الفصل الحادي و العشرين

9 1 0
                                    

-استعدي ، سنذهبُ فجراً
-حسناً
أعدت تركيزي على المراة ، لم أكن انظر الو مظهري ، لا بل الى عيناي ، محاولة النظر الى روحي ، عَلِي احد نفسي ، لأنني ضعتْ ،اخذتُ نفساً عميقاً ، ومن ثم رفعت المراة امامي ، كنت العب مع نفسي بعض الألعاب ، مثلاً علي ان اقوم بوصف نفسي بكلمة ، وان احزر من انا او بعض المعلومات، لو كنت غريبةً و لا اعرفني ، ان الكلمة الوحيدة التي تَصفني في وضعي الحالي و بالأخذ بنظر الاعتبار جميع ما اقوم به  هذه الفترة هي جامحة ، لقد فزعت من هذه الكلمة التي صدرت من احد اركانِ عقلي ، صَمتُ قليلا ، هل و اخيراً حَصلتُ على هذا اللقب ؟ و هَل الذين يَمتلكونه حقا يكون شعورهم هكذا ، عندما كنت اصغر عقلا على الاقل ، و اعني بهذا عندما كنت بالمدرسة المتوسطة ، حاولت ان اكون جامحة ، و الجموح كان في نظري في تلك الفترة "استناداً على ما رأيته في المحيط" هو وضع الكحل و طلاء الاظافر بالاسود و ارتداء تنورة فوق الرُكبة، كان الذين يقومون بمثل هذه الأمور يكونون عادة محاطين بعدد هائل من الجماهير ، كانوا مغرورين نوعاً ما ،كنت افكر كيف يكون شعورهم و هم محبوبين هكذا ، والجميع يتمنى ان بحظي بمصافحةٍ منهم في الرواق ، ليثبت ان لديه شهره لانه يعرف المتكبر المغرور الجامح،  اكتشفت في هذه اللحظة كم كنّا و لازلنا سطحيين ،اريد ان أُمحى من الوجود الان ، هل حقاً كنت افكر هكذا ، في كل يوم اكتشف كم ان المراهقة فترةٌ لعينة ، هي كابوسٌ حي يطارد الجميع على هيئة مرحلة عمرية تعيسة ، عليهم ان يضعون كل فردٍ يصل الى هذه المرحلة في غرفة ، و يخرجونه منها بعد ان تنتهي ، لكي يحرصوا على دماغه ، او ان يتخلصوا منه بعد ان ينتحر ، سواء كان الشخص سعيداً او حزيناً في هذه الفترة ، فهو يتعذب لحد الموت كل يوم .
اخرجت احدى الحقائب الموجودة فوق الخزانة ، كانت قديمة بالنسبة الى رحلةٍ جديدةٍ كلياً علي ، نفخت الغبار عنها و اخذت أضع فيها أغراضي القليلة المعدودة ، مشط للشعر، فرشة أسناني و بعض الملابس الذي جلبها لي ستيڤان ، و لن انسى عدسات العين الخضراء ، اغلقت الحقيبة و اخذت أسير نحو الباب ، نظرتُ نظرة وداع اخيرة لهذه الغُرفة ،لقد احتوت جدرانها الاربعة الرمادية دموعي و أحزاني لفترة طويلة، ستحرر اخيرا من جوي الكئيب ، رميت الحقيبة من يدي و أمسكت احد الاوراق المبعثرة على المكتب ، فتحت الدرج لأخرج قلم حبر اسود و بعدها اخذت يدي تراقص القلم على الورقة ، كتبت الكثير ، رسالة وداع رسمية ، مني الى هذه الغرفة ، و من عاش بها سابقاً ، ومن سيعيش مستقبلاً .
كتبت التاريخ و لم انسى النقطة ، و ملاحظةٍ لأشير ان احد ريش المروحة منحني اكثر من البقية ، وان هذا ليسَ كسراً و إنما هذا تصميم يستخدم في القصور و المنازل الفخمة ، رايته اثناء زيارة احد المتاحف قبل سنتين .
مع اخر سطر انتهت الورقة ، و لكنني لم استطيع رسم رمزي الخاصة ، القلب و السلحفاة ، التي أرسمها على كل شيء اقوم به و على كل شيء اقوم بكتابته ما عدا الوثائق الرسمية جداً الخاصة في التحقيق ، لذا حملت الورقة و وضعتها على السرير و خربشت و انا اتخيل شكل ستيڤان عندما سيجد فرشتهْ الغالية مرسوم عليها قلب و سلحفاة ، هذه احدى عاداتي ،اتخيل الجماد سوف يقرأ ما يكن من شدة الضجر الذي يعيشه ،تفكيري سخيف و طفولي وخصوصا هذه الايام ،ستيڤان غيرني و لعلي اغير نفسي من اجله ،لماذا ؟ لا اعرف ، و ها قد كذبت مُجدداً لانني اعلم جيدا و لكنني اكذب هذا الشعور.

فَراغْ مُزدَحمْ ||F.Sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن