بعد ثلاث أيام عادوا إلى المدينة، كان الجميع صامتا لا يتحدثون سوى بالقليل من الكلمات التي أوشكت أن تنعدم..
بدأت الأيام تسير في هدوء كالمعتاد هانا وستيفن تجمعهما جدران غرفة واحدة أصبح يأبى مغادرتها فظلت معه تؤنس وحدته وتحاول تخفيف قلقه كلما اشتد عليه المرض والألم، لم يرجعا للحديث عن ما حصل بالمزرعة، لم يتحدثا عن مشاعرهما التي ظلت مخبئة بصدورهما، وإن أدركا حقيقة شعور كل منهما ناحية الآخر لم يعترفا وحافظا على صداقتهما كما كانت..
أقنع تلك الليلة ستيفن هانا أن تعود لغرفتها وتنام في سريرها فقد مرت عدة ليال دون أن تشعر بالراحة أو تنام على سرير، بعد إلحاحه الشديد غادرت إلى غرفتها ونامت بهدوء حتى الصباح..
ما إن استيقظت حتى هرعت راكضة إلى غرفته فلابد أنه استيقظ وينتظر ظهورها بغرفته، دخلت الغرفة فلم تره على سريره بحثت عنه بكل أرجاء المنزل لكنه لم يكن بأي مكان، غادرت المنزل بحثا عنه قبل استيقاظ والديه ومعرفتهما بخروجه بمفرده، كان هاتفه مغلقا فبدأ القلق يدب في أوصالها..
اتجهت نحو المقهى لكنه لم يكن هناك، بحثت في كل الأماكن التي زاراها معا لكنه لم يكن بأي مكان منهم حتى ذلك المرتفع لم تتركه وتسلقته ركضا بحثا عنه، وهي تهم بالنزول من ذلك المرتفع وردها اتصال فبدأت بالركض دون أن تشعر بما يحيط بها..
كانت تقف أمام المشفى المكان الوحيد الذي لم تبحث به ولم ترد البحث به خوفا من أن يكون به ستيفن فقد تمنته أن يكون بأي مكان إلا ذلك المشفى..
دخلت من الباب راكضة فوجدت إحدى الممرضات بانتظارها فأعطتها رسالة..
"" إلى "هانا"..
قد تستغربين هذه الرسالة المفاجئة، ربما كان تصرفا أنانيا مني أن أتخذ هذا القرار بمفردي دونك لكن اعذريني أرجوك..
أريدك أن تعلمي أني عندما أردتك أن تأتي للمنزل أردتك أن تصبحي قريبة من والداي، أردت أن أترك لهما ابنة تعتني بهما في اللحظة التي أرحل فيها عن هذا العالم..
لقد فقدت والديك في حين أنهما على وشك فقدان ابنهما الوحيد لذلك أردت أن تجتمعوا ويواسي الواحد الآخر فيما فقد، قد يكون حملا ثقيلا عليك أن أترك لك مهمة كهذه لكن صدقيني لم أكن أملك خيارا آخر، لم أرد لوالداي أن يعيشا وحيدين بقية حياتهما كما أردتك أن تجدي شيئا يجعلك تتمسكين بالحياة وتتركي فكرة الانتحار السخيفة التي تراودك دائما..أعرف أنه أكثر قرار أناني فعلته في حياتي لكن والداي طالما أحباك منذ أن كنا صغارا ومازلا يحبانك إلى الآن، أرجوك اعتني بهما وواسيهما عندما لا أكون هنا كوني ابنة جيدة لهما في حين أني لم أستطع أن أكون ابنا جيدا وحملتهما الكثير من الألم فقط..
لقد قررت أن أخضع لتلك العملية، أريد أن أتمسك بآخر خيط أمل أملكه حتى لا أندم لاحقا، لطالما أخبرتني أن عمرا واحدا لا يكفي ولو امتلكت القدرة لمنحتني عمرا آخر لأعيشه معك، وها أنذا أحاول فعل ذلك أحاول امتلاك عمر آخر من أجلنا معا..
أتدركين أن أكثر شيء كان مؤلما بالنسبة لي أن أرى ابتسامتك المشرقة في وجهي لكن ما إن تغادري غرفتي حتى تتحول تلك الابتسامة لأنين ودموع لا تتوقف، أدرك حجم المعاناة التي حملتك إياها منذ أن وطئت قدماك منزلنا، لكن إن لم أغادر تلك الغرفة حيا أريدك أن تعرفي أني طالما أحببتك منذ أن كنا صغارا وأنت كنت دائما طفلة مميزة بالنسبة لي، إن ندمت على شيء في حياتي هو أني لم أعد مبكرا من أجلك، وكل ما قضيته معك عدة أشهر حملت لك الألم والمعاناة في حين أنك جعلت آخر أيامي سعيدة..
أعرف أني أحملك فوق طاقة تحملك حتى آخر لحظاتي، أعرف حجم الهلع والخوف الذي سيتملكك وأنت تجلسين أمام تلك الغرفة بانتظار أن يطفأ ذلك الضوء معلنا عن نجاتي أو هلاكي، لكني متأكد أنك تؤمنين بأن النهايات لم تكن يوما خيارنا إنما هي قدرنا الذي لا مفر منه فلا تحزني كثيرا على رحيلي وحاولي أن تجدي أملا جديدا يربطك بهذه الحياة ولا تفكري في الرحيل عنها بطريقة جبانة فالجبن لم يكن يوما أحد صفاتك..
أتعرفين لقد كنت سعيدا بتلك الأيام التي قضيناها بالمزرعة فمعرفتي بمشاعرك التي لم أمتلك الشجاعة للقبول بها أعطتني القوة لأقوم بهذه الخطوة الصعبة، إن رحلت هذا اليوم فاغفري لي واطلبي من والداي أن يغفرا لي رحيلي مبكرا أكثر مما ظنا..
أشكرك على كل شيء وسامحيني على كل ما سببته لك من ألم ومعاناة..
المخلص "ستيفن"
""كانت تجلس خارج غرفة العمليات تقرأ كلماته الأخيرة لها ودموعها تتساقط، لا تصدق أنها قد لا تراه بعد هذه اللحظة..
- كيف تكون أنانيا وتتخذ تلك الخطوة بمفردك دون أن تخبرنا بشيء..!! أتريد أن تعيش آخر لحظات ألمك وحيدا دون أن يشاركك بها أحد..!!
أتت والدته ووالده يركضان في تلك اللحظة..
- "هانا" ماذا حصل أين "ستيفن"..؟!
- إنه بالداخل، لقد قرر إجراء العملية، الآن لا نملك إلا الصلاة والدعاء من أجله..
سقطت والدته أرضا:
- كيف يقرر فعل ذلك بمفرده دون إخبارنا..!! أكنت تعلمين بأنه سيجري العملية اليوم..؟!- لم أكن أعلم بشيء لقد طلب من إحدى الممرضات أن تتصل بي بعد دخوله لغرفة العمليات وترك لي هذه الرسالة..
- تماسكي عزيزتي علينا الثقة بقرار ابننا "ستيفن" سيكون بخير علينا أن نصلي الآن من أجل نجاته..
مرت الساعات بطيئة دون أن يغادر أحد غرفة العلميات، كان الجميع يترقبون خبرا عما يجري بالداخل كل يحمل ألمه بيده لا يعرف ما ينتظره اللحظة القادمة، فقط امتلأت ألسنتهم دعاء لينجو ستيفن مما هو به الآن ألا تكون بانتظارهم فاجعة فقدانه للأبد..
يتبع
#عمر_واحد_لا_يكفي
#Rain_Drops
أنت تقرأ
عمر واحد لا يكفي(مكتملة)
Romansaقدر يفرق بينهما لكنه يعود ليجمعهما بعد مرور عدة سنوات لكن الموت يكون على وشك سرقة أحدهما من الآخر، هل يستطيعان تجاوز الصعوبات والظروف والموت الذي يتربص بهما ليكونا معا هل يتمكننان من إيجاد عمر آخر ليعيشاه معا تابعو القصة لتعرفوا 😉