الفصل السابع عشر

26 1 0
                                    

عندما كان عمري اثنى عشر عاماً ، كان لدينا قفص طيور مليئ بها ، خصوصا طيور الحب ، كنت العب بها وكأنها لعبة محشوة ، حرفيا ، امسكها و اجبرها على شرب الماء من الوعاء الخاص به ، اتذكر كيف كانت تتلوى بين كف يدي محاولة اخراج راسها من الوعاء ، الى ان تهدىء تدريجيا ، و عندها علمت انتي قتلتها ، لقد حدث هذا الحادث اربعة مرات ، أقنعت نفسي انني كنت طفلة و لا اعرف افعالي ، ولكن الان تبدلت نظرتي الى نفسي ، فأنا مريضة نفسية ثم قاتلة ، و ستصل اعيش هذا العذاب الى يوم مماتي ، سأظل اتذكر نفسها و دقات قلبها التي شعرت بها بين أصابعي الصغيرة اللعينة ، وانا متاكدة ان ما يحدث لي اليوم ، من ستيفان الى مشاكل عائلتي هي عقاب على فعلتي السوداء وان الطيور تاخذ حقها مني ، حقها الدنيوي فقط ، لأمنيات اعلم ما سيحدث لي بعد ذلك و اتمنى ان لا يكون الشيء الذي يبدأ بحرف الجحيم.

توقفت قليلا، لو كنت مشاركة بماراثون لتصدرت المركز الاول  بلا شك ، نظرت حولي كان هنالك متجر بجانبه محطة لتعبئة الوقود ، كان المكان أشبه بصحراء موهافي شرق ولاية كاليفورنيا ،  ولكنه ليس صحراءً فعلية ، اقتربت من المتجر ، كل ما ارتجيه الان هو عبوة ماء ولكن حالي لا يختلف عن المتشردين الان و ربما هم افضل حالا مني ، انا لا امتلك قرشا واحدا ،رائع .
اخذت افكر بطريقة ايجابية ، ربما صاحب المحل طيب القلب و سيعطف علي و يساعدني ، فبالتالي انا لا اريد سوى القليل من الماء و الطعام و اسأله عن اقرب مركز شرطة ، فقط !
دخلت الى المتجر من دون تعكير تفكيري باحتمالات سلبية غير هذا الاحتمال ، كان هنالك رجلا عجوزا ، أزرار قميصه السفلية مفتوحة من كبر بطنه ، و يبدو و كأنه يخبأ كرتين في فمه ! هل يعقل ان يمتلك الانسان خدان بهذا الحجم ! صفعت نفسي ذهنيا على تفكيري و أسئلتي في حالتي هذه ، اقتربت من طاولة المحاسبه التي كان يجلس الرجل خلفها ، سرعان ما ابتسم ابتسامة عريضة ، غريب . رفعت حاجباي عندما بدا بالتكلم قبل ان اسئله حتى
-اهلا يا جميلة ،
هاي هاي ، توقف يا جدي ، داهم عقلي الموقف بقوله ، يبدو ان علي البدأ بالتفكير في العودة الى ستيڤان ، ولكنني نفضت الفكرة بسرعة وأخذت اسئله
-عذرا يا سيدي ، هل يمكنك مساعدتي ؟ احتاج الى القليل من الماء و الطعام لكن ليكن بعلمك انني لا يمكنني الدفع ، لا امتلك قرشا واحدا !
-لا بأس ،
اكاد  اقسم ان فمي لامس اذني عندما سمعته و لكنه انكمش بتقزز عندما سمعت بقية الجملة
-يمكنك الدفع بطريقة أخرى ،
قالها و هو يبتسم ابتسامة اكبر من ابتسامتي ، اردت تكسير اسنانه الثلاثة المتبقية و من ثم جعل راْسه كَكُرة قدم لاطفال في الشارع ، رفعت نفسي بواسطة أصابع قدمي و انا استند على طاولة المحاسبة ، مقربة نفسي منه ،
-فالتذهب الى الجحيم السابعة أيها اللعين.
ثم اخذت خطواتي بالانسحاب عن هذه الحظيرة القذرة ، ولكن عند عتبة الباب احسست بيد تمسكني بقوة من مرفقي لتسجبني نحوها ، لقد كان بابا نؤيل  القذر ذاك
-ليس بهذه السرعة يا عزيزتي ،
قالها و هو يجرني الى الداخل ، ولكن كما ينص قانون نيوتن الثالث "لكل فعل ردة فعل " و ردة فعلي هي صفعة قوية على كيس الدهن الممتلىء جعلته يفك سراحي ، رائع ، من يراني يقول انني تدربت مع جون سينا ،
رأيته يتجه و هو يتمم بالعديد من المسبات و التوعدات ، الى خلف الطاولة ليخرج مضرب بيسبول عملاق ، جفلت ، لم اتوقع ان الامر سيصل الى هذا الحد ، و للأسف عندما أوضع في مواقف مثل هذه أقف في مكاني دون حراك وانا انظر بعينان تفيض منها الدموع ، وهذا ما حصل تماما ، كان يتقدم بسرعة نحوي ، أغمضت عيني بسرعة ، انا خائفة كاللعنة ، ثواني قليلة فتحت عيناي لأَجْدَع ساقطا على الارض و فمه تجري منه الدماء ، لقد كان ستيڤان من أنقذني .احذ ينهج بجنون و عيناه الذابلة كانت تحدق نحوي ، شعرت بالاختناق و الاسى ، انا لم أرد ان يحصل كل هذا ! حقا !
اقترب مني و قال
-هل أنتِ بخير ؟
لكنني لم احتمل ، لذا انفجرت بالبكاء .

فَراغْ مُزدَحمْ ||F.Sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن