Part 19

906 65 14
                                    


كل ذلك حدث على مرأى منه ولم يتمكن من فعل شيء ، بعينيه الاثنتين شاهد يونهو وهو يدفعها الى السيارت
وشاهدها تسقط متضرجة بدمائها ، مشى اليها بخطوات ثقيلة كالموت ، كأن السيارة صدمت قلبه لا جسدها
من بين جموع الناس المتجمهرين حولها عبر بصعوبة ، حملها بهدوء ووضع رأسها على فخده
يمسح بقايا الدماء العالقة ببشرتها الصافية ، ويبعد خصلات شعرها الملتصقة بوجهها بسبب الدماء
بدأ يغسل ملامحها الباردة بدموعه ، يطهرها من ذنبه ، لو لم يقع في حبها ما كانت ها هنا وبهذا الحال ..
نسي أنه طبيب ، نسي ان يسعفها ، كان عقله مرهقاً منشغلاً باستيعاب كم الدموع الهاطل من عينيه
عمق مأساته وتعبه ، هذا الحب الذي حكم عليه بالاعدام ظلماً دون جريمة ارتكبها
ذلك الحب البائس الذي لم يكتب له ان يكتمل ، وهذه السعادة المبتورة ما كان لها ان تعبر بحور اليأس المحيطة بهم ..
بعد وقت قصير ، كانت في غرفة العمليات ، وضعها الخطر ، وكمية الدماء التي خسرتها لم يكن هناك ما يسعف بقايا روحها المتعلقة بجسدها 
وقف أمامه أحد الأطباء يهزة بقوة ، يرجوه ان يدخل غرفة العمليات لانقاذ المريضة بما انه أفضل طبيب جراح عندهم
ولكنه واقف بلا حراك ، كيف يمكنه ان يرفع مشرط الجراحة على جسدها الطاهر ، كيف له يعالجها وقد رقدت روحه بجانبها ...!
اي مستحيل هذا الذي يطلبونه ، شعوره بالضعف ينهش جسده ، كيف لطبيب بدون قوته ، بدون روحه ان ينقذ أرواحاً أخرى ؟؟
لكمة قوية على وجهه أيقظته من ضعفة وقلة حيلته ليجد كيونا غاضباً ويرفعه من ياقته غير ابهٍ بتي ري التي ترجوه ان يبتعد عن اخيها
كيونا غاضباً : أيها الاحمق ، لماذا لا تذهب لانقاذها ، اذا خسرت اختي سأقتلك هل فهمت ؟؟
تي ري : اجاااشي ارجوك اتركه ، انه بغير وعيه
كيونا يصرخ : لا يهمني ، ما اعرفه انه طبيب ، وان يون بي تقبع خلف ذلك الباب بانتظاره لينقذها
انتفض لكلماته ، أدرك انه يكاد يخسرها ، وبسرعة اتجه نحو غرفة العمليات ، نحوها ...
جلس بجانب والده على أحد مقاعد المشفى ينتظران أي خبر ينتشلهما من الصدمة ، ليعيد اليهما الحياة
السيد تشو : لا يمكنها ان ترحل هكذا ، دون ان تودعنا انا حتى لم أرها منذ عدة أيام ، كنت منشغلاً بالعمل ولم أقم بزيارتها أبداً !!
كيونا : ستنجو ، أثق بدونغهي هيونغ ...
من بعيد كانت تراقبه من بين دموعها ، تتمنى ان تقترب منه وتواسيه ، ان تكون بجانبه في وقت عصيب كهذا لتمنحه الأمان
لكن والده ... وجوده وما قاله من قبل يصنع حاجزاً غليظاً بينهما ، يمنعها من وضع رأسه على صدرها ليرتاح بالقرب من قلبها ..
يمنعها حتى من الامساك بيده لتخبره ان كل شيء سيكون بخير فيطمئن قلبه يمنعها حتى من أن تكون سنده ....
عدة أيام كانت كدهر بالنسبة لهم ، لم تستيقظ بعد تلك الفتاة طريحة الفراش ولا شيء منها ...
وفي الوقت ذاته كان بجانبها ، لم يبارحها ولو للحظة ، كان متربصاً بها كأنه سيفقدها ان غابت عن عينه لدقيقة
أخيراً بدأت ملامح وجهها بالتغير ، وشيئاً فشيئاً فتحت عيناها ، وبسرعة عادت لتغلقهما بسبب أشعة الشمس القوية
عادت لتفتحهما ببطء لتجده بجانبها ، لم يتحرك ، ولم يتحدث كان ينظر اليها فحسب كأن قلبه قد قفز اليها وتركه خلفه
تكلمت بوهن : أين أنا ؟؟
لم يجبها ، لم يقل حرفاً ، اكتفى بوضع سماعات الطبيب عليها ليفحصها تأكد انها بحال جيده وقد تحسنت اصابتها كثيرا
بعد لحظات كانت غرفتها تعج بالناس ، والدها وكيونا ، السيد لي وزوجته وابنتهم تي ري وصديقاتها وهو ...
من بين كل هؤلاء ، كانت تنظر اليه فقط ، كيف كان يجلس بهدوء كأن شيئاً لم يحدث ، ملامحه الباردة غير المبالية
كل شيء فيه كان يزعجها ، تمنت لو كان قلقاً عليها ولو قليلاً ، لو انه يضمها بحب سعيداً بعودتها سالمة .. لكن لا شيء
لم تتمكن من فهمه تماماً بعد ، لم تدرك أن خلف ذلك الهدوء قلب مفطور وروح باهتة هدها البعد والقلق ..
لم تفهم بعد انه لا يجيد سوى الاختباء في ظلال الصمت عندما يعجز لسانه عن التعبير
انه رجل من صمت ، رغم ما بداخله من مشاعر جياشة ، إلا انه يبدو بارداً بلا ملامح ولا شعور ..
كانت تريد ان ترتوي منه بالقليل ، دون ان تعلم ان بداخله الكثير ، أكثر من ان تفي به بضع كلمات
أكثر مما يمكن لهذا الكون استيعابه ، من حب ، من خوف وسعادة ، من قلق وعتاب .. من كل شيء .. منها ...
في المساء ، وقفت أمام الة تحضير القهوة الفورية ، تمسك رأسها بتعب تلك الايام المنصرمة كانت الأصعب بالنسبة لها
شعرت بأحدهم يضع رأسه المثقل بالألم على كتفها وسرعان ما عرفته عندما انسابت انفاسه الدافئة لتعبر مسامات جلدها وتستقر بجانب قلبها المرهق به
تي ري بهدوء : ما الذي تفعله ؟
كيونا : احاول ان ارتاح قليلاً
تي ري : نحن في مكان عام
كيونا : لا يهمني ، فقد حرمت منك لما يكفي
عضت شفتها السفلى بألم على ما آلت اليه حالة بينما هي عاجزة عن مساندته حتى
تي ري : أجاشي هذا يكفي
كيونا : لا تكوني بخيلة هكذا
أحاطها بكلتا يديه وضمها أكثر ليدخلها الى صدره فتسمع أنات قلبه ، سمحت لدموعها بالانسياب على خديها بصمت
رفع رأسه وأدارها باتجاهه لتقابله عندما شعر بدموعها فزاد بكاءها أكثر مما جعله يبتسم على برائتها ويجذبها الى صدره ليربت على رأسها
في وقت لاحق بعد أن غادر الجميع ، بغرفة المشفى الخالية إلا منها ، كانت تحدث نفسها بغيظ  اي برود هذا الذي يقابلها فيه بعد ان عادت من حافة الموت !
قاطعها بدخوله ، الذي على الرغم من هدوئه إلا انه يعصف بقلبها وكيانها فيبخر غضبها كأنه لم يكن ...
تأكد من المحلول المغذي والأبرة الموصولة بيدها ، كل ما يفعله لا يظهره سوى كطبيب يقوم بعمله مع مريضة غريبة
تكلمت بشيء من القهر : شكراً لك سيدي الطبيب
دونغهي متفاجئ : لماذا تحدثينني كأنني طبيب غريب ؟
يون بي : لانك تعاملني كمريضة غريبة !!
ابتسم بهدوء : وهل يزعجك ان أقوم بعملي ؟
يون بي : أبداً ، استمر بعملك فحسب ..
اتسعت ابتسامته وهو يدنو منها ، أخيراً انصاع لما في قلبه ، أراد ولو لمرة أن يتصرف كما يملي عليه قلبه وفعل
مسح على شعرها بنعومة حتى وصل الى عنقها فاحتواها بكفه ، مما جعل ناظريها يغيبان في عينيه فقط
دونغهي يهمس : شكراً لعودتك الي ...
قبل ان تجيبه كانت شفتيه تداعبان شفتيها بقبل رقيقة هادئة ، رست فيها كل سفن مشاعره عند شفتيها
لم تعي اي شيء سواه ، ذلك الدفئ الذي يغمرها فيه ، تذوقت حلاوة مشاعره المختبئة خلف صمته بحياء ..
بادلته قبلته دون ان تدرك كم مرة همس قلبها لها انها تحبه ، تحبه هو فقط

#انتـــــهى
انتظروني الاسبوع المقبل ان شاء الله في البارت الأخير
وشكراً على الدعم والمشاركه من كل القارئات الرائعات

في ظلال الصمت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن