الجزء 4..

195 11 1
                                    



كانت "هانا" تعمل بمحل لبيع الملابس مساء بعد أن تنهي عملها بالمقهى، لا تتذكر كم عملا بالأسبوع تقوم به، لكن الشيء التي تدركه أن كل تلك الأعمال لا تكفيها لدفع قسط الدين الشهري الذي بقيت له عدة أيام فقط..

قدماها تورمتا من الوقوف طول النهار دون أن تجد وقتا للراحة.. جلست على كرسي في ركن المحل لتخلع حذاءها وتضع الضمادات بقدمها..

أتت "سارة" زميلتها بالعمل لتقف بقربها:

- انظري لنفسك يا صديقتي كيف تتحملين كل ذلك العمل في اليوم الواحد، لابد أنك تريدين الموت ببطئ..؟!

- هل تظنين أني أملك الخيار؟! لقد بقي أسبوع قبل قسط البنك، ومازال ينتظرني إيجار الشقة والفواتير المتراكمة.. لا أملك حلا إلا العمل في هذه اللحظة..

ارتدت حذاءها وعادت للعمل، كلما أحست بالتعب تذكرت وقوفها عند ذلك الجرف ربما تراجعها عن ذلك القرار الذي اتخذته كان خاطئا فهي كانت دائما فتاة وحيدة لم تملك أحدا بعد أن ماتا والداها، حتى وإن ماتت لن تجد من يحزن عليها، أن تستمر في عيش هذه الحياة البائسة لا يؤذي أحدا غيرها..

تذكرت ذلك الشخص الذي تطفل وتدخل بقرارها الذي مازالت تعتقده صائبا، تكره اللحظة التي رآها فيها واللحظة التي جذبها من على حافة الجرف وجعلها تعود لتعيش في الجحيم مرة أخرى..

"- التفكير بالماضي الآن لا يفيد بشيء، حتى الندم عن تراجعي عن فعل ذلك لن يفيدني بشيء لن تتغير حياتي بالندم ستزداد بؤسا فقط .."

تلك كانت الكلمات التي توبخ بها نفسها كلما ضعفت أمام بؤس حياتها، كلما شعرت بأنها تكاد تسقط تعبا وأن قدرتها على التحمل قد شارفت على الانتهاء..

أنهت عملها عند منتصف الليل بمحل بيع الملابس، خرجت تجر قدميها لا تقوى على السير، عليها الوصول لمحطة الحافلة في نهاية الشارع، فكرت بأن عليها إيقاف سيارة أجرة والركوب بها والوصول للمنزل، فقدماها تترجينها ألا تسير أكثر، لكن كلما فكرت بأنها تستطيع توفير ثمن سيارة الأجرة حثت نفسها على السير وتحججت أن المكان قريب وأنها شارفت على الوصول..

لم تعد تقوى على السير أكثر فجلست على الأرض، في تلك اللحظة خطر ببالها ذلك الشخص كيف هي التي لا ترى شيئا في حياتها يمكنها التمسك به للبقاء على قيد الحياة مازالت تملك سنوات في عمرها حتى وإن لم تعرف عددها، على عكسه هو كل الأبواب مفتوحة بوجهه يملك ألاف الأسباب ليظل على قيد الحياة عداد عمره شارف على الانتهاء..
إن قدر البشر غريب حقا..

قاطع أفكارها صوت من الشارع:

- هل تريدين أن أوصلك بطريقي..؟!

التفتت فكان هو نفس الشخص الذي تفكر به يركب سيارة سوداء غالية الثمن ينظر إليها بعينين مفتوحتين ويبتسم، شخص لم يعد يملك وقتا طويلا ليعيشه يجيد الابتسام بتلك الطريقة المشرقة إنه شيء يدعو للسخرية حقا..

- إن كنت ستساعدني في الوصول إلى سيارتك سأكون سعيدة بايصالك لي فلم تعد قدماي تقويان على الحركة..

نزل من السيارة مسرعا ليساعدها على الوقوف، استندت عليه لتصل إلى السيارة..

- شكرا لك..
- كم ساعة من العمل المتواصل عملت لتصلي إلى هذه الحالة..؟!

- ألم تقل أن ظروفي ستتحسن ببذلي لبعض الجهد فقط؟! إنني أقوم بكامل جهدي ولا شيء يتحسن..

- أين منزلك..؟!
- في الشارع الخلفي من المقهى الذي تتردد عليه..

قاد السيارة نحو منزلها، أما هي فأدارت وجهها ناحية زجاج النافدة واتكأت، ذلك الشخص تعود أن يظهر أمامها في أسوأ مواقف حياتها، لا تدري إن كانت تلك نعمة أم نقمة..

أوصلها إلى الشارع حيث تسكن..

- هل تستطعين السير حتى وصولك إلى المنزل أم أساعدك..؟!

- لا داعي لقد ارتاحت قدماي بعد أن جلست بالسيارة سأستطيع السير الآن.. شكرا لايصالك لي..

- إن أردت شكري هل يمكنني طلب شيء بالمقابل..؟!

نظرت إليه باستغراب: ماذا تريد..؟!

- إن كنت تملكين بعض الوقت غدا هل يمكنك مرافقتي إلى المشفى؟! إنني أكره الذهاب بمفردي كما أنني لا أحب أن ترافقني أمي فهي تظل تبكي كلما زرنا الطبيب..

- من حسن حظك أن غذا عطلتي الأسبوعية، ما الوقت الذي تريد فيه الذهاب للمشفى..؟

- سأنتظرك هنا غذا عند الحادية عشر صباحا..

- حسنا تصبح على خير.. نسيت أن أسألك عن اسمك..؟!

- اسمي " ستيفن"

- وأنا اسمي " هانا " تشرفت بمعرفتك.. مدت له يدها من النافدة فأخرج يده ليصافحها:

- وأنا تشرفت بمعرفتك "هانا"

اتجهت نحو منزلها تستند على جدار المنازل حتى وصلت إلى وجهتها، كان "ستيفن" يراقبها قبل العودة إلى سيارته والرحيل...

يتبع

#عمر_واحد_لا_يكفي

#Rain_Drops

عمر واحد لا يكفي(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن