تحت نيران الحرب
الجزء الاول
......................
فجر اخر بزغ ...اشعة شمس ذهبية رغم نورها الذي ضارب اسطح المنازل في جوسيون الا انه لم يمسح ذلك الظلام الذي كان يغطي كل شبر من حياتهم ...ونسمات الصباح الرقيقة لم تجد القوة التي تمكنهم من اخذ نفسهم بحرية ...اصواتهم البشعة كانت تعلو هنا وهناك ..بذلاتهم البيضاء التي لم تعطهم اكثر من مظهر وحوش متعطشة لرؤية الخراب يغطي تلك المنازل التي لا يزال يذكر فيها اسم جوسون ويعظم ....ومع ساعات الصباح الاولى صوت صهيل احصنة بدا يضرب مسامع كل من تضرب حدواتها ارضهم ...صراخ بلكنة يابانية ثقيلة " امسكووووووه" قالها ذلك الضابط وهو يلاحق ثائرا اقترف جريمة شنعاء ارهابية كما وصفوها...."ارهابي جوسيوني" كان لقبه الذي عرف به بين كل اولئك الضباط :ايها السافل ....امسكووووه ..
انفاسه كانت متلاحقة بسرعة كان لا يكاد يميزها ...بداوا يضيقون عليه الخناق اكثر واكثر وقد بات واضحا ان لا مفر من ان ينتهي الامر بموته على الاغلب ...او هذا ما كان يأمله ...لم يرد ان ينتهي الامر به بين يديهم ليشعر بذلك الذل الذي ما عاد يطيقه ...خوفه الوحيد كان ان ينتهي به الامر خائنا لوطنه في وقت لربما تكون فيه الخيانة هي مفتاح هربه...تلك الطلقة التي اردى بها ذلك الضابط منذ عدة دقائق كانت كل ما يملك وسلاحه اصبح بلا فائدة الان ... «ممسكا بشريطة شعر يقربها نحوه يشمها مع دمعة تكاد تفر من عينه » :مان اوك ...سونغ جون ...انا اسف ...«يخبئ شريطة الشعر في ثيابه ويكاد يصرخ » سونغ جون ..والدك يحبك ...انا اسف «يشعر برصاصة تخترق كتفه واخرى تكفلت بايقلع ذلك الحصان ارضا ضاربة به الارض بقوة ....يبتسم حينها عاجزا عن الحراك وهو يراهم يتجمعون حوله "نموت وتحيا جوسون" بانفاس متقطعة قالها وابتسامة الفخر تلك توسعت على وجهه قبل تخرج تلك الدماء من فمه وتنزل الى بحيرة الدماء خلفه وتزهق روحه هكذا
نظراته الشاردة وابتسامته الشامتة استفزت ذلك الضابط ذو اللحية الخفيفة القبيحة ...ركله غاضبا : وغد سافل «يبصق عليه» ...ارهابي وقح ..«صارخا بكل قوته» الوغد الجوسيوني قد مات ....نهايته يجب ان تكون عبرة لكل شخص ..يفكر في التطاول على الحكومة ...وسلطة الحاكم العام ...وقوة الامبراطورية اليابانية العظمى
الابواب اقفلت وتلك النوافذ اغلقت باحكام والامهات يحاولن بحذر ايقاف اولئك الاطفال المفزوعين ....نظرات حاقدة كادت ان تشتعل نارا بعيون كل اولئك السكان الذين لا يجدون من نفسهم القوة ليواجهوا كما ذلك الثائر.. وبشكل سرمدي كل تلك الضجة تهدا في لحظات
بعد ساعتين من كل هذه الاحداث ومع ارتفاع الشمس في السماء عادت حياتهم لتجري كطبيعتها في المقاهي الصغيرة هنا وهناك واسواقهم المتواضعه ....سيارات اليابانيين وعربات الاجرة بدات تنشط مجددا ...وطلاب المدارس التي كانت تحت سلطة اليابان بدأوا يتوجهون اليها كما سيهون وجونغ ان ...شابان فتيان في سنتهم الاخيرة ..
مروا من ذلك المكان و جونغ ان لم يكتف من الالتفات الى بقعة الدماء الكبيرة تلك ...بقايا ذلك الحصان النافق ..وشعور بالسوء ملأه تماما اعجزه عن رفع راسه للاعلى ...يشده سيهون لافا ذراعه حول عنقه :ما خطب هذا الوجه الان
ينفضه عنه منزعجا ثم يقف مجددا و يعود للتحديق لذلك المكان : سمعت بما حصل هذا الصباح اليس كذلك
يعود سيهون اليه ويوجه نظره الى هناك ايضا:انه بطل ...لا يجب ان يحزن احد عليه لميتة مشرفة كهذه ...ما قام به ...«بنوع من الحماسة » لقد سمعت انه اردى ذلك الكلب الياباني برصاصة واحدة اخترقت راسه ... واااه ...انه رائع حقا
يسرع جونغ ان لتغطية فمه قلقا من ان يسمعه احد: اشششش اقفل فمك ايها الابله ...لا نريد ان يسمعك احد تردد كلاما كهذا ...سينتهي امرك تماما
يبعد سيهون يده منزعجا : اااه انت جبان حقا ....وكان الثوار يقلقون لاشياء كهذه .....لولا والدتي المريضة والا كنت انضممت لجيش ثوار جوسون منذ وقت طويل ..انت حقا جبان كبير
يبتعد جونغ ان عنه منزعجا بينما يلتفت اليه :حسنا قل ما تريد قوله ولكن لا تشملني بذلك ..لا اريد ان امضي الليلة في غرفة التعذيب بسببك ...انتبه اين نحن فقط
يلحق سيهون به بعد ان اصبحا امام المدرسة بالضبط: ايشش توقف فحسب ..
اقترب موعد انصرافهم وجونغ ان كان جالسا يقلب صفحات كتابه ونظراته لم تكن عادية وكانه يرى في تقليب تلك الصفحات شيء يفرغ فيه كل ما بداخله
سيهون من خلفه بدء بوخزه ليستدير نحوه :يا ...يا جونغ ان ...انظر الي ...يااا
يلتفت اليه قليلا ثم يعود ويدير وجهه ....ينهض سيهون من مكانه ويذهب للوقوف امامه تماما ثم ينظر في عينيه :يا جونغ ان ...ما خطبك .. احزين انني قد اتركك مختبئا وحدك ...انضم معي لجيش الثوار ايها الجبان ..ستجعل والدك فخورا لا «يضحك»
تنقلب ملامح جونغ ان بشكل مخيف عندما يذكر امر والده ...وقبضته المشدودة تكاد تفجر عروقه ..محاولا اخفاء انفعاله ذاك وهو يكلم سيهون:اخبرتك ان لا تذكر شيئا كهذا هنا ...انت ....الا تذكر انني اخبرتك بعدم ذكر ذلك الوغد ...
ينهض من مكانه ويحمل حقيبته ويسرع خارجا وهو يمسح على عينيه يريد اخفاء تلك الدموع التي لم تخرج الا من قهر كان يخنقه تماما
يسرع سيهون خلفه في الوقت الذي دق فيه جرس نهاية دوامهم :ياااا ...جونغ ان توقف ...
يستمر بالجري هاربا ولا توقفه سوى تلك البحيرة التي اعتادت احتضانه في احلك اوقاته ...يرمي بحقبيته وفي منتصف تلك البحيرة يرمي حجرا ويقف فقط امامها
سيهون من خلفه :جونغ ان ...لم تستمر بفعل هذا فقط....الا يمكنك ان تسمعني وانا اصرخ اليك ...«مقتربا منه واضعا يده على كتفه» اتعلم انني تعبت من الركض حقا ...هاه
لم يرفع راسه اليه وحاول ابعاد نفسه فقط
سيهون : يا جونغ ان ... يااا ..
يصرخ حينها في وجهه بقهر يكاد يحرقه :ابتعد عني فقط الان ..«يشد يده على ذراعه وقد بدا على وجهه بعض الالم»
يبعد سيهون يديه ويحدق نحو ذراعه :يا ..ما خطبك ...هل تؤلمك
جونغ ان : الم اخبرك انت تبتعد..اهتم بشؤونك فقط ..الم تسمع
لم يتمكن سيهون من منع نفسه وامسك به ليصرخ جونغ ان متالما :يااا ما هذا ..ما خطب ذراعك ..ارني هيا ..
جونغ ان منزعجا :انها بخير فحسب ...انس امرها وغادر الان ...غادر وحسب هاه
يحاول المشي مغادرا ولكن سيهون يلحق به ويتشبث بذراع قميصه ويشده حتى يمزقه لتنكشف ذراعه التي كانت قد تلونت بالازرق والاحمر بعد ان تعرضت لضرب لم يبد انه من صديق
سيهون:يااا ..ما خطب يدك ..هل ضربك ثانية ..«يصرخ»اخبرني ...هل ضربك ذلك الوغد ..انه ابوك اليس كذلك
يصرخ جونغ ان باكيا بغل :الم اخبرك ان تذهب فقط ...لم تريد رؤيتي بهذا الشكل فقط ..«راكعا على ركبتيه محاولا تغطية ذراعه » انا اكره حياتي الان ...اكره كل شيء
يسرع سيهون نحوه حينها ويعانقه يحاول تهداته بينما يكتفي هو بالبكاء متالما على كتفه
سيهون:لا عليك اخي ..كان عليك ان تتركه فقط ..منزلي هو منزلك انت تعرف هذا
بعد ساعة كانا في منزل سيهون بينما والدته كانت تضع بعض الدواء لاجل جونغ ان
والدته:يا الهي ..فلتتكسر يدا ذلك المجنون ..كيف يجد له قوة ليضرب ابنه بهذه الطريقة البشعة ...
سيهون :امي ..لا اظن الوقت مناسبا لذكر هذا
والدته :ااه اسكت انت ..«تمسك بوجه جونغ ان ملاعبة » لو كان لدي ابن لطيف ووسيم مثله لكنت حرصت عليه اكثر من عيني ..اليس كذلك نيني
يضحك جونغ ان قليلا ثم يقول خجلا :لا تناديني بهذا ..انه محرج ..
والدة سيهون:اوه انت حقا ...لا يمكنني فقط التوقف عن ذلك ..حتى سيهون لديه لقب ايضا...انه
يسرع سيهون لتغطية فمها :لا امي ...ارجوك
تبعد يده غاضبة : ااااه ..انت حقا «تضربه على راسه» اتريد قتل والدتك ايها المشاغب ...ساتدبر امرك بنفسي «تحمل قميص جونغ ان الممزق » ساحضر لكما بعض الطعام لتاكلوع لا بد انكما جائعان ...وساخيط لك قميصك ايضا ...
جونغ ان :شكرا ..امي
تقرصه مرة اخرى سعيدة : اااه ولا يريدني ان اناديه بنيني
تذهب بينما تترك جونغ ان يرتدي احد قمصان سيهون بينما كان هو الاخر يحدق به فقط
جونغ ان : امك لطيفة حقا سيهون ...انا اتسائل اذا كانت والدتي طيبة مثلها ايضا
سيهون : ان امي تحبك حقا جونغ ان ...وتغضب كل مرة تسمع ان السيد كيم قد ...قد قام باذيتك ..اتعلم لقد اخبرتني انها كانت تعرف والدتك ايضا
يلتفت اليه باهتمام :حقا ...اعني ..هل كانت تعرفها ..هل اخبرتك شيئا ما عنها ..هل حقا كانت تعرف امي
يسمع صوت والدة سيهون من خلفه وقد تبدلت ملامحها فجاة :اجل ...عرفتها
ينهض من مكانه وينظر مباشرة نحو عينيها وقد ظهرت في عينيه علائم الشوق : كيف كانت ..انتي قلتي انك تعرفينها ..امي ما هو ..
ترد ببرود وهو تحاول عدم النظر في عينيه :حسنا ..كانت عادية ..صراحة لم تكن ..لم تكن ذلك النوع المحب كثيرا..لا اظن انك يجب ان تكن كل ذلك الاهتمام لشخص مثلها
يبتلع ريقه مع كل ذلك الاهتمام الذي اظهره فجاة ..
سيهون:ولكن امي ما الذي..
والدته :اسكت انت ..و ما ادراك ما الذي اعرفه انا ..لا تتدخل بهذا واذهب لتبديل ثيابك
ينحني جونغ ان محبطا ويغادر : ساغادر انا ...شكرا لك سيدتي ...اراك لاحقا سيهون
يغادر المنزل وعندها يكاد يفقد سيهون صوابه وقد راى كيف تعاملت والدته مع جونغ ان منذ بضع دقائق : امي ..ما الذي قلته حقا ...«يهم للحاق به ولكن والدته توقفه» :دعه الان بني ..
سيهون: ولكن امي ..الم تري ملامحه تلك ..الم تري ما الذي فعلتيه به للتو ..
تدير وجهها :حسنا ..كن بجانبه اذا وحاول ان تنسيه امر والدته ذاك ..هو فقط لا يريد ان يعلم شيئا عنها
يركض حينها خلفه في الوقت الذي حاول فيه جونغ ان تجاهله فقط بينما علقت ملامح والدة سيهون في راسه وهي تتكلم عن والدته ..شعور بعدم الراحة عندها غلب عليه
سيهون ممسكا بكتفه :ياااااا ...انت حقا منزعج «يحاول العبث بشعره »ينفض جونغ ان نفسه مبتعدا وملامح الارتباك بادية عليه
سيهون:ياااا ..ستجعلني اصدق انك حساس الان ...اذا ...انت تتذكر ان عيد الحصاد غدا ...ستحضر المهرجان صحيح ...
يتقدمه كاي حينها مبتسما قليلا :اااه ...مهرجان ..هه ...اهكذا هو الامر هذه الايام
سيهون متعلقا بعنقه :انت ..يفترض ان تدعوها هي ايضا للحضور اليس كذلك ...
جونغ ان متناسيا:اااه...من تقصد «ابتسامة ظاهرة بدت على وجهه» من يفترض بي ان ادعو
يقف حينها سيهون منزعجا :ياااااا لا تخبرني انك لم تفعل ...احقا لم تدع سون دوك ..
يسارع كاي باقفال فمه مرتبكا :ياااا ..اقفل فمك ...لم افعل ولكنني اخطط لذلك غدا نهارا ..انها عطلة على كل حال ...ساستغل الامىظر وادعوها ولكن لا تصرخ بالامر ...ان منزلها قريب
سيهون:اشششش...انت حقا ...اتعرف ما الذي كنت سافعل بك لو لم تفعل ...لم انت مرتبك هكذا ايضا بحق السماء ...انتما تتواعدان منذ عدة اشهر بالفعل ...تتصرف وكانك قابلتها لتوك «يراها مارة من هناك عندها فيحاول مناداتها »ياااا سون دوك-آه
تلتفت حينها لترى جونغ ان وهو يحاول ابعاد سيهون فتضحك وتلوح لجونغ ان ويلوح لها خجلا بالمقابل ...ومسرعة على صوت صراخ والدها تدخل بينما يشد جونغ ان سيهون ويبعده عن المكان
سيهون :يااا
جونغ ان :اقفل فمك
سيهون:اشششس
..................
في صباح اليوم التالي يستيقظ جونغ ان وهو يشعر ببعض الحماسة على غير العادة ....يبدل ثيابه ويسرح شعره وهو يهمهم بعض اللاغاني على شفتيه ...يلتقط تلك القلادة البسيطة التي صنعها لسون دوك ويتخيلها تضحك وهو يضعه على عنقها ..ويحلم بتلك القبلة الصغيرة التي قد تطبعها شاكرة على خده ..والتي قد تساعده حتى يمرر يومه
جونغ ان :ستحبها ..اجل سون دوكي ..
يخرج من الغرفة وما ان يضع يده على المقبض ليفتح الباب حتى يسمع صوت والده الثمل يناديه :انت ...اين تظن نفسك ذاهبا
يبتلع ريقه حينها ويشعر بالسعادة تنتزع من داخله حين يراه مقبلا نحوه مترنحا :ابي
والده :اششش انظروا الى هذا الوغد ...تبدو متانقا ايها السافل...انت ...لديك بعض النقود في جيبك لا ... اشششش لا تنظر الي هكذا واجبني هيا «يصرخ»ياااااا
يتحسس حينها جونغ ان بعض العملات في جيبه مرتبكا ثم يحدق خائفا بعيني والده :لا ..ليس معي اي منها ...لم ..لم يبق...
قبل ان يكمل جونغ ان حديثه يضع والده يده في جيب بنطاله ويخرج منها تلك العملات بينما يوقع تلك القلادة ايضا ويدوسها بقدمه ثم يحدق بالعملات :اتكذب علي ايها الوغد ...«يصفعه» و هل هكذا قمت بتربيتك ...وغد احمق بلا فائدة ...رغم ان تلك السافلة قد دفعت رسوم تعليمك والا كنت جعلتك تعمل ايها الابله ....يدفع به جانبا ضاربا به عرض الحائط ويفتح الباب خارجا ليشتري زجاجة سوجو اخرى تاركا جونغ ان على الارض يحاول لملمة ما تبقى من تلك القلادة وقد رأى كل الاحلام التي رسمها ليلة البارحة تتبعثر مع اجزاء القلادة المتناثرة «صرخ حينها بغل باكيا»ايها السافل ....انا اكرهك ...عااااااااااااا ...انا اكرهك ...
.................
انتهى الجزء الاول
انشالله تكون عجبتكم البداية

أنت تقرأ
تحت نيران الحرب
Historical Fiction"جونغ ان ، لم فعلت ذلك" "اوغاد بائسووون" "نموت وتحيااا جوسووون" الحرب دائما ما تخلف وراءها قصصا كثيرة ...قصص بطولة وخيانة ...صداقات قوية وقصص حب حزينة ....وقصتي تحمل في طياتها كل هذا واكثر ...