الفصل الثالث و الثلاثين

7 1 0
                                    

استيقظتُ في الرابعة و النصف صباحاً و لكنني لم انهض الا في السابعة ،اتخذتُ قراراً لا رجعة فيه ،فبعد التفكير في كل ما قد يحصل اليوم و كل العمل الذي أمضيناها في الأسابيع السابقة من اجل هذا اليوم فلا يوجد خيار لدي غير النجاح ،سابذل جهدي كله و اكثر ،لن اخذل ستيڤان أبداً ،ان نظرت الى الامر من زاوية اقرب فان احتمال نجاحي كبير جداً ،كُل ما عليْ فعله ان ارى التركيبة ان كانت صحيحةً ام لا و ان لم تكن كذلك فعلي إيجاد التركيبة الاصلية،كيف ؟لا اعلمْ و لكن علي فعل ذلكْ، علي إيجاد التركيبة في ظل ساعتين ،تحديداً من الساعة التاسعة الى الحادية عشر هو ما امتلكه من الوقتْ، قمتُ بتبديل ملابسي الى اكثر شيء مريحٍ للركض و المشي و التفكير ،بنطال اسود و سويتر بنفس اللون ،اتمنى ان لا يكون حظي اليوم مثل لون ملابسي ،نزلتُ و توجهت نحو مكان عملي بمفردي ،لان كل من ستيڤان و أريا قد خرجا قبلي لتجهيز كل شيء ،وصلت في غضون عشرين دقيقة ،كان ادم بانتظاره و على وجهه ابتسامة عريضة ،كم تمنيت لكمه و تشويه وجهه هذا ،اخبرني ان انتظر الى ان تأتي التركيبة ،نصف ساعة و دخلت أريا الى مكتبي مع حارسان و ادم،وقف الحارسان خارجاً بعد ان تلقيا إشارة من ادم و بقينا نحن الثلاثة،لم انظر الى أريا و هي فعلت المثل ،علينا التمثيل بدقة ،اخبرني ادم عن مارتيزا و التي هي بالحقيقة أريا و قال انها ستنتظر الى ان انتهي ،وضعت التركيبة التي كانت داخل صندوق محكم الاقفال و خرجت ،أعطاني المفتاح و اخبرني ان اعمل بهدوء و تأني متمنيا لي التوفيق و خرج .فتحت الصِندوق لألتقي و اخيرا بهذا العلاج ،الذي جعل ستيڤان يتعذب كثيرا هو و والده،حسنا اذا علي البدء،بدأت بقراءة جميع التفاصيل المكتوبة بخط يد والد ستيڤان بالتأكيد ،قراءتها و عَلمتُ انه صنع العلاج مطورا من الأدوية المستخدمة لتقليل الاثار ،فكما هو معروف ان مرض باركنسون لا علاج له بل يمكن للشخص ان ياخذ أدوية تقلل الأعراض ،ان العلاج الدوائي يتكون من ليفودوبا و منبهات الدوبامين و مثبطات ماو-ب،هذه هي الأدوية الاساسية ،نظرت الى كتلها الذرية والمولية،تركيزها و درجة انصهارها ، جميعاً و قارنتها مع التركيبة التي امامي ، جميعها متطابقة ،قمت بالعديد من التجارب السريعة عليها ، هنالكَ شيئا خاطىء،نظرت اخيراً الى صيغتها الكيميائية و وجدت ان الدوبامين يختلف عن ماهو موجود في التركيبة ،حيث ان الدوبامين يتكون من NH2 و اثنان من OH في الدواء ،لكنني بحثت في كتابات والد ستيڤان و لكنني لم اجد شيئا،هذا مستحيل!
عندما فحصت التركيبة و جدت انها تتكون من2NH2 اي انه تغير جذري ،هل يعقل ان هذا هو العلاج ؟ام انها خدعة من قبل مايكل ،و التي انا اقوم بفحص التركيبة من أجلها؟ أمسكت رأسي بقوة ،انا لا استطيع التفكير و الوقت كاد ان ينفذ ،انا لا امتلك الا خمسٍ و أربعون دقيقة فقط، اخذت بمراجعة جميع ما قراءته و تعلمته عن هذا المرض ،حاولت تذكر كل شيء ،و فجاءة مرّت جملة في رأسي بسرعة ،كانت احدى المعلومات التي قراءتها في اليوم التي تشاجرت مع ستيڤان ،ابتسمتُ لأنني وجدت الحل ، ان الدوبامين من المواد التي تُصنع من قبل خلايا الدماغ بالفعل ،و تحديدا النواة القاعدية و الدماغ المتوسط ،و هي موجودة بكميات عالية عند الاطفال و تنخفض بمرور الزمن ،اي انها تحتاج الى محفزات ،لذا قام والد ستيڤان بوضع بدائل الدوبامين بدل الدوبامين نفسه ،و السبب في وضع كلارك لل2NO2 اي بمضاعفته ،فان الدوبامين من المواد التي تتضاعف عند الادمان الى مستويات عالية مشابه للمستويات المُصنعة من قبل الدماغْ،و بالتالي سيؤدي الى أضرار كبيرة و منها فقدان التّذوق ،و بالتالي فان الغالبية من الناس سوف تستمر عليه بسبب الادمان الذي يسببه ،وان والد ستيڤان قام باستخدام أشباه الدوبامين لانه يعلم انه يُصنَع بالدماغ و ان اي زيادة فيه او نقصان ستزيد من الضرر في المرض .كتبت كل هذه التفاصيل بدقة كبيرة ،نظرت الى الساعة ،كانت بالعاشرة و النصف،اي ان الوقت قد حان و هو مناسبٌ جدا،حملت التَركيبة و الورق الذي دونت عليه الملاحظات ،اخرجت هاتفي و قمت بفتح سجل المكالمات ،خرجت من الباب و معي الحقيبة و لكن كما هو متوقع قام الحارسان بايقافي ،حرصت ان لا اظهر انني متوترة أبداً ،أخبرتهم ان ادم قام بمُناداتي و لكنهم منعاني بحجة انهم سيجلبونه الى الغُرفة و هذا كان بأمرٍ منه ،أظهرت لهم هاتفي و كان سجل المكالمات يُظهر ان اخر اتصالٍ كان منه و انه قد اخبرني ان اتي اليه مع التركيبة ،لحسنِ حظي إنهما لم ينتبهى الى الوقت ، كُنتُ سابكي من الفرح ! مع كل خطوة كان الالم يزداد في معدتي و رجلاي ،لم اشعر بالارتباك هكذا من قَبلْ ،كل خلية في جَسدي تطلب مني العودة و تقديم العلاج الى ادم و إنهاء الامر ،الا قلبي و عقلي ،الاثنان تحالفا و لأول مرة على مُساعدة ستيڤان مهما كلّف الامر،و سأقوم بهذا بالفعل ،كُنتُ سأدخل الى الباب الذي يُوصل الى الدرج حيث تقف أريا الان ،تنفست بعمق و انا اقوم بفتحه و لكن شيء ما قام بشد شعري حتى سمعتُ صوت تقطعه ،صرخت نتيجة ما حدث و بدأت دموعي بالهطول ،أُدخلت الى غرفة مُظلمة و ما ان قام المجهول بفتح الضوء تعرفت عليه كان ادم و لا يزال ممسكاً بشعري، ازدادت قوة قبضته المحكمة عليه و ازداد أنيني و دموعي معه ،قال لي و هو يقرب وجهي من خاصته
-اتظنين انني لم اتعرفْ عَلَيْكِ ؟ يا ديسمبر الصغيرة ؟
منذ اليوم الاول عَرفتُ من تكونين ، لست بهذا الغباء عزيزتي !
نظرت له بِصدمة ، هذا اخر شيء اتوقعه ان يحدث في هذه المرحلة ،بالتأكيد انه يعرفني عن طريق والدي ،والدي الذي جعل حياتي سوداء دائماً،
-أنتَ لا تُخيفني يا هذا !
قُلتها و لا زالت دموعي تنزل كالشلال،انا لم اصدق نفسي هذه المرة و لكن كل ما حدث انني تذكرتُ كلام ستيڤان ليلة امس و عناقه،شَعرتُ بقوة تسري في عروقي لأول مرة ،قام بصفعي صفعة جعلت الدم يسيل من فمي بينما رأسي مُرتطمٌ على الارض ،كُنتُ عاجزة عن الحركة من شدة الالم ،قام برفعي مرةً اخرى و لكنني جمعت كل قوتي و دفعته باقصى ما املكْ ،كانت قوية لدرجة اسقاطه بالأرض ،وجدت الوقت لحمل الصندوق الركض للسطح ،كُنتُ اصعد ثلالث درجاتٍ معاً ،المٌ فضيع مع كل حركة و لكنني تحملت ،ما ان وصلت الى بوابة السطح حتى كانت أريا امامي ،فزعتْ من مظهريْ و صرختْ
-ديسمبر ! مالذي حصل لكِ و اللعنة !
-أرجوكِ فقط فالندهب!
قُلتها و انا اشعر انني ساسقطُ بايةِ لحظة ،حملت هي الصندوق عني و خرجنا اخيراً للسطح ،كان ستيڤان هناك على متن المروحية ،نظرت له و كل ما اريده الان ان اكون بين ذراعيه ،و من نظرته أظن انه يُرِيد المثل ، رأيت شفتاه و هي تتحركْ و لكنني لم اسمع شيئاً و لكن على الارجحِ كان يتلفظ اسمي ،كان مصدوماً جدا ًو لأول مرة أراه هكذا ،نظرت الى الخلفِ بخوف و رأيته يصعدُ مع عدد كبير من الُحراس المُسلَّحين ،صعدت أريا الى المروحية و حان دوريّ

،توقفتُ عن سماع كل شيء ،كل ما كان يدب في اذني هو احدى الاغاني الحزينة التي سمعتها عندما كُنتُ في السادسة ،لا اعلمْ لم تذكرتها الان ،خارتْ قواي و انا اشعر بشيء يدخل الى جَسدي ،أمسكت كتفي لأرى انه غارقٌ في الدماء ،توقتُ عن البكاء لكن دموعي ابت التوقفْ،نظرتُ الى ستيڤان الذي فور ما التقت عينانا بدء بالبكاء ،للأول مرة أراه هكذا ،كان مُنهاراً و من اجلي، سقطتُ على رُكبتاي و شبح ابتسامةً نمى على شفتاي بينما كُنتُ انظر لَهُ و هو يرتفع و ما زال على نفس وضعيته ،بينما أريا تحاول منعه مًو النزول ،ان بقوا اكثرُ ستقع المروحية بلا شك ،رأيت أريا و هي تصرخ لي و الاخر لازال غارقاً في دموعه و يفعل المثل،ما استنتجته إنهما سيعودانِ لي،بدأت عيناي تُغلقان ببطئ و لازالت الابتسامة مرسومة على وجهي ،لن اشعرُ بالقُبلات بعد الان،لن اشعرُ بدفىء عناقه،لن أراه مُجدداً ،لن اغرق في عشقِ عيناه بعد الان ،لن استطيع ان اقول له انني احبه ،لن اشعر بملمس أصابعه على خصلات شعري بعد الان ،لا اعلمْ ان كانتْ هذه النهاية و لكنها ابهتْ بكثيرٍ مما كُنتُ اتخيل،ولكن هل يليق لحياتي البائسة غيرها ؟

فَراغْ مُزدَحمْ ||F.Sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن