الجزء 20 ..

138 8 0
                                    


عادا للمنزل، كان ستيفن طول الطريق كلما تذكر نكتة من نكاتهم إلا وانفجر ضاحكا مثل المجنون..

دخلا للمنزل يضحكان، كان والديه جالسين بالصالة عندما أتيا، اتقدت أساريرهما عندما رأوا ابنهم يبتسم ويضحك بعدما لم يسمعا صوته داخل المنزل لأكثر من أسبوع..

- لما تضحكان بهذا الشكل..؟!

- لن تصدقا إلى أين أخذتني هانا، لقد أخذتني لأحد المقاهي حيث يحكون النكات لإضحاك الزبائن، لقد استمتعت حقا وكانت النكات مضحكة جدا.. إنني جائع هل تعشيتما..!!

- لا لم نفعل كنا بانتظاركما..

هانا: سنغير ملابسنا وننزل للعشاء خلال لحظات..

جرت ستيفن من يده: لنصعد..

تبعها ستيفن دون أن ينطق بكلمة..

أعطته حقنة وتركته ليغير ملابسه وعادت للأسفل لتساعد والدته في إعداد المائدة..

- لما لم تبقي مع ستيفن؟ أستطيع تجهيز المائدة وحدي..

- إنه يغير ملابسه سينزل لحظات..

رن هاتفها معلنا عن وصول رسالة: " اصعدي لغرفتي حالا.."

صعدت هانا الدرج تركض بسرعة دون أن تدري أين تضع قداماها، دخلت غرفته ويداها على قلبها فرأته واقفا..

- أين وضعت ملابسي إني لا أعثر على شيء كيف قمت بترتيب هذه الخزانة..؟!

في تلك اللحظة جلست على الأرض ترتجف: كان بإمكانك إخباري بما تريد في رسالتك، لقد كاد قلبي يتوقف..

جلس بجانبها على الأرض: ماذا كنت تتصورين أنه قد حصل؟! ألم تعطيني بيديك حقنة قبل لحظات..!!

- ما أدراني أنا بما قد يحصل لقد كنت خائفة فقط، توقف عقلي عن العمل لحظتها..

احتضنها: كنت أدرك أن مجيئك هنا سيحمل لك الكثير من الألم والمعاناة، لقد أخبرتني أني سأكون بخير لكنك حتى أنت لا ثتقين بذلك وتعرفين أنها مجرد كلمات نحاول إخفاء خلفها حقيقة ما يجري حولنا..

ابتعدت عنه والدموع تبلل عينيها: هل تريدني أن أخبرك أنك لن تكون بخير بعد الآن، أن ما تبقى أمامك سوى ثلاث أشهر ستقضيها في الألم والمعاناة هل تريد حقا سماع هذه الكلمات مني..!!
والديك بانتظارك لننزل..

كانا جالسين على مائدة الطعام يقلبان صحنيهما دون أن يأكلا كل ينظر للآخر، لقد كانا قبل لحظات يضحكان لكن فجأة حطت غيمة سوداء فوق رأسيهما وحولت ضحكهما لحزن لم يعودا يعرفان كيف يتغلبان عليه فمهما حاولا إخفاء شعورهما بداخلهما إلا وانكشف ما بقلبهما يتحملان كل ذلك الحزن لكنه فجأة طغا على السطح وما عادا قادرين على كبحه..

ستيفن كان يلوم نفسه لأنه جعل هانا تأتي لمنزله وتتحمل كل تلك المعاناة معه، لم يردها حقا أن تكون بذلك الحزن الذي رآه بعينيها وذلك الخوف الذي كان يتملكها وهي تصعد راكضة لغرفته إثر رسالته، لم تكن تلك خطته من البداية فقد أراد أن تجد أسرة تسعد بوجودها بين أفرادها ولا تظل وحيدة حيث كانت تعيش، لكن ما أراده لم يحصل منه شيء..

أما هي فظلت تعاتب نفسها لانهيارها أمامه وعدم تحكمها بمشاعرها، فكيف تكون بذلك الضعف وتزيده قلقا فوق ما يعانيه، استاءت من نفسها ذلك المساء فمحاولتها للتخفيف عنه أفسدتها في نهاية المطاف..

بعد العشاء صعد كل لغرفته دون أن يتحدثا، تعودت في الأيام الماضية أن تظل معه حتى يستغرق في النوم قبل أن تعود لغرفتها لكنها الآن دخلت غرفتها دون أن تمر به..

كانت تجلس على مكتب بغرفتها تقلب الأوراق يمنة ويسرة، لم تستطع التركيز على ما تفعل وظل بالها مشغولا عليه، وجدت نفسها تحمل أوراقها وتذهب لغرفته، كان كما توقعته ينام دون غطاء وترك النافذة مفتوحة على مصراعيها..

وضعت أوراقها فوق مكتبه وجلست بقربه على السرير:

- أنا آسفة أحس أن وجودي قربك يصبح سببا لألمك يوما بعد يوم لا العكس، أتمنى لو أستطيع إعطاءك سنوات من عمري فلست بحاجة إليها..

قررت تلك الليلة ألا تعود لغرفتها فلا رغبة لها بالنوم فجلست على مكتبه لتقرأ ما كانت تحمله بيديها..

استيقظ "ستيفن" فجرا فرآها تنام على مكتبه بين الأوراق، حمل وشاحا وضعه على كتفيها.. فرأى الأوراق التي سهرت الليل في دراستها فحملها ليقرأها، كانت تقارير عن مرضه ومرضى لهم نفس مرضه..

كانت كل تلك الفترة منكبة على دراسة كل ما يتعلق بمرضه، تبحث عن علاج قد يكون ناجحا، تقارير عن أولئك الذين جربوا علاجات مختلفة، نسبة نجاحهم، من ظل منهم على قيد الحياة، أراء داكاترة حول العالم، على عكسه هو الذي فقد الأمل ولم يتمسك بشيء يربطه بالحياة، كانت هي تحاول جاهدة عدم فقدان الأمل في نجاته..

- لابد أنها غبية فنسبة النجاح لازالت ضئيلة، أن أنجو يحتاج معجزة ولا معجزات تحصل الآن..

- في تلك اللحظة استيقظت أخذت الأوراق من يده: إنني لا أبحث عن معجزة، سأعود لغرفتي وأنت عد لسريرك مازال الوقت باكرا..

تركته وغادرت فجلس على سريره يفكر بما حصل خلال الوقت الذي قضته "هانا" رفقته داخل هذا المنزل، لقد خففت عنه حملا كبيرا واستطاعت إخفاء تدهور مرضه عن والديه دون وجودها قربه ما كان يعلم ما يمكن أن يحصل له فقد فضلت أن تكون هي بجانبه عندما يشتد عليه الألم ويصبح كالجثة الهامدة كانت من يحتضنه كلما تألم وما عاد قادرا على الحراك فلولاها لما استطاع تحمل كل تلك المعاناة للآن..

يتبع

#عمر_واحد_لا_يكفي

#Rain_Drops

عمر واحد لا يكفي(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن