تحت نيران الحرب 15
..........
كانت نظراتها نحو وجهه تبدو قلقة وهي تحاول ان تناديه :اوبا ..اوبا ..الن تستيقظ
اجابها مغمضا :لا ...لن افعل
دا را :الا تريد ان تاكل ...الست جائعا ..
جونغ ان :انا جائع ولكني لن افتحهما
دارا بصوت اشبه بالصراخ :اوبااااا
جونغ ان : انت تعرفين التعويذة التي تجعلني افتحهما ..هل نسيتها بالفعل
تظهر بعض الانزعاج مع ابتسامة خجلة : اوبااا
يشير بيده الى خده :سابقى جائعا اذا لم تلقى التعويذة
تزيح نفسها اليه اكثر وتطبع قبلة لطيفة على خده ثم تصرخ : استيقظ هيااااا
ينهض حينها بسرعة لا تلاحظها ليبدا بعدها بدغدغتها وملاعبتها لتصرخ وهي تضحك بشدة :عاااااااا ...توقف
حونغ ان :ساكلك ...انتي لي الن ..عاااااااا
دارا :جدي ..جدييييي ...
يمثل الجد انه يركض مسرعا لدارا ويمسك بجونغ ان :يااا ..لا احد ياكل صغيرتي غيري ...ابتعد «يمثل انه يضربه ليتظاهر الاخر انه وقع ارضا متالما »
جونغ ان :اه ..انا اسف ..اسف دارا ..اسف
ذهبت دارا واختبئت خلف جدها تنظر مبتسمة لجونغ ان
يقاطع نظرات جونغ ان المبتسمة صوت السيد تشا :يبدو انك تحسنت جونغ ان
جونغ ان بارتباك: اجل ..انا الان افضل بكثير ..شكرا على اهتمامك بي طوال كل تلك الفترة حقا ..لا اعرف كيف بامكاني رد كل ما فعلته من اجلي
السيد تشا :لا تقل هذا يا بني ...انت بالنسبة لي كما ابني الراحل ...لا داع لان تشغل تفكيرك باشياء كتلك ...وما يجب ان تفكر به وتفعله حقا ... انت تعرفه تماما
بتردد وقلق يبادل السيد تشا النظر ثم يقول بارتباك :انا ..لا اعرف ان كنت امتلك تلك القوة حقا ..ما اشعر به الان ..انه ..انا فقط لا...
يحدق السيد تشا بجونغ ان بطريقة غريبة تملاها خيبة الامل :هل حقا ..تعني ما تقول ..«يدير وجهه قليلا ثم يعاود اكمال كلامه» حسنا ..هذا ..يبقى قرارك في النهاية ...وانا مجرد عجوز لا يمكنني اجبارك على اي شيء ..هذه تبقى حياتك انت في النهاية ..ان لم يحرر هذا الجيل جوسون ..لا بد ان ياتي من يحررها يوما ما
نهضة ونظرة خيبة الامل بدت واضحة في ملامحه وجونغ ان الذي كان يراقبه مبتعدا نهض هو الاخر ...اخر قدمه ولم يلحق بالجد الذي اسرعت الصغيرة دارا تمشي خلفه ..وادار وجهه محدقا بنفس تلك النافذة ..اقترب منها اكثر وساكنا بقي لساعة يعيد التفكير بكل شيء ..وشيء من الخوف كان بشكل او باخر يتسلل لكل ما يخطر في باله الى ان جائت دارا لتناديه
دارا :اوبا ..اوبا ...جدي ..انه يريدك ..يريد ان يخبرك شيئا «تمسك بيده تحاول ان تجره » هيا قبل ان يغضب
جونغ ان:اوه ..حسنا انا قادم ..لا تتصرفي هكذا
توصله حتى خارج المنزل ليجد الجد واقفا ينتظره
جونغ ان بنوع من الارتباك :ابي .. دارا ..اخبرتني انك تريدني
السيد تشا :جونغ ان بني ..تعال ..مع انني لا اعرف قرارك وما قد يحصل لاحقا ولكنني ايضا لا اضمن حياتي ..يحب ان ترى شيئا ...شيئا مهما للغاية
لم يكن من جونغ ان الا ان وافقه حالا مع ان كلام السيد تشا بدا مريبا
يذهب الى دارا ويخبرها ان تذهب الى منزل السيدة في الجوار حتى لا يتركها وحدها وبعد ان سلمها بعض العملات القليلة عاد ليشارك جونغ ان المسير ...في ذلك الوقت يمشون بما يبعد عن القرية مسيرة ساعة كاملة... مكان ليس بعيدا عن القرية وليس قريبا في المقابل في مكان اصبحوا فيه في منتصف الغابة تقريبا
جونغ ان بعد ان توقفوا :ماذا الان
الجد مبتسما يتبع حبلا لا يكاد يستطيع جونغ تمييزه من باقي النباتات حوله ...يرفع السيد تشا جزءا منه ليفتح شيئا كان اشبه بثغرة في كومة من الصخور والنباتات البرية المتجمعه ..باب خشبي.حينها اختفي بين النباتات الكثيفة
جونغ ان مذهولا :يا الهي ..ما هذا الشيء
بعد ان يفتح تلك البوابة يمضي للداخل داعيا جونغ ان ان يلحقه
كان مكانا معتما الى ان اضاء فيه السيد تشا ضوئا بفانوس يضاء بالنار وعندها يجد جونغ ان نفسه في مكان اشبه بمخزن للاسلحة البيضاء ....خناجر صغيرة وكبيرة ..سيوف ورماح ..حتى سيوف الساموراي النادرة وجدت لها مكانا في ذلك المكان المزدحم ..كل ما كان يعرفه من اسلحة بيضاء كان بامكانه رؤيته ...اتسعت حدقتا عينيه وهو يحدق بكل ذلك :يا الهي ..ما كل هذا ..انا ..انا لا اصدق ما اراه
تركه السيد تشا شاردا بتلك الطريقة وجلس مشغلا الة الشحذ وامسك خنجرا :لقد قضيت معظم ايام شبابي في هذا المكان ..«يبدا بالشحذ» كل سلاح من هذه مر تحت يدي وشحذته بنفسي ..تلك التي ورثتها ..والاخرى التي جمعتها ..وبعض ما صنعت بيدي «ينظر الى الخنجر بيده بفخر » وهذه الايام ..من فترة لاخرى اتي لهذا المكان ...اتفقدها واشحذ الصدئ منها ..وبعد كل هذا العمر وقد اصبحت لا اضمن الى اي وقت قد اعيش ...قلق فقط ..من سيعتني بهذا الارث بعدي وماذا سيحصل لكل تلك السنوات التي ضاعت هنا وتلك الاوقات الاثمن قبلها ...لربما سيكون لطفا منك لو ...زرت هذا المكان من وقت لاخر ...ربما اعتنيت بهذه الاغراض قليلا
ينظر اليه جونغ ان عاجزا عن قول كلمة واحدة ولكنه يقترب منه ...يمسك به ويركع احتراما :سيد تشا ..او ..ابي ..انا حقا ..اعتبرك مثل والدي ..والدي الذي لم يسبق لي ان جربت احساس حنانه وخوفه علي كما شعرته معك ....ابي ..هذا المكان ..كما هو مهم لك ...مهمة لي بشكل لربما يفوق كل مشاعرك ..وانت ستعتني به طالما انت موجود وتستطيع الوصول اليه ..ابي كلامك عن الموت هذا يخيفني ...لا تذكر الموت الان فوجودك ..وجودك الان ..وانا بجانبك هو فقط ..انه «يخفض راسه ارضا ويغلبه بكاءه »
يمسح السيد تشا على شعره مربتا:وانت ايضا ..لا تقل معزة عن ولدي ..عندما اراك اتذكره كذلك ..وانا بشدة اريد ان احقق بك ما لم يستطع ابني اكماله ...قولك لذلك الكلام هذا الصباح ..اششش انس الامر ولكن ..تذكر شيئا واحدا اخيرا :مثلما انت ابني الان ..صغيرتي دارا ..كاختك الصغرى ايضا ...اذا حصل شيء ما في وقت قريب ..ارجوك..لا تدعها وحيدة ..واعتني بها من اجلي ...لن اعيش لاجلها للابد
جونغ ان :ابيي....
ينهض السيد تشا من مكانه وبكمه يحاول باستمرار مسح دموعه :حسنا ..ساتركك قليلا الان ..اعلم ان ما باخلك بالتاكيد يصعب شرحه او فهمه لذا ...عد للمنزل عندما تشعر انك اصبحت افضل ...هل فهمت ..ومهما حصل حاول ان لا تتاخر عن الوقت العشاء «مبتسما»ساعد اليوم بعضا من حساء الكيمتشي ..انها تحبه كثيرا ..تلك الشقية
يغادر المكان ويبقى جونغ ان هناك وفعلا وضعه كان اصعب من ان يتم فهمه ..تمر ساعة واثنتان وحتى ثلاثة ولم يتحرك حتى من مكانه ...كان بطريقة او باخرى يحاول جمع شتات نفسه ..تنظيم افكاره وتمالك مشاعره ..امر ..لم يكن بتلك السهولة
ينهض من ممانه في لحظة شعر فيه بالتحسن ...مسح عينيه وخرج من ذلك المكان عندما شارفت الشمس ان تميل عن وسط السماء الى طرفها الغربي ..اقفل ذلك المكان جيدا وبخطوات متباطئة مشى عائدا الى تلك القرية ...وفي اللحظة التي كان من المفترض ان يصلها ..رؤية ذلك المنظر جعلته يشك حتى انه ضل الطريق ..القرية ..لم تكن باي شكل من الاشكال كما تركها ..دمار ..خلفته عاصفة يابانية لم تترك الا ارواح اناس تحوم حول مساكنها القديمة ..دماء وجثث ملقاة هنا وهناك ..وجوه كان يعرفها بالفعل واخرى لم يتمكن حتى من تمييزها لما حل بها ..سرى شلل في اطرافه افقده حتى القدرة على التركيز ...رعب تبعته افكار مخيفة دفعت به ليركض مسرعا نحو منزل السيد تشا ..وهو يدعوا ان لا يكون قد اصابهم اي مكروه ولكن كيف ...وهل العواصف الهوجاء تميز صديقا عن عدو ...واللحظة التي وصل فيها الى المنزل كانت جثة السيد تشا الى جانب الباب اول ما راه ليصرخ بحرقة :ابييييي ..
يركض متعثرا نحوه وبجانبه يجلس يهزه ...محاولا ايقاظه بيأس:ابي ..ابي «يصرخ بحرقة »ابيييي لااااا «يضم جثته الباردة الى حضنه »ابي لا ..ارجوك ..«ببكاء» ابيي
يتذكر حينها دارا الصغيرة فيصرخ مرتجفا :دارا ...دارا ..عزيزتي ...اوبا ..انه في المنزل «يقف على قدميه بصعوبة وهو يحاول تمالك نفسه »اوبا هنا
يسكع حينها صوتها الضعيف يناديه :اااو..با «تبكي وتئن »اوبا
جونغ ان :دا ...دارا
يدخل متخبطا حينها متبعا صوتها ليجدها في زاوية الغرفة وقد تلقت رصاصة في كتفها وبقعة كبيرة من الدماء تحيط بها ..
يمسكها حونغ ان باكيا :لا ..دارا ..دارا ..ابقي معي ...لا عليك ..«يحملها »سنذهب الان الى الطبيب هاه ..ستكونين ..ستكونين بخير
لم تكن دارا قادرة حتى على قول شيء ولكنها وضعت كل طاقتها في التشبث بحونغ ان بيد مرتعشة وتنظر اليه بعينين ذابلتين ..الحياة بدت انها تعزم مغادرتها بينما قد خرج هو من المنزل
جونغ ان ناظرا اليها :تحملي ..اكثر قليلا ..سيذهب ..كل هذا الالم سيذهب
وبينما كان يركض بها شعر بارتخاء جسدها بين يديه ..ثقلها الذي ازداد على ذراعيه ..انينها وصوت نفسها الثقيل لم يعد مسموعا ...احس بكل هذا ورفض ان يعاود النظر اليعا ...لا يريد رؤيتها بذلك الشكل. .هذا الصباح فقط راها تلعب وتضحك بين يديه ...وقف مكانه وصاح غاضبا :لااااااا
وقع جاثيا على ركبتيه والبكاء كان كل ما يمكنه فعله وهو يرى جثتها الصغيرة امامه تماما
جونغ ان :دا ..دارا ..دا را لا ..ارجوكِ ..لا تفعلي هذا بي ..«محاولا تحسس وجهها » يا صغيرة ...انت ..انت كنتي الشيء الوحيد الذي يخفف عني .... دارااااه ..لا تتركي اوبا وحده ..«يحملها ويحتضنها يشدة ..وقد كان يعانق فيها كل شيء جميل .كل ضحكة ضحكتها معه ..عانق فيها حنان امه التي لم يعرفها ...عانق طيبة بريئة لم يشعر بمثلها قبلا الا بسببها
نظر للخلف بطرف عينه ليرى خرابا ..هذه القرية التي اعتاد رؤيتها مفعمة بالحياة ..مشغولة دائما ..ومريحة قي الوقت ابذي كان فيه هو متعبا ..دافئة احتضنته ...انطفأت واصبح كل شيء فيها باردا فجأة ..ولكنه لم يكن يجهل الفاعل هذه المرة ..الجيش الياباني مر من هنا ..ونار اذكيت مجددا في داخله كانت شبه منطفئة ...بل وعادت تشتعل اكثر من ذي قبل ..اكثر من اي وقت مضى تحرق من يمسها
جونغ ان بغضب وقهر يملأه :ايها الاوغاد ...سوف اعصركم بيدي هاتين ..سوف اجعلكم تندمون على كل دمعة جعلتموني اذرفها بسببكم ..على كل شخص سرقتموه مني حتى اللحظة ...اوغاد سفلة مثلكم ..لا يستحقون العيش ...مهما حصل ..«بصراخ »مهما حصل ..سانتقم ..«يصرخ ببكاء»سانتقم ..اتفهمون «يعاود شدها اكثر اليه منهارا تماما
امضى جونغ ان تلك الليلة يحفر قبورا يدفن فيها كل تلك الجثث ...قرية صغيرة ..وعشر عائلات صغيرة وكبيرة قد ابيدت ..شبابا واطفالا ..امهاتا واباء واجدادا ..كانوا في مضى يعيشون بسعادة متناسين بعضا من همومهم التي كانت ما قضى عليهم في النهاية ..وجونغ ان ..كان الله وحده فقط اعلم بكل ما يدور في راسه في تلك اللحظات
..............
انتهى الجزء ال15

أنت تقرأ
تحت نيران الحرب
Fiction Historique"جونغ ان ، لم فعلت ذلك" "اوغاد بائسووون" "نموت وتحيااا جوسووون" الحرب دائما ما تخلف وراءها قصصا كثيرة ...قصص بطولة وخيانة ...صداقات قوية وقصص حب حزينة ....وقصتي تحمل في طياتها كل هذا واكثر ...