part 7

1K 64 4
                                    


كانت تمشي وحيدة شاردة الذهن ، تحني رأسها للأسفل بحزن وتضم جسدها بكلتا ذراعيها حتى شعرت بقطرة ماء تسقط على شعرها وتلتها العديد من زخات المطر تتساقط من السماء المتوشحة بالسواد بسخاء ..
نظرت الى السماء بعينين تائهتين سامحة لقطرات المطر ان تغسل وجهها علها تريحها من تلك الأفكار التي تضج بعقلها
تنهدت أخيراً وجلست على مقعد خشبي على الرصيف ، تراقب المارة يجرون هرعين من المطر حتى فرغ الشارع تماماً من الناس
عادت لتتبحر بأفكارها ، تتذكر اخر كلمات ألقاها عليها بغضب قبل أن يرحل ويتركها على حالها هذا
" انت تهتمين لأمره أكثر مني ، يبدو انك تكنين المشاعر لذلك المتعجرف ..!"
أفاقت من شرودها عندما شعرت بتوقف هطول المطر على رأسها ، رفعت نظرها ببطء لتجده هو ..
يقف أمامها بطوله متأملاً عينيها ويرفع مظلية فوقها ليقيها من المطر ، لم ينطق أحدهما بحرف ، فقط استمرا بالصمت لدقائق قبل أن ينحني أمامها ويهمس بصوته الدافئ
دونغهي : ما الذي تفعلينه هنا تحت المطر ؟
لم تجبه ، فقط عادت كلمات يونهو الغاضبة تتردد في آذانها وهي تفكر لماذا الان بالذات ظهر أمامها ، والسؤال الأهم لماذا شعرت بشيء من الفرح الخفي في دواخلها عندما ظهر أمامها ..!
دونغهي : هل انت بخير ؟
لم تجبه أيضاً فأمسك يدها وساعدها على الوقوف وأخذها باتجاه سيارته وهي تمشي ورائه بصمت حتى وصلا سيارته
دونغهي يفتح لها الباب : اصعدي الان وسنتحدث لاحقاً .
يون بي : لا اريد ..
دونغهي : بوو ؟
يون بي بصوت هادئ : يمكنك المغادرة أولاً ، أرغب بالمشي قليلاً ..
قالت كلماتها تلك ومشت مبتعدة بينما اغلق سيارته ولحق بها مجدداً رافعاً المظلة حتى لا تبتل اكثر مما هي عليه
يون بي : ما الذي تفعله ..؟
دونغهي دون ان ينظر اليها : امشي ..
يون بي : أريد البقاء لوحدي قليلاً !
دونغهي : لن اتركك وحيدة هنا .
يون بي بغضب : يااا
تجاهلها واستمر بالمضي أماماً فلم تجد سوى ان تكمل سيرها بصمت .. توقفا أخيراً امام واجهة زجاجية لأحد المحال
يون بي : انه جميل .!
دونغهي بفضول : هل تحبين الموسيقى ؟
يون بي : كثيراً وخاصة البيانو ، عندما استمع لالحانه اشعر باوتار قلبي تتراقص طرباً عليها ..
دونغهي : انه المفضل لي أيضاً .. هل ترغبين في تجربته ؟
يون بي متفاجأة : بوو لا انا لا اجيد العزف عليه
لم يستمع لكلماتها ودخل الى المحل وبسرعة تبعته ، لمس أزرار البيانو بأطراف اصابعه ثم ارتسمت على شفتيه شبه ابتسامة جعلتها تتعجب
يون بي : ما الذي تنوي فعله !!
جلس على المقعد الخاص بالبيانو الاسود الضخم ، وبهدوء وثقة بدأ يمرر أصابعه بين ازراره بخفة فيصدر لحن داعب قلبها قبل سمعها ..
كأن العالم حولها سراب ، كل شيء حولهما اختفى ولم تبقى سوى صورة دونغهي يعزف أمامها
كيف لمجرد ألحان ان تحلق بها في عالم زمردي مختلف ، وتنقلها من شتات أفكارها وتقفز بقلبها الى شعور دافئ غلف جسدها بقشعريرة هادئة
ابتسمت له عندما توقف من العزف وتلاقت نظراتهما  ، رجل ليس له شبيه ، مثالي بكل ما يفعل ، تعلم يقيناً انه كما يجيد العزف على هذا البيانو هو بارع في مداعبة اوتار قلبها ونفض روحها من كل شيء غيره ...
ببطء تلاشت ابتسامتها العذبة لتتحول لنظرة غاضبة متكلفة ، انتفضت كمن لدغ من أفعى .. ولربما هي افعى واقعها ..
يون بي بغضب : نحن وحدنا هنا ، لا داعي لتمثيل دور الزوج الطيب
نهض بدوء : وهل يبدو ما أفعله تمثيلاً ؟!
يون بي : وهل تظنني سأخدع بوجهك الوسيم وابتسامتك الكاذبة ، كلانا يكره الاخر ، حذار من محاولة الاخلال باتفاقنا ، وارجوك توقف عن لطفك المفتعل ، اعلم انها ليست حقيقتك ..!
خرجت بغضب دون ان تسمح له بالاجابة على اتهاماتها المتتالية ، رفع رأسه للاعلى يحدق بالفراغ المحيط به .. وكذلك هي حياته ...
من الجهة الأخرى بينما كانت تمشي في الطرقات الفارغة بغير هدى بعد توقف المطر ، جلست على احدى المقاعد الخشبية على الطريق تفكر ..
لماذا كان عليه ان يصبح جزءاً من حياتها الان فقط ، لماذا يلهو بها القدر ليضع الرجل الذي حلمت به لسنوات في عالمها بعد ان تقبلت عدم وجوده
لا اصعب من ان تحرق روحك بيديك ، ان تدفع من احببت بعيداً بينما تعلم انه برحيله تكمن نهايتك
ان تضطر الى مراقبته من بعيد ، بينما تعلم انك بيديك من خلق تلك المسافة التي تفصلكما ، ان تشتاق وتعجز عن وصف اشتياقك ..
ان تتجاهله وبذلك تنكر حقيقتك ، حقيقة انك احببت اكثر من المعقول شخصاً لا يمكنك ان تكون له ..
في صباح اليوم التالي ، بعد انتهائه من معالجة أحد المرضى تفقد هاتفه ليجد اتصالاً من كيوهيون فأعاد الاتصال به
كونا : يوباسيو
دونغهي : هل اتصلت بي ؟
كيونا : دييه ، هيونغ اريد التحدث معك ، الديك بعض الوقت الان ؟
دونغهي : بالتأكيد
بعد وقت قصير كانا قد التقيا في أحد المقاهي كما اتفقا
دونغهي : إذاً ما الأمر ؟
كيونا : انه بشأن يون بي ، لا اعلم كيف يسير لأمر بينكما ، لكنني أعلم جيداً انها ليست بحال جيدة !
بعد هدوء دام لعدة ثوان أجاب : لا أعلم ، أظن ان مهمتي أصعب مما تخيلت ، كل ما حاولت الاقتراب منها خطوة تنسحب للوراء عائدة خطوتين
كأنها تبذل كل ما لديها من دفاعات لردعي من التقرب اليها  لا اعلم الى متى سأتمكن من الصمود ..
هذا الحب البائس من طرف واحد ، لا اعلم ان كان له أي معنى ، ولا اعلم الى اين سيصل بكلينا ..
كيونا بانفعال : ارجوك هيونغ لا تيأس ، يمكنك فعلها انا متأكد من ذلك ، لقد شعرت به ، لديك تأثير خاص على يون بي !
دونغهي : أعلم ، اعلم انني اؤثر بها بطريقة ما لكن ..
كيونا : لكن ماذا ؟؟
دونغهي : لكنها ترفض الاستسلام لذلك
كيونا : هل ستستسلم انت اذاً ؟
دونغهي : حتى لو أردت ذلك ، لا أستطيع ، قد تمرد قلبي علي ، على الرغم من انه غير قادر على الحصول عليها لكنه يأبى التخلي عنها أيضا ً ..!
بعد صمت قصير أضاف : هل تظن انني رجل بائس؟؟
كيونا بابتسامة : أظن نك رجل رائع ، وأتمنى لو تتمكن اختي من ملاحظة ما تفعله من أجلها ، لو أنها فقط تزيل ذلك الغطاء عن قلبها وعقلها لتعلم كم تحبها ....
عاد الى منزله ماشياً بملل حتى وجدها امام باب منزله تقف بحيرة فاقترب منها
كيونا : هل تبحثين عني ؟
تي ري : ولماذا سأبحث عنك !
كيونا : اذن ما الذي تفعلينه هنا ؟
تي ري : لقد أرسلت لكم والدتي بعض الأطباق الجانبية ، قالت انكما رجلان تعيشان وحيدين قد تحتاجان لها ..
كيونا : هذا لطف منها ، والدي ليس في المنزل الان ، يمكنك الدخول
تي ري : سأضعها في الثلاجة وأغادر
كيونا : من هنا
تي ري وهي توضب الأطعمة : ألا يوجد احد في المنزل
كيونا يبتسم : انيي لا يوجد غيرنا هنا ، وييه هل انت خائفة ؟
تي ري باستخفاف : من ماذا سأخاف !
كيونا : البقاء في منزل فارغ مع رجل ، ألا يخيفك ذلك ؟؟
تي ري : هه تقصد مع اجاشي كسول مثلك ، لن أخاف بالتأكيد فأنت لا تستطيع فعل شيء !
كيونا بتحدِ : لا تكوني واثقة هكذا ...
وبحركة خاطفة كانت محتجزة بين ذراعيه حيث وضع كلتا ذراعيه على المنضدة خلفها فأصبحت محاصرة بين يديه وصدره العريض
تي ري بتوتر : يااا ما الذي تفعله ، ابتعد حالاً
كيونا بصوت هادئ : وان لم أفعل ..؟
تي ري بصوت هامس : شيبال ...
صوتها الرقيق هامساً ، يدها الصغيرة التي تلمس عضلات صدره بوهن مرتجية ابعاده ،وجنتيها المتوردتين ...
تحديات عظيمة يعجز عن الوقوف ضدها ، رغباته المتأججة بداخله كنار أشتعلت وما من مطفئ لها
مشاعره المترددة اتجاه هذه الطفلة وملامحها البريئة ، وانفاسها المرتبكة التي تلامس جسدة بجرئة فتصيره رماداً ...
كيف له أن يبتعد ، وكيف يخمد الحرائق المشتعلة في صميمه ، بصعوبة تمكن من تمالك نفسه ، وردع جنونه
أبعد احدى يديه ليفسح لها المجال علّها تبتعد وتسمح له بالتقاط انفاسه لكنها لم تتحرك ، رفع نظره اليها ببطئ ليجدها تحدق به ودموعها تتعلق بصعوبة في زوايا عينيها الواسعتين
فقد آخر ما لديه من قوة لمقاومة جمالها البريئ ، وأنوثتها المتلفحة بشرنقة الطفولة النقية
انحنى اليها ببطئ يبتغي الوصول الى شفتيها الورديتان ، علّه يروي شغفه بهما ، ويستقل بها قلبه ..
كادت تتخدر بأنفاسه ولمساته قبل ان يثور كبريائها وتصفعة بكل ما لديها من قوة فتبعده عنها
وقف مذهولاً من ردة فعلها الحادة وقبل ان يملك شيء ليقوله لها كانت قد غادرت كنسمة باردة في صيف حار
مسرعة مخلفة فيه نشوة حب ، وخفقة منكسرة وجرحاً لا يعلم كيف يعالجه ..
نظرت الى ساعة هاتفها وتنهدت بملل ، يكاد الليل ينتصف ولم يعد للمنزل بعد ليس من عادته تجاهل وجبة العشاء مع عائلته لكنه لم يحضر اليوم
بعد تفكير طويل ، ومحاولات جاده في محاوله تجاهل امر تأخره استسلمت اخيرا ً لقلقها واتصلت به
دونغهي : يوباسايو
يون بي : اين انت ، لماذا تأخرت حتى الان ؟؟
دونغهي متعجب : لماذا ؟؟
يون بي : كيف تتصف بعدم مسؤولية وتتأخر هكذا دون ان تخبر أحداً عن مكانك ، ألا تظن ان هناك من سيقلق عليك !
دونغهي يبتسم : بيانيه ، هل جعلتك تقلقين ؟
يون بي بخجل : انييي .. انا فقط .. تعجبت تأخرك ، ولا أحد في المنزل يعلم مكانك .
دونغهي : وهل كنت تتجولين في المنزل تسألين الجميع عن مكاني !
يون بي : يااا لماذا تستمر بتغير الموضوع ؟؟
دونغهي يضحك : ما زلت في المشفى ، لقد أجريت عملية جراحية لمريض كان في حالة خطرة ، وأرغب بالاطمئنان على صحته لذلك انتظره حتى يستيقظ ..
يون بي : هممم وهل تناولت طعامك ؟
دونغهي : ليس بعد
يون بي : ألا يجب على الطبيب ان يعتني بصحته ليتمكن من الاعتناء بمرضاه ؟
دونغهي : بلى .. لكنني لم اجد الوقت لذلك بعد .
يون بي بهدوء مفاجئ : هل ستتأخر كثيراً الليلة ؟
دونغهي : وهل اشتقتِ لي ؟
اغلقت الهاتف بسرعة مما جعله يضحك بملئ فاه ، يدرك تماماً انه أخجلها بكل طريقة ممكنه ، لكنه سعيد بذات القدر الذي أخجلها به لاهتمامها به
من الجهة المقابلة كانت تشتعل خجلاً وغضباً في آن واحد ، ألقت هاتفها جانباً واستلقت تحت غطائها ترتجي النوم ..
انتصف الليل بالفعل ، واستيقظ المريض أخيراً بصحة جيدة ، مسح جبينه بتعب وخرج من غرفة العناية المركزة ليجدها أمامه
كالملاك بثوبها الأبيض الناصع القصير ، مع ابتسامة خجوله وعابثة في الوقت ذاته وبيدها بعض العلب

اتجه اليها وبالكاد يحاول إخفاء لهفة قلبه المتيم بها ، تفاجئه بكل ما تفعله ، عشقها بحر سحبته اليه دواماته
افعالها مد وجزر لحياته ، تسحبه اليها في آن وتقذفه بعيداً في وقت اخر بأمواج عاتيه فيرتطم بشاطئ تائه ليبحث عنها من جديد ..
وصل اليها ، لم ينطق بحرف ، كل حروف لغات العالم تعجز عن وصف شعوره في ذلك الوقت ، يكفيه النظر اليها بعيني عاشق مجنون
أحنت رأسها متوترة من نظراته الجريئة ، متعجبة ملامحة النقية في تلك اللحظة ، عضت على شفتها السفلى بأسنانها الؤلؤية قبل ان تحاول كسر الصمت المربك بينهما
يون بي : ظننت أنك ستشعر بالجوع ولن تحصل على طعامك ، لذلك أحضرت بعض الطعام لتتناوله ..
دونغهي يبتسم : هل نذهب الى مكتبي ؟
يون بي : لديكم حديقة جميلة في المشفى !
دونغهي : لنجلس هناك اذن ....
مقارنة بأول لقاء لهما ، مقارنة بيوم زفافهما ، يشعر انه اقرب الى قلبها الان من اي وقت مضى 
يستطيع الان ان يبتسم معها بأريحية ، وأن يستمتع بإشراق ابتسامتها الجذابة بدون اي حواجز تفصلهما ، ويتأمل تفاصيل ملامحها حيث يسكن الورد
تلك اللحظات الثمينة الشفافة لم تكن لتكتمل ، لا يعلم لماذا يضعة القدر عائقاً في طريق سعادته المؤقته
وقف بطوله مكتفاً ذراعيه بحنق والشرار يتطاير من عينيه ليجعلها تنتفض من مكانها بخوف
يونهو : يالها من لحظات حميمية تقضيانها هنا !
يون بي : اوبا ..
دونغهي : ما الذي تفعله هنا ؟
يونهو : اشتممت رائحة الخيانه فتبعتها ...
يون بي : اوبا ما الذي تقوله ، فقط احضرت الطعام لدونغهي شي لانه كان جائعاً ولم يتناول الطعام بسبب انشغاله
يونهو : لا يهمني ذلك ..
دونغهي : ألا تظن ان التنصت على رجل وزوجته تصرف مشين !
يونهو : وهل تظن محاولة إغواء صديقة رجل اخر أمر لطيف !!
دونغهي : يونهو هذا يكفي ، أوقف لعبتك السخيفة وانتقامك الغبي هنا ، لقد تعديت حدودك بالفعل ..
يون بي : انتقام ؟
يونهو : لا اعلم عن ماذا تتحدث ، كما انك لست الشخص الذي يحدد متى اتوقف ..
يون بي : ما الذي تتحدثان عنه ؟
يونهو : تعالي معي فحسب
دونغهي : كاجيما ... ابقي معي انا
نظرت لكليهما لا تفهم ما يحدث بينهما ، وتلقائياً رجعت خطوة للوراء حيث دونغهي حتى اوقفها بكلماته قبل ان ترجع اكثر
يونهو : هل نسيتي الوعد الذي قطعته على نفسك ، هل ستتخلين عني الان حقاً ؟؟
تجمدت في مكانها ، تحاول بلا فائدة ان توازن بين قلبها الذي يأمرها بالبقاء مع دونغهي ، وعقلها الذي يأمرها بالوفاء بعهدها الذي قطعته على نفسها بالبقاء مع يونهو مهما حدث ..
ترددت قليلاً قبل ان تمشي باتجاه يونهو تاركة خلفها جسداً تخدرت أطرافه على صوت همسها الأخير
يون بي : بيانيه ....

#انتهى
اتمنى يكن عجبكم
وانتظروني قريبا في البارت التالي

في ظلال الصمت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن