الجزء 23 ..

127 9 1
                                    


عادا نحو المزرعة، كان الجميع بانتظارهما قلقين لتأخرهما بالخارج، أخبرتهما إيلا أنهم سيقيمون حفلة شواء ليلا فطلبت هانا منهم أن يتركو ستيفن ليرتاح قليلا حتى الليل..

أخذته لغرفته حيث سينام..
- نم لك قليلا وسأوقظك ليلا، لا تفكر بشيء سنتحدث فيما بعد..

- ابقي معي حتى أغفو، أرجوك..

- حسنا سأظل معك حتى تنام لا تقلق..

بعد أن نام غادرت غرفته والدموع تبلل عينيها، إنها الآن تدرك كم تحبه كم تتمنى ألا يغادر الحياة بهذه الطريقة السيئة، وكيف ستستمر بهذا العالم دونه..

التقتها إيلا خارج الغرفة فمسحت دموعها..
- ماذا يجري معك ألن تخبريني..؟!

- لا أعرف إن كنت أمتلك الحق بإخبارك، لكني أشكرك للسماح لنا بالمجيء إلى هنا إن ستيفن سعيد كثيرا بوجوده بهذا المكان..

جرتها إيلا من يدها: لنجلس ونتحدث، منذ أن أصبحت تعتنين بستيفن وحالتك لم تعد ترقني، ما به ستيفن هل هو مريض..؟! مما يعاني أخبريني..؟!

بدأت هانا بالبكاء دون توقف فاحتضنتها إيلا لتهدئها دون أن تفهم ما بها ولما هي بتلك الحالة..

- لم يتبقى أمامه وقت طويل، لم يتبقى إلا أشهر عدة قبل أن يرحل عن هذا العالم أخبريني ماذا أفعل وكيف سأستطيع العيش دونه..

- يا إلهي هل كنت كل هذه الأشهر تعيشين هذه المعاناة وحدك دون أن تجدي من تبوحين له بما يعتصر بقلبك، يا إلهي يا لك من مسكينة، كيف أحببته وأنت تعلمين بمرضه وتعلمين أن ما بقي له في هذه الحياة سوى أشهر معدودة..

- لم يكن بيدي، لطالما أحببته منذ أن كنا أطفالا، لطالما اشتقت له وتمنيت لقاءه وكم تمنيت الرحيل والذهاب إليه حيث كان لكني لم أكن أمتلك الشجاعة لفعل ذلك، سعادتي بلقائه من جديد أنستني حقيقة مرضه، أو ربما تناسيتها فقد كان الشيء الوحيد الذي جعلني أعود لأتمسك بالحياة..

- إن هذه المشاعر التي تملكينها ناحيته لن تؤذيك وحدك بل ستؤذيه معك، لن يرتاح للرحيل هكذا تاركا إياك خلفه، ستحملينه من الألم الكثير أكثر مما تحملين أنت بقلبك..

- هذا أكثر ما يؤلمني إيلا.. لقد كان راضيا بقدره يعيش حياته بهدوء دون ندم لم يهتم لعدد أيام رحيله عن هذا العالم طويلة كانت أم قصيرة، لكن منذ أن دخلت حياته ما عاد يملك ذلك الرضى، أصبح يكره الحياة التي لم تسعفه ليحقق ما يتمناه بها، كيف آذيته بهذا الشكل لقد ظننت وجودي بقربه مصدرا لسعادته لكنه كان مصدرا للألم والمعاناة فقط..

- يا إلهي كيف تكون حياتكما بهذا البؤس معا، فأنت تفقدين أحبتك واحدا تلو الآخر، وهو التقى بالانسانة التي يحبها في أواخر أيام حياته فأي ظلم وقسوة أكبر من هذه..

- جففت هانا دموعها: أرجوك لا تدعيه يعلم بأنك على دراية بمرضه، لنذهب لمساعدتهم ولنهي هذا الحديث هنا..

في تلك الليلة اقتربت هانا خطوة باتجاه إيلا فأن تبوح لأحدهم بما يؤلم قلبها كان أشبه بالمعجزة، اكتسبت صديقة جديدة في ظل أنها تفقد من ارتبط به قلبها، كانت تجلس هناك جسدها بينهم لكن روحها كانت عند ستيفن تفكر به لعله استيقظ ووجد نفسه وحيدا في الظلام وكم يكره أن تكون غرفته مظلمة، انتفضت من مكانها واتجهت ناحية غرفته، دخلت فرأته لازال نائما، أشعلت أحد مصابيح الغرفة وغادرت، عادت لتجلس وسطهم من جديد لكن قلبها كان في مكان آخر لا تدري ماذا تفعل به..

- ايميلي: هانا أنستطيع أن نتحدث قليلا..؟!

- بالطبع، لنذهب للخارج..

- كلما مر وقت أطول لك مع ستيفن كلما ازداد اضطرابك، إني أراك تذهبين لغرفته كل لحظة كأنك تخافين من شيء ما، لقد أخبرتني أنه بخير..!!

ظلت هانا صامتة لا تدري بما تجيب والدته، هل هو حقا بخير، هل هناك شخص مقتنع بذلك أم أن الجميع يخدع نفسه كي يبعد عنه القلق والخوف، ظلت تقلب أصابع يديها دون أن تجيب..

- أعرف أنك تحبينه يا هانا، جميعنا ندرك هذا لكنك تعرفين أنه ليس عليك فعل ذلك، لقد كنت تعرفين حقيقة مرضه منذ اللحظة التي رأيته فيها فكيف سمحت لقلبك أن يتمادى ويتعلق به..!!

- بدأت بالبكاء:
لم يكن بيدي أقسم على ذلك، ربما أردت أن أكذب فكرة مرضه مع أني عشت كل لحظة من ألمه ومعاناته، لم أختر بيدي أن أتعلق به ويصبح سببي في الاستمرار في هذه الحياة كان رغما عني أقسم..

ظهر في تلك اللحظة ستيفن..
- لماذا تحاسبينها يا أمي، كأنها ارتكبت جريمة بتعلقها بي..؟! أعرف أني لا أملك حقا بحبها أو جعلها تحبني لكنه لم يكن بيدنا، لم نختر هذا الطريق أبدا فلا أحد سيختار طريقا يعرف كم أن نهايته تحمل من الألم والمعاناة..

أسرعت هانا إليه: لما غادرت غرفتك هكذا؟! ستصاب بالبرد لنعد للداخل، إن الجو بارد بالخارج..

- جوزيف: هانا خدي ستيفن للداخل أولا..

- ايميلي أخبرتك ألا تتحدثي معها بهذا الموضوع، إنه شأنهما معا لا دخل لنا بالأمر..

- كيف تقول ذلك، كيف لا يكون شأننا إنه ابننا وهي مثل الابنة بالنسبة لي، هل تظن أني لو لم أكن أعلم ما نهاية هذه العلاقة كنت لأتحدث، لا أحد سيتضرر بنهاية المطاف سوى هانا، لقد عاشت معه كل لحظات مرضه القاسية وعرفت ما النهاية التي تنتظره ومع ذلك أحبته وتعلقت به، كم سيكون مؤلما أن تستيقظ فتجده قد غادر العالم، إن كنت أنا أمه من عرفت بمرضه منذ بدايته لم أستطع تقبل فكرة رحيله كيف ستفعل هي..

- أنا آسف يا عزيزتي أعرف أن حديثك نابع من خوفك على كليهما، لكنهما اختارا طريقهما بإرادتهما فدعيهما يتصرفان على حسب رغبتهما، دعينا لا نتدخل في هذه العلاقة كلاهما الآن ناضج الآن ويعرف كيف يسير أموره، إننا نفقد إبننا ونكتسب ابنة فلا تجعلينا نفقدها هي الأخرى..

يتبع

#عمر_واحد_لا_يكفي

#Rain_Drops


عمر واحد لا يكفي(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن