الفصل السابع و العشرين

9 1 0
                                    

بعثرت خُصلات شعري البنية الممتزجة بالبنفسج ، نظرت الى المرآة للمرة الاخيرة ،ليس لأنني مُهتمةً لمظهري و إنما أُريد ان اتاكد إنّ لا احدْ سيتعرف علي ،
كُنتُ أرتدي بنطال اسود و فوقهُ سُترة بنفس اللونْ ،أبدو كرجال العصابات ،حسناً انا تقريبا كذلك عدا انني لستُ رجلاً، دخلتْ أريا الغُرفة وهي تتفحْصني ،
-هل أبدو كالسابق ؟
-جدياً تَبدين مُختلفةً جداً عن تِلكَ الحمقاء التي رأيتها اول مرةً في محل الفساتين !
قالتها و هي تنظر بإعجاب ،يالا تناقضنا ،انا احب نفسي القديمة جداً ، نظرتُ لها باستغراب هي لَمْ تُغير ملابسها
-ألن تأتي ؟
-كلا ،علي ان تتجهز للخروج في موعد مع مايكل
قالتها ضاحكةً و هي تفتح الخزانة و تُخرج احد الفساتين ،الذي سُرعان ما أزحت نظري عنه ،اشعر بالخجل بمجرد النظر اليه ،انه قصيرٌ من الأعلى و الأسفل ،لا اعلم ماهي الفائدة من ارتدائه و عدم فعل ذلك!
استدارات لتاخذَ رأيي ،ماهي الا لحظات و كانت على ساقطةً على الارض و تَضحك
-اصبحتِ كال-ال-طما-الطماطم ،يالهي ديسمبر كان علي ان أصور وجهك
استمرت بالضحك لدقائقْ و هي تلوح لي بالثوب اعني شبه الثوبْ ،قاطعها دُخول ستيڤان و هو يَتذمرْ ،و كالعادة إلتقت عيناي به ، و قال لي بهدوء
-سنتاخر،هيا
-حسناً
قُلتُ له ، الامر أصبحَ واقعاً سأذهب لِمُقابلة عمل مع احد اكبر المجرمين ، الامر يزداد اشراقا في كل ثانية تمر
-هل أنتِ بخير
قالها و ابتسمت تلك الابتسامة التي تظهر كُلَّمَا سألني هذا السؤال ،ابتسامة اطمأنانْ و إمتنانْ ، لانه بجانبي و يُفكرُ بيْ.
-انا أيضاً بخير ستيڤان ، انا فقطْ ذاهبة لكي أُمثل دور العاهرة بينما أنتَ خائفٌ على ديسمبر لانها سَتُقدمُ وظيفةَ ،مُجردْ و ظيفةً بسيطة.
قالتها أريا و هي تبتسم لنا ،لاحظت تلكْ الدمعة التي هربت من عينيها و التي مَسحتها بسرعة ، لم افهم شيء ،لِم تَقُول شيئاً مثل هذا ، نظرت الى الستيڤان و لا يبدو ان حالته تَختلفُ عني ، بعدها خَرجتْ أريا من الغُرفة و لحقها ستيڤان لَحقتهما الى غرفة الجلوس ،و لكنني وصلت متاخرةً كانا قد بدئا بالحديث فعلاً،
-لدي مشاعر يا سْتيڤان ! انا لَستُ صخراً ! انا اصبحُ عاهرةً و اجعل لعينا ينطر الى بتلك النظرات القذرة من اجلكْ! و سأفعل ايَ شيء من اجلك اقسمْ و لكن لا تُقوِي مشاعركْ بها ،
وانا الضمير المستتر الذي يؤكد الضمير المتصل "ها" ، انا المقصودة بكلامها ، خرجت قبل ان يلحظا وجودي ،لا اريد التفكير بالأمر الان ، ولكن لطالما كانتا أذناي فضوليتان بشدة ، لذا لم امنع نفسي من الاستماع الى بقية حديثهما ،
-أريا هل الوقتْ مناسب لما تَفعلينه ؟
قال ستيڤان بهدوء شديد مقابل البركان الذي أمامهُ
-عِدني بذلك أولاً !
-أريا حقاً!
-عدني !
-حسناً اذن أعدك هل ارتحتي!
اجبرت قدماي على الذهاب ، انا لستُ بخير ،قلبي يؤلمني بشدة الان ، حاولت إمساك الدموع و ان أسيطر على نفسي و ان لا ابكي ،اخر شيءْ يجب ان ابكي عليه هو مشاعر ستيڤان تجاهي ، هو خطفني و أذاني كَثيراً لم قد احزن ان توقف عن مشاعره مهما كانتْ تِجهايْ ؟ علي الان ان افرحْ لان خاطفاً و قاتلاً لا يمتلك مشاعراً تجهاي ، ولكن هيهات ،انا اكاد ان ابكي لذلك.
توجهت الى السيارة و جلست في المقعد الأمامي ، خمس دقائق و كان ستيڤان بجانبي و من ثمْ انطلقنا ، كُنتُ انظر الى يدي طوال الطريق ، اشعر بالفراغْ و الْحُزْن ، اريدُ البكاء ، لطالما كان البكاء هو الحل لكل شيء بالنسبة لي على الرُغم انني اضحكُ كثيرا و لكن الضحكْ او الشعور بالسعادة يؤلمني ، لطالما كان شعورا غريباً علي على الرغم من انه ملازم لي معظم الوقت ، ولكن البكاء بسببٍ او من دونه يعد ملجأً خاصاً بي ، ابكي لأنني اضن انني سافشل دائماً،لأنني لا اعتقد انني جميلةٌ خارجياً او داخلياً ،انا فقط علة على هذا الكوكب ، لقد اذيتُ اشخاصاً كثيرا و لازالتُ افعل ، لمْ اجعل ذكري حَسناً بل بالعكس ، انا متاكدة ان اسمي لا يُذكر فقط في المجالس السيئة ، اعتقدُ انني لو انتحرتُ يوما فان الله لن يعاقبني ،بالعكس هو سيكافؤني لأنني خَلصتُ العالم من نفسي، التجأت الى حل اخر كُنتُ انصح به مرضاي ، والآن انا استخدمهْ، التنفس بعمق ،اعتدلت بجلسته و تنفستُ بهدوء ، تَذكرت احد صديقاتي ماليم الهي لو كل الناس مثلها لكان العالم بخير،انا لا استطيع وصفها حقا الحُروف عاجزة عن ذلك اقسم ،الا انني ممتنة أشد الامتنان للحظة التي تعرفت عليها بها ،و مين هيل انها من اعز الناس على قلبي ، تعرفتُ عليها صُدفةً في احدى المَكتباتْ ،كُنتُ احاول ان اصل الى كتابٍ في الرف العِلوي و لكنني لم استطع ، فناولتني إياه وهي تبتسم ، كانت طويلةً على عكسي ، كانت مع صديقاتها واللواتي سُرعان ما أصبحوا صَديقاتي كذلكْ ، هايدي و زوي ، لمْ و لَنْ استطيع ان اصفهمْ ،لا استطيع ان اقول انهم ملائكة لأنني لم ارى ملاكاً يوماً ، ولكنني استطيع ان اقول انهم بشرٌ بحق ،ليسوا كالبقية ، التفكيرُ فيهم ساعدني جداً ،ان تتنفسْ بعمقٍ و ان تُفكر بالاشياء التي تُسعدك هو الحل الأفضل بعدْ البكاء.
-هل أنتِ بخيرْ ؟
سأل للمرة الثانية ، ولكنني لم ابتسم هذه المرة ، رُبما لأنني لم اشعر بالاطمئنان ،او لان لا مشاعرَ في كلامه تجاهي ،
-انا كذلك.
-لمْ تنظري الى الطريق كعادتكْ
التفتُ اليه ، و من ثم نظرت الى الفراغ امامي ، هو على حق ، انا افعل هذا دائما منذ ان كُنتُ صغيرة، و لكن لم قد يهمه الامر ؟
-لأنني كُنتُ افكر
-بماذا
-لاشيء
-تُفكرين باللاشيء ؟ لا تفكري كثيرا لانه مُتعب
قلبت عيناي ، هل حقاً الان وقتُ مناسبً لِسخافتهْ ؟
-لا تهتمي لأي حرفٍ قُلته لاريا
نظرتُ اليه بصدمه ،اللعنه كيف علم انني سمعت حديثهما ! وكيف علم انني افكر بالأمر !
-انا لا افهم ، ماذا قالت أريا ؟
-واضحٌ جداً انكِ لا تعلمينْ
اللعنه اللعينة الملعونة علي ، اللهي لمَ يحصل هذا لي ، ثواني و ابدل لقلق الى فرحٍ عارمْ شقت الابتسامة وجهي ، هذا يعني ان لديه مشاعراً تجاهي و لا يهتم لوعده لاريا ، اريد ان اعانقهُ ،هل هذا كثيرْ ، نظرت من النافذة و لازالت الابتسامة على محياي ، انزل ستيڤان النافذة ليضرب الهواء وجهي و يمسك خصلات شعري و يرقصُ معها ، ازدادت ابتسامتي ، نظرتُ اليهِ و كان يبتسم أيضاً ، ما اريده الان ان يَتوقف الزمن فينا نحن الاثنان ، ان أمسك بيديه الكبيرة بكفي الصغير ، و ان نسير معاً الى اللامكان ، ان أتأمل عيناه و ملائكيته ، اتمنى لو لم نَلتقي هكذا ، ان لا تكون علاقتنا الحرفية خاطف و رهينة ، او ان اكون ابنة عدوه اللدود ،اتمنى لو التقيتُ به كأحد الأطباء او المرضى ، لكان لدي فرصة كبيرة معهُ ،قررتُ ان اعيش اللحظة بحذافيرها لن اجعلْ شيئاً يُحزنني الان على الاقلْ ،انا بجانب ستيڤان على  الطرق الخضراء ، الهواء النقي يُداعبنا و الابتسامة تربطنا ، ماذا اريدُ اكثر ؟

فَراغْ مُزدَحمْ ||F.Sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن