الفصل الثامن و العشرين

12 1 0
                                    

مع كُلِ لحظةٍ تمر و انا جالسة على كرسي الانتظار يزداد معدل نبضاتِ قلبي ، كُل شخصٍ يخرج بعد ان أنهى مقابلته اسوء من الذي قبله ، جميعم مستغربين و غير مقتنعين بما حدث لهم بالداخل ،تُرى ماذا سألتهم يا ادم ؟
-كاميلْ بووران ،تفضلي
قالت سكرتيرتهُ ذات الأنف الطويل ، و هُنَا بدات بالارتجاف ، حاولت ان أبدو واثقةً بقدر الامكان، دخلت الى الغُرفة الذي يمضي ادم فيها معظم يومه كما يبدو ،كان ينظر الى النافذة العملاقة خلف مَكتبه ، تماما كالافلام ، نظفت حُنجرتي لأشيرْ لَه ،استدار الي ،كان على عكس ما تخيلتهُ تماماً ،كان اصلعا و طويل القامة بشكلٍ مبالغٍ به كيف دخل عبر هذا الباب ؟ عيناه ثاقبتان و اعتقد انه في منتصف الثلاثينيات ، نظر لي بِتمعن ،كُنتُ انتظر ان يسمح لي بالجلوس و لكنه لم يفعل ،بل باشر بسؤاله
-لماذا تَظنين ان الطير يَطِير ؟
و الان علمت سبب استغراب جميع من دخل الى هذه الغُرفة ،لان الذي امامي فيلسوفٌ كبير ! حاولت ان أجاريه ، علي الحُصول على هذا العمل مهما كان الثمن ، لم احتج التفكير كثيرا لانه علي إيجاد جواب سخيف بقدر سخافة سؤاله
-لان لديه جناحان ..
قُلتها بصيغة الاستفهام اكثر من الاثبات ،ولكنه اكمل أسئلته
-لماذا تمشين على الارض لمَ لا تقفزين ؟
-لأنني لستُ بكنغر ،اعتقد .
اقتربُ مني بخطواته و لازال مثبتا نظره علي ،
-لِمْ قمتي بتغيير لَون شعركْ ؟
صُدمت ، هل يعقل انه قد تعرف علي ؟ هذه اول مرة ارى بها هذا الرجل ! كيف َ له ان يتعرف علي !ربما تكلم ابيْ بي أمامه و لكن هذا ليس من عادته ، و كيف عرف شكلي ، تزاحمت الاسئلة بعقلي ، على التفكير بسرعة ، كان لا زال ينظر الي ،قررت الاجابة بسؤال بدوري علي استطيع التهرب ..
-كيفَ عَرفتْ ؟
قُلتها بثبات ، او على الاقل أظن ذلك
-لانكِ بالطبعِ لم تُولدي بشعرٍ بنفسجي ،
نظرت اليه بفاهٍ مفتوحٍ لعدة ثواني ، سالكمه ، لا شكَ انني سأفعل هذا ، لقد كدتُ ان اموتْ من الخوف حرفياً ، هذه ليست مقابلة عمل و إنما عذاب رسمي
-لأنني اردت ذلك
أجبته
-لمَ أُخترعَ العِلاجْ ؟
-للشفاء من الأمراض
-و ماذا ان تغيرت تركيبة العلاج ، ولو قليلاً؟
-لن تشفى الأمراض بالطبعْ .نظر الي بفرحٍ ،و قال سؤال بصورة درامية اكثر من اللازم ، واعتقد انه السؤال الاخير
-لًم تعتقدين انني قُمت بتوفير مثل هذه الوظيفة ؟و لِمَ قد أوافق على ان تحصلي على هذا العملْ؟
-لكي امنع ان تتغير تركيبة أيّ علاج.
قُلتها بثقة ،بينما ابتسم برضى و هو ينظر الي و اخيرا سمح لي بالجلوس و ذهب هو الى مكتبه و اتصل بالسكرتيرة و اخبرها ان تخبر باقي الُمقدمين على العمل بالانصراف ، لانه وجد مراده ، شَعرتُ بفرح كبير لقد حصلت على وظيفة الان من خلال الاجابة على اسئلة مجنون ، ان هذا امرٌ لا يحصل كل يومْ ، بعد نصف ساعة من الحديث معه و عن متى سأبدأ العمل سمح لي بالانصرافْ ، كُنتُ سأتصل على ستيڤان الذي اخبرني ان اقوم بذلك فور خروجي ، ولكن محلاً لبيع الحيوانات قد اعترض نظري ،حاولت منع نفسي ،ولكنني لم استطعْ ،نظرت الى يميني و يساري ، كان المكانُ خالياً من شبحه اي استطيع العبث قليلا، دخلت الى المحل لتُتدخل أصوات الحيوانات الى قلبي قبل اذنيْ، عشقت كل روح في هذا المكان ، نظرت الى القطط التي مَنحتني املا بان الحياة جميلة مادامت مثل هذه المخلوقات اللطيفة تسير على الكرة الارضية ، تابعت بالنظر الى الكلا و الطيور الى ان وصلت الى قسمي المُفضل ، الحيوانات البَحرية ،نظرت في كل حوضْ ،اسماكْ بكل الالوان و الأشكال و الاحجام ، فرس بحرٍ اسود صغير مع عائلته ، الى ان قُطعَ نفسي لثواني عندما نظرت الى تلك الصغيرة ، سُلحفاةٌ خضراء ، اقسم انني كُنتُ سابكيْ من شدة جمالها ، لا اريد اي شيئاً في الحياة غيرها ، بقيت انظر اليها لِمدةِ رُبعِ ساعة اطلقتُ عليها اسم تودْ ،كانت جميلة بشكل لا يُوصف، اعلم انها مُجردْ سلحفاةْ ،ولكنها دخلت الى قلبي من غير سابقِ إنذار ، أحببتها بدقائق قبل حتى ان اعرف جميع المعلومات الخاصة بها ،جاء عامل المَحلْ، طلبتُ منه ان يُعطيني إياها ،انا لن استطيع ان اعيش من دون ان انظر اليها و أردد لها كلمة احبكْ عند كل دقيقة ، وضعها لي في كيسٍ صغير ،فرحت فرحة الاطفال ،حملتها و بعدها اتصلتْ بستيڤانْ ،ليرد علي بصوته المُنزعج و بالتأكيد من تأخريْ ،جاء بعد دقائق ،نظر الي بوجهه الغاضب ولكن التعابير هربت منه بعد ثواني و اخذَ يُحدقُ بي كعادته ،أبعدت نظري عنه للصغيرة اللطيفة التي بين كفاي ،طوال الطريق و انا انقلُ بصري بين النافذة و لها خوفاً عليها من نسمات الهواء ،او بالاحرى المياه المحيط بها ،عَلمتُ انها ستتكفل بإسعادي في الايام القليلة القادمة، لطالما احببتُ السلاحف منذُ صِغري ، و الدُخول المفاجىء لهذه السلحفاة الصغيرة جعلني احبها اكثر ،سألني ستيڤان عن ادم ، اكتفيت بكلمة "غريب" ،لا ا ريدُ ان احكم عليه الان لانه حقاً من خلال أسئلته السخيفة عَرفتُ انه حاد الذكاء و لا يجب ان أستهين به ،سأبدأ العمل غداً صباحاً،على الرُغمِ من كل شيء لكن سعادتي بهذا العمل لا تُوصف الان ،ولكن ستيڤان لم يكن مثلي ،ذَكرتُ الامر كثيرا في الطريق ليس تَبجحاً الا انني حاولت الحصول على رأيه بصورةٍ واضحة ،الا انه كان يَستمر بتغيير الموضوع ،الا ان أغلقته تبعاً لأوامره الخَفية.

فَراغْ مُزدَحمْ ||F.Sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن