الفصل العشرون

8 1 0
                                    

عَادتْ تِلكَ الفكرة اللعينة الجميلة تَنسج خيوطاً بين خلايا مُخيْ ، لتُجبرنيْ على التفكْير بها ، الانتحارْ ، لطالما كان الانتحار شيئاً فَخماً في نَظري ، و فكرت بفعله كثيراً ، لا أراه عيباً و لا جنوناً و لا شيئاً من هذا القبيل ، الانتحار هو نوع من الصُّلح مع الذاتْ ، و اسبابهُ ليست بالتافه كما تقول الغالبية العظمى ، بل لو ركزنا قليلاً لوجدنا جوهراً رائعا و ذا سببٍ مقنع لفعله ،أنا اشجع على إعطاء النفسُ و من حولك فرصة، إثنتان و حتى ثلاثة ، و لكن ان امتلئت بالاحزان و الخدوش التى تجري دماً و تَقتل الروح ببطىءٍ ، فلن يَضر خدش الوريد او ان تَقطع الأكسجين عن الخلايا بشيء ،انا اعتبره انتصارا في معركة الحياة لا هزيمة ، هو نِعْمَة مُحرمةَ .ولكن لا أحبذ على قيام الاخرين به أبداً ،

جَلست على المقعدْ الاحمر المخملي في غرفة أريا ، امام تلك المرآة المربعة الكبيرة ، مُزخرفة الأطراف بزخرفةٍ حيوانية ، وَضَعَت امامي عدة الوان ، و التي يُفترض ان اختار إحداها لشعري ، شعري الذي أقسمت انني لن أقوم بتغير اي شيء بِه ، وحتى و ان فكرت يوماً ان اتزوج "و هذا لن يحصل " و عدتُ نفسي ان لا أقوم بتسريحه او قصه او صبغه في حفل الزفاف "الذي لن يحصل" كما تفعل جميع الفَتيات ،
-انصحكِ بالازرق ، سيليق بكْ
نظرت اليها ، هل هي جادة ؟ انا لا اريد ،كلا انا لا اريد
-انا لا أريد !
-ديسمبر ! لقد اتفقنا ، عليك فعل هذا ، لقد ناقشنا الموضوع ! أتوسل اليكِ ان لا تعيدي السيناريو
-هو سَيطول ، و بَعدها أقوم بقصه و يعود طبيعياً من جَديد أليس كذلك ؟
قُلت لها وأنا اريد سماع تأكيدها مرةً اخرى ، و كأن حُروفها مفتاح لقيود ذاتي ،
-بالتأكيد ،على الأكثر سنة و سيعود كما كان
زفرت الهواء بِضيق ، لازلت اشعر بأنني مجبرة ، نظرت الى الصبغات التي امامي ، احمر ،اخضر، ازرق ،جميعها الوان غريبة الى حدٍ ما ،صارخة  ، فكرت ان قمت باختيار احداها ، تَخيلتُ الالقابْ التي سَيطلقها ستيڤان عليْ ،اصبح يحتل تفكيري كثيرا مؤخرا، ابتسمت فور تصوري له وهو يناديني ب "رأس المصاصة" ، و سأكون محظوظة ان كان هكذا فقط . جذبني البنفسجي ، ابتسمت فوراً لِما ذَكرني بِه هذا اللون ، كانت هنالك حلوى بنفسْ اللون ، كانت بِطَعم العنب ، لا أزال اتذكر مَذاقها الى الان ، توقفت هنا خوفاً من ان ازداد بالتشعب بالذكريات ، و هذا اخر ما أريده في الوقت الحالي ، احتاج الى ان اركز بعملي و مُهمتي وان انسى كُل شيءْ ، قسمتُ كُل شَيْءٍ لِخطواتْ ، و اول خطوة هي التغير خارجياً و داخلياً ،
-حسناً ، اريدُ اللون البنفسجي .
-
كانت بين يَديْ ، بابتسامتها البريئة تلكْ ، والتي اقومُ بقتلها بكل خطوة اخطوها الى الامام ، رُحت اتَلمسْ خصلاتها الكستنائية ، أغمضت عيني و زَفرت بِعمقْ ، متخيلاً أصابعي و هي تتغلغلْ بين تموجات شعرها ، الذي بسببي سوف تغيره ، وهي الكئيبة التي لا تُحب التجديد كما يُقال عنها ،هاهي تَقُوم بكل شيء تكرههُ مُجبرةً من قِبلي و بِسببي ، تَكبتْ كل اعتراضاتها داخلها خوفاً مِنِّي ، وان كَثُرتْ ، راحتْ تُفرغها على هيئة سائل ملحي يخرج من عيْنيها ، لتعيد ملئ قلبها بالهمومِ مجدداً ، لا استطيعْ ان أُعاملها بلطفٍ علناً ، و عندما اقول علناً اعني بِرفقتها لذا اجد نفسي اقومُ بإيذايأها ، كل ما استطيع فعله هو النظر الى صورتها التي بين يدي الان و تأمل ملائكيتها ،انا المريض بها نفسياً و هي الطبيبةُ المقيدة ، انا حجرٌ تعيسْ في هذه المجرة لا تَكْفي كُتلتي على هزيمة الجاذبية التي بتْ اكرهها لانها جَمدتني و ثبتتني في مكاني ، عائمٌ في هذا الفضاء الشاسع ، بينما هي شمسٌ انارت و ثارت ، حتى حركت كُل مداراتي و جعلتني بأعماق تفاصيلها أغوص ،جعلتني اقومُ بامور لأول مرة ، كتبت الشعر مُتغزلا بعينيها ، حَفظت عدد الدوائر الي تظهر على يدها عندما تقشعر ، من فكرةٍ لي ، لمسة ، و حتى نظرة ، اي خصلة سترفع عندما تبدأ بالتفكير ، حتى انني احتفظ بقلم كانت دائما ما تقضم رأسه ، و يبدو انها احد عاداتها السيئة و احد التذكارات الجميلة لديْ ، أصبح التفكير بها و بابتسامتها الطفولية هو مؤنسي الوحيد بينما كنت سابقاً اتطلع الى للانتقام منها ، تعمقت فيها  ، و النتيجة كانت احتراقيْ  ، هي شوهتني و لكن بشكل جميل ، جعلتني نجماً في هذا الكون يسعى الى ان يُجاور القمر ، ادركتُ مؤخراً اني واقع لها ، واقعٌ لها و بشدة و منذ زمن ، رُبما منذ اكتشاف نيوتن للجاذبية اللعينة التي قيدتني و أبعدتني عنها لعقود ربما، الجاذبية التي كان لها الفضل بالتقائنا.

التقتْ عيني بخاصتها مجدداً ، لتقرع الطبول في قلبي مجدداً مُعلنةً ساعة الوقوع للمرة المئة لهذا الملاك في توقيتي ، لا ضررْ في قتل الطفولة أحياناً ، إن كانت النتيجة وردةً مثل التي تقفُ امامي ، وقفت و انا لم آمنع نفسي من ان امْسك خصلاتها البنفسجية و العب بها ، لا بل حتى من ان اشم عطرها ، لتتجمد هي من جديدْ و ابدأ انا بالعَدِ ،من جديدْ ،
-كان عليك ان تقومي بهذه الخطوة مبكراً ..لا بل كان علي خطفك منذ زمنْ ، الا توافقينني الرأي يا خُزامتي ؟

فَراغْ مُزدَحمْ ||F.Sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن