"4"

639 25 25
                                    

يقف هو وزميله في موقع التسليم بدون الفرقة كي لا يشك احد ، متخفيين تماما لا يظهرون
ولا اثر لاي شيء !!
منذ مساء اليوم الماضي وهم يتناوبون على المراقبة ولا جديد لا شيء يقترب او يتحرك لا شيء ابدا
اتصلت به والدته فاجابها واطمئن على حالهم وكذلك اطمئنت هي انه بخير وانتهت المكالمة على خير
***
في الخامسة والنصف اتصل ساهر بشاهين مجددا
: ايوة يا ساهر انت عارف ان ده خطر صح ، مينفعش انت تكلمني
_ لو الموضوع مش مهم مش هكلمك ، قابلني في كافية×××
: في كافية ! لا مينفعش يا ساهر
_ مش هنتكلم هناك بس هنتقابل فيه ، وبعد كده هخدك لمكان تاني
: ساهر انا واثق فيك ، بس انت متاكد من اللي بتعمله
_ لما اقابلك هقولك كل حاجة ، متتأخرش ....
***
يحب هذا المكان بشدة صغير وهادئ بجدرانه الزجاجية التي تطل على حديقة صغيرة تلفها مجموعة اشجار تعطي للمكان سحراً خلاباً ، مع رائحة القهوة التي يحسنون صنعها والجو الغائم بالخارج ، هذه هي الراحة بالفعل
كان آسر جالساً يحتسي من فنجان القهوة بيده ، رشفات صغيرة تمكنه من اشتمام عبق القهوة المميز ، عقله هائم في افكار كثيرة ، يطير كما لو كان ورقة شجر في رياح الشتاء الهائجة ، بدأت قطرات الماء في التساقط لتطرق النافذة جواره بهدوء وتتابع.
ثم وجد ساهر يدخل المكان مع شاب اخر ، كان يدور بعينيه في المكان كمن يبحث عن شيء ما ، ولأن لا طاولات فارغة في المحل الصغير فقد ظن انهما يبحثان عن مكان ليجلسا به ، فأشار له ليتقدم نحوه بتمهل وتوتر حاول إخفاؤه وقد نجح
اقترب منه ساهر مع الشاب الاخر ، فقام آسر وصافحه قائلا : ازيك يا ساهر
كان الشاب معه سيتحدث ولكن ساهر ضربه بخفة ليمنعه ثم قال : الحمد لله يا فندم ، اعرفك يا كريم ده استاذ آسر صاحب الشركة اللي بشتغل فيها ، كريم صاحبي يا استاذ آسر
هز رأسه مع ابتسامة ثم قال : لو مش لاقيين مكان ممكن تقعدوا معايا لو مش هتتضايقوا يعني
نظرا لبعضهما ثم قال كريم : لا طبعا يشرفنا ، واسفين لو هنتقل عليك
_ لا خالص اتفضلوا ، لحظة بس وراجع
هز ساهر رأسه بهدوء بينما رحل آسر متجها لدورة المياة
فانتهز كريم الفرصة : اتصل بيه قوله ميجيش ، بسرعة
اخرج ساهر هاتفه ليتصل به : ايوة يا بسام
_ ايوة يا ساهر انت وصلت
: ايوة بس متجيش ، قابلت ناس تعرفني مينفعش تيجي
_ ماشي يا ساهر
: كلمني بالليل
_ تمام ، سلام
اغلق الخط فسأل كريم : مين بسام ؟
اجابه : اي اسم ، عشان احنا في الشارع بس
هز رأسه بتفهم ، وبعد قليل عاد آسر من دورة المياة ، جلس معهما لبعض الوقت وتحدثوا في عدة اشياء وكان لاقتراب اعمارهم دور في تقريب المسافات بينهم ، ربما هو صاحب الشركة ولكنه لا يكبرهما سوى بعام او عامين .
انهى آسر قهوته وهو يتحدث معهم ثم رن هاتفه برقم وسيم لم ينظر للاسم تكفي صورته التى ملأت الشاشة كاملة ، اغلق الهاتف ولم يجيبه ثم استاذن وغادر متعللاً بعمل عليه انهاؤه
غادر المطعم ، بينما كان الشاهين يقف بالقرب للتاكد من انه لم يتم الايقاع بهما ، حتى وجدهما يرحلا بعد قليل ، فمضى في طريقه بهدوء واضعا كفيه في جيب معطفه الذي رفعه قبعته لتغطي خصلاته الفحمية بينما كان المطر قد ازداد ...
وصل لمنزل والده ثم خلع معطفه الغارق بمياه الشتاء ، القاه جانبا ثم ارتمى على الاريكة وهو يشعر بالحيرة
اتى والده ليوقف قطار افكاره قائلا : لو امك شافتك عامل كده في الشقة هتعلقك على باب زويلة
كانت الارض قد تلطخت بطين حذائه والمعطف المبتل ملقى على الاريكة يكاد يقطر ماء بالرغم من سُمكه ، وهو يجلس على الاريكة ممددا ساقيه على السجادة امامه
ابتسم بشرود قائلا : حاضر هنضفهم
_ طب قوم على طول
: ماشي يا ابو على حاضر
قام يحمل المعطف والحذاء ليعيد كل الى مكانه ، حين قال والده : مالك ، متحير في ايه ؟
وقف قائلا بشرود _ وصلنا للركن الخامس في المافيا ، بس قلقان
تعجب والده : من ايه ؟
_ ساهر كلمني وقال اقابله عشان معاه ادلة
: وانت قلقان من ساهر ؟
هز رأسه نافيا _ لا انا قلقان على ساهر ، انا بشتغل معاه من فوق السنتين ، عمره ما عرف انا مين ، بس كان بيشتغل معايا صح ، انا واثق فيه ، بس تفتكر ده مش فخ لينا ؟
: ازاي ؟
زفر بهدوء : مش مهم ، المهم اننا لو فعلا لازم نتنقابل يبقى مكان متأمن
: بسيطة جدا ، هاته هنا
_ هنا فين ؟! ، كده انت هتكون في خطر
: مش مطمن منه ، يبقى خلاص واعتقد مفيهاش حاجة لو جه هنا واحد صاحب ابني يعني  ، مش مثير للشك يا شاهين
ترك ما بيده_ ماشي هكلمه
هتف به والده : خد هنا نضف البهدلة دي الاول ،  ايه الاستهبال ده
قال بضحك وهو يعود للتنظيف : ماشي يا حاج
بينما قال الاب وهو يجلس ليشاهد التلفاز : ناس متجيش غير بالعين الحمرا !
انتهى مما يفعل وحادث ساهر كانت التاسعة تماما
: ايوة يا ساهر
_ ايوة يا شريف ، بتتصل دلوقتي ليه
: بقى ليا اسماء كتير من الواضح
_ ما كنتش عامل حسابي على مكالمتك
: ماشي ، هديك عنوان وتجيلي فيه
_ هو تمام يعني ؟
: اكيد امان متقلقش ، هتيجي امتى
_ دلوقتي لو ينفع
: ماشي ، اكتب عندك شارع ..........
اغلق شاهين المكالمة بعدما املاه العنوان ثم اخرج هاتفه الذي يستخدمه في حياته الطبيعية ونظر لذاك الرقم الذي يرن للمرة المائة اليوم وحين اجاب وجد شخص ما يخبره بأنه لو توقف عما يفعل سيعطيه ما يريد بل وربما سيعمل معهم ويكون ذا شأن عندهم ايضا ، بالطبع فهمه ولكنه تظاهر بعدم معرفة شيء حتى اصبح يغلق الهاتف كلما دق ذاك الرقم ، والان وصل به الضجر لاقصى ما يمكن فاغلق الهاتف تماما
بينما ساهر دوّن العنوان ثم استقل سيارة اجرة الى هناك ، ليرى شخصا لم يتوقع ابدا ان يكون الشاهين ، يقف بثقة امام المنزل الذي دون عنوانه
هتف بدهشة وكأن صاعقة ضربته : استاذ .....
نظر له بقوة ليصمته وهو يرفع اصبعه على فمه : هشششش ، اسمي علي حسن السيوفي تمام
والاخيرة للتحقق من فهمه ، بينما هز الاخر رأسه ولازال مصدوما ، التف الشاهين ناحية الدرج - متجاهلا الفم المفتوح من الدهشة خلفه - وهو يشير برأسه ليتبعه : تعالى ندخل
صعد خلفه وهو يحاول امتصاص دهشته ، وما ان دخلا الشقة حتى قال الشاهين : ساهر اكيد متقولش حاجة لحد من الشركة ، خصوصا سما
تنحنح _ احم ، ايوه اكيد
لازال لم يستوعب الامر فقال الشاهين بملل : يا راجل ، عادي يعني متتصدمش اوي كده ، الشاهين ممكن يكون اي حد ، مش كده ؟!
_ ايوة بس في الحقيقة متوقعتش تكون انت ، ابدا !
: ليه ؟
بالطبع لن يخبره انه لا يرى به ما يؤهله لأن يكون الشاهين ، لذا فقد تنحنح قائلا : لا عادي مجرد تخمين
ولكن الاخر فهم ، وبهدوء تغاضي عن الموضوع قائلا : طيب اعتقد لازم نشتغل بقى ، ايه الدليل ، فين ؟
_ مش معايا
: نعم !!
نبرة صارخة ، هدر بها في وجهه مباشرة يشعر به سيغلي قريبا ، فقال بسرعة : اهدى ، هحيلك
Flash back …
بعدما خرج ساهر من مكتب الطبيب خائب الامل وعاد الطبيب لعمله ، طرقت الممرضة الباب ودخلت لتعطيه ورقة مكتوب بها : صدقني حابين نساعدها (شـ) ثم كتب بالاسفل رقم هاتفه الخاص على امل ان يتصل به الطبيب ليساعده في الدخول ، وفي اليوم التالي وصل كريم ، كان الطبيب يجلس مع طبيب اخر حين دخل كريم اليه ، وكريم مباشر لن يماطل او يدور
: انا عارف ان في واحد غيري جه امبارح وانت رفضت ، بس انا جيت عشان احنا بجد محتاجين نسمعها ، كلامها هيفيد وهيحل مشاكل كتير ، واكيد انت عارف ان الشاهين مش مجرد صحفي عايز فلوس وشهرة ونجاح على حساب الناس وبلاويهم ، احنا عايزينهم يتسجنوا انت مش هتشيل ذنب كل طفل بيتخطف ويتقتل او يتباع او الله اعلم بيعملوا فيهم ايه
وقتها قال الطبيب بحزم : انا مش هتحمل ذنبهم ولا ذنب المسكينة اللي جوه بتموت وحالتها زي الزفت ، ومش هتحمل انهيارها بسببك او بسبب اي حد ، محدش هيدخلها ، وانتهى
وهكذا باءت محاولته بالفشل فخرج وهو يهمس لنفسه ( قولتله اني مش هنفع في الشغل ده )
خرج من المكتب ثم من الطابق باكمله
صاح الطبيب الاخر ( ابراهيم ) : محمود انت عارف ان دي الفرصة الوحيدة عشان نوصل له صح
محمود بدهشة : انت عايز تقولهم هما !
اخبره بيأس : انت عارف اني مش هقدر ابلغ ولا اعمل حاجة ، لو مقولتلهمش دلوقتي هفضل ساكت طول عمري
_ ممكن يكونوا كدابين وبيستغلوا الاسم بس يا ابراهيم
: وممكن يكون هو فعلا ، وانا مش هديهم اثباتات غير لما ييجي هو بنفسه
_ ممكن يجيبوا اي حد يقول انه هو !
: انت دكتور نفسي ، تقدر تعرف لو بيكدب
_ ابراهيم انت متاكد من كده ؟
: مفيش حل تاني ، انا هحاول الحقه
خرج يبحث عنه لكنه لم يجده ، سأل ممرضة ما عنه ، اخبرته انه رحل ، فعاد بخفي حنين الى المكتب او بدونهما حتى !
ساله محمود : ايه اللي حصل ؟
واجاب بيأس : مشي
نظر لصديقه بشفقة ، هو محق ، عليه اخبارهم بما يحدث في هذا المكان فهناك الكثير تحت الستار 
اخرج الورقة التى تركها ساهر وقال وهو ينظر للرقم بأمل : ممكن نوصلهم
وسريعا اتصل بساهر الذي اتى فورا وقد كان قريبا من المشفى ، بعد قليل كان كريم يحدث شاهين واخبره بانه فشل في الدخول لها ، وبعدما اغلق الخط وكاد يرحل
_ يا استاذ يا استاذ
التفت للصوت الانثوي الذي يناديه مجيبا : ايوة
_ حضرتك اللي كنت عند دكتور محمود صح ؟ الدكتور عايزك
وهكذا عاد كريم ايضا
ليصل كلاهما للمكتب بنفس الوقت ....
دخل كريم ولحق به ساهر فقال محمود : جيتو انتو الاتنين !
كريم : الممرضة قالت انك عايزني
هز محمود رأسه بفهم وهو ينظر لابراهيم الذي قال بحزم : انتو الاتنين بتشتغلوا مع الشاهين وانا عايز اوصله حاجة
ضغط محمود قبضته خشية ما يمكن ان يحدث ، بينما نظر الشابان لبعضهما ، فهما لم يعرفا بعضهما من قبل ولكن لا وقت للتعارف فليكملا المهمة
ساهر بتوجس : عايز تقوله ايه ؟
محمود بخفوت : انت متاكد يا ابراهيم
اخبره بقلة حيلة : مفيش حل تاني يا محمود
ثم تحدث للفتى الواثق امامه - ساهر - : انت هتوصله الرسالة ؟
_ اكيد
: مينفعش اتكلم معاه هو شخصيا ؟
_ اكيد لا يا دكتور
وهنا قاطعه كريم بثقة : بس لو الموضوع يستحق هنجيبه
نظر له ساهر بلمحة سريعة ثم عاد ينظر للطبيبين : ايوة
اخبره بحذر وكأنه نادم على البوح قبل ان يبوح : المستشفى .... فيها تجارة اعضاء .....
عم الصمت مع نظرات تطالب بالمزيد ، ونظرات اخرى تتابع بقلق بينما هو يشرح بعدما ابتلع ريقه بخوف : في عمليات ذراعة اعضاء بتتم بطرق غريبة
نظرات مستفهمة طلبت منه لتوضيح فقال : المفترض ان المريض بيعمل تحاليل عشان نشوف المواصفات المطلوبة للعضو ايا كان ، بعدها بنبدأ ندور على متبرع بين اهل المريض من الاقرب للابعد وكمان اي حد حابب يتبرع لحد ما نلاقي المواصفات المطلوبة
المشكلة ان اللي بيحصل غير كده ، مجرد ما التحاليل تتعمل بييجي العضو مباشرة لبعض الناس ، والبعض لا
وهنا سأل كريم : وايه الغريب احتمال تكون بعض الحالات لاقولها متبرع بسرعة !
هز رأسه نافيا بخوف : لا لان دايما مش بنعرف نوصل للمتبرع كل اللي بيوصل العضو ، خاصة في عملية حصلت من فترة
كان ابن واحد من رجال الاعمال ، عنده مشكلة في القلب وضروري يعمل ذراعة ، والقلب جه في اسرع ما يمكن ، وطبعا المتبرع في الحالات دي او صاحب القلب بيكون ميت اصلا واهله بيكونوا موجودين ، لكن مهما لفينا على صاحب القلب او اهله مش موجودين ، لحد ما ...
جعد ساهر جبينه بتوجس : لحد ما ايه ؟
_ عرفت ان صاحب المستشفى كان بايع القلب ده للمريض ، مقابل مبلغ كبير طبعا
سأله كريم : ده من امتى
_ اسبوع
ساهر : ليه مبلغتش ؟
_ كنت هشيلها انا ، لاني اللي عملت العملية غير كده محدش هيصدقني ، واحتمال ولادي ومراتي وحتى انا نحصل صاحب القلب
عم صمت طويلا حتى قطعه ساهر : محتاجين دليل
ابراهيم : وانا عندي الدليل بس محدش هيشوفه غير الشاهين
نظر ساهر لكريم بجواره ، وكلاهما مضطرب لا يدريان ان كان هذا حقيقيا
حتى قال محمود : ايه يطمنكم ؟
كريم : الدليل طبعا
رد : بس كده احنا اللي مش هنتطمن ، لو انتو كدابين هنضيع
ابراهيم : في دليل غيره
سأل كريم : وهو ؟
اخرج ابراهيم ورقة ما واعطاها له : اسال عن دي تحت هتلاقي الدليل
اخذ منه الورقة فاكمل ابراهيم : قوله انك اخو المريض ومحتاج ورق العملية عشان الولد تعب ، قوله انك من طرف دكتور ابراهيم محمد
_ دي عملية ايه ؟
: كبد
طوى كريم الورقة بيده : لا انا عندي طرقي ، بس الموضوع مش هيخلص دلوقتي
عم الصمت واضطرب الجو حتى قطعه ساهر بحزم : ماشي ، هخليكم تكلموا الشاهين بس عندي شرط
ابرهيم : وانا موافق ، بس كلمه حالا
ساهر : ماشي هخرج اكلمه
محمود : استنى كلمه هنا
ساهر : مينفعش
ثم اشار لكريم : خليك انت هنا
حدثه ثم عاد اليهم
اخبرهم ان الشاهين سياتى ولكن قبله سياتي اخر ليتاكد من تلك الورقة ، معه شاهدان ومستند ودليل اخر لا يعلم ماهيته
غادر بعدها مع كريم تعرف عليه وتاكد من انه بالفعل يعمل مع الشاهين ثم تركه ليكمل عمله بعدما اخبره بانه سيقابل الشاهين في السادسة وعليه اللحاق به
(عودة )
سأله : ايه مخليك متاكد من ان ده الركن الخامس ؟
اجاب ببساطة : من كريم
_ ازاي ؟
: بعد ما بعتوا الجثة بتاع صاحب الريان تتشرح لقوا فيها سيانيد
_ وده مين ؟
: غاز اتحط في الاكسجين اللي كان بيتنفسه في المستشفى وهو سام جدا عشان كده مات ، وغير كده كان في نسبة رصاص كبيرة جدا في جسمه
طاوعه : ماشي اتقتل بس برضو مش لازم المستشفى دي !
_ مصدر الرصاص كان من المستشفى
: ازاي ؟
_ اخر حاجة اكلها كانت في السجن ، طبعا حاولت اوصل لاى حاجة وكل اللي عرفته ان الاكل مكنش من السجن كان جاي من برة ، من مطعم
: وبعدين
_ لما وصلت للمطعم عرفت مين اللي بعت الاكل
قال بثقة : وكان من المستشقى
_ بالظبط كده ، لما اتصل ياكد الطلب ، رد عليه واحدة وطبعا زي العادي قالت اسم المكان اللي هي بتشتغل فيه ، واللي هو المستشفى
قال بعدم اقتناع : ساهر انت مش شايف الموضوع اسهل من العادي
_ ازاي ؟
: يعني انت بتتكلم عن مافيا ، ازاي توصل لكل ده في يوم ؟ ، ثم ان ده ممكن اي ظابط يوصله ، يعني حتى ده اسهل انهم يوصلوا لمعلومات في السجن ومن المطعم ، واحد زي ده مش ممكن يضيع نفسه بالسهولة دي ، و.... انت عرفت توصل للمطعم التسليم كان فين ؟
_ السجن
: شوفت ، واكيد مش المطعم اللي حط رصاص في الاكل مش هيودي نفسه في داهية يعني ، غير كده اكيد كريم كمان وصل لحاجات كتير زيك بالظبط
_ تقصد ايه ؟ كل ده غلط ؟
: لا مش كلها غلط اكيد بس في نقطة حصل منها تضليل ، المهم نعرف ايه صح وايه اللي غلط
_ مش فاهم وهتعرفها ازاي دي ؟
: شوف كريم مش بيتكلم كتير يعني التشريح صح لانه كله تجسس تقريبا ، وانا واثق من انه يعرف يختفي كويس عشان يسمع من غير شك ، بس مين اللي قالك على الاكل اللي اكله
_ واحد معرفة شغال في السجن ، سالته متحجج بالفضول بس
: هي دي اول نقطة ، اما هو كدب عليك او هو كمان اتضلل .. ومن هنا خطوتنا
***
بدأ كريم البحث بطرقه ، ووصل بالفعل لملف العملية
اسم المتبرع كما كُتب هو صلاح يوسف الشريف
عمر المريض : 17
فصيلة الدم : O-
اخذ ملاحظات عن كل ما قد يفيده من تلك المعلومات ، ولكن يبدو ان هناك متبرع وليس كما ذكر الطبيب
ولكنه عاد ليخبر نفسه ان صاحب المشفى ليس بالغباء الذي قد يترك دليلا انه يتاجر في الاعضاء
المشكلة ان يكون كل هذا مجرد مضيعة للوقت ، ولكن سيكمل البحث
عنوان المتبرع كان صعب الوصول له ، ما كُتب في الملف كان خاطئا و كذلك اي معلومة توصل له مما احبطه كثيرا ، بحث عن الاسم ومنه عن العنوان ، ولانه من تطوع لتلك المهمة اذا عليه العمل دون شروط ، سيذهب بنفسه لمنزل المتبرع طرق الباب بخفة لتفتح ام الصبي
_ السلام عليكم ، ده منزل صلاح الشريف ؟
اجابت : ايوة مين حضرتك ؟
_ انا من مستشفى to be better
: ايوة هو في مشكلة في التحاليل ؟
اراد استشفاف ما لديها لذا ادعى النسيان : ايوة تحليل ال....
اجابته سريعا : تحاليل الدم ، حصل مشكلة ؟
_ لا يا فندم التحاليل تمام ، انا بس ..
قاطعته : انا اسفة اتفضل جوه
دخل فاتى زوجها بعدما نادته ، جلس معه وسأله عن صحة طفله الان بعد العملية
فاجابه : بخير الحمد لله ، بس عملية ايه ؟
اخرج الورقة واعطاها اياه : عملية نقل الكبد ، انا اخو المريض
: بس صلاح معملش عمليات ، اكيد حضرتك جبت اسم غلط
_ فعلا ؟! انا اسف جدا اني عطلت حضرتك ، هشوف الموضوع ده تاني ، بعتذر كمان مرة
: ولا يهمك شرفتنا
غادر من الشقة ثم من المبنى كاملا ، واتصل بساهر الذي كان مع الشاهين وقتها
: ايوة يا كريم
_ ابو المتبرع اللي مكتوب في المستشفى طبعا ، قال ان ابنه معملش عمليات ابدا
: اسمه ايه ؟
_ صلاح الشريف
: بس احنا اخترقنا حساب المستشفى ، الاسم اللي عندى كريم ابراهيم !
_ ازاي انا متاكد من الاسم ، المريض اسمه محمد عادل ؟
: ايوة هو ! ، اعتقد كده اتاكدنا ان مفيش متبرع باقي الدليل يا كريم
_ طيب انا هحاول اعرف ايه الاسم الحقيقي او اي معلومة ممكن نوثقها
: ماشي ، كلمني لو عرفت حاجة والشاهين هيكلمك باليل
_ تمام ، سلام
: سلام
اغلق الخط ونظر للشاهين الجالس امام حاسوبه ، لم يستوعب الامر بعد ، ان الشاهين هو ..... ( اااااه مش وقته يا ساهر ) همس بداخله قبل ان يتحدث للشاهين
: كريم لقى اسم مختلف ، ولما وصللهم الاب قال ان ابنه معملش عمليات
_ كنت متاكد ، مستحيل يكون الموضوع سهل كده ، دلوقتي هنفضل نلف حوالين نفسنا وحتى لو جبت كل الاسامي دي اثبت ان ده من المستشفى او ان في تلاعب في البيانات
: احنا ممكن نطبع الملفات دي بتواريخها
_ لا مش ممكن ، لو عملنا كده هيجيبوا ورقة واحدة بس ، تكون هي المتسجلة عندهم وتاكيد المتبرع بانه فعلا اتبرع بالكبد ، مع شهادة طبية يبقى كل حاجة انتهت واحنا هندخل السجن عشان اتجسسنا على الناس
زفر ساهر بضجر ثم سأل بحيرة : تفتكر الحل ايه ؟
بادله شاهين الحيرة : مش عارف ! ، هو الدكتور قالكم ايه ؟
اجابه بعدما رفع كتفيه واخفضهما : قال لكريم ياخد الورقة اللي معاه ويسأل عن ملف العملية ويقول انه اخو المريض ومحتاج الملف عشان اخوه تعب ، وجاي من طرف الدكتور ابراهيم حاجة كده
كرر بسخرية ويأس : ابراهيم حاجة كده
ثم همس لنفسه بضجر : محتاجين روبرت لانغدون معانا هنا
سمعه ساهر فسأل : مين ده ؟
اجابه بعدم اكتراث وهو يكمل عمله على الحاسب : بطل روايات دان براون معظمها يعني ، وكل مشكلة بتتحل معاه في يوم او معظمهم يعني
_ محقق يعني ؟
: لا بروفيسور في الرموز ، هو مش اللي بيحل كل حاجة هما بيستعينوا بخبرته في الرموز بس ، ايا كان انا اقصد ان لو الموضوع بسيط ويتحل في يوم كده ، كان هيبقى .......... مش مهم ، انسى
تنفس ساهر بعمق : قدامنا ليلة طويلة
_ فعلا !
نظر ساهر لحركات اصابع  شاهين الثابتة و المتقنة على لوحة المفاتيح قائلا : كنت مفكرك ملكش في الكبيوتر خالص ( ثم نظر له مكملا ) : ولا ان ليك في الروايات !
اجابه ووجهه مسلط على الشاشة ويداه تكمل عملها : مش معنى ان استاذ آسر ملهوش في الكمبيوتر ، اني مليش في الكمبيوتر ، عيب عليك دا انا اعجبك اوى
قال الاخيرة وهو ينظر له بغمزة ، ثم عاد لعمله مجددا ببينما ابتسم ساهر هامسا : فعلا المظاهر خداعة
رد عليه : سمعتك على فكرة
اعتدل ساهر متنحنحا : اسف ، ايه الخطوة الجاية ؟
نظر له بدهشة : مالك قفشت ليه ، يا عم بطل الرسميات دي ، احنا بنشتغل مع بعض من اكتر من سنتين ، ولا عشان الشركة !
قال بصراحة : انا كنت بعتبر الشاهين صاحبي بس الحقيقة كانت ...( ضحك بخفوت ) صادمة
ضحك الشاهين : توشكر يا bro
ابتسم ساهر متنهدا : تمام يا bro ، ايه الخطوة الجاية ؟
اجابه بثقة : هنسمع كلام الدكتور اكيد
قالها وقد عاد بكرسيه للخلف مبتعدا عن المكتب ثم قام متجها لهاتفه واتصل بكريم
سأله ساهر : بتعمل ايه
قال بابتسامة : الساعة اتناشر
أومأ برأسه متفهما : طيب
***
( الخميس 24. )
صغيرة هي باحلام وردية ، كانت تقرأ احدى الروايات فهي وخطيبها مولعين بالروايات وولكنه يفضل الادب العالمي وخاصة الروايات البوليسية ، وخصوصا الرائعة اجاثا كريستي ، هي لم تقرأ اي شيء لها حقيقة لكن وسيم قرأ جميع كتبها ، و روايات دان براون ايضا ، هي قرأت لبراون بعض رواياته وليس جميعها مثله
همست لنفسها : الحمد لله ان وسيم بيحب الروايات زيي مش رخم زي آسر !
نعم فهي ووسيم على عكس شقيقها الذي يتضجر من الروايات بشدة ، ولكنه يستغل حبها للروايات ، فمثلا انت لا تستطيع تخمين هدية مناسبة لشقيقتك التي تغير ميولها ومظهرها كل شهر تقريبا !
ولكن الورقة الرابحة التي لا تتغير ابدا هي حبها للروايات ، وما اكثرها ! ، رواية جديدة متاكد من انها لم تقرأها بعد تكفي ليهرب من اي مشكلة تتعلق بالهدايا كما انها توفر عليه الكثير حقا !!
كانت تغوص في روايتها بكل كيانها غارقة حتى النخاع في الاحداث ، اغلقت الرواية حين تأخر فاغلقت الرواية وهي تفكر في خطيبها ذا الاعين الزرقاء والخصلات البنية .....
والاخرى لم تختلف عنها كثيرا ، آسية ايضا تعشق الروايات مع اختلاف نوعها فـ سما تحب الروايات الرومانسية اما آسية فهي عاشقة للجنون تحب الروايات المشوقة ، جميع الروايات الرومانسية في وجهه نظرها تنتهي بالزواج و: نعيش في تبات ونبات ونخلف صبيان وبنات اسمي هو اللي هيخدوه مني وبس
ولكن هذا لا يمنع انها تقرأ من هذا النوع ايضا ، وهناك بعض الكُتاب الذين تقرأ لهم أيا كان مثل معشوقتها دعاء عبد الرحمن
وكانت في تلك الليلة تسهر على احدى رواياتها التى تقرأها للمرة الثالثة وعلى وجهها ابتسامة رضا ، حين دخلت والدتها اليها
: سوسو
_ نعم يا ماما
: سيبي اللي في ايديك ونامي بقى ، عندك بكرة كلية !
_ حاضر، تصبحي على خير
: وانت من اهله ..
نامت هي الاخرى بينما شقيقها على مسافة 181 كم لا يزال  مستيقظاً يراقب المكان مع بعض الضباط ، والامر جد ممل !..
***
اما هو فلا زال مستيقظا بالطبع ، حادث كريم :
_ ايوة يا كريم
: طبعا اكيد عرفت من ساهر ، هنعمل ايه بقى ؟
_ الاول بس ، انت ليه ما قولتش حاجة عن تشريح الجثة ، يا بني لما تعرف حاجة قولي ، مش كل مرة تقول صدفة
: طيب خد الجديد ، قبل ما يموت اعترف ان في عملية هتتم في اسكندرية خلال كام يوم ، وفي فعلا مأمورية طلعت اسكندرية
حك راسه بضيق : ومش بتقول حاجة ليه يا كريم !! ، من امتى ده ؟
: طلعت التلات باليل
_ وانت متاكد من الكلام ده ؟
: عيب عليك اكيد
زفر بحنق : يعني احتمال يكونوا عرفوا
صمت قليلا ثم قال : شوف يا كريم ، بكرة اول ما الشمس تطلع تروح لساهر تديه الورق اللي الدكتور قالك عليه
: انت متاكد من انها الركن الخامس يا شاهين ؟
_ حتى لو لا ، لو فيها شغل مش صح يبقى لازم نفضل وراها برضو 
: تمام ، بكرة هكلمك
_ كريم ، متتقابلش انت وساهر كتير ، مينفعش تظهروا سوا
: فاهم تمام
_ سلام
اغلق الخط بينما قال ساهر : ايه المشكلة ؟
_ الدنيا بتتعقد
سأل بقلق : ازاي ؟
تنهد بعمق وهو يذهب مجددا الى مكتبه قائلا : تعالى شوف
اقترب منه ساهر ليخرج هو ورقة كبيرة اشبه بلوحة ووضح ما عليها قائلا :
شوف يا ساهر ، المفترض ان لكل حاجة مركز ، واللي هو ده الدايرة دي ، بشكل ما والعلاقة لازالت مجهولة الريان كانت فرع من افرع النواة دي ، فرع المخدرات ،وده اللي احنا دخلنا منه ، لما الهاكر كشفها ، احنا كنا بنراقب equip وحصل فيها مشاكل ساعتها وكريم وانت بتاكدوا ده ، بعدها وصلنا لده
قالها وهو يفتح ملف ما في الحاسب ليظهر فيديو فيه وقف سامي الفأر وامامه الكثيرون يخرجون قطع اسلحة مفككة من بعض المعدات
واكمل : بس برضو لازالت الصلة بينه وبين الريان مجهولة ، بس لاقينا علاقة تانية ، بين الفار والادهم ، لان الاستيراد بتاع المعدات دي كان من الادهم
_ الادهم دي اللي كانت هتاخد الصفقة بتاع الشركة
: بالظبط و عشان كده متاكد ان هي اللي هكرت الجهاز
هز ساهر رأسه باصغاء بينما بدأ شاهين يكمل : وبعدين الآثار ودي برضو ليها علاقة بالريان والادهم والنمر
_ مين النمر ؟
: رجل اعمال في المقاولات ، والبداية كانت هنا من علاقته بسامي الفار
فتح الفيديو مجددا ثم اشار لسيارة تظهر في جانب الشاشة قائلا
: شايف العربية دي
_ مالها ؟
كبر الصورة ثم وضحها ليظهر رجل يقف مستندا عليها من الجهه الاخرى قائلا
: هو ده النمر ، في البداية لما دورت على كل حاجة بخصوصه لاقيت كتير ولاقيت علاقة ليه بكل واحد منهم ، لدرجة اني فكرته هو الحلقة الضايعة
معدات من الفار ومواد بناء من الريان ، المشكلة كانت في ان الموضوع لسة مش مقنع !! ، لسة في حاجات ناقصة ..
بس دوره كان مهم مكنش ينفع انفي شكي فيه ، وحتى الان مفيش دليل ضده غير الفيديو ده
_  يعني ده يدخل عامر الادهم وسامي الفار والنمر السجن
قال بشك : على الاغلب ايوة ، ودلوقتي المستشفى ايه علاقتها بيهم ...
ظل حائرا لا يدري ما علاقته بهم ، لن يُكذب ساهر حين اخبره ان مديرها من قتل سمير  السبعاوي صاحب الريان هو فقط ليس مقتنعا بالطريقة ! ، ولا اعني طريقة القتل بل طريقة التوصل للمعلومات ! كيف لرجل عصابة ان يكون بهذا الحمق ؟!
وهو لا يزال لا يعرف دور النمر ، ام انه مجرد شريك في تجارة السلاح ؟
قام من مكانه واتصل بسعيد : ايوة يا سـ ........
ابتلع الكلمة حين تذكر وجود ساهر هو لا يخوّنّهم هو فقط لا يريد اثارة الشك ، فمثلا البعض يعتبر كريم فضولي والبعض الاخر يعتبر ساهر كذلك ، وجود شخص فضولي لا يسبب مشكلة لكن وجود اثنان على معرفة ببعضهما سيسبب اكبر مشكلة ، وفي الحقيقة رايه منطقي هو محق ...
قال مباشرة : المفروض الحاجات تكون عندي بكرة انا عارف ، بس في شخصين زيادة عيزك تجيب كل حاجة عنهم ...........
--------
السلام عليكم ، عايزة رايكم تاني اكيد ، وفوت ياريت يعني ، شكرا مقدما ... ، ومتوقعين ايه اللي يحصل ..، ويحصل في مين ؟!

دموع السماءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن