ظلت "هانا" تفكر بمن قد يكون دفع ذلك الدين للبنك بدلا منها، فجأة خطر ببالها "ستيفن" عندما قال لها عند الجرف أنه يستطيع دفع دينها، لكن تلك الفكرة بدت جنونية فلا سبب له لفعل ذلك، نظرت للساعة فكانت تشير للسابعة والنصف صباحا، حملت هاتفها لتتصل به ثم أغلقت الخط لابد أنها جنت لتوقظه من نومه لتسأله سؤالا سخيفا كالذي بذهنها..
لم تكن قادرة على العمل فاتصلت بالمقهى واعتذرت عن الذهاب، لم تكن قادرة على العمل بذهن شارد غير قادرة على التركيز بشيء معين..
ما إن حلت العاشرة حتى حملت الهاتف لتتصل ب "ستيفن"
- أريد أن أسألك شيئا وأجبني عليه..
- ماذا هناك؟! اسألي عما تريدين..
- هل أنت من دفع دين البنك، أنت من دفع الخمس مائة ألف يورو بدلا مني..؟!!
- هل جننت لما سأدفع ذلك المبلغ الكبير من أجلك؟! لما فكرت بأنه يمكن أن يكون أنا..؟!
- لا شيء وداعا..
أغلقت الخط، كان "ستيفن" يمسك بورقة البنك التي أعطاه إياها والده في تلك اللحظة..
- لما سددت ذلك الدين يا أبي..؟!
- إنه أقل شيء أقوم به لابنة صديقي، لقد كنت مدينا له بالكثير لو كنت أعرف بما حصل ما كنت لأتركها تعيش مثل تلك الحياة كل هذه السنوات..- أشكرك يا أبي لقد كنت أفكر في طريقة لدفعه لعلها تتوقف عن الجري من عمل لآخر فهي لا تفكر سوى في ذلك الدين..
- من المحزن معرفة كيف أصبحت مدينة بذلك المبلغ الكبير، من المحزن أن تتعرض للخيانة من أقرب الناس إليك وبكم كنت تثق بهم فمنذ ذلك الحادث وهي تعيش وحيدة دون أصدقاء أو رفقاء منذ سنتين لا تفعل شيئا ولا تغادر شقتها التي تسكن بها إلا للعمل..
من المحزن أن نصل للمرحلة التي لا نثق فيها بأحد ولا نفتح أبواب قلوبنا لأحد أن نغلق كل نوافدنا عما يربطنا بالعالم ونبني لأنفسنا عالما خاصا بنا لا يشاركنا به أحد..
- أبي كيف استطعت معرفة كل هذه الأشياء عنها..!!
- هل تظن أني وجدتها بسهولة عندما طلبت مني البحث عنها، لقد وظفت تحريا خاصا لإيجادها وقد جمع كل المعلومات الخاصة بها..
- الآن ستظل تبحث عن الشخص السحري الذي أنقذها من ذلك الدين..
- ليس مهما من هو ذلك الشخص الأهم أن تتحرر من ذلك القيد الذي كبلها السنتين الماضيتين..
خرج "ستيفن" قاصدا المقهى ظانا أنه سيجدها هناك فاليوم يوم عملها، لكنه تفاجأ كونها تغيبت عن العمل، وتلك كانت المرة الأولى التي تفعل فيها شيئا كذلك، ربما احتاجت للراحة بعد أن انزاح عن قلبها حمل ذلك الدين الذي كبلها عن فعل شيء غير العمل بجد لتجمع أقساطه الشهرية..
شعر "ستيفن" بالخيبة فقد ظن أنه سيراها ليطلب منها أن ترافقه في جولة في المدينة بعد إنهاء عملها لكن ظنه خاب فهي فظلت أن تظل بالبيت على أن تأتي للعمل..
يدرك أن الأيام تجري من بين يديه، لن تتوقف لتنتظره أن يلحق بها، ستتجاوزه لتسير دونه لم يعد هناك الكثير من الوقت الذي بحوزته، يستمر بالندم على عدة أشياء كلما تذكر أن النهاية شارفت على الوصول، لقد تمنى أن يكون ابنا جيدا يفتخر به والداه لكنه في اليوم الذي كان سيبدأ فيه مشوار حياته عرف فيه أنها لم تكن تلك بداية تحليقه للسماء كما تمنى بل نهاية أحلامه وكل شيء سعى لتحقيقه..
لم يتمكن من الطيران في رحلته الأولى كطيار، ففي اليوم الذي كان سيستلم فيه وظيفته تفاجأ أن الفحص الطبي الذي أجراه بسعادة بانتظار أن يؤدن له بالطيران كان ما قلب حياته رأسا على عقب وجعل حلمه في التحليق عاليا نحو السحاب يتبخر في الهواء..
لم يسمح له حتى برحلة واحدة، فانتهى حلمه قبل أن يبدأ، يتذكر ذلك اليوم عندما أخبر والداه عن نتائج فحصه الطبي فسيعرفان ذلك عاجلا أم آجلا طالما لم يعد بإمكانه أن يستلم وظيفته كطيار، كان يبتسم فقد استسلم لقدره غير قادر على القيام بشيء، طلب من والداه ألا يحزنا من أجله ألا يضعفا أمامه أن يستمرا في حياتهما دون قلق اتجاهه، أن يتمسكا بإيمانهما ويصليان من أجل أن يغادر العالم دون ألم..
لم يكن يملك شيئا غير التظاهر بالسعادة والابتسام، أراد حقا تعويض والديه عن إهماله لهما سنوات دراسته الطويلة وسفره بعيدا عنهما أراد أن تكون شهوره الأخيرة كابن جيد فكان قرار عودته لريبون هو ما استطاع فعله في آخر أيامه في هذه الحياة التي لم تمنحه فرصة للتكفير عن أخطائه، ليتنا نملك عمرا آخر، عمرا احتياطيا نستطيع استنفاد أيامه عندما تحين لحظتنا ونكون محملين بالندم مليئين بالأخطاء التي نحن بحاجة لإصلاحها..
كيف أدرك الآن فقط أن عمرا واحدا لا يكفي، لا يكفي لشيء حتى للموت بسلام دون أن تترك خلفك الكثير من القلوب الجريحة لا ما تفعله لأجلهم سوى الرحيل من هذا العالم بهدوء في غفلة منهم..
يتبع
#عمر_واحد_لا_يكفي
#Rain_Drops
![](https://img.wattpad.com/cover/107813602-288-k566303.jpg)
أنت تقرأ
عمر واحد لا يكفي(مكتملة)
Storie d'amoreقدر يفرق بينهما لكنه يعود ليجمعهما بعد مرور عدة سنوات لكن الموت يكون على وشك سرقة أحدهما من الآخر، هل يستطيعان تجاوز الصعوبات والظروف والموت الذي يتربص بهما ليكونا معا هل يتمكننان من إيجاد عمر آخر ليعيشاه معا تابعو القصة لتعرفوا 😉