ظل آدم بالمشفى طوال اليوم مما اصابه بالملل
: يا عم انا زهقت
_ ايه يا آدم الجرح لسة جديد ، محتاج راحة
قال وهو يقوم : خليه هو يرتاح واقوم انا ، تلاقيني اصلا عامله دوشة ، انا هقوم و اسيبه هو يرتاح
امسكه ياسين واجلسه رغما عنه : اقعد ياض مكانك بدل ما ازعلك ، ايه شغل العيال ده !
قال مستنكرا : ياض! في رائد شرطة محترم يقول ياض !
_ هو في رائد شرطة بيقول حاجة غير ياض ؟!
ابتسم ادم ، ثم عاد يقول بملل : طب انا المفروض اعمل ايه وانا قاعد كده !
_ متعملش حاجة ، خليك كده
: طب انا جوعت
_ في واحد واخد رصاصة في دراعه وضرب نار وبتاع وبيفكر في الاكل !
: اومال هفكر فيك انت مثلا ، بجد انا جوعت
_ ماشي هروح اجيب اكل ، بيتزا ؟
: ماشي ، وهات كمان حاجة تتشرب ، بيبسي مثلا غير القهوة طبعا
_ شغال عندك انا ؟
: مش اللي قولت متعملش حاجة ، اعمل انت بقى
_ انت بوظت شكل العيانين في نظري على فكرة
: ليه انت كنت شايفهم ازاي ؟
_ يعني ميرضوش ياكلوا ، يزهقوا ويناموا ، كل شوية ممرضين داخلين طالعين ، يبقوا فاصلين ومش قادرين يتكلموا ، ويتحايلو عليهم عشان ياكلو اي حاجة ، ومش بيهزوا ولو ضحكوا بيتوجعوا كده
: ليه هو انا بولد ، دي رصاصة عادي يعني
_ انت اول مرة تتصاب اصلا ، احنا هنستهبل
: يعني انت يا واد اللي مخرم زي المصفة من الرصاص ، امشي يلا هات الاكل بلاش هبل ، قال شكل العيانين في نظري قال
_ هو انا يعني عايز اتضرب ، انا سايبلك المهمة دي يا بطل
قالها وهو يضرب على ذراعه المصابة ، ليصرخ آدم من الالم بينما ضحك ياسين وهو يقول
: سلام بقى احبيب قلبي هجيب الاكل وجاي
نظر له ادم بغيظ وهو ممسكا بذراعه وهو يتألم بينما رحل ياسين بهدوء وعلى وجهه ابتسامة ، لقد اخذ بثأره من آدم ، همس لنفسه : قال هبل قال ، بجد بوظ شكل التعبانين في نظري ..
بعد قليل سمع صوت رنين هاتفه فمد يده السليمة ليأخذه من جواره ، اجاب بعدما زفر وهو يقرأ اسم المتصل
: ايوة يا آسية
_ السلام عليكم
: وعليكم السلام
_ عامل ايه ؟
: الحمد لله تمام
_ ايه بقى اللي حصل بالظبط ؟
: مفيش يا ستي ، احنا كشفناهم وكنا هنقبض عليهم بس ضربوا نار وحصل اشتباك بس
_ انت محسسني انك بتتكلم عن لعبة الفراخ ليه
: عشان في شغلنا ده متوقع مش لازم خوف وخضة وكل ده
_ بجد ؟! فكرني المرة الجاية ابقى اباركلك ، انت رخم
: بقى انت متصلة بيا تقولي انت رخم
_ ما انت فعلا رخم ، عامة ً اخبارك ايه ؟
: تمام ممكن ارجع بعد يومين كده
_ ماشي تيجي بالسلامة ، خلي بالك من نفسك
: ماشي كلميني لو حصل حاجة
_ على اساس انك هتيجي يعني ولا هتعمل يعني ؟
: تصدقي انك بايخة اوي
_ لا مش مصدقة ، مش ده سؤال
: آسية ...سلام
ولم ينتظر بل اغلق الهاتف في وجهها لتنظر هي للهاتف بابتسامة مستمتعة ونظرة متوعدة ، طالما هو يتحدث باستفزاز هكذا اذا هو بخير ، نعم هو بخير طالما يضايقها
اقتربت منها حبيبة بعدما اشترت لهما العصير قائلة : كلمتيه
اجابتها براحة : ايوة ، بخير الحمد لله
_ الحمد لله ، اتفضلي
: ميرسي
اخذت منها العصير وتمشتا تكملان التسوق ...
***
قام متجها الى غرفته ، يريد التفكير قليلا في اسرع طريقة يكشف بها المحمدي واسوء طريقة يعاقبه بها يجلس مستندا بمرفقيه على مكتبه واضعا راسه عليهما ويغلق عينيه غارقا في بحر فكاره لأكثر من ثلاث ساعات ، حين قطع شروده رسالة من ساهر يريد مقابلته
اتصل به : ليه يا ساهر ؟، في جديد؟
_ حاجة زي كده ، دكتور محمود عايزك
والسؤال متعجب : ليه ؟
_ مش عارف ، هتقابلني فين ؟
: قدام المستشفى ، بعد عشر دقايق
_ تمام ، سلام
اغلق الخط وارتدى معطفه تحسباً لأن تمتطر وخرج بهدوء متجها لسيارته وقادها للمشفى ، وصل هناك وخرج ليجد سيارة اجرة تتوقف امامه ويخرج منها ساهر قائلا : يالا ؟
قال متنهدا : يالا
اتخذت خطواتهما طريقها للمشفى بثقة وهدوء الى مكتب دكتور محمود مباشرة
: السلام عليكم
قام الطبيب قائلا : كنت منتظركم ، تعالو ورايا
نظرا لبعضهما بتعجب ماذا حدث ؟ ، وماذا به
تبعاه حتى غرفة منة ادخلهما الغرفة مشيرا لها ، كانت نائمة بهدوء ممددة على فراشها تنظر للسقف وعلى وجهها الشاحب شحوب الموتى واديان يصبان كلٌ في جهه ، ازدادت البقعة السوداء حول عيناها اللتان تذرفان الدموع بصمت يلف الغرفة كاملة ويلتف حول رأسها ثعبان قطني ابيض عريض في شكل ضمادة بسبب الجرح في رأسها ، تنفسها منتظم ورئتيها تخرج نارا ناتجة عن اشتعال قلبها بالرغم من انخفاض ضغطه نظرا الى يدها ليجدا ثعبان قطني عريض اخر، فسر الطبيب وجوده بأن قال
: حالتها بقت اسوء ، انهيار عصبي حاد و من شوية بس لقيناها كسرت الكوباية وقطعت ايديها بالازاز .....
Flash back
رحل الشاهين واسرع الطبيب مع ممرضاته يسعونها ، احتاج الجرح لبعض الغرز لتساعده في ان يلتئم اسرع ، تركوها تحت تاثير مهدئ بعدما انهوا عملهم ، وبعد ما يقرب من الساعتين اتت الممرضة لاعطائها الادوية اللازمة لها ، لتجدها جالسة على السرير بجوارها على الارض اشلاء من كوب زجاجي قتلته متعمدة ليسقط على الارض صريعا ، وعلى الغطاء الابيض بقعة دماء وزجاجة من الكوب بينما هي تنظر ليدها المخضبة بالدماء عند ساعدها بدهشة وبكفها الاخرى تلتمس الدماء وتحركها في اصابعها وكأنها تختبر ملمسها في تعجب وكأنها للمرة الاولى في حياتها ترى دماء ، نظرة عيناها ميتة فقدت اي بريق هادئة بالرغم من عمق الجرح وكثرة الدم النازف ، وكأنها لا تعي ما يحدث لا تفهم كل ما يدور حولها
اقتربت الممرضة بسرعة تحاول اسعافها ، ثم ركضت الى الطبيب لتخبره ، ليهرع كلاهما اليها بدأ في خياطة الجرح وهي ساكنة كما هي تنظر لهما يتحركان ذهابا وايابا دون ان تهتز منها شعرة عيناها تغلق وتفتح في آلية لا تُثبت وجود حياة بالداخل ، انتهى الطبيب من يدها و امور اخرى لم تعي هي ماذا كانت ، خرج معطيا للممرضة عدة اوامر لم يسعفها عقلها لاستيعابها ايضا ، نظرت لها الممرضة بشفقة وهي تتمتم : عيني عليكي ، اومال لو مرجعش ولا قتلوه هتعملي ايه
ولا تعلم لما تلك الجملة فقط هي ما اخترقت قوقعتها ، هي فقط ما تخطت الحاجز الذي يمنعها من الشعور بما حولها ، ولكن هي بالفعل لم تعي سوى تلك الجملة لتشعر بألم قاتل في قلبها ومن ثم توقفت رئتيها عن العمل لتبدأ انفاسها تنقطع وهي تحاول باستماتة ان تجبرها على التقاط شيء من الهواء ، دون استجابة
انتهبت لها الممرضة لتسرع باحضار انبوبة الاكسجين وهي لا تزال غير قادرة على التنفس وظلت هكذا فترة لا تعلم الممرضة ماذا تفعل ، ولكن بعد قليل هدأت وعادت رئتها لتقبل الهواء من جديد
مددتها الممرضة على الفراش ورفعت اليها غطاءً نظيفا من الدماء لاتعلم متى غيرته ، ومن وقتها وهي ساكنة جامدة هكذا عدا ان عيناها تعمل على انتاج الدموع بكفاءة وتتابع ...
Back
نظر لهما الطبيب قائلا : وحاليا محتاج اعرف ايه اللي حصل ايه خلاها تنفعل ؟
اجابه : سألتها عن اللي حصل وبعدين جه زوجها وفضل يزعق وحاول يخرجني من هنا بدأ انفعالها ، حاولت تقوله حاجة بس هو مهتمش وبعدها ... بعدين وقعت على الارض ودماغها اتفتحت
: ارتجاج في الدماغ
_ وحالتها دلوقتي ايه ؟
: اللي انت شايفه ده ، اتمنى متكونش عملت فيها كل ده على الفاضي ...
***
عادت سما للمنزل بعد يوم مرهق ، سألتها والدتها : اومال فين آسر ؟
اجابتها وهي ترتمي على الاريكة : اختفى فجأة ووسيم كمان
عقدت ما بين حاجبيها : ليه راحو فين
مطت سما شفتيها في عدم معرفة : معرفش
_ طيب غيري هدومك على ما احط الاكل
: حاضر
دخلت غرفتها وبدلت ملابسها وعادت لتتناول الطعام وهي تتوعد وسيم لأنه لم يحدثها طوال اليوم
بينما وصلت آسية مع حبيبة الى كافيه متميز برائحة القهوة خاصته مع الاشجار المحيطة به ، تحب هذا المكان كثيرا
دخلت قائلة لصديقتها بارهاق : ااااه لفينا كتير اوي
جلست حبيبة امامها قائلة : وانا كمان جدا
نظرت حولها : مفيش هنا كراسي ولا ايه ؟
قامت حبيبة ناظرة خلف آسية ثم قالت : هاتي واحد من هناك ، هو واحد وفي تلات كراسي
نظرت آسية حيث تنظر صديقتها لتجد شاب على طاولة في ركن بعيد قليلا وجواره كرسيان فارغان
اقترب شخص منه وهو يتحدث في الهاتف بينما تقترب هي الاخرى : لو سمحت ممكن كرسي ؟
ساهر : ايوة اكيد
نظرت للهاتف في يدها : طب لحظة واحدة
عادت تضعه على طاولتها وحبيبة ثم عادت لتأخذ الكرسي
وقتها اقترب الشاهين منه ليجلس معه وقد انهى المكالمة ، وبينما هي تمسك المقعد وتسحبه جلس هو ليسقط على الارض ....
نظرت له بدهشة لا تدري متى ظهر هذا وقالت باعتذار وهي تضع يدها على فمها بصدمة : انا اسفة جدا ، مكنتش شايفة حـ...
بتر جملتها صراخه وهو يقف مجددا فقد فاض به الكيل والان ينتهي اليوم بحمقاء لتنال كل ما يُعبئ بصدره : مش شايفة ليه عامية ؟، ابقي فتحي بلاش غباوة
بدأت ملامح كلماتها تضيع ، فهي لا تجيد التعامل مع الغرباء فضلا عن انه يصرخ بها : انا ....مش..قصدي ، كنت بس....
قاطعها مجددا : يعني ايه مش قصدك كده اتحلت يعني ؟ لو اغبية متروحوش في حتة وافضلوا في بيوتكم
اقتربت منهم حبيبة بينما حاول ساهر تهدئة الموقف : خلاص يا شـ... علي ، خلاص يا آنسة حصل خير
ولكنه لم ينتهي منها : لا مش خير ، ده تخلف وغباء
انفعلت حبيبة قائلة : ايه ده يا استاذ انت ، قالت اسفة وخلاص مش لازم كل قلة الزوق دي احترم الناس شوية ، اللي انت فيه ده هو اللي تخلف ، لو هي مشافتكش وانت بتقعد فانت كمان غلطان ومشوفتهاش وهي بتشيل الكرسي واعتقد هي استاذنت قبل ما تاخده ، بس انت وقح
ثم سحبتها قائلة : يالا يا آسية
عادت لطاولتها امام عيناه المشتعلة جلست واحضرت كرسي اخر لآسية ، بينما شعر شاهين بالحرارة ترتفع بداخله ولمنع اي مصائب خرج من المكان ، وقف خارجا مستندا بظهره على سيارته يزفر بحنق
جلست آسية مع حبيبة وعيناها تدمع وهي تحاول كبت دموعها ، سقطت منها دمعة رغما عنها وحبيبة تنظر لها بشفقة بينما قالت هي باعتزار : مش قادرة اقعد كده انا خارجة ، عن اذنك
وبالفعل خرجت لتلحق بها حبيبة وقفت خارجا وبمجرد ان تنفست الهواء البارد حتى سقطت دموعها ، لقد اهانها بشدة ذاك الـ
وضعت حبيبة يدها على ظهرها قائلة : خلاص خلاص اهدي
دفنت وجهها بيدها لتخفي دموعها ولم تتحدث ، خرج ساهر ايضا الى الشاهين وجده يتنفس كثور هائج يستعد للانقاض على القماش الاحمر امامه ، قال بهدوء : اهدى ، هي مكنش قصدها اكيد
لم يتحدث فزفر ساهر قائلا : انت متضايق عشان منة مش من الموقف صح ؟
زفر الشاهين وهو يعتصر قبضته بغضب شديد ، بينما قال ساهر : اكيد ، بس هي مش ذنبها حاجة عشان تعمل فيها كل ده ، بص
قالها وهو يشير برأسه لآسية التي تقف بجانب الكافية باكية وجوارها حبيبة تحاول تهدئتها ، نظر شاهين لها ثم تنهد بحنق قائلا : اركب يالا
_ مش هتعتزرها ؟
: لا اركب
ركب ساهر جواره ومضت السيارة مجهولة الوجهة ....
بينما آسية قالت : عايزة امشي
اطاعتها حبيبة بحزن : تمام لحظة واحدة
دخلت واحضرت الحقائب ثم ركبتا السيارة وغادرتا المكان بصمت .....
***
عادت آسية لمنزلها صامتة ودخلت مباشرة لغرفتها بدلت ثيابها ونامت بهدوء
دخل ساهر منزله الساكن والخالي من الحياة جلس على الاريكة قليلا ثم قام وصنع فنجانا من القهوة احضر فنجانا وبدأ يبصبها به ليسمع صوتا انثويا يقول : بلاش قهوة باليل يا ساهر ، واتعشى متنامش من غير عشا زي كل مرة
تنهد واكمل ما يفعل دون اكتراث فالمنزل بالرغم من كل ما يرى ويسمع فارغ !
امسك باحدى يديه الفنجان وبالاخرى امسك ( الكنكة ) ليصب القهوة وهو ينظر امامه بشرود وعقله يبحر في ذكريات مر عليها ما يقرب من عامين ونصف
Flash back
وجه سيدة اربعينيه تقول : مش هتيجي معانا يا ساهر ؟
واجابها هو بينما يشاهد التلفاز _ لا يا ماما مش هعرف اخد اجازة روحو انتو وانبسطوا
ربتت على كتفه قائلة : ربنا معاك يا حبيبي
اتى رجل في بداية الخمسينات يظهر عليه الوقار ويزيده خصلات شعر بيضاء تخللت لونه الحقيقي : متعرفش تحصلنا طيب
هز رأسه متمتما بيأس : معنديش اي اجازات ممكن اخدها
ابتسم الرجل : ماشي يا ساهر ، قومو نامو بقى عشان هنسافر بدري ........
وفي الخامسة فجرا وقف في مدخل البناية يودعهم بعدما ساعد والده في وضع الحقائب في السيارة ، ذاهبين جميعا الى اعمامه في الصعيد لحضور زفاف احد اقاربهم
وفي نفس اليوم وهو في العمل دق هاتفه باتصال من والده اجاب : ايوة يا بابا وصلتوا ؟
ليجيبه صوت مختلف : انا اسف يا بني بس العربية اللي فيها صاحب الموبايل ده اتقلبت وكلهم ماتو....
شقيقتيه ووالدته ووالده جميعهم ببساطة ... ماتوا !
وخلال الاجراءات علم انهم قُتلوا لم يموتوا فالحادث مُدبر وبعد فترة انتهت القضية بأن سُجلت ضد مجهول !
وهنا ظهر الشاهين ، ببساطة كشف عن الفاعل في احدى مقالاته ، والسبب كان والده ، الذي اكتشف عن طريق المصادفة اوراق تثبت ان الشركة التي يعمل بها يتم بها امور غير قانونية ، ظن ان بهروبه للصعيد في تموية يتمثل في عرس قريبه هناك قد يُبعده عن المشاكل حتى يهدأ الموضوع ويبلغ عنهم او يساومهم لا احد يعلم ، ولكن الموضوع لم يكن بتلك البساطة
من وقتها وهو يحاول الوصول للشاهين حتى مضى ثلاث اشهر حين اتاه اتصالا فاجاب
: الو
_ بتدور عليا ليه ؟
سأل باستغراب : نعم ؟؟
_ انا الشاهين ، عايز ايه ؟
اتسعت عيناه من المفاجاة ولكنه تمالك نفسه قائلا : عايز اشوفك
_ مستحيل ، غيره ؟
: عرفت ازاي ان اهلي ماتو كده
_ ده شغلي ، حاجة تانية ؟
: بتعمل كده ليه ؟
_ عشان في حاجات محتاجة حد يعملها والا كنت هتفضل لحد دلوقتي بتتحسر على اهلك اللي ماتوا والقاتل حر طليق ، خلصت كده ؟ ، سلام ..
قال بسرعة : استنى ........ عايز اشتغل معاك ، ينفع ؟
وهنا ابتسم الشاهين هذا ما كان ينتظره : هكلمك لو احتاجتك ، سلام يا ساهر ...
بعدها بفترة اتصل به ليحضر له بعض المعلومات ومع الوقت ازدادت اهمية ما يطلبه وازدادت اهمية ساهر نفسه ومكانته ، حتى الان لم يكن يعرف كيف توصل له الشاهين حتى رآه ، ووقتها فقط علم كيف وصل اليه .... والسر كان الشركة
Back
انتبه حين حرقت القهوة يده فابعدها سريعا و مسح ما اوقعه ثم اخذها وابتعد الى الاريكة في غرفة المعيشة ، جلس عليها ووضع القهوة على المنضدة امامه ، يومه ثابت لا جديد فيه غير اختلاف المهمات مع الشاهين ، عمله من الثامنة وحتى الرابعة ومن وقتها يبدأ عمله كجاسوس لحساب الشاهين ، اراد دوما ان يشكره لانه من اخذ بثأره من قاتل اسرته كاملة ، ولكن حين شكره اخبره ببساطة ان عليه الا يقف مكتوف الايدي وهو يرى اناس يُقتلون ويُظلمون .... عندما رآه فقط اكتشف كيف استطاع ان يفك الاختراق ، بالطبع لم يكن هو لكن الشاهين المتنكر .... بالرغم من انه يعرف الشاهين منذ ما يقرب من ثلاث سنوات في الشركة ويعمل معه شخصيا منذ عامين في التجسس والقبض على المجرمين الا انه لم يكن يتوقع ابدا ان يكون الشاهين هو ....
قطع تفكيره رنة هاتفه ، نظر للاسم المتصل بشرود ليجده الشاهين مرت عينه في نظرة عابرة على الساعة ليجدها الثانية عشرة ! ، كيف مضى الوقت بتلك السرعة ؟ امسك بالقهوة ليجدها باردة جدا ، بالطبع فهو غارق في افكاة منذ ساعتين
استمر الهاتف في الرنين منبها اياه ان الشاهين ينتظر فاجابه : ايوة يا شاهين
_ ايوة يا ساهر ، بكرة هـ...
اخبره بما عليه فعله بالغد بناءً على ما قالت منة واستمع هو بإصغاء حتى انتهت المكالمة مع التفاصيل فاغلق الهاتف وتمدد مكانه على الاريكة حتى غط في ثبات عميق ....
***
عادت حبيبة لمنزلها مرهقة تحمل بيدها الكثير من الحقائب كنتيجة لتسوق دام لما يقرب من ثلاث او اربع ساعات ارتمت على الاريكة بارهاق
اتت والدتها قائلة : ها يا بيبة جبتي ايه ؟
_ تمام ، اشتريت كل حاجة ، عايزة انام
: مش هتاكلي ؟
_ لا مش جعانة هقوم اغير وانام ، تصبحي على خير
: وانت من هله
قامت حبيبة وبدلت ثيابها ثم اتصلت بآسية ولكن لا مجيب ، خمنت ان تكون نامت وتغوص في احلامها فلحقت بها في قطار الاحلام الذي يليها ....
اما الشاهين :
فقد ترك سيارته ومضى في الطرقات هائما على وجهه ، رن هاتفه فاجاب ببرود
: ايوة يا سما
_ ايوة يا باشا ، اختفيت فين طول اليوم من ساعة ما كنا في الشركة حتى اختفيت من الشركة فجأة
: انا مش لسة مكلمك قبل ما انزل
_ وده يخليك تختفي طول اليوم كده !
: خلاص يا سما اديكي كلمتيني عايزة ايه بقى
سألت باستغراب : مالك انت كويس ؟
: اه تمام ، كنتي عايزة ايه ؟
_ انت فين ؟
: في الشارع
_ طب روّح بقى بلاش تتاخر عن كده الساعة اتنين
: ماشي يا سما ، سلام
_ سلام ...
اغلقت الخط وهي تشعر بشيء ما خاطئ فهو لم يكن هكذا صباحا !..
***
(الجمعة 25. )
انتهت الليلة صامتة هادئة على الجميع ، وبدأ يوم جديد لا يمكن الجزم بأن احداثه ستكون جيدة ، حقيقةً هي لم تكن جيدة ابدا ...
يوم تقليدي هادئ بدأ فيه ساهر ما طلبه شاهين يحاول التوصل لاصحاب السيارة التي اختطفت الصغير ، وآسر خرج من المنزل ولم يعرفوا مكانه ووسيم ؟.... لا احد يعرف ما يفعله !
آسية مرت بيوم ممل بعد تنظيف المنزل والطهو مع والدتها ، اتصلت بآدم وتحدثت معه قليلا ثم اعطت الهاتف لوالدتها التي لا تعلم حتى الان انه قد أُصيب ، بعد العصر بدأ المطر وكعادتها بدأت تستمتع به حتى بدأ البكاء !...
بدأت السماء تقسو مجددا وبدأت القطرات تصفعها من جديد وشعورا بداخلها يخبرها بأن هناك خطبا ما ولكنها لا تشعر بان احدا بخطر ، دوما ما تضجر من هذا الشعور لم فقط لا تعيش كما الاخرين او لم دوما تصدق احساسها وكيف تشعر بالسماء ؟!
نفضت تلك الافكار من عقلها ودخلت غرفتها فتحت حاسبها المتنقل وجلست تشاهد فيلما ما بشرود ولا زال بداخلها شعور ان هناك شيئا خاطئ ...
اما الشاهين ... فيومه كان طويلا ولكن هادئا حتى حدثت الكارثة ، والتفاصيل من البداية :
استعدت سما للخروج مع وسيم كما اتفقا ، اتصلت به كي تعلم اين هو فاخبرها ان تقف امام المنزل كي يأخذها ويذهبا مباشرة ، وبالفعل خرجت ولكن عوضا عن ان يأتي هو ويأخذها ظهرت سيارة سوداء وتوقفت امامها مباشرة خرج منها رجلان اخذاها عنوة للداخل بينما هي تصرخ بهلع وتحاول الفرار وانطلقت السيارة
وما حدث بعدها كان سريعا
اهتز الهاتف ثانية بجيبه موضحاً وجود اتصال جديد ، اصبح يكره الهاتف و الإتصالات ويكره صوته وكل شيء !
مؤخراً ازدادت اتصالاته للضعف تقريبا ، وجميعها غير سارة وغير مرغوب بها تماماً ...
بدأت بمساومات ورشوة ، والكثير من هذا النوع ثم تهديد وازداد هذا أكثر من الأول ، وآخر اتصال كان قبل نصف ساعة تحديداً ، ولكنه كان مختلفاً ، فهذه المرة لم يكن منهم بل من والدة سما
و ملخص المكالمة بكاء !
اخرج الهاتف وهو يزفر بضيق شديد ، كان على وشك الإنفجار
ولكنه أجاب ، واول ما سمع كان صوت ينتحب بشدة : الو .....
ثم صوت غليظ يعرفه جيداً : الحلوة معانا ، اعقل كده وهترجعلك صاخ سليم ، بس لو زعلتنا هترجعلك متقطعة ، وانت عارف أنا أقدر أعمل إيه
قال بانفعال : عايز إيه ؟
الرجل بانتصار : شاطر ، حلو كده ، هتصل بيك اقولك هتعمل إيه بالظبط ، ولحد وقتها خليك مؤدب ومتزعلنيش منك ، وطبعا بلاش البوليس يعرف ، خلينا مع بعض كده احسن ، أحسن ليك أنت طبعا انا مش قلقان غير عليك
جز على أسنانه بغضب شديد ، بينما قال الآخر : سلام يا كابتن
واغلق الخط .....
ضغط على الهاتف بقسوة وغضب حتى كاد ينكسر بين قبضته ، وانتهى اليوم على هذا الحال وهم يدورون حول انفسهم لا يدرون ما يفعلون ....
-----
السلام عليكم ،
انا مش هرغي عشان بذاكر ، نتقابل بكرة باذن الله تاني ، هنزل كل يوم او على حسب الظروف يعني ، بس لو مفيش تفاعل مفيش بارت هه بس كده
دمتم بخير
سلام تاني
أنت تقرأ
دموع السماء
Adventure(شكراً لكل حد عجبته الرواية او قرأها.... وطلب بس بفوتس / تصويت تقديراً للجهد المبذول فيها ، شكراً 😍 ) صدقني لن تستطيع النوم ... مهما حاولت .. حاولوا قبلك وها نحن نخبرك : عصابة عينيك لن تلغى ضوء الشموع من حولك .. ، لن تكبت لهيبها ستكون كوسط شبه شفا...