافذة. "

صفع الباب بعنف، صرخ بجنون.
" إبتعدوا حالاً، إبتعدوا عني.
لا أريدكم، لا أرغب بسماع كلامكم المثير للشفقة. "

نقص حيث تعيش القصص. اكتشف الآن