الفصل الثامن عشر

12 1 0
                                    

-آمبر ، هل أنتِ متاكدة ان هذا كل شيء ؟
-اجل يا اختاه هذا ما لدي الى الان ، ما ان تصلني معلومات جديدة سأزودكم بها ، والآن الحقي بهذا المجنون قبل ان يفتعل مشكلة اخرى .

نُفثت الهواء لتتطاير خصلات شعرها من امام عينيها ، لا زال القلق ياكلها من الداخل ، لقد كانت مسؤلة عن ستيڤان فقط ، والآن على تلك "الطفلة" ايضا ،
-أريا ؟ هل انت بخير ؟
قالتها بقلق ، بعد ان لاحظت انها قد ذهبت في عالم اخر ، نظرت اليها بتعب لتتقدم الاخرى محتضنة لها ، املةً ان تسحب منها بعض من تراكمات الهموم ، التي أصبحت تغطيها مثلما يغطي الغبار لوحةً جميلة .
- ستيڤان من جهة و ديسمبر من جهة ، ستيڤان صعب كالجحيم ، بينما ديسمبر فتاة خرقاء لا ذنب لها و قد أُقحمتْ بالأمر ، وهي لم ولن تستطيع ان تتصرف بأمر كبير مثل هذا ،
لتزفر نفسا طويلا قد حبسته ، و تقول بصوت هادىء ،
-انا قلقة على ستيڤان ، قلقة كالجحيم
ابتسمت آمبر على اخر جملة ،صديقتها واقعة في الحب رسمياً، لطالما توقعت هذا الامر لا بل كانت متاكدة ، خوفها الزائد عليه ، اهتمامها بحياته و جميع تفصيل فيها ،ابتسامتها البلهاء المتصنعة على نكته السخيفة التي لا تضحك المهرج ، لَطالما احبت أريا المغامرة في جميع أمور حياتها ، من أصغرها الى أعظمها ، و حُبها لستيان هو مغامرة بحد ذاته .
-
وَقعتْ خُصلة اخرى من شَعرها امام عينيها، لتزفر بانزعاج و ترفعها بصعوبة بساعدها ، نظرت الى عينيه مباشرة بعد ما أمسكت القطنة و غمستها في المحلول المعقم ،
-ستؤلمك ، جداً
-أشكرك لانكِ منحتيني الطمأنينة بكلامك هذا ،
قالها ساخراً ، ليزداد شعور الندم لديها ، ندمٌ لا يجب ان تشعر به أبدا ، ولكن قلبها فاز مجدداً ، لم يُصدر همسة واحدة ، لقد كان مُترخي اكثر من اللازم حتى ، ولكنها لم تستغرب كثيرا ، لانه بطبيعة الحال الجالس أمامها هو ستيفان ، قاطع هذا الصمت سؤاله ،
-لِمٓ فٓعلتيْ هذا ؟
نظرت بِعَسليتها مباشرة في زرقاويه ، حاولت ان تعرف شعوره اثناء طرحه هذا السؤال ، عيناه ثابتة و ثاقبة ، احست إحساسا غريبا ، كان مُزدحماً بالفراغ ، فراغٌ قد نشأ من كلماتٍ و احاسيسٍ صادقة ،شعورها ذكرها بكلمات والدها على تلك الورقة، مما زاد الضيق بنفسها، قد فضلت ان تُمحى من الوجود لتقلل من كسر القلوب و لتساهم في أزدياد الكذب في كل شيء ، و ابسط مثال هو "لحظة غضب"، صَدقني لا يوجد شيء يسمى بلحظة غضب وان ما تفوهت به كان ناتجاً من اضطراب و لم تكن تقصده ،ان ما نقوله في مثل هذه اللحظات هو الاصدق ، هو الخطاب النقي الذي يعبر عن روحك ، ولكنك تنفيه و ترفضه خوفا من خسارة شخص او ربما شيء ، سيتركك في كل الاحوال ، اكتشفت ان ستيفان مثلي ، اننا ممتلئين بأسطر مليئة بالحروف و لكن للأسف كانت نهايتها هي المحي ، للحفاظ على  أشخاص قد تركونا في النهاية ، اننا مزدحمون بالفراغ ، لا بل سننفجر من كثرته .كلامات والدي عني هي الاصدق و لا يمكن المجادلة في ذلك.
-صباح الخير ستيفان، انا مخطوفة ، لذا ما فعلته امر طبيعيٌ جداً !
وقف فجاة ليبدأ بالصراخ مما أفزعني كاللعنة
-توقفي واللعنة عن الكذب ، انت لم تريدي الهروب ،الى متى سوف تستمرين بالهروب من نفسك ، من واقع انك تريدين القيام بالعديد من الاشياء الا انكي خائفة !
-هل تظن انني امرح هنا !
نظرت اليه بصدمة ، هل حقا يظن انني اريد القيام بهذا ؟ اقتربت منه و اكملت كلامي
-انا بعيدة كل البعد عن عائلتي ،تركت صديقي في اسعد ايام حياته ، دُمَّر مكان عملي و قتُل زملائي بسببي ، عُدت الى تناول تلك العقاقير اللعينة ! و لكن لا بأس هذا لا يضاهي ان أخاطر بحياتي من اجل القيام بأمر لا شان لُي به و لا لعنة لي !
اختنقت من البكاء ، أمسكت راسي الذي كاد ان يتفجر ، جدياً انا لا استطيع التحمل ، كل هذه الضغوط تجعلني انهار شيئا فشيئا و لا احد يستطيع الشعور بي ، لا احد .
-لقد وعدتك انني سأشارك بالمهمة ، وانا كدت ان اخلف بوعدي بهروبي ، ولكن ها انا الان تحت سلطتك مجددا ، و سأعمل ما تريده ، هل انت سعيد ؟
قلت هذا راجيةً ان يتركني بمفردي ،انا مستعدة لان افرغ مسدسا كاملا في جسدي مقابل ان يتركونني بمكان هادىء ، وان يزيحوا كل هذه الضغوط .
رفعت نظري اليه بعد ان طال الصمت ، عادت تلك النظرة الغير مفسرة تنتشر في محياه ، كان يفكر ، كان في داخله الكثير ، قررت التحدث اخيرا بعد ان أعدت نظري الى وعاء لإكمال تعقيم جرحه ،
-انا تماماً مثلما كتب والدي لوالدك في تلك الرسالة ستيڤان ،
قُلتها و قد اختلطت دموعي بالمحلول ،و لكن صوته أفزعني ،كان يحمل كل مشاعر الكره و الحقد بداخله
-أنتِ حقاً تستحقين كل اللعنات ان كُنتِ تصدقين كلامه ،لم اتخيل ان ارى بحياتي شخصاً ضعيفاً مثلكِ ،
أنهى كلامه و هو يضرب على الطاولة بجانبهِ بيده
هدا قليلا و من ثم قال
-لهذا هربتي اليس كذلك ؟
-اجل ،تقريباً
أجبت بصراحة ،لا داعي للإنكار هذا ،عاد ينظر الي بنفس تلك النظرة التي لم افهمها أبداً ، و فجاءة افرجت عن شعوري
-انا خائفة، لا اعلمْ لم قلت هذا ، ولكنني فعلاً كُنتُ ارتجف من الخوف ،لم أكن منهكة هكذا من قبل ،
-على الرغم من انكِ لا تثقين بنفسك و ضعيفة لدرجة مخيفة ، و الأهم انكِ تصدقين كل لعنة قالها والدك والتي ضحكت أشد الضحك عندما قرأتها ،الا انني لن اسمح لاي شيء من ان يمسك ،لذا لا تشعري بالخوف من دون سبب ديسمبر.
صوته أراحني بطريقة غريبة،كلماته كانت كالماء البارد على قلبي حقاً ،حتى و لو قام بإهانتي بكلماته و لكن هذا لم يهمني
ولكن بدل من كل هذا جعلني تحت واقع امرٍ لم الحظه الى الان بقوله
-انتهى وقتكِ يا ديسمبر ، عامٌ جديدٌ سعيد .
نظرت اليه بصدمة ، كيف غير مسار الحديث بهذه السرعة ، و الأهم ، جدياً انا لم ادرك ان اليوم هو رأس السنة ، وقفت في الفراغ انظر في حولي بفمٍ مفتوح ،كالبلهاء تماماً ، لقد حل العام الجديد.

فَراغْ مُزدَحمْ ||F.Sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن